أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1602

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان وكيل المحكمة، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشة المستشارين.

(223)
القضية رقم 237 سنة 22 القضائية

( أ ) نقض. طعن. الصفة فى الطعن. تركة. تعيين المورث اثنين من الورثة منفذين للوصية. حق أحدهما فى الطعن منفردا فى الحكم الصادر ضد مصلحة التركة.
(ب) بيع. بيع وفاء. إثبات. جواز إثبات أن البيع يخفى رهنا بكافة الطرق. لا يغير من ذلك وصفه بأنه بيع بات.
(ج) بيع. بيع وفاء. رهن. ثبوت أن بيع الوفاء يخفى رهنا. عدم تطبيق الحكم لقواعد الرهن الخاصة باستهلاك الدين. لا عيب.
1 - إذا عين المورث اثنين من ورثته منفذين لوصيته فانه يجوز لأحدهما أن يمثل الآخر فى اتخاذ إجراء فى الميعاد المعين له بما يدفع ضررا عن التركة وهو ما لا يحتاج الأمر فيه إلى تبادل الرأى. وإذن فمتى كان أحد منفذى الوصية قد طعن بطريق النقض فى الحكم الصادر ضد مصلحة التركة فإن الدفع بعدم قبول هذا الطعن لانفراد أحد المنفذين بالتقرير به دون الآخر يكون على غير أساس.
2 - إثبات أن عقد البيع قصد به إخفاء رهن مقترن بفوائد ربوية يحرمها القانون مراعاة للنظام هو أمر جائز بكافة الطرق سواء صور عقد البيع الظاهر بأنه بات أم وفائى.
3 - متى كان الحكم قد أقيم على أن العقد هو بيع يخفى رهنا فيكون باطلا سواء بصفته بيعا أو رهنا ولا يكون بحاجة بعد ذلك للتعرض فى بحثه إلى تطبيق قواعد استهلاك الرهن الحيازى الباطل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد وكيل المحكمة المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه الأول جبر محمد أحمد أقام فى 4/ 3/ 1944 الدعوى رقم 395 لسنة 69 ق محكمة المنصورة الابتدائية المختلطة على افتميوليانا لوبو مورث الطاعن والمطعون عليه الثانى وعلى المطعون عليهما الثالث والرابع وطلب الحكم أصليا بإلغاء عقد البيع المؤرخ 31/ 5/ 1932 والمسجل فى 22/ 7/ 1932 والمتضمن بيع 2 فدان و2 قيراط واحتياطيا بإلزام افتميو بأن يرد إليه مبلغ 638 جنيها و850 مليما قيمة ثمن الأطيان وأسس المطعون عليه الأول دعواه على أنه لجأ فى عام 1926 إلى مورث الطاعن والمطعون عليه الثانى ليقرضه مبلغ 100 جنيه بفوائد تجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا وحرر المدين فى شهر أكتوبر سنة 1926 على نفسه مقابل ذلك سندا بمبلغ 122.5 جنيها واستمر هذا الدين دون أن يدفعه حتى بلغ فى سنة 1932 بأصله وفوائده مبلغ 170 جنيها ولما طلب الدائن ضمانا لدينه واقترح المدين أن يكون هذا الضمان بيعا وفائيا للفدانين وكسور أبى الدائن إلا أن يكون باتا نهائيا فرضخ المدين لهذا الشرط وحرر عقد البيع الصادر منه سنة 1932 إلى افتيميو بثمن قدره 170 جنيها - وفى الفترة ما بين سنة 1940 وسنة 1943 تيسر للمدين استحضار هذا المبلغ وعرضه على دائنه ليرد إليه الأطيان فرفض الدائن ذلك وما أن ارتفع ثمن الأطيان حتى باع الدائن الـ 2 فدان و2 قيراط إلى المطعون عليهما الثالث والرابع مع قطعة أخرى مساحتها 2 فدان و1 قيراط بموجب عقد بيع تاريخه 9/ 1/ 1944 الذى نص فيه على أن ثمن الـ 4 فدادين و3 قراريط هو مبلغ 1265 جنيها ولما علم المطعون عليه الأول بهذا البيع بادر بشكواه إلى البوليس ثم أقام الدعوى وبنى طلب إلغاء البيعين على أن عقد 9/ 1/ 1944 صادر من البائع إلى المشتريين منه بسوء نيه إذ كانا يعلمان بما درج عليه افتيميو من اقراض الناس بفوائد ربوية وبجلسة 1/ 5/ 1945 طلب المدعى مع طلباته الأصلية براءة الذمة من مبلغ 170 جنيها قيمة الدين الذى عليه استنادا إلى أنه أودعه بخزانة المحكمة ثم أردف طلبه المذكور بقوله بأنه