أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1501

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة عبد العزير سليمان ومحمود عياد ومحمد عبد الرحمن يوسف وأحمد قوشه المستشارين.

(204)
القضية رقم 187 سنة 22 القضائية

تسجيل. حق ارتفاق. تنازل. شفعة. التنازل عن حق ارتفاق مقرر للعين المشفوع فيها على العين المشفوع بها. عدم شهر هذا التنازل وفقا لقانون الشهر العقارى. عدم جواز اعتبار أن التنازل قد تم.
لا يتم التنازل عن حق الارتفاق وفقا للقانون إلا إذا كان هذا التنازل قد حصل شهره وفقا لقانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 الذى حصل التنازل وقت سريانه. وإذن فإنه يكون غير منتج النعى على الحكم بعدم الاعتداد بتنازل المشترى عن حق الارتفاق المقرر للعين المشفوع فيها على العين المشفوع بها متى كان هذا التنازل لم يشهر سواء حصل قبل رفع دعوى الشفعة أم بعد رفعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل فى أن المطعون عليه الأول السيد أمين وصفى أقام فى 7 و9/ 3/ 1948 على الطاعن والمرحوم محمود وصفى مورث المطعون عليهم الأربعة الأخيرين - الدعوى رقم 160 لسنة 1948 مدنى كلى المنيا، وطلب الحكم بأحقيته فى أن يأخذ الفدان الموضح بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل ثمن مقداره 450 جنيها مع الملحقات والتسليم... استنادا إلى أنه نمى إلى علمه أن الطاعن اشترى الفدان المشفوع فيه من مورث المطعون عليهم الأربعة الأخيرين بعقد عرفى مؤرخ فى 13/ 11/ 1947 فبادر فى 10/ 2/ 1948 إلى إنذار المشترى والبائع بإبداء رغبته فى الشفعة مقررا أن له أرضا تجاور الفدان المذكور من الجهة البحرية فضلا عن وجود حقوق ارتفاق بالمرور والرى على الأرض الشافعة لمصلحة العقار المشفوع فيه. فرد المشترى "الطاعن" على الشفيع بإنذار مؤرخ 19/ 2/ 1948 منكرا عليه الجوار وحقوق الارتفاق. وفى 10 من يونيه سنة 1948 قضت المحكمة تمهيديا بندب الخبير الموظف بمكتب الخبراء للانتقال إلى العين موضوع الدعوى وتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة لتحقيق الجوار ولمعرفة ما إذا كانت هناك حقوق مشتركة بين البائع والشفيع... وقدم الخبير تقريرا انتهى فيه إلى أن الأرض التى يشفع بها المدعى ومقدارها 23 فدانا و12 قيراطا و19 سهما تلاصق الفدان المشفوع فيه من الجهة البحرية وأن الأرض المشفوع فيها لها حق ارتفاق بالرى والمرور على الأرض الشافعة التى هى وحدها محملة بهذا الحق. وبعد أن توفى البائع، وقضت المحكمة بجلسة 16/ 11/ 1950 بانقطاع الخصومة لهذا السبب حل ورثته محله. ودفع الطاعن الدعوى بانعدام حق المدعى فى الشفعة بمقولة إن المشترى قد نزل عن حق الارتفاق بالرى والمرور. وفى 7/ 6/ 1950 قضت المحكمة بطلبات المطعون عليه الأول - استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 873 لسنة 68 ق محكمة استئناف القاهرة التى قضت فى 7/ 4/ 1952 بالتأييد، فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن فى أولها على الحكم المطعون فيه خطأه فى فهم الواقع وتطبيق القانون إذ قال عن ملكية المسقاة التى عليها حق الارتفاق بالمرور والرى إنها مملوكة للشريكين وهما البائع والمشترى مع أنها ليست مملوكة لهما فحسب بل الثابت من البند الثالث من عقد القسمة بين جميع الشركاء والمسجل فى 13/ 12/ 1923 أن المساقى الموجودة فى الأرض هى وجسورها تظل ثابتة للرى والمرور لجميع الملاك الأربعة ولا تتغير إلا بإذن خاص كتابى بينهم. ولما كان لا يوجد فى عقد القسمة نص صريح على أن المسقاة بجسريها محملة بأى