أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1612

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.

(225)
القضية رقم 165 سنة 22 القضائية

( أ ) حكم. قضاء. مستعجل. قوة الأمر المقضى. استئناف. نقض. دفوع. حجية الحكم الصادر فى مسألة من المسائل المستعجلة فى حدود ما له من "صفة مؤقتة وعدم المساس بالحق". قابليته للطعن عليه بطرق الطعن التى قررها له القانون. المادتان 49 و349 مرافعات.
(ب) نقض. طعن. أحكام يجوز الطعن فيها. الحكم الصادر فى دعوى الحراسة من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية. حصول تقرير الطعن فيه قبل صدور القانون رقم 354 لسنة 1954 المعدل للمادة 425 مرافعات. جوار الطعن.
(ج) نقض. طعن. أحكام يجوز الطعن فيها. حكم صادر فى دعوى الحراسة يجوز الطعن فيه. تقدير الضرورة الداعية للحراسة وتقدير الخطر وتقدير الطرق المؤدية إلى صون حقوق المتخاصمين. جواز الاعتراض بذلك فى موضوع الطعن. عدم جواز التحدى به فى عدم جواز الطعن.
(د) دعوى. تكييفها. دعوى حراسة. العبرة فى تكييف الدعوى بما تتبينه المحكمة من وقائعها ومن تطبيق القانون عليها. مثال فى دعوى الحراسة.
(هـ) استئناف. حراسة. الصفة والمصلحة فى الاستئناف. حكم قضى بانتهاء حراسة حارس منضم. تأسيسه على اتهامات وجهت إليه. توافر مصلحته وصفته فى الاستئناف.
(و) استئناف. حراسة. المصلحة والصفة فى الاستئناف. استئناف بعض الخصوم الحكم القاضى بعزل الحارس المنضم. صفتهم فى الاستئناف ليست محل نزاع. النعى على الاستئناف المرفوع من الحارس المنضم بانعدام الصفة والمصلحة. غير منتج.
(ز) حراسة. وفاة الحارس الأصلى. عدم سقوط حراسة الحارس المنضم.
(ح) حراسة. ملكية شائعة. إدارة المال الشائع. اختلاف مجال تطبيق أحكام المواد 828 وما بعدها من القانون المدنى عن مجال تطبيق أحكام المواد 729 وما بعدها من هذا القانون بشأن الحراسة.
(ط) حكم استئنافى. تسبيبه. قيام الحكم المطعون فيه على أساس سليم من القانون. عدم مناقشة الأساس الخاطئ الذى بنى عليه الحكم المستأنف. لا عيب.
1 - الدفع بعدم قبول الطعن فى الحكم الصادر فى مسألة من المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت تأسيسا على أنه ليس حكما بالمعنى المفهوم والمقرر للأحكام بل هو مجرد أمر بإجراء تحفظى بطبيعته وقتى فى أساسه ومبناه ويجوز تغييره وتعديله، هذا الدفع غير صحيح ذلك أن الحكم الصادر فى المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت هو حجة يلتزم بها القاضى والخصوم فيما يقضى به القاضى فى حدود ماله من "صفة مؤقتة وعدم المساس بالحق" ويكون قابلا للطعن عليه بطريق الطعن التى قررها له القانون إذ أن هذا الحكم عليه ما على جميع الأحكام من شرائط المداولة والتسبيب وغير ذلك مما نص عليه فى الفصل الأول من الباب العاشر من قانون المرافعات الخاص "بالأحكام" كما أن له ما لها من حجية فيما يقضى به فى الحدود المتقدمة وفقا للمادتين 49 و349 مرافعات.
2 - متى كان التقرير بالطعن فى الحكم الصادر فى دعوى الحراسة من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية قد حصل قبل صدور القانون رقم 354 لسنة 1952 الذى عدل المادة 425 من قانون المرافعات التى كانت تجيز الطعن أمام محكمة النقض فى الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بصفة انتهائية أو فى استئناف أحكام محاكم المواد الجزئية كما فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف ولنفس الأسباب المبينة فى المادة المذكورة - فإن الطعن يكون جائزا.
