أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 7 - صـ 117

جلسة 19 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الاستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، المستشارين.

(14)
القضية رقم 6 سنة 25 القضائية "أحوال شخصية"

( أ ) أحوال شخصية. نيابة عامة. حكم. عدم إبداء النيابة رأيها فى دعوى حجر. بطلان الحكم الصادر فى موضوع الدعوى. حق المحكمة الاستئنافية فى القضاء بهذا البطلان من تلقاء نفسها. المادة 99 مرافعات.
(ب) أحوال شخصية. استئناف. تصد. إجراءات. قرار باطل فى موضوع دعوى حجر صدر من محكمة أول درجة. خروج الدعوى من ولايتها. حق محكمة الاستئناف فى إلغاء القرار والفصل فى الموضوع . عدم جواز اعتبار هذا الموضوع من حالات التصدى. المادة 1022 مرافعات.
(ج) أهلية. حجر. سفه. محكمة الموضوع . حكم. تسبيبه. نفيه السفه عن المطلوب الحجر عليه لأسباب مؤدية. تقدير موضوعى. النعى بالمجادلة فى تعليل تصرفات المطلوب الحجر عليه وتبريرها والمناقشة فى جزئياتها. على غير أساس.
1 - متى كانت المحكمة الاستئنافية إذ قضت ببطلان قرار مستأنف صادر فى دعوى حجر قد استندت إلى عدم إبداء النيابة رأيها فى الدعوى أمام محكمة أول درجة، فان النعى على الحكم ببطلانه لبطلان الإجراءات التى بنى عليها أمام المحكمة الاستئنافية إذ استند فى قضائه إلى مذكرة للنيابة لم تعلن للخصوم قدمت بعد إتمام المرافعة فى القضية وحجزها للحكم - هذا النعى يكون فى غير محله، ذلك أن البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة أو إبداء رأيها فى كل دعوى تتعلق بالأحوال الشخصية وفقا للمادة 99 مرافعات إنما هو بطلان حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم تطلبه النيابة نفسها أو أحد الخصوم.
2 - إذا صدر قرار من محكمة أول درجة بتوقيع الحجر فانها تكون قد استنفدت ولايتها على الدعوى ولا تملك إعادة النظر فيها ولو أعيدت إليها من محكمة الاستئناف. فاذا كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت ببطلان ذلك القرار وبرفض طلب الحجر كان هذا منها فصلا فى الموضوع المقضى فيه ابتدائيا إذ أن هذا الموضوع ليس من حالات التصدى المقررة بالمادة 1022 مرافعات. ولا يكون هناك محل للقول بوجوب إعادة القضية لمحكمة أول درجة لتصدر حكما جديدا بعد القضاء ببطلان قرارها.
3 - لما كان الحجر فى ذاته حدا من الحدود يجب أن يدرأ بالشبهات وكان الحكم قد استخلص لأسباب مؤدية أن تصرفات المطلوب الحجر عليه للسفه فى مجموعها مبررة ولا خروج فيها على مألوف العرف ولا مخالفة فيها لمقتضى العقل والشرع، فان ذلك تقدير موضوعى ينأى عن رقابة محكمة النقض، ويكون النعى على الحكم بالمجادلة فى تعليل تلك التصرفات وتبريرها أو مناقشة جزئياتها وتفاصيلها مهما اختلفت الأنظار إليها - هذا النعى يكون على غير أساس ذلك أن دعوى الحجر ليست دعوى محاسبة تتسع لمثل هذه المجادلة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على المستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن قدم بتاريخ 25/ 5/ 1954 طلبا إلى رئيس نيابة الاسكندرية للأحوال الشخصية ذكر فيه أن والده المطعون عليه تزوج من والدته منذ ثلاثين سنة وأنجب منها خمسة أولاد تخرج بعضهم والتحق بوظائف حكومية ولا زال البعض الآخر فى دور التعليم