أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 7 - صـ 225

جلسة 16 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف، المستشارين.

(30)
القضية رقم 65 سنة 22 القضائية

( أ ) استئناف. أثره. دفع. دعوى استرداد الحصة المبيعة. الدفع أمام محكمة أول درجة بسقوط الحق فى طلب الاسترداد. استئناف الحكم الصادر بما تضمنه من قضاء فى الدفع وفى الموضوع. اعتبار الدفع مطروحا أمام المحكمة الاستئنافية. المشترى غير مكلف باثبات تمسكه به أمامها.
(ب) قانون. تنازع القوانين. دعوى استرداد الحصة المبيعة. ميعاد رفعها. صدور البيع فى ظل القانون المدنى القديم. سكوت الشركاء فى الملك عن رفع الدعوى إلا بعد نفاذ القانون المدنى الجديد. خضوع المدة الواجب رفع الدعوى فيها لأحكام القانون الجديد.
(ج) استرداد الحصة المبيعة. صدور بيع عن حصة فى عين معينة لا عن حصة فى مجموع مشتملات التركة بما لها وما عليها من حقوق والتزامات. عدم أحقية الورثة فى طلب الاسترداد. المادتان 462 مدنى قديم، 833 مدنى جديد.
1 - متى طلب الوارث استرداد حصة فى التركة باعها وارث غيره لأجنبى وكان المشترى قد دفع أمام محكمة الدرجة الأولى بسقوط الحق فى الاسترداد واستأنف الحكم الصادر منها بما تضمنه من قضاء فى الدفع وفى الموضوع فإن هذا الدفع يعتبر مطروحا أمام المحكمة الاستئنافية متى كان لم يثبت تنازل المشترى عنه ولا يجب عليه إثبات تمسكه به أمام تلك المحكمة.
2 - إذا كان عقد بيع الحصة الشائعة فى عقارات التركة قد صدر فى ظل القانون المدنى القديم وسكت الشركاء فى الملك عن مباشرة الرخصة المخولة لهم فى المادة 462 من ذلك القانون حتى صدور القانون المدنى الجديد ولم يرفعوا دعواهم إلا بعد نفاذه فإن أحكام هذا القانون الخاصة المدة التى يجب فيها رفع الدعوى تصبح هى الواجبة الاتباع دون القانون القديم.
3 - متى كانت الحصة الشائعة التى باعها الوارث هى حصة فى عين معينة وليست حصة فى مجموع مشتملات التركة بما لها وما عليها من حقوق والتزامات فإنه لا يكون لباقى الورثة حق فى طلب الاسترداد استنادا إلى المادة 462 مدنى قديم والمادة 833 مدنى جديد ولو كانت العين المبيعة هى كل ما تركه المورث - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطاعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليهم الثلاثة الأولين رفعوا ضد الطاعن والمطعون عليهما الرابع والخامسة الدعوى رقم 149 سنة 1950 مدنى بمحكمة دمنهور الجزئية طلبوا فيها الحكم بأحقيتهم إلى فدان و11 قيراطا و11 سهما المبينة بالعريضة بطريق الاسترداد الوراثى نظير ثمن قدره 52 جنيها و500 مليم للفدان، وأسسوا دعواهم على أن الطاعن قد اشترى هذا القدر من المطعون عليهما الأخيرين بعقد مؤرخ 19/ 2/ 1942 وحكم بصحة ونفاذ هذا العقد بتاريخ 22/ 4/ 1943 فى القضية رقم 506 سنة 1942 مدنى كلى الاسكندرية، وأنهم والبائعين ورثة للمرحوم الصاوى رسلان وشركاء معهما على الشيوع وأن المشترى أجنبى عن التركة - ودفع الطاعن بسقوط حق المطعون عليهم الثلاثة الأولين فى الاسترداد لأنهم لم يرفعوا دعواهم إلا بعد مضى أكثر من ثلاثين يوما من تاريخ علمهم بالبيع عملا بالمادة 833 من القانون المدنى الجديد الذى يجب إعماله فضلا عن أنه بفرض أن المادة 462 من القانون المدنى القديم هى الواجبة التطبيق فإنه لا سند لحق المدعين إذ يجب لتوافره أن يكون المبيع حصة شائعة أو جزءا من حصة شائعة فى مجموع الملك المشترك لا حصة شائعة فى عين معينة فى هذا الملك كما هو الحال فى الدعوى - وبتاريخ 12/ 6/ 1950 قضت المحكمة الجزئية بأحقية المطعون عليهم الثلاثة الأولين فى استرداد الفدان و11 قيراطا و11 سهما المبينة بالعريضة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالقضية رقم 125 سنة 1950 لدى محكمة دمنهور الابتدائية بهيئة استئنافية التى قضت بتاريخ 5/ 1/ 1952 بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا. فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع المقدم منه بسقوط حق المطعون عليهم الثلاثة الأولين فى استرداد الحصة المبيعة لمضى أكثر من ثلاثين يوما على تاريخ علمهم بالبيع قبل رفع الدعوى ذلك أن المادة 833 من القانون المدنى الجديد توجب أن يكون طلب الاسترداد خلال ثلاثين يوما من تاريخ علم الشريك بالبيع أو من تاريخ إعلانه به وقد أصبح هذا القانون نافذا من 15 من أكتوبر سنة 1949 ولم ترفع الدعوى إلا فى 12 من فبراير سنة 1950 إلا أن الحكم لم يعمل مقتضى هذه المادة بمقولة إن القانون الواجب التطبيق هو القانون المدنى القديم الذى نشأ الحق فى ظله من تاريخ صدور عقد البيع للطاعن فى 19 من فبراير سنة 1942 هذا إلى أنه بفرض أن القانون المدنى القديم هو الذى يجب إعماله فإن الحكم المطعون فيه قد أساء تأويل المادة 462 منه وأخطأ فى تطبيقها ذلك أن هذه المادة لا تجيز الاسترداد إلا إذا كان المبيع حصة شائعة فى مجموع التركة أو الشركة شاملا لما لها وما عليها من حقوق وإلزامات لا حصة شائعة فى عين معينة من مجموع الملك المشترك كما هو الحال فى الدعوى.
