أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 7 - صـ 156

جلسة 2 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، واحمد قوشه، المستشارين.

(21)
القضية رقم 262 سنة 22 القضائية

( أ ) حكم. إصداره. إجراءات التقاضى. حجز الدعوى للحكم. أثره.
(ب) حكم. إصداره. إجراءات التقاضى. دعوى. إعلان. قرار إعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم. وجوب إعلان طرفيها بهذا القرار أو ثبوت حضورهما وقت النطق به. تقرير المحكمة اعتبار النطق بقرارها إعلانا للغائب من الخصوم. لا يغنى. الصورة التى يجوز فيها إغفال إعلان طرفى الخصومة. المادة 344 مرافعات.
(جـ) نقض. طعن. ميعاد الطعن. محل مختار. متى يبدأ ميعاد الطعن؟ احتسابه من إعلان الحكم للطاعن فى المحل المختار. غير جائز. المادة 379 مرافعات.
(د) نقض. طعن. المصلحة فى الطعن. دفع. الدفع بانعدام المصلحة فى الطعن لعدم تقديم الطاعن طلبات أو مذكرات فى الاستئناف وعدم اعتراضه على طلب انتهاء التفليسة بعد القضاء استئنافيا بالغاء الحكم إشهار الافلاس. فى غير محله.
1 - متى انعقدت الخصومة أمام المحكمة باعلان الخصوم على الوجه المنصوص عليه فى قانون المرافعات، واستوفى كل خصم دفاعه وحجزت المحكمة الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها ولم يبق لهم اتصال بها إلا بالقدر الذى تصرح به المحكمة. وتصبح القضية فى هذه المرحلة - مرحلة المداولة وإصدار الحكم - بين يدى المحكمة لبحثها والمداولة فيها ويمتنع على الخصوم إبداء أى دفاع كما يحرم الاستماع إلى أحد منهم فى غيبة الآخر.
2 - إذا بدا للمحكمة بعد حجز دعوى للحكم أن تعيدها إلى المرافعة استئنافا للسير فيها تحتم دعوة طرفى الخصومة للاتصال بالدعوى ولا تتم هذه الدعوة إلا باعلانهما قانونا أو ثبوت حضورهما وقت النطق بالقرار ولا يغنى عن إعلان الغائب أن تقر المحكمة اعتبار النطق بقرارها إعلانا له إذ لا يجوز للمحكمة أن تقرر إغفال إجراء يوجبه القانون. ولم ينص القانون على إغفال إعلان طرفى الخصومة إلا فى صورة ما إذا رأت المحكمة مد أجل النطق بالحكم كما هو مستفاد من مفهوم نص المادة 344 مرافعات.
3 - متى قرر الطاعن بطعنه فى الميعاد محتسبا من إعلانه بالحكم فى موطنه الأصلى فإنه لا يجوز التحدى بالإعلان الذى تم له فى محله المختار ذلك أن مواعيد الطعن لا تبدأ فى السريان إلا من إعلان الحكم للخصم نفسه أو لموطنه الأصلى طبقا لنص المادة 379 مرافعات.
