أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 7 - صـ 218

جلسة 16 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه، ومحمد متولى عتلم المستشارين.

(29)
القضية رقم 46 سنة 22 القضائية

( أ ) نقض. طعن. إجراءات الطعن. حضور المطعون عليه. محام لم تكن له صفة الوكيل عن المطعون عليه فى تاريخ إيداع المذكرة باسم المطعون عليه. توثيق توكيله فى اليوم التالى للايداع. وجوب استبعاد المذكرة واعتبار أن المطعون عليه لم يحضر ولم يبد دفاعا.
(ب) حكم. دعوى. خصومة. حكم صادر بوقف الدعوى بقصد توقيع جزاء على المدعى. إضافة موافقة المدعى عليه على الإيقاف فى أسباب الحكم. لا يفيد أن المحكمة استجابت لطلب تقدم به الطرفان لوقف الدعوى. المادتان 109/ 3 و292 مرافعات.
(ج) دعوى. خصومة. إجراءات التقاضى. وقف الدعوى تطبيقا للمادتين 109، 114 مرافعات. إجراءات تعجيلها تقع على قلم الكتاب لا الخصوم. إعمال حكم المادة 292 مرافعات واعتبار المدعى تاركا دعواه. فى غير محله.
1 - إذا كان محامى المطعون عليه قدم باسمه مذكرة كتابية لقلم الكتاب ولم تكن له صفة الوكيل وقتئذ وإنما تم توثيق توكيله فى اليوم التالى فإنه يتعين استبعاد هذه المذكرة واعتبار أن المطعون عليه لم يحضر ولم يبد دفاعا ما.
2 - إذا اتضح مما أورده الحكم إذ قضى بوقف الدعوى أن المحكمة إنما قصدت إلى توقيع جزاء على المدعى لتخلفه عن تنفيذ إجراء كلفته به فإنها لا تكون قد استجابت لطلب تقدم به طرفا الخصومة لوقف الدعوى عملا بالمادة 292 مرافعات إن هى أضافت فى أسبابها موافقة المدعى عليه على الإيقاف ما دام الغرض من هذه الإضافة هو إثبات حصول موافقة المدعى عليه خشية أن تتأثر مصلحته بالإيقاف وتأخير الفصل فى الدعوى على ما يفيده نص الفقرة الثانية من المادة 109 مرافعات.
3 - متى قضى بوقف الدعوى تطبيقا للمادتين 109 و114 مرافعات فإنه لا يكون هناك محل لإعمال حكم المادة 292 مرافعات واعتبار المدعى تاركا دعواه لعدم مراعاة إعلان التعجيل لجميع الخصوم فى مدى الثمانية أيام التالية لنهاية أجل الإيقاف إذ أن إجراءات التعجيل فى هذه الحالة تقع على قلم كتاب المحكمة لا الخصوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على المستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المرحوم رمضان ابراهيم سلامه وورثة زكى ابراهيم سلامه أقاموا الدعوى رقم 74 سنة 1948 كلى المنيا وطلبوا فيها الحكم بأحقيتهم أخذ الأطيان المبيعة من المطعون عليه الأخير إلى المطعون عليهما الأول والثانى ومقدارها 15 فدانا و12 قيراطا و3 أسهم شيوعا فى 71 فدانا و12 قيراطا و3 أسهم مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وذلك بطريق الشفعة مقابل ثمن قدره 190 جنيها للفدان الواحد مع الملحقات - وبعد أن أوقفت الدعوى بسبب الحجر على رمضان ابراهيم سلامه أحد الشفعاء ثم حصول وفاته فى فترة الإيقاف - جددها ورثته مع باقى المدعين بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1949 وبعد تداول القضية بالجلسات قضت المحكمة فى 10/ 6/ 1950 بوقفها لمدة ستة شهور حتى يقدم ما يدل على موافقة المحكمة الحسبية على استمرار القصر "بعض الطاعنين" فى الخصومة وإذ تمت هذه الموافقة بتاريخ 29/ 11/ 1950 تقدم الطاعنون فى 10/ 12/ 1950 بطلب تعجيل الدعوى وسداد الرسم المطلوب لذلك وحدد لنظر الدعوى جلسة 13/ 1/ 1951 ووجه الطاعنون إعلان التعجيل للمطعون عليهم فتسلمه المطعون عليه الثالث فى 11/ 12/ 1950 كما سلم للمطعون عليهما الأولين فى 20/ 12/ 1950. وبجلسة 13 من يناير سنة 1951 المحددة لنظر الدعوى دفع المطعون عليهما الأولان "المشتريان" باعتبار الطاعنين تاركين لدعواهم عملا بالفقرة الثانية من المادة 292 مرافعات إذ كان يجب أن يتم إعلان التعجيل اليهما فى مدى الثمانية أيام التالية لنهاية الستة أشهر المقررة لايقاف الدعوى - وبتاريخ 28 من يناير سنة 1951 قضت المحكمة برفض الدفع باعتبار المدعيين تاركين لدعواهما