أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 7 - صـ 301

جلسة 8 من مارس سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف، المستشارين.

(44)
القضية رقم 288 سنة 22 القضائية

( أ ) رهن. انقضاؤه. شخص تملك العقار المرهون بالتقادم. حق الدائن المرتهن فى نزع ملكية العقار وفاء لمدينه. القول بأن وضع اليد على ذلك العقار المدة الطويلة يكسب ملكية العقار وملكية الرهن. غير صحيح. المادة 554 مدنى قديم.
(ب) تنفيذ عقارى. الحائز. رهن. حائز تلقى العقار المرهون عن غير طريق المدين. إنذاره أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية فى مواجهته. غير لازم. المادة 697 مدنى مختلط.
1 - إذا وضع شخص يده على عقار مرهون المدة الطويلة المكسبة للملكية فإن تملكه للعقار لا يستتبع حتما انقضاء الرهن بل يكون للدائن المرتهن الحق فى نزع ملكية العقار وفاء لدينه ولا يصح القول بأن وضع اليد على ذلك العقار المدة الطويلة يكسب ملكية الرهن إذ هذا يؤدى إلى إهدار حق الدائن المرتهن الذى كفله نص المادة 554 من القانون المدنى من استيفاء دينه بأولوية والتقدم على الدائنين الآخرين من ثمن ذلك العقار فى أى يد يكون، كما أن فيه إجازة لسقوط حق الرهن استقلالا عن الدين المضمون به مع أنه تابع له لا ينقضى إلا بانقضائه.
2 - إذا كان حائز العقار المرهون لم يتلق الملكية من المدين بل تلقاها عن غير طريقه سواء أكان ذلك بطريق الشراء من آخر أو بطريق وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فلا على الدائن المرتهن إذا هو لم ينذره أو يتخذ إجراءات نزع الملكية فى مواجهته عملا بالمادة 697 مدنى مختلط التى تحكم واقعة الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 607 سنة 44 ق مدنى كلى طنطا على المطعون عليه طالبا الحكم بتثبيت ملكيته إلى 18 قيراط مبينة حدودها ومعالمها بصحيفة افتتاح الدعوى، وقال بيانا لدعواه إنه تملك هذه الأطيان ضمن أطيان أخرى مساحتها 6 أفدنة وقيراطان كانت مرهونة للبنك الزراعى المصرى من هلال عبد الله سليمان بمقتضى عقد رهن تأمينى تاريخه 23 من مارس سنة 1913 مقيد فى 27 من مارس سنة 1913 ثم حل هو أى الطاعن محل البنك الزراعى وقام بنزع ملكية الأطيان المرهونة فرسا مزادها عليه بحكم مرسى مزاد صادر من محكمة اسكندرية الابتدائية المختلطة فى 18 من ديسمبر سنة 1938 وعند تنفيذ هذا الحكم اعترض المطعون عليه وادعى ملكيته للـ 18 قيراط موضوع النزاع ثم رفع دعوى طلب فيها الحكم بمنع تعرضه له فيها، ثم عدل طلباته بعد ذلك عندما تم التنفيذ بتسليم الأطيان إلى الطاعن وطلب الحكم برد حيازته لها فحكم له بذلك، دفع المطعون عليه الدعوى بأنه تملك تلك الأطيان بطريق الشراء من مورثه أحمد منصور بعقد بيع مسجل فى 17 من ديسمبر سنة 1921 وأنه وضع اليد على ما اشتراه منذ الشراء كما كان مورثه البائع له يضع اليد عليه من قبل وقد كان هذا المقدار ضمن 5 أفدنة و10 قيراطا مملوكة لمورثه وهلال سليمان مدين الطاعن على الشيوع بينهما بمقتضى عقد بيع مسجل فى سنة 1911. وفى 28 من مارس سنة 1915 تقاسم الشريكان هذه الأطيان وحررا عقد قسمة أثبت تاريخه رسميا فى 7 من فبراير سنة 1917 فاختص مورثه بفدان وأربعة قراريط يدخل فيها الـ 18 قيراط موضوع النزاع ثم باع له المورث هذا المقدار ضمن فدان مما اختص به وتسجل عقد البيع فى 18 من ديسمبر سنة 1921 ووضع يده على ما اشتراه من ذلك التاريخ كما كان مورثه يضع اليد من قبل منذ حصول التقاسم فى سنة 1915، وفى 13 من مايو سنة 1946 قضت المحكمة بندب خبير قدم تقريرا انتهى فيه إلى أن الـ 18 قيراطا داخلة فيما اختص به مورث المطعون عليه بعقد القسمة وأنها داخلة أيضا ضمن ما باعه إليه بعقد البيع المسجل فى سنة 1921 وأن هلال سليمان مدين الطاعن لم يكن يملك وقت الرهن فى سنة 1913 إلا نصف الـ 18 قيراطا حسب الظاهر من عقد تمليكه هو وأحمد منصور. وقضت المحكمة بعد ذلك بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون عليه وضع يده هو ومورثه من قبله على 18 قيراطا المدة الطويلة المكسبة للملكية وأنه لم يكن يعلم بالرهن المقيد لصالح الطاعن، وفى 22 من نوفمبر سنة 1948 قضت المحكمة برفض الدعوى.
استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 95 سنة 1 قضائية محكمة استأنف طنطا. وفى 29 من يناير سنة 1952 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف... للأسباب التى بنى عليه ولما رأته من أسباب أخرى. فقرر الطاعن الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض، ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت فى 23 من نوفمبر سنة 1955 إحالته على الدائرة المدنية لنظره بجلسة 9 من فبراير سنة 1956.