4 - الدفع بانعدام مصلحة الطاعن فى الطعن تأسيسا على عدم تقديمه طلبات فى الاستئناف ولا مذكرات وعدم اعتراضه على طلب انتهاء التفليسة - هذا الدفع يكون فى غير محله متى كان الطاعن لم يتنازل عن حقه فى الطعن صراحة وما دام قد قضى استئنافيا بإلغاء حكم إشهار الافلاس ذلك أن عدم تقديمه طلبات فى الاستئناف أو مذكرات لا يعتبر بمثابة عدم تمسك منه بطلبه إشهار إفلاس المطعون عليه، كما أنه ما كان له الاعتراض على دعوى انتهاء التفليسة لأن الطلب المذكور إنما هو أثر من آثار إلغاء حكم إشهار الافلاس فهو حكم واجب النفاذ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تخلص فى أن الطاعنين كانا أقاما الدعوى رقم 29 سنة 1950 تجارى كلى الزقازيق على المطعون عليهما بطلب إشهار إفلاس المطعون عليه الأول وتبين أثناء سير الإجراءات أن هناك دعوى مقيدة برقم 26 لسنة 1950 الزقازيق مقامة من حسن عفاره السعدونى بطلب إشهار إفلاس المطعون عليه الأول ودعوى أخرى مقيدة برقم 31 سنة 1950 الزقازيق على المطعون عليهما بطلب إشهار إفلاسهما باعتبارهما شريكين فى شركة مضارب أرز الشرقية وتدخل فيها جورج اسبيرو وقسطنطين جورج، فقررت محكمة الزقازيق الابتدائية بجلسة 7 من ديسمبر سنة 1950 بضم الدعاوى الثلاث إلى بعضها ثم أصدرت بتاريخ 8 من فبراير سنة 1950 حكما بإشهار إفلاس الشركة المذكورة. وبتاريخ 5 من أبريل سنة 1951 أصدرت حكما تفسيريا بأن إشهار إفلاس هذه الشركة يتضمن إشهار إفلاس المطعون عليهما الشريكين المتضامنين فيها. فاستأنف المطعون عليه الثانى الحكم. وبتاريخ 27 من يوليو سنة 1951 قضت محكمة استئناف المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف وما ترتب عليه من إجراءات وألزمت المستأنف عليهم الثانى والثالث والرابع بنصف مصاريف الدرجتين والمستأنف بباقيها. فطعن الطاعنان فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهما دفعا بعدم قبول الطعن شكلا لتقديمه بعد الميعاد بمقولة إن الحكم المطعون فيه أعلن للطاعنين فى 4 من يونيه سنة 1951 ولم يقررا بالطعن إلا فى 5 من يوليو سنة 1952 كما دفع أولهما بانعدام المصلحة فيه.
ومن حيث إن إعلان الحكم الحاصل فى 4 من يونيه سنة 1951 إنما حصل للطاعنين فى محل مختار وقد نصت المادة 379 مرافعات على أن المواعيد الطعن لا تبدأ فى السريان إلا من إعلان الحكم للخصم نفسه أو لموطنه الأصلى وعلى ذلك لا يجوز التحدى بالاعلان الذى تم فى المحل المختار للطاعنين وإنما العبرة بالإعلان الذى تم فى موطنهما الأصلى فى 9 من يونيه سنة 1952 والذى أعقبه التقرير بالطعن فى 5 من يوليو سنة 1952 أى فى الميعاد ويتعين رفض الدفع الأول.
ومن حيث إن الدفع الآخر يقوم على أن الطاعنين عندما عرض النزاع على محكمة الاستئناف لم يتقدما بأى طلب ولم يقدما مذكرة كما ذكرا فى صحيفة تعجيل الدعوى الابتدائية 29 سنة 1950 الزقازيق أن موقفهما فى الدعاوى المنضمة كان موقف مراقبة فقط للاجراءات وأنهما بعد صدور الحكم الاستئنافى وإعلانهما به فى 5 من يونيه سنة 1951 لم يطعنا فيه بالنقض وعند طلب انتهاء التفليسة لم يبديا اعتراضا.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن ميعاد الطعن كما سبق فى الرد على الدفع الأول إنما يحسب اعتبارا من 9 من يونيه سنة 1952 ولم يتنازل الطاعنان عن حقهما فى الطعن صراحة كما لا يعتبر عدم تقديمهما طلبات فى الاستئناف ولا مذكرات بمثابة عدم تمسك منهما بطلبهما إشهار الافلاس وما كان لهما أن يعترضا على دعوى انتهاء التفليسة بعد إذ قضى استئنافيا بإلغاء حكم إشهار الافلاس لأن الطلب المذكور إنما هو أثر من آثار إلغاء حكم إشهار الإفلاس فهو حكم واجب النفاذ.