فى حالة رفض طلباته الأصلية فلا أقل من أن يحكم على افتيميو بمبلغ الـ 638 جنيها و850 مليما وهو ما يساوى حسب نص عقد بيع 9/ 1/ 1944 ثمن الـ 2 فدان وقيراطين موضوع الدعوى والمبيعة مع القطعة الأخرى البالغ مقدارها 2 فدان و1 قيراط والبالغ ثمنهما معا 1265 جنيها - ودفع افتيميو الدعوى بأن عقد بيع 31/ 5/ 1932 هو عقد بيع منجز ناقل للملكية وأن عقد بيع 9/ 1/ 1944 الذى ترتب على العقد الأول هو عقد صحيح أيضا. وأثناء نظر الدعوى توفى افتيميو وحل ورثته محله. وفى 25/ 3/ 1947 قضت المحكمة برفض الدعوى استنادا إلى أن عقدى البيع المؤرخين 31/ 5/ 1932، 9/ 1/ 1944 صحيحان إذ لم تشبهما الصورية ولا سوء النية والى أن المدعى لم يبد اعتراضه فى الوقت المناسب فى سنة 1932 - واستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم معلنا صحيفة استئنافه إلى المطعون عليهما الثالث والرابع وإلى الطاعن والمطعون عليه الثانى بصفتهما وارثين لأفتميو ليانا بولو ومنفذين لوصيته وقيد الاستئناف برقم 62 لسنة 2 ق محكمة استئناف المنصورة الابتدائية الوطنية التى قضت فى 4/ 4/ 1951 بهيئة استئنافية بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى أن المستأنف اقترض من افتميو 100 جنيه عام 1926 بفوائد ربوية وأن عقد بيع سنة 1932 هو عقد صورى قصد منه الرهن ولم يقصد منه البيع الناقل للملكية وأن الدائن تعهد برد الأطيان فى أى وقت إذا استوفى مبلغ الـ 170 جنيها وأن المدعى عرض هذا المبلغ فلم يقبله الدائن وأن المستأنف عليهما الثالث والرابع كانا يعلمان وقت الشراء بأن افتميو البائع لهما ليس مالكا وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود إثباتا ونفيا قضت فى 26/ 2/ 1952 حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهما بصفتهما "الطاعن والمطعون عليه الثانى" بأن يدفعا من تركة مورثهما افتميوا إلى المستأنف مبلغ 638 جنيها و850 مليما.
فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليه الأول دفع بعدم قبول الطعن شكلا تأسيسا على وجهين - أولهما أن الطاعن رفع بصفته الشخصية دون ذكر لصفته وارثا لافتميو ومنفذا لوصيته مما يترتب عليه أن يكون الطعن مرفوعا من غير ذى صفة وثانيهما - أن الطاعن ليس وحده المنفذ للوصية بل عين لتنفيذها هو والمطعون عليه الثانى مما لا يجوز معه أن ينفرد الطاعن بالعمل باسم التركة.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود (أولا) بأنه لما كان الاستئناف موجها من المطعون عليه الأول إلى الطاعن والمطعون عليه الثانى بصفتهما وارثين لافتميو ومنفذين لوصيته فقضت المحكمة الاستئنافية فى الدعوى حسبما هو ظاهر من أسباب الحكم ومنطوقه بإلزامهما بما حكم به بصفتيهما السابق بيانهما وكان الطاعن قد أحال فى أسباب تقرير الطعن إلى الحكم المطعون فيه والمذكور به أنه قد صدر بالصفتين الآنف ذكرهما وأنه يطعن فى هذا الحكم فيما اشتمل عليه أسبابا ومنطوقا فإن ذلك يستفاد منه أن صفته فى الطعن قد تحددت بصفته وارثا ومنفذا لوصية مورثه، ومردود (ثانيا) بأن القول بأن الطاعن ليس له أن ينفرد بالخصومة فى الطعن دون المنفذ الآخر للوصية هو قول لا محل له ذلك بأن كلا من الطاعن والمطعون عليه الثانى وهو منفذ لوصية المورث وممثل للتركة يجوز له أن يمثل الآخر فى اتخاذ إجراء فى الميعاد المعين له بما يدفع ضررا عن التركة وهو ما لا يحتاج الأمر فيه إلى تبادل الرأى - وحيث إنه لذلك يكون الدفع بوجهيه على غير أساس.