أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 7 - صـ 101

جلسة 19 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، وأحمد قوشه المستشارين.

(11)
القضية رقم 216 سنة 22 القضائية

( أ ) شركة تجارية. إثبات. أعمال تجارية. ثبوت قيام شركة بين شريكين للاتجار فى المصوغات والأحجار الكريمة. استلام أحد الشريكين خاتما لاستبداله بآخر أكبر منه. جواز الإثبات بالبينة.
(ب) إثبات. نقض. طعن. سبب جديد. إجازة الإثبات بالبينة فى غير أحواله. عدم التمسك بالدفع بعدم جوازه أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(جـ) إثبات. إقرار. قاعدة عدم تجزئة الإقرار من المقر له فى إثبات عدم صحة الواقعة الأخرى المرتبطة مع الواقعة الأصلية المعترف بها. مثال.
(د) دفاع. إجراءات. حجز القضية للحكم وتحديد أجل لتقديم مذكرات. عدم تقديم أحد الخصوم مذكرته فى الميعاد. رفض المحكمة طلب مد أجل الحكم لتقديم المذكرة. لا إخلال بحق الدفاع.
1 - متى كان الحكم قد أثبت قيام شركة بين شريكين للاتجار فى المصوغات والأحجار الكريمة وأن أحدهما تسلم خاتما لاستبداله بآخر أكبر منه فإن هذا الشريك يكون قد تسلم الخاتم بوصفه تاجرا لإجراء عمل تجارى ولا يكون الحكم قد خالف القانون إذ أجاز إثباته بالبينة وقرائن الأحوال.
2 - متى كانت محكمة الدرجة الأولى قد أصدرت حكمها باحالة الدعوى على التحقيق فى نزاع تزيد قيمته على عشرة جنيهات وارتضى المدين هذا الحكم ونفذه ولم يطعن فيه أمام محكمة الاستئناف - فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق قواعد الإثبات لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت قواعد الإثبات ليست من النظام العام.
3 - إن قاعدة عدم تجزئة الإقرار لا تمنع المقر له من إثبات عدم صحة الواقعة الأخرى المرتبطة مع الواقعة الأصلية المعترف بها. وإذن فمتى كان شريك فى شركة قد أقر باستلامه خاتما وادعى التخالص بشأنه فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى القانون إذ أجاز إثبات عدم صحة واقعة التخالص بالبينة متى كان يجوز إثبات واقعة تسليم الخاتم - وهى الواقعة الأصلية - بالبينة.
4 - إذا كانت الدعوى قد حجزت للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يريد فى ميعاد معين ولم يقدم أحد الخصوم فيها مذكرة فى الميعاد وطلب مد أجل الحكم لتقديم المذكرة بعد إعلانها، فإنه لا محل للنعى بالإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة ليست ملزمة بإجابة مثل هذا الطلب بعد انتهاء الأجل الذى حددته لتقديم المذكرة فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 326 سنة 1948 تجارة القاهرة ضد الطاعن يطلب فيها الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 670 جنيها وفوائده من تاريخ المطالبة الرسمية لحين السداد وأسس دعواه على أنه اشترك مع الطاعن فى تجارة الأحجار الكريمة وكان دوره فيها دور الممول أما الطاعن فكان يقوم بعمليتى الشراء والبيع لما يمتاز به من الخبرة الفنية على أن تقسم الأرباح مناصفة ولما تمت المحاسبة بينهما تبين أن ذمة الطاعن مشغولة بمبلغ 190 جنيها وخاتم قيمته 480 جنيها كان قد تسلمه لاستبداله بخاتم أكبر منه قيمته 800 جنيه ولما لم يسدد الدين ولم يرد الخاتم أبلغ المطعون عليه النيابة وأجرى عن ذلك تحقيق قيد برقم 1375 جنح عابدين سنة 1947، وقضت محكمة الجنح ابتدائيا بالبراءة ورفض الدعوى المدنية وتأيد الحكم استئنافيا. فرفع المطعون عليه هذه الدعوى مطالبا بدينه وثمن الخاتم وقد دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الجنحة رقم 1375 جنح عابدين سنة 1947 وبتاريخ 22 من يناير سنة 1949 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه ما يدعيه وللطاعن النفى وقد تم التحقيق وسمعت شهود الطرفين وأحيلت الدعوى إلى المرافعة ثم طلب الطاعن إعادة التحقيق لسماع شهود آخرين، فقضت المحكمة فى 31/ 1/ 1950 بإعادة القضية إلى التحقيق ونفذ الحكم بسماع شاهدى الطاعن - وبتاريخ 8 من نوفمبر سنة 1950 قضت المحكمة بتوجيه اليمين المتممة للمطعون عليه فحلفها - وبتاريخ 16/ 11/ 1950 قضت بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 670 جنيها والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 18/ 4/ 1949 والمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل فاستأنف الطاعن وقيد الاستئناف برقم 99 تجارى سنة 68 قضائية. وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1952 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأبيد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن السبب الأول يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون من وجهين: الأول - إذ أجاز الإثبات بالبينة فى نزاع مدنى تزيد قيمته على النصاب الجائز إثباته بالبينة ولا يبرر ذلك أن المطعون عليه تاجر لأنه إنما يتجر فى الخيط لا فى الأحجار الكريمة والطاعن غير تاجر كما هو ثابت بالحكم الصادر فى الجنحة رقم 1375 جنح عابدين سنة 1947، وإذا قامت شبهة فى أن مبلغ 190 جنيها هو نتيجة عملية تجارية فإن ذلك لا ينسحب إلى الخاتم إذ أن الواقعة بالنسبة له مدنية وليس فى أوراق الدعوى مبدأ ثبوت بالكتابة يبيح الإثبات بالبينة مما كان يتعين معه على محكمة الدرجة الأولى أن تحيل الدعوى إلى التحقيق بالنسبة لمبلغ 190 جنيها مع رفض الدعوى بالنسبة لثمن الخاتم لعدم قيام الدليل على واقعة تسليمه أو الحكم بعدم الاختصاص بالنسبة لهذا المبلغ الأخير أو على الأقل إحالة الدعوى بالنسبة له إلى القضاء المدنى. الوجه الثانى إذ قلب قواعد الإثبات حين أخذ على الطاعن عدم تقديم الدليل على التخالص فى حين أن المطعون عليه هو المكلف بإقامة الدليل على دينه أولا.
وحيث إن هذا النعى مردود أولا بأن الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر وقائع الدعوى وأورد دفاع الطرفين تحدث عن قيام شركة بين الطرفين للاتجار فى المصوغات والأحجار الكريمة فقال: "ومن حيث إن أقوال هؤلاء الشهود فى جملتها قد ظاهرت الدعوى حقيقة من ناحية سابقة قيام شركة بين الطرفين للاتجار فى المصوغات والأحجار الكريمة مناصفة بينهما وتلك الواقعة قال بها المستأنف نفسه (الطاعن) واتخذ منها دفاعا أساسيا له أمام محكمة الجنح وأن الشركة قد صفيت وأسفرت التصفية عن مديونيته فى 190 جنيها أقر بها المستأنف إقرارا جزئيا أمام محكمة الجنح كذلك وإن أرجع هذه المديونية إلى ضياع مبلغ كبير من مال الشركة من جيبه وهو بالأسكندرية اضطر لتحمله ثم كما شهد بعضهم باستلامه الخاتم المقدر بثمانمائة من الجنيهات". ومفاد هذا الذى قرره الحكم أنه أثبت قيام شركة بين الطاعن والمطعون عليه للاتجار فى المصوغات والأحجار الكريمة وأن الطاعن تسلم الخاتم بوصفه تاجرا لإجراء عمل تجارى فيجوز إثباته بالبينة وقرائن الأحوال هذا إلى أن الثابت فى الدعوى أن الطاعن ارتضى الحكم الذى أصدرته محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق بأن استشهد شهودا على صحة دفاعه فيها كما طلب إعادة الدعوى إلى التحقيق مرة أخرى فأجيب إلى طلبه ثم إذ استأنف الحكم لم ينع على المحكمة شيئا فى خصوص قضائها بإحالة الدعوى إلى التحقيق وقد تحدث الحكم فى ذلك فقال: ومن حيث عن الوجه الثانى فلم ينع المستأنف الطاعن أى خطأ على حكم التحقيق فى ذاته ولم يقل أبدا بعدم سلامته من الناحية القانونية كما وأن صحيفة استئنافه لم تتضمن طعنا ولا تجريحا فى أقوال الشهود ولكن النعى منحصر فى أن هذه الأقوال وما تضمنتها من معلومات لا تؤدى إلى هذه النتيجة التى انتهى إليها الحكم ". ولما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام - وكان الطاعن قد ارتضى الحكم الصادر بالاحالة على التحقيق ونفذه ولم يطعن فيه أمام محكمة الاستئناف فإنه لا يجوز إثارة هذا النعى لأول مرة أمام محكمة النقض ومردود ثانيا بأن قاعدة عدم تجزئة الإقرار لا تمنع المقر من إثبات عدم صحة الواقعة الأخرى المرتبطة مع الواقعة الأصلية المعترف بها. ولما كانت الواقعة الأصلية وهى واقعة تسليم الخاتم يجوز إثباتها بالبينة فإن الحكم إذ أجاز إثبات عدم صحة الواقعة المرتبطة بها بالبينة لا يكون قد خالف القانون. ولما كان الثابت فى الدعوى أن الطاعن قد أقر بأنه تسلم الخاتم موضوع النزاع من المطعون عليه وادعى التخالص بشأنه فإن الحكم إذ أجاز للمطعون عليه إثبات عدم صحة واقعة التخالص بالبينة وأجاز للطاعن إثباتها ثم انتهى إلى عدم ثبوت صحتها ومن ثم قضى للمطعون عليه بثمن الخاتم لا يكون قد أخطأ فى القانون.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم ذلك بأن المحكمة لم تجب الدفاع عن الطاعن إلى ما طلبه فى 23/ 2/ 1952 من تأجيل النطق بالحكم ليتمكن من تقديم مذكرته وفى ذلك حرمان له من تقديم دفاعه.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة 21/ 1/ 1952 أن الدعوى حجزت للحكم لجلسة 26/ 2/ 1952 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يريد فى ثلاثة أسابيع، ولم يقدم الطاعن مذكرته فى الميعاد وطلب فى 24/ 2/ 1952 مد أجل الحكم لتقديم المذكرة بعد إعلانها فرفضت المحكمة طلبه، وليس فى ذلك إخلال بحق الدفاع إذ أن المحكمة ليست ملزمة باجابة مثل هذا الطلب بعد انتهاء الأجل الذى حددته لتقديم المذكرة فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.