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه بطلان الإجراءات، ذلك أن المحكمة الاستئنافية حددت بعد المرافعة فى الدعوى جلسة 27 من مايو سنة 1951 للنطق بالحكم فيها ثم قررت فتح باب المرافعة لتعذر المداولة لنفس اليوم واعتبرت النطق بهذا القرار إعلانا للخصوم وكانت الهيئة التى تنظر الدعوى غير الهيئة التى سمعت المرافعة وحجزت القضية للحكم إذ حل المستشار إسماعيل أبو الفتوح محل المستشار أحمد يوسف ولما نودى على الخصوم حضر المستأنف ومعه محاميه ولم يحضر الطاعنان أو محاميهما فاستجوبت المستأنف ثم حجزت الهيئة بتشكيلها الجديد الدعوى للحكم لآخر الجلسة ثم أصدرت حكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن الهيئة التى نظرت الدعوى أمام محكمة الاستئناف كانت مشكلة أصلا برياسة وكيل المحكمة ابراهيم زكى وعضوية المستشارين حلمى مكرم عبيد وأحمد يوسف وبعد أن سمعت المرافعة حجزت الدعوى للحكم لجلسة 27 من يوليو سنة 1951 وفى الجلسة المذكورة المحددة للنطق بالحكم انعقدت بهيئة حل فيها المستشار إسماعيل أبو الفتوح محل المستشار أحمد يوسف وأصدرت قرارا هذا نصه "لتعذر المداولة لغياب المستشار أحمد يوسف قررت فتح باب المرافعة لجلسة اليوم واعتبرت النطق بهذا القرار إعلانا للخصوم" وأعيد النداء على الخصوم فحضر المستأنف ومعه الأستاذ حسين برهان المحامى ولم يثبت بالمحضر حضور المستأنف عليهم ومنهم الطاعنان فنظرت المحكمة الدعوى وسألت المستأنف عما إذا كانت الضمانة تشمل جميع الديون وأثبتت إجابته ثم حجزت الدعوى للحكم فى آخر الجلسة حيث أصدرت حكمها المطعون فيه وهو يقضى بإلغاء الحكم المستأنف وما ترتب عليه من إجراءات.
ومن حيث إن الخصومة لا تنعقد إلا باعلان الخصوم على الوجه الذى نص عليه قانون المرافعات فإذا انعقدت أمام المحكمة واستوفى كل خصم دفاعه وحجزت المحكمة الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها ولم يبق لهم اتصال بها إلا بالقدر الذى تصرح به المحكمة ويؤكد انقطاع صلة الخصوم بالدعوى أن وفاة أحدهم أو تغيير صفته فى هذه المرحلة مرحلة المداولة وإصدار الحكم لا يؤثر فى الأصل فى المضى بهذه المرحلة لنهايتها وفى هذا الوضع تصبح القضية بين يدى المحكمة لبحثها والمداولة فيها ويمتنع على الخصوم إبداء أى دفاع كما يحرم الاستماع إلى أحد منهم فى غيبة الآخر فاذا بدا للمحكمة أن تعيد الدعوى إلى المرافعة استئنافا للسير فيها تحتم دعوة طرفى الخصومة للاتصال بالدعوى ولا تتم هذه الدعوة إلا باعلانهما قانونا أو ثبوت حضورهما وقت النطق بالقرار ولا يغنى عن إعلان الغائب أن تقرر المحكمة اعتبار النطق بقرارها إعلانا له إذ لا يجوز للمحكمة أن تقرر باغفال اجراء يوجبه القانون وقد نصت المادة السابعة من قانون المرافعات التى أريدت أن تحل محل المادة الأولى من قانون المرافعات القديم بعد تغيير فى صيغتها وشمول عباراتها على أن كل إعلان أو تنبيه أو إخبار أو تبليغ أو تنفيذ يكون بواسطة المحضرين بناء على طلب الخصم أو قلم الكتاب أو أمر المحكمة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ونصت المادة 24 على إن إغفال هذا يترتب عليه البطلان ولم ينص القانون على إغفال إعلان طرفى الخصومة إلا فى صورة ما إذا رأت المحكمة مد أجل النطق بالحكم كما يستفاد ذلك من مفهوم نص المادة 344 مرافعات. ومن هذا يبين أن الحكم المطعون فيه بنى على إجراءات باطلة وشابه عيب جوهرى مما يتعين معه نقضه دون تعرض لبحث ما صاحب ذلك من إجراءات أخرى وهى الاستجواب الذى تم فى غيبة الطاعنين ودون حاجة لبحث أسباب الطعن الأخرى.