وأن والده المطعون عليه كان موظفا بالحكومة حتى أحيل إلى المعاش فى سنة 1946 فأسندت إليه بعد ذلك إدارة مستشفى النقراشى باسكندرية ولا زال بها حتى الآن. وفى سنة 1948 تزوج هذا الوالد من سيدة أخرى تصغره سنا بكثير وكان وقت زواجه بها يملك عمارة وأرض فضاء بشبين الكوم ومقدار 50 فدانا بناحية خورشيد من ضواحى الاسكندرية وبالرغم من أن معاشه يبلغ 45 جنيها شهريا خلاف راتبه من إدارة المستشفى وقدره 40 جنيها إلا أنه تصرف ببيع العقار والأرض الفضاء بشبين الكوم كما رهن فى ذات الوقت أطيان العزبة ثم توقف عن سداد أقساط دين الرهن وفوائده وهذا يدل على أنه لا يحسن إدارة أمواله مما يهددها بالضياع وقد علم الطاعن وإخوته أنه عازم على بيع الأطيان الباقية وهذا لا يتفق مع الإدراك السليم وفيه من السفه وسوء التصرف ما يوجب توقيع الحجر عليه، وقد أضاف الطاعن فى تحقيق النيابة أن والده باع أطيان العزبة فعلا وامتنع عن الإنفاق على اخوته، وهذه التصرفات صدرت منه بغير وعى ولا فهم خضوعا لإرادة زوجته الثانية التى حرر لها سندا بمبلغ ألف جنيه كما امتنع عن بيع أملاكه لورثته مع احتفاظه بحق المنفعة مدى حياته إبقاء على رزق هؤلاء الورثة. وقد حققت النيابة هذا الطلب واستعرضت أقوال الطرفين وباقى الاخوة ورفعت الأوراق للمحكمة الابتدائية "دائرة الأحوال الشخصية" محتفظة بإبداء رأيها إلى ما بعد المرافعة فى الدعوى إذ أن النيابة طرف منضم فى الدعوى "م 106 مرافعات" ولما أحيل الموضوع على المحكمة وقيد الطلب برقم 33 س سنة 1954 كلى استعرضت دفاع الطرفين وخلصت منه إلى أن المطلوب الحجر عليه المطعون عليه تصرف فى مبالغ قيمتها 9200 جنيه دون مبرر فضلا عما له من مرتب ومعاش وأنه أقام "فيلا" كلفته مصاريف باهظة دون حاجة ماسة مما رأت فيه مبررا لتوقيع الحجر عليه للسفه لتبديد ماله على خلاف مقتضى العقل والشرع وقررت فى 25/ 10/ 1954 توقيع الحجر عليه للسفه وتعيين ابنه الطاعن قيما عليه وألزمت القيم بالمصروفات من مال المحجور عليه... استأنف المطعون عليه هذا القرار أمام محكمة استئناف اسكندرية "دائرة الأحوال الشخصية" وقيد استئنافه برقم 24 لسنة 1954 حسبى وطلب فى استئنافه رفض قرار الحجر المستأنف كما طلب الطاعن تأييد القرار وطلبت النيابة فى مذكرتها المقدمة بطلان القرار المستأنف لصدوره بغير إبداء رأى النيابة طبقا للمادة 99 مرافعات وفى الموضوع طلبت إلغاء القرار المستأنف ورفض الدعوى - وبتاريخ 21 من فبراير سنة 1955 قضت محكمة استئناف اسكندرية ببطلان القرار المستأنف وبرفض طلب الحجر وألزمت الطاعن بمصاريفه عن الدرجتين تأسيسا على أن المادة 99 مرافعات أوجبت حضور النيابة العامة فى كل دعوى تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلا فإذا مثلت النيابة فى الدعوى دون أن تبدى رأيها فإن ظاهر النص لم يتناول هذه الحالة وإنما ورد بالمذكرة التفسيرية أنه "إذا لم يسمع رأى النيابة كان الحكم باطلا" وهذا تعليل اشتراط حضور النيابة فى دعاوى الأحوال الشخصية مما ترى معه بطلان القرار المستأنف ثم قالت فى الموضوع إنها ترى التصدى لموضوع الدعوى عملا بالمادة 1022 مرافعات التى تخولها هذا الحق ومضت فى مناقشة الموضوع وانتهت إلى قرارها بإلغاء القرار المستأنف ورفض طلب الحجر على ما سبق بيانه، فطعن الطاعن فى هذا القرار بطريق النقض.