3 - إذا كان الحكم الصادر فى دعوى الحراسة جائزا الطعن فيه بطريق النقض فإنه لا يجوز التحدى فى عدم جواز الطعن بأن تقدير الضرورة الداعية للحراسة وتقدير الخطر وتقرير الطرق المؤدية إلى صون حقوق المتخاصمين هو مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع إذ لا شأن لهذا فى جواز الطعن بطريق النقض متى كان الطعن مبنيا على الأسباب المقررة فى القانون وإن كان يجوز الاعتراض به فى موضوع الطعن.
4 - العبرة فى تكييف الدعوى ليست بما يصفه بها الخصوم بل بما تتبينه المحكمة من وقائع الدعوى ومن تطبيق القانون عليها. فإذا كان النزاع الذى فصل فيه الحكم لم يكن حول انتهاء أو قيام الحراسة بوصفها إجراء لازما لصون حقوق الخصوم إنما كان مثار النزاع هو تنحية الحارس بوصفه حارسا وتعيين بدله فى الحراسة بسبب ما وجه إلى إدارته من مطاعن وإلى شخصه من تجريح فلا يعيب الحكم أن الدعوى كما انتهى إليها المدعيان لم تعد طلب عزل الحارسين بل اعتبار الحراسة شاغرة بوفاة الحارس الأصلى وسقوط حراسة الحارس المنضم تبعا لها.
5 - متى كان مثار النزاع هو تنحية الحارس المنضم بوصفه حارسا وتعيين بدله فى الحراسة بسبب ما وجه إلى إدارته من مطاعن وإلى شخصه من تجريح فيكون لذلك صاحب صفة ومصلحة فى استئناف الحكم الصادر بانتهاء حراسته، ولا يقدح فى ذلك أن يكون الحكم المستأنف لم يتعرض للاتهامات المسندة إليه ما دام أنه لم ينفها عنه.
6 - إذا استأنف المدعى عليهم حكم محكمة أول درجة القاضى بانتهاء حراسة أحدهم - وهو الحارس المنضم - فان النعى على الحكم فى قضائه بقبول استئناف الحارس المنضم يكون غير منتج فى ذاته ما دام باقى المدعى عليهم قد طلبوا فى استئنافهم أصليا رفض دعوى عزل الحارسين واحتياطيا تعيين الحارس المنضم حارسا، وليست صفتهم فى هذا الاستئناف محل نزاع.
7 - لا يترتب على وفاة الحارس الأصلى سقوط حراسة الحارس المنضم بل يبقى الحارس المنضم إلى أن يثبته القاضى أو يعزله.
8 - مجال تطبيق أحكام إدارة المال الشائع الواردة بالمادة 828 وما بعدها من القانون المدنى يختلف عن مجال تطبيق أحكام الحراسة على منقول أو عقار قام فى شأنه نزاع وكانت قد تجمعت لدى صاحب المصلحة فيه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه - فإن الحكم فى شأن هذا النزاع يدخل فيما نصت عليه المواد 729 وما بعدها من القانون المدنى بشأن الحراسة ويكون تعيين الحارس سواء كانت الحراسة اتفاقية أو قضائية باتفاق ذوى الشأن جميعا فإذا لم يتفقوا تولى القاضى تعيينه وذلك وفقا للمادة 732 من ذلك القانون. وإذن فمتى كانت واقعة الدعوى هى قيام نزاع بين ورثة بائع وورثة مشتر على إدارة أعيان وأطيان التركة التى وقع البيع على جزء شائع فيها وذلك بسبب منازعة البائع فى صحة هذا البيع ومنازعة المشترى فى قسمة هذه الأطيان مما اقتضى تعيين البائع حارسا قضائيا على كافة عقارات التركة ثم ضم حارس فى الحراسة إليه، وكانت المحكمة الاستئنافية قد طبقت أحكام الحراسة فى شأن هذا النزاع - فإن النعى على الحكم بالخطأ فى القانون لعدم تطبيق المادة 828 من القانون المدنى يكون فى غير محله.
9 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس سليم من القانون فلا يكون بحاجة إلى مناقشة الأساس الخاطئ الذى بنى عليه الحكم المستأنف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن المطعون عليه الرابع دفع بعدم قبول الطعن، وقال فى بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه باعتباره صادرا فى مسألة من المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت ليس حكما بالمعنى المفهوم والمقرر للأحكام بل هو مجرد أمر بإجراء تحفظى بطبيعته وقتى فى أساسه ومبناه ويجوز تغييره وتعديله من ساعة لأخرى هذا إلى أن تقدير الضرورة الداعية إلى الحراسة المقضى بها وتقدير الخطر وتقرير الطريقة المؤدية إلى صون حقوق المتخاصمين هى مما يتعلق بموضوع الدعوى وليس سبيل إصلاح الخطأ فيها هو الطعن بطريق النقض.