وحيث ان المطعون عليهم الثلاثة الأولين دفعوا بعدم قبول السبب الأول لأنه مؤسس على قضاء الحكم الابتدائى برفض الدفع بسقوط حق الاسترداد ولم يتمسك الطاعن بهذا الدفع أمام المحكمة الاستئنافية ولم تفصل هى فيه.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن استئناف الطاعن لحكم محكمة الدرجة الأولى بما تضمنه من قضاء فى الدفع وفى الموضوع ينقل الدعوى بحالتها إلى المحكمة الاستئنافية طبقا للمادة 409 من قانون المرافعات وأن من واجب تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى عملا بالمادة 410 مرافعات فمتى كان الطاعن لم يتنازل عن الدفع المقدم منه بسقوط الحق فى الاسترداد فإنه يعتبر مطروحا أمام المحكمة الاستئنافية ولازم هذا أنه يجب على المطعون عليهم إثبات تنازل الطاعن عن هذا الدفع أمام محكمة ثانى درجة ولا يجب على الطاعن إثبات تمسكه أمامها بهذا الدفع على أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن لم يشر إلى هذا الدفع صراحة فإنه قد رد عليه فعلا فى أسبابه مما يدل على أنه كان معروضا عليها فقد ورد به "... فإنه مع التسليم بأن المادة 462 كانت معطلة عندما أصدرت المحكمة الجزئية حكمها بتاريخ 12 من يونية سنة 1950 بسبب إلغاء القانون المدنى السابق فإنها لم تكن كذلك فى يوم 19 من فبراير سنة 1942 حين تحرير عقد البيع الذى تولد عنه حق الاسترداد بل كانت سارية المفعول وهى التى تحكم عقد البيع سالف الذكر لأنه صدر فى ظلها...".
وحيث إنه وإن كان عقد البيع الذى يؤسس عليه المطعون عليهم الثلاثة الأولون دعواهم باسترداد الحصة المبيعة قد صدر فى 19 من فبراير سنة 1942 فى ظل القانون المدنى القديم وأن هذا العقد قد أنشأ لهم من التاريخ المشار إليه حقا فى استعمال الرخصة المخولة فى المادة 462 من ذلك القانون للشركاء فى الملك فى أن يستردوا لأنفسهم الحصة الشائعة التى باعها أحدهم للغير إذا توافرت شروط تلك الرخصة إلا أنهم متى كانوا قد سكتوا عن مباشرتها حتى صدر القانون المدنى الجديد ولم يرفعوا دعواهم إلا بعد نفاذه فإن أحكام هذا القانون الخاصة بالمدة التى تجب فيها رفع الدعوى تصبح هى الواجبة الاتباع دون القانون القديم.
وحيث إن المادة 833 من القانون المدنى الجديد فيما تضمنه من أن للشريك فى المجموع من المال أن يسترد قبل القسمة الحصة الشائعة التى باعها شريك غيره لأجنبى بطريق الممارسة قد نصت بالنسبة للعقارات على نفس الحق الذى كانت تقرره المادة 492 من القانون المدنى القديم وما كانت عبارة المجموع من المال الواردة بالمادة 833 مدنى جديد إلا إفصاحا عما كان يقصده الشارع فى النص القديم وهو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن الحق المخول بمقتضى تلك المادة إنما يقوم على جواز استرداد الحصة الميراثية الشائعة فى مجموع المال المشترك التى تشمل كل ما يخصها من عقار ومنقول وما عليها من حقوق فلا يقوم هذا الحق إذا كان المبيع حصة شائعة فى عين معينة من التركة أو الشركة ولو كانت العين المبيعة هى كل ما تركه المورث - والنص الجديد فى هذا الخصوص وإن كان يتحد مع مفهوم النص القديم إلا أنه قد اشترط أن يحصل الاسترداد خلال ثلاثين يوما من تاريخ علم الشريك بالبيع أو من تاريخ إعلانه به، ولما كان يبين من عقد 19 من فبراير سنة 1942 الذى أسست عليه الدعوى أنه بفرض أن الأعيان الواردة به هى، كما قال الحكم مجموع التركة المخلفة عن المورث المرحوم الصاوى رسلان سعد فإن الحصة الشائعة المبيعة هى حصة فى عين معينة وليست حصة فى مجموع مشتملات التركة بما لها وما عليها من حقوق والتزامات. وعلى ذلك يكون المطعون عليهم الثلاثة الأولون لا حق لهم فى طلب الاسترداد استنادا إلى المادة 462 مدنى قديم والمادة 833 مدنى جديد ويكون بعد ذلك غير منتج البحث فى وقت علم المطعون عليهم الثلاثة المذكورين بالبيع وتوافر شرط وجوب رفع الدعوى الحالية (التى رفعت بعد العمل بالقانون المدنى الجديد) فى مدى ثلاثين يوما من تاريخ هذا العلم، ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث ان موضوع الدعوى صالح للحكم فيه.
وحيث انه للأسباب المتقدمة يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليهم الثلاثة الأولين وإلزامهم بالمصروفات عن الدرجتين.