أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1582

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، وأحمد قوشه المستشارين.

(218)
القضية رقم 153 سنة 22 القضائية

بيع. عيوب الرضا. إكراه. تدليس. دفاع. نفى المحكمة لأسباب سائغة. وقوع إكراه أو تدليس بعيب إرادة التعاقد. عدم التزامها باجراء تحقيق.
متى كانت المحكمة قد نفت لأسباب سائغة فى حدود سلطتها التقديرية وقوع إكراه مؤثر على إرادة البائع أو تدليس مفسد لرضائه فانها لا تكون ملزمة باجراء تحقيق لا ترى أنها فى حاجة إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه رفع الدعوى رقم 1716 سنة 1947 مدنى الوايلى ضد الطاعن بصحيفة قال فيها بأن هذا الأخير باعه حصة فى منزل مبين بالعريضة بثمن قدره 90 جنيها بموجب عقد مؤرخ 19 من فبراير سنة 1947 وأنه لم يقبل تحرير العقد النهائى ولذا طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع سالف الذكر - ودفع الطاعن هذه الدعوى بأنه حين وقع على هذا العقد كان تحت تأثير الإكراه الأدبى والتدليس لأنه كان زوجا لشقيقة المطعون عليه وتركت عند وفاتها منزلا يرث فيه النصف إلا أن المطعون عليه أوهمه بأنها قد باعته هذا المنزل واحتكم الطرفان إلى مجلس صلح قضى بأن يدفع المطعون عليه للطاعن مبلغ 90 جنيها وأن عقد البيع حرر تنفيذا لذلك ووقع عليه تحت تأثير الإكراه الأدبى وأن هذا العقد ليس بيعا بل هو وعد بالبيع إذ أن الثمن لم يدفع. وعلى أثر ذلك عرض المطعون عليه الثمن على الطاعن بالجلسة ولما أبى قبوله أودعه على ذمته بالخزانة وبتاريخ 4/ 4/ 1948 قضت محكمة أول درجة بصحة ونفاذ عقد البيع - واستأنف الطاعن هذا الحكم بالقضية رقم 755 سنة 1948 س مصر - وبتاريخ 18/ 12/ 1951 قضت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن فى الحكم بطريق النقض.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب: يتحصل أولها - فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان عقد البيع لأنه تم تحت تأثير الإكراه والتدليس إذ أوهمه المطعون عليه بأن المورثة قد باعت له المنزل وشكاه إلى قسم البوليس لتسليمه هذا المنزل، وأثبت المحقق فى محضر تحقيق الشكوى رقم 1624 سنة 1947 إدارى الوايلى أن المطعون عليه قدم عقد هبة وتنازلا صادرا له من المورثة عن المنزل موضوع النزاع فاضطر تحت تأثير الرهبة والعقيدة التى تولدت عنده وما أوهمه به الوسطاء من أن ملكية المنزل قد آلت إلى المطعون عليه أن يقبل تحرير عقد البيع عن حصته فى هذا المنزل مقابل ثمن قدره 90 جنيها وهو أقل من الثمن الحقيقى الذى يبلغ نحو 400 جنيه إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة من غير أن يحيل الدعوى إلى التحقيق لإثبات الإكراه والتدليس.
وحيث إن هذا النعى مردود بما قاله حكم محكمة أول درجة الذى أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه من "أنه يبين من نفس دفاع المدعى عليه (الطاعن) أنه ليس فى الأمر إكراه أو تدليس إذ أن مجلس الصلح الذى ارتضاه الطرفان أنه حكم بأن يتم البيع من المدعى عليه عن نصيبه فى المنزل إلى المدعى نظير ثمن قدره 90 جنيها تدفع بعد خمسة عشر يوما من تاريخ تحرير العقد، وقد قبل المدعى عليه ذلك بدليل توقيعه على العقد وقد كان فى مقدوره أن يرفض التوقيع وهو بالغ الرشد..." وهذا الذى أورده الحكم هو تدليل سائغ على ما اقتنعت به محكمة الموضوع فى حدود سلطتها التقديرية من نفى وقوع إكراه مؤثر على إرادة الطاعن أو تدليس مفسد لرضائه ولم تكن المحكمة بعد هذا الذى تبينته من دفاع الطاعن والقرائن المستفادة من ظروف الدعوى ملزمة بإجراء تحقيق لا ترى أنها فى حاجة إليه.
وحيث إن حاصل السببين الثانى والثالث أن الحكم المطعون فيه أخل بدفاع الطاعن وجاء مشوبا بالقصور ذلك بأن الطاعن طلب فى مذكرة قدمها للمحكمة الاستئنافية إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات حصول الإكراه والتدليس، إلا أن المحكمة لم تلتفت إلى هذا الطلب ولم ترد عليه، هذا إلا أنها لم تبحث العناصر الجديدة الناشئة عن إعدام أوراق الشكوى رقم 1624 سنة 1947 إدارى الوايلى وعن إنكار المطعون عليه لتقديمها أو سبق ضمها لملف الدعوى وعن إيداع العقد أمانة لدى أحد الشهود مما يجعل الحكم قاصر البيان.
وحيث إن هذا النعى بوجهيه مردود أولا - بأنه عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن صورة رسمية من المذكرة التى طلب فيها من المحكمة الاستئنافية إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وقوع الإكراه والتدليس هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أيد حكم محكمة أول درجة التى قالت كلمتها فى هذا الذى ادعاه الطاعن ورأت بما لها من سلطة التقدير أنه لا حاجة بها إلى إجراء تحقيق بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت بها من الأدلة والوقائع مستندة إلى أدلة سائغة - كما سلف البيان، ومردود ثانيا - بأن الطاعن لم يثبت أنه أثار دفاعا جديدا أمام محكمة ثانى درجة بشأن إيداع العقد أمانة لدى أحد الشهود أو أى أمر آخر غير ما سبق أن تناوله الحكم بالرد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.