وحيث إن هذا الدفع فى غير محله ذلك بأن قانون المرافعات إذ نص فى المادة 49 التى أوردها فى الفصل المتعلق "بالاختصاص النوعى" للمحاكم على أنه "يندب فى مقر المحكمة الابتدائية قاض من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق... فى المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت. أما فى خارج دائرة المدينة التى بها مقر المحكمة الابتدائية فيكون هذا الاختصاص لمحكمة المواد الجزئية، على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه الأمور إذا رفعت لها بطريق التبعية" قد أبان عن قصده أن يكون هذا الاختصاص قضاء كاملا لا مجرد أمر بإجراء تحفظى. وأكد هذا القصد فيما أوردته المادة 349 الواردة فى الفصل الأول من الباب العاشر الخاص "بالأحكام" من أنه "يجب أن يبين فى الحكم المحكمة التى أصدرته وتاريخ إصداره ومكانه وما إذا كان صادرا فى مادة تجارية أو مسألة مستعجلة..." ودل بذلك على أن الحكم الصادر فى المسائل المستعجلة عليه ما على جميع الأحكام من شرائط المداولة والتسبيب وغير ذلك مما نص عليه فى هذا الفصل كما أن له ما لها من حجية فيما يقضى به فى حدود ما له من "صفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق" فيكون الحكم الصادر فى هذه المسائل حجة يلتزم بها القاضى والخصوم فى الحدود المتقدمة ويكون قابلا للطعن عليه بطرق الطعن التى قررها له القانون ولما كان الطعن الحالى قد حصل التقرير به فى 5/ 5/ 1952 قبل صدور القانون رقم 354 لسنة 1952 فى 25 من ديسمبر سنة 1952 الذى عدل المادة 425 من قانون المرافعات وكانت هذه المادة قبل التعديل تجيز الطعن أمام محكمة النقض فى الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بصفة انتهائية أو فى استئناف أحكام محاكم المواد الجزئية كما فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف ولنفس الأسباب المبينة فى المادة المذكورة فإن الطعن فى الحكم المطعون فيه يكون جائزا أما ما يقوله المطعون عليه من أن تقدير الضرورة الداعية إلى الحراسة وتقدير الخطر وتقرير الطريقة المؤدية إلى صون حقوق المتخاصمين مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع - فإنه لا شأن له فى جواز الطعن بطريق النقض متى كان مبنيا على أسباب الطعن المقررة فى القانون وإن كان يجوز الاعتراض به فى موضوع الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين رفعا الدعوى رقم 357 سنة 1951 مدنى مستعجل نجع حمادى ضد المرحومة الست لبيبة صليب مورثة المطعون عليهم الثلاثة الأولين وضد المطعون عليه الرابع وقالا فيها بأن المرحومة قشطه اسطفانوس توفيت عن بنتيها صابات صليب ولبيبه صليب وورثت كل منهما نصف التركة وبتاريخ 4/ 2/ 1920 تحرر عقد بين البنتين من جانب وبين مقار عبد الشهيد من جانب آخر (وهو زوج صابات ووالد كل من الطاعن الأول ومورث الطاعنة الثانية) باعت بمقتضاه صابات ولبيبه إلى مقار عبد الشهيد الثلث شيوعا فى تركة قشطه - وبتاريخ 3/ 7/ 1924 رفعت لبيبه الدعوى رقم 1938 سنة 1924 مدنى نجع حمادى ضد صابات وزوجها مقار بطلب قسمة الأطيان وتعيين حارس قضائى عليها ريثما ينتهى النزاع الناشئ عن إنكار لبيبه صحة البيع المنسوب لها فى عقد 4/ 2/ 1920 عن سدس الأطيان وقد قضى فى تلك الدعوى بتعيين لبيبه صليب حارسة على التركة لإدارة كافة عقاراتها وأطيانها واستغلالها وإيداع صافى ريع القدر المتنازع عليه بخزانة المحكمة وأن تستولى لنفسها على ريع 115 فدانا المسلم لها بملكيتها وأن تدفع لصابات ومقار ريع نصيبهما الباقى واستطرد الطاعنان يقولان