وحددت جلسة 4 من مارس سنة 1951 لنظر الموضوع. وفى 25 من مارس سنة 1951 قضت المحكمة بأحقية الطاعنين فى أخذ الأطيان المبيعة بالشفعة - فاستأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 424 سنة 68 ق استئناف القاهرة. وفى 4 من ديسمبر سنة 1951 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع المقدم من المطعون عليهما الأولين واعتبار الطاعنين تاركين دعواهم أمام محكمة أول درجة. فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة العامة طلبت استبعاد المذكرة المقدمة من المطعون عليهما الأول والثانى بدفاعهما لعدم تقديم صور منها للطاعنين عملا بالمادة 436 مرافعات ولأن توكيل المطعون عليهما لمحاميهما إنما صدر بعد ميعاد تقديم مذكرته عنهما فى هذا الطعن على خلاف مقتضى المادة 440 مرافعات.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه بتاريخ 12 من مارس سنة 1952 أودع الأستاذ شهدى عبده المحامى بالنيابة عن الأستاذ محمد محمد قراعه المحامى مذكرة بدفاع المطعون عليهما الأولين دون أن يقدم منها صورا بعدد الخصوم ودون أن يقدم توكيلا عن المطعون عليهما المذكورين وأنه أودع فى 13 من مارس سنة 1952 توكيلا صادرا إليه من المطعون عليهما الأولين برقم 5964 بتاريخ 13/ 3/ 1952 ومصدق عليه بمكتب توثيق القاهرة برقم 543 جـ سنة 1952.
ومن حيث إن المادة 436 مرافعات إذ نصت على أن "المذكرات وحوافظ المستندات التى تودع باسم الخصم يجب أن تكون من أصل وصور بقدر عدد خصومه وأن يكون موقعا عليها من محاميه المقبول أمام محكمة النقض كما نصت المادة 440 مرافعات على أنه "لا يؤذن للخصوم أن يحضروا بأنفسهم أمام محكمة النقض من غير محام معهم - وليس للخصوم الذين لم تودع باسمهم مذكرات الحق فى أن ينيبوا عنهم محاميا فى الجلسة فمفاد هذين النصين أنه إذا بدا للمطعون عليه الحضور فى الطعن وتقديم دفاعه فعليه أن يوكل عنه محاميا مقبولا أمام محكمة النقض يودع باسمه مذكرة بدفاعه مشفوعة بالمستندات التى يرى لزوم تقديمها - وبهذا الإيداع وحده يعتبر المطعون عليه قد حضر أمام محكمة النقض وحق له طلب الحكم بطلباته فى الطعن فإن لم يتم الإيداع على هذا الوجه فلا يكون له الحق فى أن ينيب عنه محاميا بجلسة المرافعة - ولما كان الثابت من الأوراق أن المحامى الذى قدم باسم المطعون عليهما لقلم كتاب محكمة النقض المذكرة الكتابية فى 12 من مارس سنة 1952 لم تكن له صفة الوكيل عن المطعون عليهما فى هذا التاريخ وذلك لأن التوكيل الصادر منهما إليه ثم توثيقه فى 13 من مارس سنة 1952 أى فى اليوم التالى لتقديم المذكرة، فيتعين لذلك استبعاد المذكرة المقدمة من المطعون عليهما الأولين واعتبار أنهما لم يحضر ولم يبديا دفاعا ما.
ومن حيث إن هذا الطعن بنى على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى الاسناد وخالف الثابت بالأوراق مما أدى إلى خطئه فى تطبيق القانون، ذلك أنه على الرغم من صراحة ما ذكرته محكمة أول درجة سببا لقضائها بوقف الدعوى بأنه جزاء لتقصير الطاعنين عن تقديم ما يدل على تصريح المحكمة الحسبية للقصر بالسير فى دعوى الشفعة عملا بالمادتين 109 و114 مرافعات فان محكمة الاستئناف قررت أن الوقف كان باتفاق طرفى الخصومة وبناء على طلبهما وفقا للمادة 292 مرافعات وأنهما إذ طلبا ذلك استجابت المحكمة لطلبهما بنفس الجلسة وقضت بالوقف لمدة ستة شهور من تاريخ الحكم فتعجيل الدعوى الذى يتم وفقا للمادة 292 مرافعات المذكورة لا يكون صحيحا إلا إذا جرى الإعلان به فعلا للبائع والمشترى فى مدى الثمانية أيام التالية لنهاية أجل الإيقاف - وهذا الذى ذهب إليه الحكم فيه مخالف للثابت بأوراق الدعوى ولما جاء بأسباب الحكم الصادر بالإيقاف لأن القضية أجلت مرارا لسبب واحد لم يتغير وأن الطاعنين لم ينفذوا ما أمرت به المحكمة فحق عليهم الجزاء الذى رتبه القانون وهو وقف الدعوى وفقا للمادة 109 مرافعات مع اجازة مد أجل الوقف إلى ستة شهور عملا بالمادتين 114 و119 