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن فى السببين الأولين منهما على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وفساد الاستدلال إذ أسس قضاءه على ما استخلصه من القرائن وشهادة الشهود الذين سمعوا فى التحقيق الذى أمرت به المحكمة الاستئنافية بحكمها التمهيدى الصادر فى 4/ 4/ 1951 مع أن هذا الحكم قد خالف الثابت بعقد بيع 31/ 5/ 1932 وقضى بالاحالة على التحقيق لإثبات الصورية بالبينة بين المتعاقدين وهى لا تثبت فى تلك الحالة إلا بالكتابة أو إذا توافر ما يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة ومع أنه لا يجوز إثبات أن البيع التام قد قصد منه الرهن بالبينة والقرائن إذ البيع فى تلك الحالة ليس بيعا وفائيا مشروطا فيه إسترداد المبيع ومع أن القرائن والأدلة التى أوردها الحكم المطعون فيه لا تؤدى الى النتيجة التى انتهى إليها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولا بأن الحكم التمهيدى الصادر فى 4/ 4/ 1951 إذ قضى باحالة الدعوى على التحقيق لإثبات أن المطعون عليه اقترض ما اقترضه من مورث الطاعن بفوائد ربوية وأن عقد بيع 31/ 5/ 1932 هو عقد صورى قصد منه إخفاء رهن ضمانا لذلك الدين وفوائده الربوية لا يكون قد خالف القانون وإذ أقيم الحكم المطعون فيه على ما استبان له من أقوال الشهود لا يكون قد خالف قواعد الإثبات ولا عقد البيع المطعون فيه ذلك بأن إثبات أن عقد البيع قصد به إخفاء رهن مقترن بفوائد ربوية يحرمها القانون للنظام العام هو أمر جائز إثباته بكافة الطرق سواء صور عقد البيع الظاهر بأنه تام أم وفائى ومردود ثانيا بأن الحكم المطعون فيه إذ استخلص أن البيع يستر رهنا قد استند إلى ما استبان له من شهادة الشهود ومن بينهم أحد شهود النفى وهو عمدة البلدة وهى تؤدى إلى ما استخلصه الحكم بأن مورث الطاعن كان يقرض الأهلين ومنهم المطعون عليه الأول نقودا بالربا الفاحش بواقع 20% و25% سنويا وأنه كان ياخذ على مدينيه سندات أو عقود بيع ضمانا لديونه وقد أقرض المطعون عليه الأول بفائدة تتراوح ما بين 20 و25% ثم استصدر الدائن من مدينه عقد بيع 31/ 5/ 1932 على أن تكون الأطيان المبيعة ضمانا ورهنا للدين وقد ظلت الأطيان فى حيازة الراهن من سنة 1932 حتى سنة 1944 عندما استملها المشتريان كما سبق للمدين أن عرض الدين الذى فى ذمته غير أن الدائن كان يماطل ويسوف فى قبول دفع الدين هذا فضلا عن أن مورث الطاعن قد اعترف فى الشكوى الإدارية بأنه كان يقرض الناس بفوائد ربوية وكان المطعون عليه الأول من بين هؤلاء المقترضين - وهذا الذى أقيم عليه الحكم المطعون فيه ثم رتب عليه قضاءه بأن عقد بيع 31/ 5/ 1932 هو بيع باطل لأنه يخفى رهنا هو تقرير موضوعى سليم ويؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور ذلك بأنه بفرض صحة ما ذهبت إليه المحكمة الاستئنافية من أن عقد بيع 31/ 5/ 1932 يخفى رهنا فإنه كان عليها أن تطبق قواعد استهلاك الرهن التى حددها القانون فى هذه الحالة فتخفض الفوائد إلى الحد الجائز الاتفاق عليه وأن تحسب لمورث الطاعن مصروفات التحسينات والمحافظة على الأرض وإصلاحها وما دفعه من الضرائب والأموال الأميرية وقيمة تسجيل عقد البيع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه فضلا عن أنه عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن ما يدل على أنه تمسك لدى محكمة الموضوع بما أثاره فى نعيه فإن الحكم المطعون فيه وقد أقيم على أن عقد بيع 31/ 5/ 1932 والمسجل فى 22/ 7/ 932 "هو عقد بيع يخفى رهنا فهو عقد باطل فى نظر القانون" إذ أقيم الحكم على ذلك فقد أفاد أن العقد المذكور هو فى حقيقته عقد بيع وفائى يخفى رهنا فيكون باطلا سواء بصفته بيعا أو رهنا ومن ثم فإن المحكمة لم تكن بحاجة بعد ذلك لأن تتعرض فى بحثها إلى تطبيق قواعد استهلاك الرهن الحيازى الباطل.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن فى غير محله متعينا رفضه.