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل السبب الأول منها فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ أقام قضاءه على أن الحائز الذى لم يكن ملزما بالدين شخصيا ولم يتلق الملكية من المدين الراهن بل تلقاها من غيره يكتسب ملكية العقار وملكية لرهن بالتقادم بنوعيه مستندا فى ذلك إلى ما تقضى به المادة 2180 من القانون المدنى الفرنسى التى عددت أسباب انقضاء حقوق الامتياز والرهن التأمينى ومن بينها التقادم مع أن تلك المادة لا مقابل لها فى القانون المدنى المصرى وهو مخالف أيضا لما استقرت عليه أحكام القضاء فى مصر - ويتحصل السبب الثانى فى أن الحكم أخطأ فى القول إن من تلقى الملك من غير المدين وبأى طريق يعتبر حائزا للعقار ووجه الخطأ فى ذلك أن الحائز لا يمكن أن يكون إلا من آلت إليه الملكية من المدين فلا يكون حائزا بالمعنى المقصود فى القانون من وضع يده على العقار بغير حق أو من تلقى ملكية من غير المدين.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بهذين السببين هو فى محله ذلك أنه ثابت من وقائع الدعوى أن هلال عبد الله سليمان رهن إلى الطاعن الـ 18 قيراطا المتنازع عليها وأن الطاعن اتخذ إجراءات نزع الملكية التى انتهت إلى رسو المزاد فى 21 من ديسمبر سنة 1931 وقد رفع الدعوى الحالية طالبا الحكم بتثبيت ملكيته إلى هذه الـ 18 قيراطا فقضى برفض دعواه تأسيسا على ما قالته المحكمة من أنها "ترى مع الكثيرين ممن يرون من رجال الفقه والقضاء أن الحائز الذى لم يكن ملتزما بالدين شخصيا ولم يتلق الملكية من المدين الراهن بل تلقاها من غيره يجوز له أن يكسب ملكية العقار وملكية الرهن بالتقادم بنوعيه وأن المستأنف عليه - المطعون عليه - وقد دفع الدعوى بالتملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية... يكون قد اكتسب ملكية العقار بالتقادم الطويل كما اكتسب ملكية الرهن التأمينى بهذا التقادم أيضا"، وهذا الذى ذهب إليه الحكم غير صحيح فى القانون، ذلك أن للدائن المرتهن للعقار - الطاعن - حقا مكفولا بنص المادة 554 من القانون المدنى القديم هو أن يستوفى دينه بالأولوية والتقدم على الدائنين الآخرين من ثمن ذلك العقار فى أى يد يكون ومقتضى ذلك أن حق الدائن المرتهن فى استيفاء دينه من ثمن العقار المرهون يظل مقررا دائما لا يؤثر عليه انتقال ملكية العقار المرهون من المدين إلى غيره، وقول الحكم المطعون فيه إن وضع يد المطعون عليه على العقار المرهون إلى الطاعن المدة الطويلة يكسبه ملكية العقار وملكية الرهن نتيجته اللازمة وأثره المباشر هو إهدار ذلك الحق الذى كفله القانون للطاعن كما أن فيه إجازة لسقوط حق الرهن استقلالا عن الدين المضمون به مع أنه تابع له لا ينقضى إلا بانقضائه، وعلى ذلك لا يكون لمن كسب ملكية عقار بالتقادم أن يتحلل من حق الدائن المرتهن فى تتبع العقار بين يديه، وهذا ما سبق أن قضت به هذه المحكمة فى الطعن رقم 117 سنة 13 قضائية بتاريخ 25 من مايو سنة 1944.
ومن حيث إنه ليس صحيحا فى القانون كذلك ما أقيم عليه الحكم فى موضع آخر من أنه كان يجب على الطاعن عند نزع الملكية أن ينذر المطعون عليه بوصفه حائزا للعقار المنزوعة ملكيته عملا بالمادة 697 من القانون المدنى المختلط ويقوم بالتنبيه عليه بدفع الدين أو بتخليته العقار وأن إغفال هذا الإجراء يترتب عليه اعتبار حكم مرسى المزاد غير حجة عليه ذلك أن الحائز لا يمكن أن يكون إلا من تلقى ملكية العقار المرهون من المدين - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فى الطعن رقم 18/ 5 قضائية بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1935 والثابت من وقائع الدعوى أن الطاعن وهو الدائن المرتهن اتخذ إجراءات نزع ملكية مدينه هلال سليمان ورسا عليه المزاد فى 21 من ديسمبر سنة 1938 وثابت كذلك أن المطعون عليه لم يتلق الملكية من المدين المذكور بل تلقاها كما يتمسك فى دفاعه عن غير طريقه سواء أكان ذلك بطريق الشراء من أحمد منصور أو بطريق وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فلا على الطاعن إذا هو لم ينذره أو يتخذ إجراءات نزع الملكية فى مواجهته.
ومن حيث إنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث السبب الثالث من أسباب الطعن.