فى دعواهما إن لبيبه استولت على كل الريع ولم تودع شيئا بالخزانة، فأقاما ضدها الدعوى رقم 3328 سنة 1948 نجع حمادى طلبا فيها عزلها من الحراسة وحكم فى تلك الدعوى فى 6/ 6/ 1949 بإقامة الأستاذ كامل العبد (المطعون عليه الرابع) حارسا منضما إلى لبيبه صليب ولكنهما استمر لا يباليان بما كلفهما به حكم الحراسة ولذا فقد طلب فى هذه الدعوى عزلهما من الحراسة وتعيين الطاعن الأول حارسا بدلا عنهما وفى أثناء سير النزاع توفيت المرحومة لبيبه صليب، ودفع المطعون عليهم الثلاثة الأولون بعدم قبول الدعوى لأنها ليست إلا ترديدا لما قيل فى الدعوى السابقة. وبتاريخ 20/ 1/ 1951 قضت المحكمة الجزئية برفض الدفع وبقبول الدعوى وبتعيين الطاعن الأول حارسا على الأعيان والأطيان المبينة بصحيفة الدعوى رقم 1938 سنة 1924 وبانتهاء مهمة المطعون عليه الرابع الحارس المنضم. فاستأنف المطعون عليه الرابع هذا الحكم لدى محكمة قنا الابتدائية بهيئة استئنافية وقيد استئنافه برقم 16 سنة 1952 س. كما استأنفه المطعون عليهم الثلاثة الأولون وقيد استئنافهم برقم 17 سنة 1952 س قنا وضم الاستئنافان - ودفع الطاعنان بعدم قبول استئناف المطعون عليه الرابع لانعدام صفته ومصلحته وبتاريخ 31/ 3/ 1952 قضى برفض الدفع وبقبول الاستئنافين وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه ورفض دعوى الطاعنين وباستمرار المطعون عليه الرابع حارسا منفردا على الأعيان والأطيان المبينة بصحيفة الدعوى رقم 1938 لسنة 1924 نجع حمادى لإدارة المأمورية المبينة بحكمها بشرط أن يقوم بدفع 6000 ج بالخزنة كتأمين لقيامه بمهمته فى ظرف شهرين. فقرر الطاعنان الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل أولها فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون وشابه قصور ومسخ الوقائع الثابتة ذلك بأن الحكم استند فى رفض الدفع بعدم قبول استئناف المطعون عليه الرابع إلى أن الحكم الصادر بتعيينه حارسا قد أصبح نهائيا وأكسبه حقا فى الحراسة فى حين أن القانون لا يخول الحارس سوى الحق فى مباشرة الحراسة فى حدود المهمة المنوطة به أما بقاء الحراسة ذاتها فلا شأن للحارس به إذ قد تنقضى بتنازل طالبها أو باتفاق ذو الشأن وهم وحدهم أصحاب الصفة والمصلحة فى قيام الحراسة أو انقضائها. هذا إلى أن الحكم مسخ الوقائع الثابتة فى الأوراق إذ قال للمطعون عليه الرابع مصلحة فى نفى التهم التى نسبها له الطاعنان فى حين أن الدعوى وإن رفعت فى الأصل بطلب العزل إلا أن طلبات الطاعنين قد انتهت بعد وفاة الحارسة الأصلية لبيبه صليب إلى أن حراسة المطعون عليه الرابع باعتباره حارسا منضما لها قد سقطت بوفاتها وأن الأمر أصبح يقتضى إقامة حارس جديد فى الحراسة الشاغرة، وقد فصل حكم محكمة أول درجة فى هذا النطاق إذ قضى بانتهاء مأموريته دون أن يتعرض لإدارته بخير أو بشر، وقد ترتب فى مسخ الحكم المطعون فيه لهذه الوقائع الثابتة أن أخطأ فى تطبيق القانون إذ أجاز للمطعون عليه الرابع أن يتقاضى فى شأن لا يتصل بشخصه أو بإدارته للحراسة.