أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1522

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(208)
القضية رقم 179 سنة 22 القضائية

دعوى وضع اليد. شيوع. حق الحائز على الشيوع فى رفع دعوى وضع اليد ضد شركائه.
للحائز على الشيوع أن يرفع دعاوى اليد ضد شركائه الذين ينكرون عليه حقه فى الانتفاع بمظاهر مادية تخالف حقوق الشركاء على الشيوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام على الطاعن الدعوى رقم 271 لسنة 1949 مدنى محكمة شبراخيت الجزئية وقال فى صحيفتها المعلنة بتاريخ 1/ 5/ 1949 إنه اشترى من الطاعن بعقد عرفى مؤرخ فى 12/ 10/ 1946 عشرة قراريط أرضا فضاء معدة للبناء واتفق فى العقد على أن يترك البائع مترين من باقى ملكه فى الواجهة القبلية للمرور فى حالة رضاء التنظيم والبلدية بالتصريح بترك المترين كمدخل. وقال المطعون عليه إنه نفذ هذا العقد ووضع يده على المدخل واستمر واضعا يده عليه هو والطريق الخصوصى الموصل إليه هو وأولاده وجيرانه إلى أن تعرض له الطاعن ومنعه بالقوة من استعمال حق المرور وبنى سورا مستعرضا وجعل فيه فتحة أقام عليها بابا خشبيا يغلقه ويفتحه كيفما يشاء دون تمكينه من استعمال حقه المقرر له بمقتضى اتفاق 12/ 10/ 1946. وطلب الحكم باسترداد حيازته إلى المدخل المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبإزالة ما وضعه الطاعن من ابنية وأبواب تعوق المرور. ودفع الطاعن الدعوى أولا: بأن الشرط الذى تضمنه عقد البيع خاصا بترك مترين من ملكه للاستعمال كممر موقوف على رضاء البلدية، وقد رفضت بكتابها الرقيم 29/ 12/ 1947 اعتماد الطريق إلا أن يكون بعرض أقله عشرة أمتار مما يعتبر معه أن حق المدعى بموجب العقد قد زال. ثانيا - بأن دعوى رد الحيازة غير مستكملة شرائطها وذلك لعدم استعمال القوة والعنف. وفى 20/ 3/ 1950 قضت المحكمة برفض الدعوى. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 58 سنة 1950 مدنى مستأنف محكمة دمنهور الابتدائية التى قضت فى 21/ 4/ 1951 بإحالة الدعوى على التحقيق - لإثبات ونفى أن المستأنف كان واضعا يده على الطريق للمرور هو وجيرانه دون المستأنف عليه منذ سنة 1946 حتى وقت التعرض الحاصل فى 22/ 3/ 1949 وأن المستأنف عليه لا يستعمل لمدخل. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود إثباتا ونفيا فى محضر التحقيق المودعة صورته الرسمية ضمن أوراق الطعن قضت فى 5/ 4/ 1952 بالغاء الحكم المستأنف وباسترداد حيازة المستأنف "المطعون عليه" إلى المدخل المبين بصحيفة الدعوى وبإزالة ما وضعه فيه المستأنف عليه "الطاعن" من أبنية تعوق المرور مع إعادته إلى الحالة التى كان عليها قبل حصول التعرض ببناء السور والباب. فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب: ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه خطأه فى تطبيق القانون من ثلاثة أوجه: الأول منها يتحصل فى أن ملكية رقبة المدخل بقيت للطاعن وفقا لعقد البيع الصادر منه إلى المطعون عليه وترتب عليها حق ارتفاق بالمرور للطرفين ومع ذلك فقد قضى برد الحيازة للمطعون عليه وهذا معناه أن الحيازة للمطعون عليه وحده مع أن عقد البيع يبين منه أن الممر للطرفين. ويتحصل الوجه الثانى: فى أن الفقرة الثانية من المادة التاسعة من دكريتو التنظيم الصادر فى 26/ 8/ 1889 تنص على وجوب سد أحد طرفى الطرق الخصوصية - كما هو الحال فى الدعوى - بدرابزين أو باب أو جنزير ومع ذلك قضى الحكم برد حيازة الطريق وبإزالة ما عليه من مبان وهذا مخالف للدكريتو المشار إليه. ويتحصل الوجه الثالث فى أن الحكم المطعون فيه قضى بازالة السور والباب اللذين انشئا على الطريق، مع أن الازالة ليست وسيلة لمنع المرور لأن المطعون عليه يمكنه المرور من غير الازالة ومع أن الطاعن شريك فى الحيازة والمرور وردها غير جائز فى هذه الحالة وقد كانت تصح الدعوى لو كيفت على أساس أنها دعوى منع تعرض.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى وجهه الأول بأن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه على ملكية الممر إنما أسسه فى الدعوى وهى دعوى استرداد الحيازة على ما استبان له من تحقق شروطها بتوافر وضع اليد المادى للمطعون عليه ولم تتعرض المحكمة للملكية ولم تشر إلى عقد البيع إلا بالقدر اللازم فى الدعوى عن واقعة وضع اليد وهى واقعة مادية استخلصت المحكمة بشأنها من التحقيق ومن مجموع أقوال الشهود أن الطريق كان فى وضع يد المطعون عليه وحده ليستعمله كمدخل لمنزله منذ عقد البيع حتى سنة 1949 وقت حصول التعرض، ثم رفعت الدعوى فى 1/ 5/ 1949، وهذا الذى استخلصه الحكم هو استخلاص موضوعى سائغ، ومردود فى وجهه الثانى بأنه بعد أن حسم الحكم النزاع الذى أثاره الطاعن بشأن عدم موافقة البلدية على إنشاء الطريق، وهو ليس محل طعن، انحصر النزاع بين الطرفين حول وضع اليد على الممر باعتباره مدخلا خصوصيا، وليس حول ما إذا كان طريقا قد استكمل شروط التنظيم اللازمة لانشائه، وقد ثبت من مجموع التحقيق حسبما استخلصته المحكمة، كما سلف البيان، أن الطاعن ترك المدخل لمرور المطعون عليه الذى استعمل حقه فى ذلك ومن ثم فإن تبعة مخالفة دكريتو التنظيم بشأن المدخل الخاص تقع عليه وهو وشأنه فى اتباع نصوصه بما لا يتعارض مع انتفاعه. ومردود فى وجهة الثالث - بأن الحكم بإزالة ما وضعه الطاعن من أبنية على الطريق وباب المدخل فهو كما نص الحكم مقصود منه عدم تعويق المرور. وهذا مظهر من مظاهر تمكين المطعون عليه فى استعمال حق الارتفاق المقرر له بوضع اليد.
