أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 7 - صـ 477

جلسة 26 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: مصطفى فاضل، وعبد العزيز سليمان، وكيلى المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمود ابراهيم اسماعيل، ومحمود عياد، ومصطفى كامل، ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين، وأحمد قوشه، وفهيم يسى الجندى، ومحمد متولى عتلم، وأحمد زكى كامل، والسيد أحمد عفيفى، وابراهيم عثمان المستشارين.

(12)
الطلب رقم واحد سنة 25 القضائية "تنازع الاختصاص"

( أ ) تنازع الاختصاص. قوة الأمر المقضى. مجالس ملية. أحوال شخصية. طلاق صدور حكم بالتطليق من المجلس الملى الابتدائى لطائفة الأرمن الأرثوذكس. القضاء بعدم قبول استئنافه شكلا. صيرورته نهائيا. القول بأنه لم يصبح نهائيا لعدم شهره وعدم تصديق الرئيس الدينى عليه. لا يغير من اعتبار الحكم نهائيا.
(ب) تنازع الاختصاص. نقض. استئناف. مجالس ملية. حكم صادر من المجلس الملى بعدم قبول الاستئناف شكلا. البحث فيما إذا كان هذا الحكم قد أخطأ أم لم يخطئ هو مما لا تفصل فيه محكمة النقض وهى فى مجال الفصل فى تنازع الاختصاص عند تعارض حكمين نهائيين.
(ج) تنازع الاختصاص. اختصاص. استئناف. مسألة عدم اختصاص المجلس الملى المثارة فى طلب الاستئناف. بحثها قبل بحث شكل الاستئناف. لا يملكه المجلس الملى.
(د) تنازع الاختصاص. اختصاص. مجالس ملية. رفع الدعوى أمام المجلس الملى للأرمن الأرثوذكس باعتبار طرفيها من طائفة الأقباط الأرثوذكس. تسليم الطرفين بالوحدة الطائفية أمام المجلس إلى وقت صدور الحكم فى الدعوى. عدم عرض المدعى عليه إسلامه الطارئ. رغم حضوره أمام المجلس من وقت إشهار إسلامه إلى وقت صدور الحكم. قول المدعى عليه بعد ذلك بأن المجلس جاوز اختصاصه. فى غير محله.
1 - متى كان الحكم الصادر بالتطليق من المجلس الملى الابتدائى لطائفة الأرمن الأرثوذكس قد قضى بعدم قبول استئنافه شكلا فإنه يصبح حكما نهائيا ولا يغير من ذلك القول بأنه لم يشهر ولم يصدق عليه من الرئيس الدينى لطائفة الأرمن الأرثوذكس - إذ لا يشترط لتنفيذ حكم الطلاق تصديق الرئيس الدينى عليها بل يكتفى بالتأشير بها فى سجل الزواج بعد صدورها.
2 - إن الجمعية العمومية لمحكمة النقض وهى فى مجال الفصل فى تنازع الاختصاص عند تعارض حكمين نهائيين لا تفصل فيما إذا كان حكم المجلس الملى الصادر بعدم قبول الاستئناف شكلا قد أخطأ أم لم يخطئ لأن مسألة بحث قبول الاستئناف هى مسألة قانونية تختص بها ذات المحكمة التى أصدرت الحكم فى حدود سلطتها عند إنزال القانون على الواقعة المعروضة عليها - وليست مسألة اختصاص يترتب على الخطأ فيها أن تقول هذه المحكمة كلمتها فى هذا الخطأ.
3 - مسألة عدم اختصاص المجلس الملى التى تثار فى طلب الاستئناف هى مسألة متعلقة بموضوع الاستئناف ولا يملك المجلس الملى التعرض لبحثها قبل البحث فى شكل الاستئناف.