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن النزاع الذى فصل فيه الحكم المستأنف لم يكن حول انتهاء أو قيام الحراسة بوصفها إجراء لازما لصون حقوق الخصوم، إنما كان مثار النزاع هو تنحية المطعون عليه الرابع بوصفه حارسا وتعيين بدله فى الحراسة بسبب ما وجه إلى إدارته من مطاعن وإلى شخصه من تجريح فيكون لذلك صاحب صفة ومصلحة فى استئناف الحكم الصادر بانتهاء حراسته ولا يقدح فى ذلك أن يكون الحكم المستأنف لم يتعرض للاتهامات المسندة إليه ما دام أنه لم ينفها عنه ولا أن الدعوى كما انتهى فى وصفها الطاعنان لم تعد طلب عزل الحارسين بل اعتبار الحراسة شاغرة بوفاة الحارسة الأصلية لبيبه صليب وسقوط حراسة المطعون عليه الرابع تبعا لها ذلك بأن العبرة فى تكييف الدعوى ليست بما يصفه بها الخصوم بل بما تتبينه المحكمة من وقائع الدعوى ومن تطبيق حكم القانون عليها. وقد خلصت إلى أن وفاة الحارسة لبيبه صليب لا تسقط بها حراسة الحارس المنضم إليها وأن الأمر يقتضى البحث فى عزل هذا الحارس أو تثبيته حارسا منفردا، وهذا الذى خلص إليه الحكم صحيح فى القانون إذ لا يترتب على وفاة الحارس الأصلى سقوط الحارس المنضم بل يبقى إلى أن يثبته القاضى أو يعزله ومن ثم فلا جدوى من النعى على الحكم المطعون فيه بأنه مسخ الطلبات الأخيرة المقدمة من الطاعنين المبينة على اعتبار الحراسة شاغرة. على أن النعى على الحكم المطعون فيه فى قضائه بقبول استئناف المطعون عليه الرابع غير منتج فى ذاته ما دام باقى المطعون عليهم قد استأنفوا حكم محكمة الدرجة الأولى القاضى بانتهاء حراسته طالبين أصليا رفض دعوى الطاعنين واحتياطيا تعيين المطعون عليه الرابع حارسا وليست صفتهم فى هذا الاستئناف محل نزاع.
وحيث إن حاصل السبب الثانى هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وشابه القصور ذلك بأن محكمة الدرجة الأولى أسست حكمها بتعيين الطاعن الأول حارسا على أن أغلبية الشركاء بحسب ما يمتلكون من أنصبة قد رشحته للحراسة عملا بالمادة 828 من القانون المدنى إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بالغاء الحكم المستأنف دون أن يناقش أسباب الحكم المذكور فى هذا الخصوص وترتب على هذا القصور أن صدر الحكم على خلاف القانون باهداره رأى الأغلبية إهدارا لا يستند إلى أى أساس.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ نأى عن مسايرة حكم محكمة أول درجة فيما اتجه إليه من إعمال مقتضى المادة 828 من القانون المدنى فى شأن اختيار شخص الحارس ولم يناقش الأسس التى استند إليها فى هذا الصدد لم يعتوره قصور ولم يخطئ فى القانون ذلك بأن مجال تطبيق أحكام إدارة المال الشائع الواردة بالمادة 828 وما بعدها من القانون المدنى يختلف عما تقتضيه واقعة الدعوى كما هى مستفادة من الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه وهى قيام النزاع بين الطرفين على إدارة أعيان وأطيان التركة المخلفة عن المرحومة قشطه اسطفانوس بسبب منازعة لبيبه صليب فى صحة البيع المنسوب صدوره منها فى عقد 4/ 2/ 920 إلى مقار عبد الشهيد مورث الطاعنين عن سدس نصيبها فى هذه التركة ومنازعته هو فى قسمة هذه الأطيان على أساس ما طلبته من اعتبار السدس موضوع ذلك العقد مملوكا لها مما اقتضى تعيينها حارسة قضائية على كافة عقارات التركة بالحكم الصادر فى القضية رقم 1938 سنة 1924 نجع حمادى ثم ضم المطعون عليه الرابع فى الحراسة إليها، ومتى كان النزاع قائما فى شأن منقول أو عقار وكانت قد تجمعت لدى صاحب المصلحة فيه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه كما هو الحال فى هذه الدعوى فإن الحكم فى شأنه يدخل فيما نصت عليه المواد 729 وما بعدها من القانون المدنى بشأن الحراسة ويكون تعيين الحارس، سواء أكانت الحراسة اتفاقية أم كانت قضائية، باتفاق ذوى الشأن جميعا، فإذا لم يتفقوا تولى القاضى تعيينه وذلك وفقا للمادة 732 من ذلك القانون. ولما كان الخصوم لم يتفقوا فى هذه الدعوى على الحارس وكانت المحكمة الاستئنافية بما لها من سلطة تقديرية قد أقرت استمرار المطعون عليه الرابع فى الحراسة منفردا فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أقام قضاءه على أساس سليم من القانون بغير حاجة إلى مناقشة الأساس الخاطئ الذى بنى عليه الحكم المستأنف.