مرافعات ومقتضى ذلك أن عبء تعجيل الدعوى يقع على قلم الكتاب دون الطاعنين فاذا استمروا فى تقصيرهم بعد التعجيل جاز للمحكمة عندئذ أن تقضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن وهى أحكام تخالف الحكم الوارد بالمادة 292 مرافعات التى طبقها الحكم المطعون فيه خطأ على واقعة الدعوى ظنا منه أن الإيقاف كان مبنيا على اتفاق الطرفين وهو ما لا يبرره الواقع الثابت بحكم محكمة أول درجة وأما عبارة "وخاصة أن الحاضر عن المدعى عليهم وافق على هذا" التى وردت فى حكم محكمة أول درجة - فهى عبارة لم تكن من مقدمات الحكم ولا لازمة للنتيجة التى انتهى إليها وإلا لأشارت المحكمة صراحة إلى تطبيق المادة 292 مرافعات - وحتى مع الافتراض الجدلى بانطباق المادة 292 مرافعات على صورة هذا النزاع فالثابت أن الطاعنين قد بذلوا ما يمكن أن يكلفوا به قانونا حيث تقدموا فى أول يوم من الأيام الثمانية التالية لأجل الإيقاف فسددوا رسم التعجيل وحصلوا على إشارة من قلم الكتاب بتحديد جلسة لنظر الدعوى ومن ثم فلا يصح اعتبارهم تاركين لدعواهم، كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه لمجرد أن إعلان التعجيل لم يصل إلى خصومهم فى خلال الثمانية أيام المذكورة إذ الترك أمر اعتبارى وهو جزاء على التراخى والتقصير وليس من أحوال السقوط الحتمية التى تتحقق منفصلة عن أسبابها كحالة الترك المنصوص عليه فى المادة 308 مرافعات - ولا يغض من هذا النظر قول الحكم المطعون فيه إن الطاعنين تراخوا فى طلب التعجيل إلى يوم 10 من ديسمبر سنة 1950 مع أن إذن المحكمة الحسبية صدر فى يوم 29/ 11/ 1950 لأن طلب التعجيل ما كان يقبل من الطاعنين قبل انتهاء مدة الوقف التى نص عليها الحكم ما دام الإيقاف كان باتفاق الطرفين وإلا كان ذلك نقضا للاتفاق لا يقرهم قلم الكتاب عليه ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا النعى فى محله ذلك أنه يبين من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد أورد "وحيث إنه رغم تأجيل الدعوى أكثر من مرة كى يقدم المدعون ما يدل على تصريح المحكمة الحسبية للقصر بطلب الشفعة فانهم لم يقدموا شيئا من ذلك حتى الآن... وحيث إنه لذلك ترى المحكمة تطبيقا لنص المادتين 109 و114 مرافعات الحكم بوقف الدعوى لمدة ستة شهور من تاريخه" ويتضح من هذا الذى أورده الحكم أن المحكمة إنما قصدت إلى توقيع جزاء على الطاعنين لتخلفهم عن تنفيذ ما كلفتهم به وقد التزمت فى ذلك حدود نصين عينتهما بذاتهما وبنت عليهما قضاءها. ومفهوم هذا أن المحكمة لم تكن مستجيبة لطلب تقدم به طرفا الخصومة لوقف الدعوى عملا بالمادة 292 مرافعات ولا يغير من هذا النظر ما أضافته المحكمة فى أسبابها من عبارة "وخاصة أن الحاضر عن المدعى عليهم وافق على ذلك" لأن مراد الحكم من إيرادها هو إثبات حصول موافقة المدعى عليهم على الوقف خشية أن تتأثر مصلحتهم بهذا الإيقاف وتأخير الفصل فى الدعوى على ما يفيده نص الفقرة الثانية من المادة 109 مرافعات بقولها: "ويجوز للقاضى بدل الحكم على المدعى بالغرامة أن يحكم بوقف الدعوى لمدة ثلاثة أشهر... إذا تخلف عن تنفيذ أى إجراء كلفته به وذلك بعد سماع أقوال المدعى عليه..." فاذا بان ما تقدم كان سوق الحكم المطعون فيه للمادة 392 مرافعات وإعمال حكمها على واقعة الدعوى واعتبار المدعى تاركا دعواه لعدم مراعاة إعلان التعجيل لجميع الخصوم فى مدى الثمانية أيام التالية لنهاية أجل الإيقاف لا محل له لأن مناط تطبيق المادة 292 مرافعات المشار إليها أن يتم وقف الخصومة بناء على اتفاق طرفيها أيا كان سببه وهذا الاتفاق بمعناه المقصود فى هذه المادة غير محقق فى صورة الدعوى فيما أثبته حكم محكمة أول درجة المشار إليه، ومن ثم فإن اجراءات التعجيل فى خصوص الدعوى الحالية تقع على قلم كتاب المحكمة لا الخصوم وفقا للمادة 109 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ خالف الثابت بأوراق الدعوى فأخطأ لذلك فى تطبيق القانون يكون متعينا نقضه.