ومن حيث إن الطعن فى السبب الثانى بنى على أن الحكم التمهيدى - القاضى بالاحالة على التحقيق الذى أخذ بنتيجته الحكم المطعون فيه لم يبين أن الطاعن لم يستعمل المدخل كما لم يحقق أن الطاعن كان على أسوأ الفروض شريكا فى المرور وفى هذا قصور يبطله.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بما سبق الرد به فى السبب الأول، فضلا عن أن الحائز على الشيوع له أن يرفع دعاوى اليد ضد شركائه الذين ينكرون عليه حقه فى الانتفاع بمظاهر مادية تخالف حقوق الشركاء على الشيوع.
ومن حيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه قصوره فى التسبيب، ذلك بأن المحكمة رددت فى حكمها القطعى أقوال الشهود ولكنها انتهت إلى نتيجة تخالف الثابت من أقوالهم، إذ قال شهود الإثبات، إن الطاعن منع المطعون عليه من تاريخ بناء السور والباب، وقال أحدهم إن المنع من سنة 1947 وقال باقيهم إن المنع جرى عقب بناء الطاعن السور والباب، فاذا أخذ بمجموع أقوال الشهود لظهر أن التعرض جرى فى سنة 1947 يؤيد ذلك أن رخصة إقامة لبناء المقدمة ضمن أوراق الطعن يعمل بها من مدة سنة من تاريخ الطعن فى 1/ 10/ 1946، فعلى أسوأ الفروض يكون البناء قد تم فى 10/ 10/ 1947 تاريخ انتهاء الرخصة، وبين هذا التاريخ وتاريخ رفع الدعوى فى مايو سنة 1949 كان قد انقضى أكثر من سنة مما يترتب عليه عدم قبول الدعوى، ومن ذلك تقرر المحكمة أن الدعوى رفعت فى المواعيد.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة بعد أن استعرضت أقوال الشهود إثباتا ونفيا، حسبما هو وارد بالتحقيق، قالت إن الشاهد الأول وهو عبد الغنى محمد - دلال المساحة - قرر أن الطاعن ترك مترين، وفى سنة 1949 أخبره المطعون عليه بأن الطاعن حفر أساسا للبناء، وقد استنكر الطاعن ذلك، وذهب الشاهد معهما وأمر الطاعن بمنع تعويق المرور، وأن الطرفين يضعان اليد على المدخل حتى سنة 1949، ومن قبل ذلك كان المرور منه للجميع وأن التعرض حصل هذا العام إذ شيد الطاعن السور وأقام بوابة، ثم قالت إن الشاهد الرابع وهو سيد يوسف المقاول قرر أنه فى سنة 1949 طلب منه الطاعن أن يتمم بناء السور فمنعه المطعون عليه الذى كان يمر من هذا المدخل من سنة 1947 حتى سنة 1949، ثم قالت إن الشاهد الثالث عوض محمد بليخ قرر أن المطعون عليه كان يمر من المدخل حتى أقام الطاعن السور والبوابة من ثلاث أو أربع سنوات، وعلقت المحكمة على أقوال هذا الشاهد بأنه وإن كان قد ذكر فى محضر التحقيق أن التعرض كان فى سنة 1947 إلا أن هذا خطأ مادى كتابى إذ ثابت من قضية الجنحة رقم 710 لسنة 1949 المضمومة أن شهادته يستبين منها أن التعرض كان فى سنة 1949، وبعد أن سردت أقوال الشهود جميعا قالت إنه يبين من مجموعها أن المطعون عليه كان يمر من الطريق محل النزاع من سنة 1947 حتى سنة 1949 وقت التعرض وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه هو استخلاص موضوعى سائغ لا قصور فيه ولا يخالف ما ورد فى التحقيق، وفيه الرد الكافى على الدفع بعدم قبول الدعوى بحجة رفعها بعد انقضاء أكثر من سنة وأما ما يقول به الطاعن من أن الادارة رخصت له باقامة المنزل فى أكتوبر سنة 1949 لمدة سنة وأن البناء تم فى سنة 1947 فمردود بأن الترخيص لا يقطع فى أن البناء تم سنة 1947 وأما ما يتمسك به الطاعن فى مذكرته الشارحة من أن الحكم لم يرد على دفاعه بأن ركن القوة لازم لاسترداد الحيازة فمردود بأنه سبب غير مقبول إذ لم يتمسك به الطاعن فى تقرير الطعن.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس، ومن ثم يتعين رفضه.