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ بنى قضاءه على أن حراسة المطعون عليه الرابع لم تسقط بوفاة السيدة لبيبة صليب وعلى أن الطاعنين اعترافا بأن الحراسة لم تشغر وأنهما طلبا عزله وتعيين بدله قد أخطأ فى القانون ومسخ الثابت فى الأوراق، ذلك بأن الطاعنين قالا فى مذكرتهما الختامية إنه بوفاة لبيبه صليب سقطت حراستها وسقطت تبعا لها حراسة المطعون عليه الرابع وطلبا أن تقيم المحكمة حارسا يشغل هذه الحراسة الشاغرة ولو لم يقولا ذلك لوجب على المحكمة من تلقاء ذاتها أن تنزل حكم القانون فتقضى بخلو الحراسة نتيجة وفاة الحارسة الأصلية وبسقوط حراسة المطعون عليه الرابع باعتباره حارسا منضما إليها إذ أن الضم قصد به ضم نشاط إلى نشاط وذمة إلى أخرى ليعملا مجتمعين فإذا زال أحد الحارسين زال الآخر معه بقوة القانون وتعين على القاضى أن يفصل فى شأن الحراسة فصلا أصليا مبتدئا.
وحيث إن هذا السبب مردود أولا: - بما سبق الرد به على السبب الأول من أنه لا جدوى من النعى على الحكم المطعون فيه بأنه مسخ ما جاء فى أقوال الطاعنين بالمذكرة الختامية المقدمة منهما من اعتبار الحراسة شاغرة ذلك بأن العبرة فى تكييف الدعوى ليست بما يصفها به الخصوم بل بما تتبينه المحكمة من وقائع الدعوى ومن تطبيق حكم القانون عليها، ومردود ثانيا: بأن الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ بنى قضاءه على أن حراسة المطعون عليه الرابع لم تسقط بوفاة الحارسة الأصلية الست لبيبه صليب ذلك بأن القانون المدنى فى الفصل الخاص بالحراسة لم ينص على أحوال انتهاء الحراسة إلا فيما ذكرته المادة 738 من أنها تنتهى باتفاق ذوى الشأن جميعا أو بحكم القضاء وأحالت المادة 733 فيما عدا ذلك إلى أحكام الوكالة، وتقضى هذه الأحكام فى حالة تعدد الوكلاء الغير مأذونين بالإنفراد أن يعملوا مجتمعين إلا إذا كان العمل مما لا يحتاج فيه إلى تبادل الرأى، وأن الوكالة تنتهى - فيما تنتهى به - بموت الوكيل ومؤدى ذلك أن موت أحد الوكلاء المتعددين لا ينهى إلا وكالته هو وأن تبقى وكالة الباقين موقوفة فيما يحتاج إلى العمل مجتمعين ونافذة فيما لا يحتاج إلى تبادل الرأى كقبض الدين أو وفائه إلى أن يقرر القاضى ما يراه بشأنهم، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقر استمرار المطعون عليه الرابع فى الحراسة منفردا بعد وفاة الست لبيبه صليب فى حدود ما للمحكمة من سلطة تقديرية فإنه لا يكون قد أخطأ فى القانون.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن أسباب الحكم المطعون فيه شابها قصور وتخاذل واضطراب ذلك بأن الحكم حين عرض إلى موضوع الدعوى جنح إلى موقف سلبى إذ قال بأنه لا يمكن الحكم على تصرفات الحارس بعد مضى شهرين لا تؤجر فيهما الأطيان ولا تنتج محصولا وأن المحكمة لا تلقى بالا إلى ما أثاره الطاعنان من مطاعن على تصرفاته من وقت إقامته حارسا لأن الثقة التى حفزتهما على طلب ضمه للحارسة الأصلية تتناقض مع ما يوجهانه إليه من اتهامات وبذلك تكون المحكمة قد تنحت عن تحقيق مطاعنهما على إدارته على أن الثابت أن تعيينه فى الحراسة كان فى وقت لا تزال المحصولات فيه موجودة بالأرض ولم تكن الإيجارات قد دفعت، هذا إلى أن ما قاله الحكم من أن تعيين المطعون عليه حارسا منفردا مدعاة لاستقرار الأمور يتناقض مع ما قاله من قبل من أن هذا الحارس لم يكن قد قام بعد بشئ من أعمال الحراسة.