4 - متى كانت الدعوى قد رفعت باعتبار طرفى الخصومة فيها من الأرمن الأرثوذكس وسلم الطرفان أمام المجلس الملى الابتدائى بالوحدة الطائفية واستمرا لا يدعيان غير ذلك حتى صدر الحكم فى الدعوى فلم يعرض المدعى عليه واقعة إسلامه الطارئ رغم حضوره أمام المجلس من وقت إشهار إسلامه إلى وقت صدور الحكم فى الدعوى، فإنه لا يكون هناك محل لما يتمسك به المدعى عليه بعد ذلك من أن المجلس قد جاوز اختصاصه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد وكيل المحكمة المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أنه فى 23/ 3/ 1953 قضت محكمة الأحوال الشخصية الابتدائية لطائفة الأرمن الأرثوذكس بتطليق المدعية من المدعى عليه وبحضانتها لابنها جوب من مطلقها استنادا إلى استحالة استمرار الحياة الزوجية وفشل جهود الصلح أمام لجنة المصالحات بجلستى 1/ 6 و8/ 2 سنة 1951 وإلى أن المحكمة لا ترى بذل جهود أخرى للتوفيق بين الطرفين إذ نظرت الدعوى بالجلسات من 17/ 3/ 1952 إلى 25/ 2/ 1953 ثم إلى جلسة 23/ 3/ 1953 ومع ذلك لم يبد منهما ميل للصلح. وفى يوم 28/ 4/ 1953 قام المحضر لإعلان حكم التطليق وأثبت بمحضره أنه خاطب شيخ الجهة وأن الإعلان سيعلن بالقسم لغلق مسكن المطلوب إعلانه. وفى اليوم التالى وهو يوم 29/ 4/ 1953 أثبت المحضر أنه انتقل إلى قسم مصر الجديدة وسلم صورة الإعلان لمندوب القسم لغلق مسكن المعلن إليه وأرفق بمحضره مذكرة ورد بها أنه أخطر المعلن إليه بالخطاب رقم 3912 بناء على طلب السيدة سونيا "المدعية" وأنه حضر يوم 28/ 4/ 1953 فوجد المحل مغلقا ولذلك سلم الإعلان للقسم فى يوم 29/ 4/ 1953.
وأثناء نظر دعوى التطليق وقبل الفصل فيها من المجلس الملى قضت محكمة عابدين الشرعية غيابيا فى 17/ 12/ 1951 فى الدعوى رقم 995 لسنة 1951 بدخول الزوجة فى طاعة زوجها وأشارت المحكمة فى أسباب حكمها إلى أن الزوج قدم لإثبات الزوجية شهادة رسمية من بطريركية الأرمن مصدقا عليها من المحافظة بتاريخ 31/ 10/ 1951 وتدل على زواج الطرفين فى 5/ 2/ 1950 وبعد أن عارضت المحكوم عليها قضت المحكمة فى 2/ 4/ 1952 بتأييد الحكم المعارض فيه وورد بوقائع هذا الحكم أن المعارضة قالت إنها والمعارض ضده من طائفة الأرمن الأرثوذكس وفى 2/ 6/ 1952 قضت محكمة مصر الابتدائية الشرعية فى الاستئناف رقم 1684 لسنة 1952 المرفوع من الزوجة بتأييد حكم الطاعة للأسباب التى بنى عليها الحكم المستأنف وبعد صدور هذا الحكم وقبل صدور حكم التطليق من المجلس الملى الابتدائى فى 23/ 3/ 1953 أشهر الزوج إسلامه فى 25/ 1/ 1953 بإشهاد شرعى أمام محكمة الجمالية الشرعية وقال فى الإشهاد إنه يشهد على نفسه أنه كان مسيحيا أرثوذكسيا وقد هداه الله للإسلام. ولم يقدم المدعى عليه هذا الإشهاد للمجلس الملى الابتدائى واستأنف الحكم بالتطليق بطلب رسمى مؤرخ 23/ 3/ 1955 قدمه إلى رئيس محكمة الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس وقال فى طلبه إن المجلس الملى الابتدائى جاوز حدود ولايته إذ قضى بحكم التطليق بين زوجين مختلفى الدين لأن الزوج أشهر إسلامه وأن ميعاد استئناف هذا الحكم ما زال مفتوحا لأن إعلان الحكم المذكور قد وقع باطلا وقدمت المدعية الحكم الصادر فى 16/ 5/ 1955 وبموجبه قضت محكمة الأحوال الشخصية الاستئنافية لطائفة الأرمن الأرثوذكس بعدم قبول الاستئناف شكلا استنادا إلى نص المادة 7 من لائحة الإجراءات للمحاكم الطائفية المبلغة لوزارة الداخلية والمعمول بها والتى تنص على أن ميعاد الاستئناف هو ثلاثون يوما من تاريخ إعلان الحكم الابتدائى الملى وأنه لما كان هذا الإعلان قد وقع صحيحا وتم فى 29/ 4/ 1953 ثم رفع الاستئناف فى 23/ 3/ 1955 فإنه يكون غير مقبول شكلا لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إنه فى 16/ 1/ 1955 رفعت المدعية دعواها الحالية وطلبت وقف تنفيذ الحكم الشرعى الصادر غيابيا بتاريخ 17/ 12/ 1951 فى الدعوى رقم 995 لسنة 1951 محكمة عابدين والمؤيد استئنافيا فى 2/ 6/ 1952 فى الاستئناف رقم 1684 لسنة 1952 محكمة مصر الابتدائية الشرعية والمقضى بموجبه بدخول المدعية فى طاعة زوجها المدعى عليه لتناقضه مع حكم التطليق الصادر من المجلس الملى الابتدائى فى 23/ 3/ 1953 بعد أن أصبح نهائيا لعدم قبول استئنافه شكلا وباستمرار تنفيذ هذا الحكم لصدوره من جهة لها ولاية الفصل فى مادة من مواد الأحوال الشخصية بين طرفين متحدى الملة والمذهب ومما ترتب عليه أن يكون قضاء المحكمة الشرعية بالطاعة قد صدر من جهة لا ولاية لها ومما يجب معه رفع هذا التناقض بين حكمين نهائيين عملا بالمادة 19/ 2 من قانون نظام القضاء وطلب المدعى عليه رفض الطلب لأن المجلس الملى ليس مختصا بالفصل فى النزاع لأشهار إسلامه فى 25/ 1/ 1953 مما كان يجب معه على محكمة الأحوال الشخصية الاستئنافية لطائفة الأرمن الأرثوذكس أن تقضى من تلقاء نفسها بانعدام ولايتها خصوصا وقد دفع فى الاستئناف بعدم اختصاص المحاكم الطائفية ومن ثم فإن المجلس الملى الاستئنافى إذ قضى بعدم قبول الاستئناف شكلا بمقولة إن إعلان الحكم الابتدائى الملى قد وقع صحيحا وأن ميعاد الاستئناف قد انقضى مع أن هذا الإعلان باطل لعدم تسليمه فورا للجهة الإدارية فى يوم 28/ 3/ 1952 ولعدم بيان صفة رجل الإدارة المستلم فى اليوم التالى يكون قد أخطأ فى القانون خطأ يترتب عليه بطلان هذا الإعلان واعتبار ميعاد الاستئناف مفتوحا مما كان يجب معه على المجلس الملى الاستئنافى أن يتخلى عن ولايته لتعلق ذلك بالنظام العام. هذا فضلا عن أن حكم التطليق لم يصبح نهائيا لعدم شهره ولعدم التصديق عليه من الرئيس الدينى لطائفة الأرمن الأرثوذكس عملا بالمادتين 54 و61 من قانون إجراءات الأحوال الشخصية لتلك الطائفة مما لا يكون معه ثمة محل للقول بالتناقض بين حكمين نهائيين وانضمت النيابة فى طلباتها إلى المدعية.