ومن حيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل الأول منها فى أن الحكم المطعون فيه باطل لبطلان الإجراءات التى بنى عليها أمام محكمة الاستئناف فضلا عن مخالفته للقانون ذلك بأنه بعد أن تمت المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة 16/ 1/ 1955 حجزت القضية للحكم لجلسة 21/ 2/ 1955 وإذا بالحكم يصدر ببطلان الحكم الابتدائى لبطلان إجراءاته لعدم إبداء النيابة رأيها أمام محكمة الدرجة الأولى وقد استند الحكم المطعون فيه فى ذلك على مذكرة قدمتها النيابة بعد تقديم دفاع الطاعن الشفهى والتحريرى دون أن تعلن هذه المذكرة للطاعن للرد عليها وفى ذلك مباغتة للطاعن فى الإجراءات أثرت فى الحكم كما فيه إخلال بحق الطاعن فى الدفاع وفوق هذا فإنه كان على محكمة الاستئناف وقد أخذت برأى النيابة فى بطلان القرار المستأنف أن تعيد القضية لمحكمة أول درجة لتصدر حكما جديدا حتى لا تفوت على الطاعن والنيابة درجة من درجات التقاضى، وقد شعرت محكمة الاستئناف بهذا التفويت فردت عليه مقدما بقولها إنها تتصدى للموضوع عملا بالمادة 1022 مرافعات وهذه المادة لا تتناول حالة البطلان المشار إليها بما يتعين معه نقض الحكم.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى وجهه الأول بأن البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة أو إبداء رأيها فى كل دعوى تتعلق بالأحوال الشخصية وفقا للمادة 99 مرافعات إنما هو بطلان حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم تطلبه النيابة نفسها أو أحد الخصوم وبذلك ينتفى القول ببطلان الإجراءات أو الإخلال بدفاع الطاعن. ومردود فى وجهه الثانى بأن محكمة أول درجة إذ أصدرت قرارها فى الموضوع بتوقيع الحجر فإنها تكون قد استنفدت ولايتها على الدعوى فلا تملك إعادة النظر فيها ولو أعيدت إليها من محكمة الاستئناف فإذا كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت ببطلان القرار المستأنف لعدم إبداء رأى النيابة فيه وفى الموضوع بإلغاء القرار ورفض طلب الحجر كان هذا منها فصلا فى الموضوع المقتضى فيه ابتدائيا لا تصديا له كما جاء خطأ أو تزيدا بالحكم المطعون فيه إذ أن هذا الموضوع ليس من حالات التصدى المقررة بالمادة 1022 مرافعات والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى النتيجة الصحيحة المطابقة للقانون فلا يعيب قضاءه تزيده بإيراد بعض التقريرات القانونية الخاطئة إذ يستقيم بدونها ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه كما شابه قصور وغموض وتناقض وخطأ فى الاسناد ذلك بأنه خالف القاعدة القانونية التى أوردها فى شأن السفه الموجب للحجر وهى أن يكون تصرف الشخص فى أمواله بما لا يتفق مع العقل المتزن والشرع بحيث يؤدى إلى ضياع المال، أما إذا اقتصر على إيراد أعيان المال مهما اتسع هذا الصرف فلا يعتبر ذلك سفها بل انفاقا عن سعة بشرط عدم مخالفة ذلك للشرع والقانون وإلا كان سفها موجبا للحجر إبقاء على مال الشخص حتى لا يصبح عالة على المجتمع والحكم المطعون فيه قد خالف هذه القاعدة كما ثبت من الأوراق ومن نفس الحكم الابتدائى