حق ارتفاق عليها لمتقاسم دون آخر، فإن محكمة الموضوع تكون قد أخطأت إذ قررت أن المسقاة مملوكه للبائع والشفيع وأن الفدان المشفوع فيه له على المسقاة دون غيره من باقى الأطيان حق ارتفاق بالرى والمرور. ويتحصل السبب الثانى فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور، إذ استخلص الجوار الموجب للشفعة بمقولة إن الأرض المشفوع بها تلاصق الفدان المشفوع فيه من الجهة البحرية مع أن التلاصق منتف، لأن المفهوم من عقد القسمة أن الأطيان التى قسمت لم تكن وحدها للبائع بل كانت لجميع المتقاسمين، وقد قصدوا من الارتفاق أن تكون المساقى حددوا ثابتة مانعة من التلاصق بعد القسمة.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأن الطاعن لم يقدم عقد القسمة بين البائع والشفيع وباقى الشركاء، كما لم يقدم عقد شرائه الذى يستمد بموجبه حقوقه من البائع، وذلك لتتمكن محكمة النقض من رقابة مدى مخالفة الحكم المطعون فيه لما أثاره الطاعن فى سببى النعى مما يترتب عليه أن يكون النعى بهما عاريا عن الدليل متعينا رفضه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى الاسناد وتأويل القانون. ذلك أن الطاعن "المشترى" تنازل عن حق الارتفاق بالرى والمرور على الأرض المشفوع بها مما لم يعد معه محل لقيام الشفعة، غير أن محكمة الموضوع رفضت أن تأخذ بهذا القول استنادا إلى أنه لا يجوز للمشترى بعمله وتنازله بعد رفع الدعوى أن يؤثر فى حق الشفيع المكتسب بقوة القانون بعد أن طالب بالشفعة وبعد أن نازعه الطاعن فى هذا الحق، ثم قال بمذكرته بوجود حقوق ارتفاق مترتبة لأرضه على أرض الشفيع. وهذا الذى قررته المحكمة يخالف الثابت بمذكرة الطاعن إذ هى خلو مما أسنده الحكم إليها - هذا فضلا عن أن هناك أحكاما كثيرة تقول بسقوط حق الجار فى الشفعة إذا تنازل المشترى عن حق الارتفاق الذى للأرض المشفوع فيها على العقار المشفوع به، ذلك حتى ولو كان هذا التنازل بعد رفع الدعوى لانتفاء علة الشفعة.
ومن حيث إن الشق الأول من النعى الخاص بالخطأ فى الإسناد مردود بأنه عار عن الدليل متعين رفضه، إذ لم يقدم الطاعن صورة رسمية من المذكرة التى يقول عنها إن الحكم المطعون فيه ارتكن إليها وخالف الثابت بها - وأما ما يثيره الطاعن فى الشق الثانى من النعى فمردود بأنه نعى غير منتج، ذلك أن البحث فيما إذا كان التنازل بعد رفع الدعوى عن حق الارتفاق يسقط حق الشفعة أو لا يسقطه مجاله أن يكون هذا التنازل قد تم وفقا للقانون. ولا يتم التنازل عن حق الارتفاق وفقا للقانون إلا إذا كان هذا التنازل قد حصل شهره وفقا لقانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 الذى حصل التنازل وقت سريانه، ولا يغنى عن ذلك مجرد التقرير بالتنازل عن حق الارتفاق فى الدعوى بعد رفعها فى سنة 1948 ذلك أن المادة التاسعة من القانون المشار إليه قد نصت على "أن جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله... يجب شهرها بطريق التسجيل... ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم..." ولما كانت كلمة التصرفات الواردة بالمادة المشار إليها - حسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون السالف ذكره - تتناول العقود والاتفاقات والأعمال القانونية التى تصدر من جانب واحد وكان نص الفقرة الأولى من المادة التاسعة المذكورة مطلقا فى حكمه ويتناول كل التصرفات التى يكون موضوعها حقا عينيا فإن التنازل فى الدعوى عن حق الارتفاق وهو حق عينى لا يكون له أثره بغير إشهاره.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن فى غير محله ومن ثم يتعين رفضه.