وحيث إن هذا السبب مردود بما قاله الحكم المطعون فيه من "أنه لا محل للخوض فى الوقائع السابقة لحكم الحراسة الأخير ذلك أن جميع الوقائع التى سردها المستأنف عليهم كانت مطروحة أمام المحكمة فى القضية رقم 3328 سنة 1948 مدنى نجع حمادى ومع ذلك لم تر المحكمة موجبا لعزل لبيبه صليب بل رأت أن تعين حارسا آخر يشترك معها فى الحراسة ارتضاه الخصوم وهو المستأنف، ولا معنى للطعن فى الحكم المذكور بعد أن أصبح انتهائيا وبعد أن قبلوه بدليل إعلانه للحارس حتى يقوم بإعباء الحراسة... فالذى يقتصر عليه البحث فى صدد الدعوى الراهنة هو التصرفات التى يمكن أن تنسب للحارس وتكون موضوع مؤاخذة من تاريخ إعلان الحارس بحكم الحراسة واستلامه للأعيان.... وحيث إنه يتضح بجلاء أنه لا توجد أية مؤاخذة وقعت من المستأنف فى الفترة من 20/ 9/ 1950 إلى يناير سنة 1951 تاريخ رفع الدعوى العزل.... ولا يمكن بحال أن يحكم على تصرفات حارس على أعيان بعد مضى شهرين من أشهر العام الذى لا ينتج فيه محصول ولا تؤجر فيه أطيان حتى يمكن القول بأنه استلم مبالغ من المستأجرين أو باع محاصيل وقبض ثمنها أو استغل الأرض ولم يودع غلتها أو يعط الشركاء ما يستحقونه.... فلم يظهر أى دليل على التقصير أو الخيانة ولذلك لا يجوز عزله لأن مركزه هو لم يتغير، وليس من دليل على أن الصفات التى أضفاها المستأنف عليهما الأولان فى الدعوى رقم 3328 سنة 1948 نجع حمادى قد تغيرت... وحيث إنه فضلا عما تقدم فإن ما أثاره المستأنف عليهما من تصرفات للأستاذ كامل العبد (سابقة) على تاريخ إقامته حارسا لا يمكن أن تلقى المحكمة بالا إليها لأن الثقة التى حفزت المستأنف عليهما سالفى الذكر حين طلبا ضمه تتناقض مع ما يثيرانه قبله من اتهامات أو شبهات منذ كان النزاع قائما طوال السنوات الماضية..." وهذا الذى أورده الحكم لا قصور فيه ولا اضطراب بل هو تدليل سائغ على ما اقتنعت به المحكمة من أن الوقت بين إعلان المطعون عليه بحكم الحراسة فى 20/ 9/ 1950 وبين تاريخ رفع الدعوى فى يناير سنة 1951 لا يكفى للحكم على سوء تصرفه ولا يبرر تغيير رأى الطاعنين فيه وقت أن رشحاه للحراسة منضما إلى لبيبه صليب وأنه لم يقم دليل على تقصير يمكن أن ينسب إليه فى هذه الفترة، وأنه لا محل للبحث فى تصرفاته عن المدة السابقة لأنه لم يكن عين حارسا ولأن تزكية الطاعنين له عند تعيينه فى الحراسة تتعارض مع مطاعنهما فى تلك التصرفات. أما ما ينعاه الطاعنان - على ما ذكره الحكم - من أن تعيين المطعون عليه يدعو إلى استقرار الأمور وأن هذا القول يتناقض مع ما سبق أن أورده عن عدم قيامه بشئ من أعمال الحراسة فمردود بأن الاستقرار الذى ينشده الحكم - كما يبين من عبارته - يرجع إلى ما ارتآه من إفراده بالحراسة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.