وإذ كان ما يملكه المطعون عليه فى سنة 1948 من أرض وعمارة بشبين الكوم وأطيان زراعية أخرى خلاف المعاش والإيراد بكافة عناصره وقد ثبت بالحكم نفسه أنه تصرف فى رأس ماله ببيع العمارة والأرض الفضاء ثم اقترض ثلاث مرات مبالغ بلغت 7300 جنيه. وأضاف الطاعن أن هذه التصرفات تمس رأس المال وقد تمت دون حاجة أو ضرورة وهو ما يوجب الحجر ولأنها تصرفات لا تطابق مقتضى العقل والشرع بدليل أنه وقت أن باع المطعون عليه العمارة لم يكن مدينا ولا معسرا إذ كانت أعباؤه العائلية قد خفت كثيرا وأما قوله إن العمارة كانت مهددة بنزع الملكية للمنفعة العامة فحقه مكفول قانونا بالمعارضة فى التقرير إن أراد وتحدث الطاعن عن القروض وعدم مبرراتها كما تساءل عن مصير مبلغ الـ 7300 جنيه مع وجود دخل شهرى للمطعون عليه لا يقل عن 220 جنيها مما يدل على أن تصرفاته كانت تبذيرا فى تبذير وموجبة للحجر عليه حسبما أوردها الطاعن بمذكرته الاستئنافية والحكم المطعون فيه جاء غامضا وقاصرا عن بيان الضرورة التى دعت إلى هذه التصرفات المتعددة قصورا يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض حالة المطعون عليه المالية وتصرفاته منذ إحالته إلى المعاش فى سنة 1946 وأنه كان قد افتتح لنفسه عيادة بالاسكندرية فلم يوفق فيها بل كلفته خسارة تبلغ 344 جنيها تقريبا حسب الثابت بدفتره الذى قدمه وأنه أقام بناء فيلا بالعزبة لسكنه ولإمكان إشرافه على إدارة العزبة كلفته 3500 جنيه استدان منه 2500 من البنك العقارى بضمان رهن على أطيان العزبة كما استدان الباقى من زوجته وأنه إزاء مشاغبة مستأجرى الأطيان له فى عدم سداد الإيجار إليه واعتدائهم بالضرب على ابنه فكر فى بيع الأطيان وتركيز ثمنها فى عمارة تدر عليه ربحا وتم له ما أراد: ثم مضى الحكم فى مناقشة تصرفاته بقوله: "وحيث إن القيمة التى باع بها عقار شبين الكوم وهى 3700 جنيه قيمة مناسبة وأن تصرفه فيها لا مأخذ عليه إذ أنها كانت تدر عليه ريعا 12 جنيها حسب عقود الإيجار وكشف العوائد المقدمة وأن تكاليف إنشاء الفيلا البالغة 3500 جنيه تتناسب مع حالتها بالوصف الوارد بمحضر الجلسة والرسم المقدم عنها بحافظة المستندات ومستندات الصرف الخاصة بها ولا تأخذ المحكمة بتقدير العمدة لعدم درايته الفنية، كما أن الإقدام على بنائها عندما كانت لدى المطعون عليه فكرة الإقامة بالعزبة وتحسين قيمتها أمر سليم، ويبين من مقارنة ما بيعت به العزبة بما فيها الفيلا بمبلغ 18708 جنيهات بعد أن كان الطاعن يقدر ثمنا للأطيان 10000 جنيه فى طلب الحجر وفى محضر التحقيق، كما أن تصرف المطعون عليه فى العزبة وتركيز أمواله فى مشترى عمارة بالاسكندرية تصرف يدفع إليه العقل المتزن لأن إيراد العزبة ما كان ليتجاوز 600 جنيه سنويا بينما إيراد العمارة ضعف هذا المبلغ فضلا عما تحتاجه الأطيان من إشراف مستمر ونشاط أصبح لا يقوى عليه المطعون عليه نظرا لسنه وصحته كما أن افتراض مبلغ 3000 جنيه بفائدة 7% استحقاق 31 من يناير سنة 1955 كان له ما يبرره، إذ رأى المطعون عليه لكى يحصل على ريع العمارة أن يجعل كامل الثمن بأن يفترض مبلغ الـ 3000 جنيه لمدة ستة