ومن حيث إنه يبين مما سلف ذكره فى الوقائع أن حكم المجلس الملى الابتدائى فيما يتعلق بشطره الخاص بالتطليق والصادر فى 23/ 3/ 1953 قد أصبح نهائيا بعد أن قضى بعدم قبول استئنافه شكلا بالحكم الاستئنافى الملى الصادر فى 16/ 5/ 1955 ولا يغير من هذا النظر قول المدعى عليه إن حكم التطليق لم يصبح نهائيا لأنه لم يشهر ولم يصدق عليه من الرئيس الدينى لطائفة الأرمن الأرثوذكس عملا بالمادتين 54 و61 من قواعد إجراءات الأحوال الشخصية لتلك الطائفة ذلك أنه يبين من المكاتبات المقدمة فى الدعوى والمتبادلة بين النيابة وبطريركية الأرمن الأرثوذكس والمؤرخة 23/ 4/ و29/ 4 و5/ 5 و11/ 5/ 1955 أن قواعد إجراءات الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس لم توضع فى قانون معتمد الأمر الذى يجعل محاكم تلك الطائفة غير ملزمة بها وأنه لا يشترط لتنفيذ حكم الطلاق تصديق الرئيس الدينى عليها بل يكتفى بالتأشير بها فى سجل الزواج بعد صدورها ولا محل للنظر فيما يثيره المدعى عليه من الأوجه الخاصة ببطلان إعلان الحكم الملى المستأنف بطلانا ينفتح به ميعاد الاستئناف ذلك لأن الجمعية العمومية لمحكمة النقض وهى فى مجال الفصل فى تنازع الاختصاص عند تعارض حكمين نهائيين لا تفصل فيما إذا كان حكم المجلس الملى الصادر بعدم قبول الاستئناف شكلا قد أخطأ أم لم يخطئ لأن مسألة بحث قبول الاستئناف هى مسألة قانونية تختص بها ذات المحكمة التى أصدرت الحكم فى حدود سلطتها عند إنزال القانون على الواقعة المعروضة عليها وليست مسألة اختصاص يترتب على الخطأ فيها أن تقول هذه المحكمة كلمتها فى هذا الخطأ - كما أن المجلس الملى ما كان يملك التعرض لبحث مسألة عدم الاختصاص التى أثارها المدعى عليه فى طلب استئنافه وهى مسألة متعلقة بموضوع الاستئناف - قبل البحث فى شكل الاستئناف ويبين مما تقدم أن حكم المجلس الملى هو حكم نهائى.
ومن حيث إن الحكم المذكور فى شطره الخاص بالتطليق متناقض مع الحكم الشرعى النهائى الصادر فى 2/ 6/ 1952 والذى قضى بدخول المدعية فى طاعة المدعى عليه مما يتعين معه عملا بالمادة 19 فقرة ثانية من قانون نظام القضاء البحث فيما يترتب على هذا التناقض.
ومن حيث إن ما يتمسك به المدعى عليه من أن المجلس الملى قد جاوز اختصاصه إذ قضى فى الدعوى المطروحة أمامه مع أنه - أى المدعى عليه - قد أشهر إسلامه قبل الفصل فى الدعوى المشار إليها هو دفاع مردود بأن الدعوى كانت قد رفعت من المدعيه على المدعى عليه وكلاهما من طائفة الأرمن الأرثوذكس وقد سلم بين الطرفين أمامه بالوحدة الطائفية واستمرا لا يدعيان غير ذلك حتى صدر الحكم بالتطليق فى 23/ 3/ 1953 فلم يعرض المدعى عليه واقعة إسلامه الطارئ رغم حضوره أمام المجلس الملى الابتدائى من 25/ 1/ 1953 وقت إشهار إسلامه إلى 23/ 3/ 1953 وقت صدور الحكم بالتطليق وعلى ذلك يبين أن العناصر الواقعية المتعلقة بعدم الولاية المدعى بها لم تعرض على المجلس الابتدائى حين قضى فى الدعوى ومن ثم لا يصح أن ينسب إليه الخطأ فى مسألة اختصاص إذ لا يرجع انعدام ولايته إلى أسباب قانونية صرف تستطيع المحكمة إدراكها من مراجعة الدعوى.
ومن حيث إن الحكم الشرعى السالف الذكر قد قضى بدخول المدعية فى طاعة المدعى عليه مع أنهما وقت صدوره كانا متحدى الملة كما سلف بيانه ومع أن العناصر المؤيدة لذلك كانت معروضة على المحكمة الشرعية وقت الفصل فى الدعوى ومن ثم يكون الحكم الشرعى المذكور قد جاوز حدود ولايته مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذه ولما كان حكم المجلس الملى السالف الذكر لم يخطئ فى مسألة اختصاص كما سبق بيانه فإنه يتعين الحكم باستمرار تنفيذه.