أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1608

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على واحمد قوشه المستشارين.

(224)
القضية رقم 251 سنة 22 القضائية

( أ ) أموال عامة. حق ارتفاق بالمرور. قد يكون مبنيا على التسامح. عدم جواز اعتبار الطريق عاما لمجرد سماح صاحبه للغير بالمرور فيه.
(ب) إثبات. ملكية عقارية. انعدام حجية خرائط المساحة فى اثبات الملكية.
1 - ترك الطريق لمرور الغير يحتمل أن يكون مبنيا على التسامح الذى لا يكسب حقا ولا يجعل الطريق عاما.
2 - لا حجية لخرائط المساحة فى بيان الملكية وإنما تعبر فقط عن الواقع المادى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص كما يبين من الاطلاع على الأوراق فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1037 سنة 1948 مدنى ادفو طالبا الحكم بأحقيته فى أن يأخذ بالشفعة العقار الموضح بصحيفتها نظير الثمن البالغ 195 جنيها و280 مليما وملحقاته القانونية مع حفظ حقه فى اثبات حقيقة الثمن بكافة الطرق والزام المطعون عليهم متضامنين بالمصروفات والأتعاب واسس دعواه على أن الأرض المشفوع فيها تبلغ فدانا و19 قيراطا و12 سهما أطيانا زراعية وأنه يحدها من ثلاث جهات القبلية والغربية والبحرية - ودفع المشفوع منه الدعوى بأن ملك الطاعن إنما يحد الأرض المبيعة من جهة واحدة فندبت محكمة ادفو خبيرا هندسيا بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1948 كلفته بالاطلاع على العقد المشفوع فيه وتطبيق الحدود الواردة به على الطبيعة والاطلاع على خرائط المساحة والكشوف الرسمية وبيان الحدود الصحيحة للأرض موضوع الشفعة وجيرانها من الجهات القبلية والغربية والبحرية كما كلفته ببيان حقيقة الفاصل بين حوض دائر الناحية رقم 4 والموردة البحرى رقم 3 وهل هو فاصل رمزى يجعل أطيان الحوض متلاصقة كما يقول الطاعن أو هو طريق زراعى كما يقول المطعون عليهما الأولان - وبعد أن قدم الخبير تقريره رأت المحكمة المذكورة مناقشة الطرفين فيما يتعلق بالحد الفاصل بين حوض داير الناحية رقم 4 والموردة البحرى رقم 3 وبعد إتمام المناقشة حكمت بتاريخ 26 من يوليو سنة 1951 برفض الدعوى والزام الطاعن بمصروفاتها وبمبلغ 150 قرشا مقابل أتعاب المحاماة - فاستأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 59 لسنة 1951 استئناف أسوان وقضت المحكمة المذكورة بتاريخ 25 من فبراير سنة 1952 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور إذ أسس قضاءه بتأييد الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى على أن أرض الطاعن تحد الأرض موضوع الشفعة من الجهة القبلية فقط وأن الحد الغربى وهو الفاصل بين حوض دائر الناحية رقم 4 والموردة البحرى رقم 3 عبارة عن طريق فاصل عرضه حوالى مترين يمتد من الجهة البحرية إلى الجهة القبلية وأنه يعتبر من المنافع العامة وأنه لذلك لا يمكن اعتبار الطاعن وهو المالك للأطيان الواقعة غربى الطريق سالف الذكر جارا ملاصقا من الجهة الغربية وبذلك لا يكون جارا ملاصقا من جهتين - أسس الحكم قضاءه على ذلك دون أن يعنى ببحث ما قرره الطاعن من أن الطريق ليس طريقا عاما ودون أن يتناول الأدلة التى قدمها الطاعن على صحة هذا القول وهى أنه لم يصدر مرسوم يجعل الطريق من المنافع العامة ولم تنزع ملكيته وأن تكليف هذا الطريق ما زال تابعا لملاك الأراضى التى على جانبيه مناصفة بما فيهم الطاعن مع أنه تمسك بذلك بمذكرته الاستئنافية وانتهى فيها إلى طلب تعيين خبير لتحقيق هذا الدفاع الذى اعترف به خبير محكمة أول درجة عند مناقشته ولكن محكمة ثانى درجة لم تعره التفاتا مما يعتبر إخلالا بحق الدفاع فضلا عن مخالفة الثابت بالمستندات.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى على "أنه تبين للمحكمة من الاطلاع على أوراق الدعوى وتقرير الخبير المقدم وخريطة مساحة فك الزمام أن الحكم المستأنف فى محله وأن الطريق المذكور واضح بجلاء أنه طريق عام ممتد بين البلد من الناحية القبلية إلى الناحية البحرية وأنه موصوف بهذه الصفة فى خرائط مساحة فك الزمام وأن الطريق قد يصبح عاما إما بصدور مرسوم ملكى بجعله طريقا عاما وإما باستعمال الأمر الواضح تماما من خريطة مساحة فك الزمام ومما ذكره العمدة ودلال المساحة وباقى الشهود" ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية المقدمة من محضر جلسة محكمة إدفو الجزئية المؤرخ فى 23 من مايو سنة 1951 أن المحكمة المذكورة ناقشت الخبير بالآتى: - س - هل تقصد من أنه طريق عمومى أنه مملوك للحكومة أم لا؟ جـ - أنا لا أستطيع الجزم بهذا وكل ما فى الأمر أنه طريق يمر فى البلد وتستعمله كل الناس - ويبين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة ثانى درجة لجلسة 24 من مايو سنة 1952 أنه تمسك بأن هذا الطريق ليس عاما إذ لم تنزع ملكيته ولم يصدر مرسوم بذلك وأن مرور الأهالى فيه هو من باب التسامح وأنه ضمن تكليف الطاعن ويدفع الملاك المتقابلون المال عنه وطلب ندب خبير لتحقيق دخول هذا الطريق فى ملكه - لما كان ذلك وكانت محكمة الدرجة الثانية لم تحقق دفاع الطاعن واعتبرت الطريق عاما وفاصلا بين أرض الطاعن والأرض المشفوع فيها بمقولة إنه مرسوم بخرائط المساحة ومتروك للمرور مع أن خرائط المساحة لا حجية لها فى بيان الملكية وإنما تعبر فقط عن الواقع المادى ومع أن ترك الطريق لمرور الغير يحتمل أن يكون مبنيا على التسامح الذى لا يكسب حقا ولا يجعل الطريق عاما، وكان يتعين على المحكمة تحقيق أقوال الطاعن وتمحيص الأدلة التى قدمها على أن أرض الطريق هى ضمن ملكه وتكليفه وأنه يدفع أموالها وأن الطريق هو طريق خاص يمر فيه الناس من باب التسامح حتى يستبين وجه الحقيقة فى النزاع، وإذ هى لم تفعل ذلك فإن حكمها يكون مشوبا بقصور يستوجب نقضه.