شهور وأن الريع فيها يقدر بمبلغ 642 جنيها فجعل أجل القرض نفس الأجل المحدد لاستلام المطعون عليه باقى ثمن العزبة وهو 31/ 1/ 1955 وهو تصرف يدل على عقل راجح. ثم قارن الحكم المطعون فيه بعد ذلك بين إيرادات المطعون عليه ومصروفاته خلال المدة من سنة 1946 حتى تاريخ تقديم طلب الحجر عليه استناد إلى الأرقام التى تؤيدها المستندات المقدمة التى لم يقدم دليل على خلافها وخرج الحكم من ذلك "بأن الفرق بين الإيراد والمنصرف خلال الثمانى سنوات المذكورة لا يتجاوز 7365 جنيها و240 مليما وهو ما أنفقه المطعون عليه على نفسه وزوجته وابنته بما يتناسب مع حالته إذا قيس بما كان يساعد به ولديه شقيقى الطاعن شهريا وقدره 40 جنيها بصفة "قربى لا التزام". ويبين من هذا الذى أورده الحكم أن ما انتهى إليه من أن تصرفات المطعون عليه لا خروج فيها على مقتضى العقل أو الشرع تؤدى إليه وقائع الدعوى وما أورده الحكم من أسباب، وأن ما ينعاه الطاعن عليها لا يتناول تخطئته واقعة معينة ولا معارضته رقما بذاته بل كان كل ما أثاره مجرد تعليل ينطوى على إنكار مبررات هذه التصرفات على ما أثبته الحكم المطعون فيه دون أن يدل على مواطن القصور والغموض والخطأ فى الاسناد التى ينسبها إلى الحكم ومتى كان ما انتهى إليه الحكم من أن تصرفات المطلوب الحجر عليه فى مجموعها مبررة ولا خروج فيها على مألوف العرف ولا مخالفة فيها لمقتضى العقل والشرع فلا يلتفت إلى المجادلة فى تعليل هذه التصرفات وتبريرها أو مناقشة جزئياتها وتفاصيلها مهما اختلفت الأنظار إليها لأن دعوى الحجر ليست دعوى محاسبة تتسع لمثل هذه المجادلة، كما أن الحجر فى ذاته حد من الحدود يجب أن يدرأ بالشبهات وشبهة العقل راجحة غالبة فى تصرفات المطعون عليه على ما سبق بيانه وهو بعد تقدير موضوعى ينأى عن رقابة محكمة النقض متى كان لهذا التقدير من أوراق الدعوى ما يؤيده ومن ثم يكون هذا السبب على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن محكمة الاستئناف تصدت وفصلت فى الموضوع دون أن تبدى النيابة رأيها فى شأن ما حدث أمام محكمة أول درجة وكل ما أبدته النيابة فى الاستئناف هو طلب تقرير البطلان فإن كان ولا بد من البطلان كان ينبغى أن تعود القضية إلى محكمة الدرجة الأولى فإن رأت محكمة الاستئناف التصدى والفصل فى الموضوع كان عليها ألا تفصل إلا بعد أن تبدى النيابة رأيها فى الموضوع، وهذا هو نظر الحكم المطعون فيه، مما يجعله باطلا أو على الأقل متناقضا.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بما سبق إيراده فى الرد على السبب الأول من أن محكمة الاستئناف لم تتصد للموضوع وإنما فصلت فيه بعد أن استنفدت محكمة أول درجة ولايتها على الدعوى، ومردود كذلك بما أثبته الحكم المطعون فيه من أن النيابة أبدت رأيها فى مذكرتها الاستئنافية بطلب بطلان القرار المستأنف لصدوره دون أن تكون النيابة قد أبدت رأيها وفقا للمادة 99 مرافعات وفى الموضوع بإلغاء القرار المستأنف وذلك بعد استعراضها لموضوع التصرفات المطعون عليها ومناقشتها وانتهت إلى سلامتها ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.