أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 7 - صـ 386

جلسة 22 من مارس سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف، المستشارين.

(58)
القضية رقم 320 سنة 22 القضائية

( أ ) حكم. بياناته. إجراءات التقاضى. تحضير. البيان الخاص بتلاوة تقرير قاضى التحضير المحالة به الدعوى إلى المرافعة. تضمين الحكم هذا البيان. غير لازم. وجوب تلاوة ذلك التقرير فقط. تقديم محاضر الجلسات التى نظرت فيها الدعوى بعد إحالتها من قاضى التحضير. واجب على من يتمسك ببطلان الحكم.
(ب) حكم غيابى. القبول المانع من المعارضة فيه. شرطه. عبارات أوراق لا تفيد أكثر من بيان العلاقة القانونية بين طرفى الحكم. عدم دلالتها على الرضاء به.
1 - إنه وإن كان الحكم قد خلا مما يدل على أن التقرير الذى أحال به قاضى التحضير الدعوى إلى المرافعة قد تلى فى الجلسة إلا أن تضمين الحكم هذا البيان أمر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه القانون فى المادة 116 مرافعات هو وجوب تلاوة ذلك التقرير، وعلى ذلك يجب على من يتمسك ببطلان الحكم أن يقدم صور محاضر الجلسات التى نظرت فيها الدعوى بعد إحالتها من قاضى التحضير للتحقق من عدم تلاوة التقرير.
2 - الرضاء بالحكم الغيابى المانع من قبول المعارضة فيه يجب أن يكون صريحا أو أن يكون ضمنيا بإجراءات أو عبارات تؤدى فى مدلولها إلى التيقن من حصول الرضاء بالحكم، ولا يدل على ذلك عبارات أوراق لا تفيد أكثر من بيان موضوع العلاقة القانونية بين طرفى الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 416 سنة 1943 مدنى دشنا على الطاعن وطلب فيها الحكم بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما فى 29 من أكتوبر سنة 1942 والمتضمن بيع الطاعن له الفدان الموضح بعريضة الدعوى مقابل ثمن قدره 75 جنيها - وفى 5 من ديسمبر سنة 1942 قضت المحكمة غيابيا بإثبات صحة التعاقد - فعارض الطاعن فى هذا الحكم وطلب الحكم بسقوطه تأسيسا على عدم تنفيذه فى بحر ستة شهور من يوم صدوره وطعن ببطلان عقد البيع موضوع الدعوى لأنه عقد بيع وفائى يخفى رهنا - دفع المطعون عليه بعدم قبول المعارضة لرضاء الطاعن بالحكم المعارض فيه واستند فى إثبات هذا الرضاء إلى ورقتين تحمل أولاهما تاريخ 15 من ديسمبر سنة 1945 وتحمل الأخرى تاريخ 31 من ديسمبر سنة 1946 موقع عليهما من الطاعن أقر فى الأولى منهما بأنه استلم من المطعون عليه مبلغ مائة جنيه "علاوة على عقد البيع المأخوذ به حكم إثبات تعاقد" وأقر فى الأخرى بأنه استلم من المطعون عليه مبلغ 22 جنيها "علاوة على عقد البيع الوفائى" - وفى 12 من ديسمبر سنة 1949 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول المعارضة وقبولها شكلا وبرفض الدفع بسقوط الحكم الغيابى وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن الفدان الوارد بعقد البيع الوفائى بقى فى حيازته ووضع يده وأن المطعون عليه لم يضع يده عليه تنفيذا للعقد المذكور وصرحت للمطعون عليه بالنفى - وبجلسة 4 من مارس سنة 1950 تنازل الطاعن عن تنفيذ الحكم التمهيدى وتمسك ببطلان العقد واستند فى ذلك إلى الورقتين المقدمتين من المطعون عليه وإلى بخس الثمن - وفى 21 من أبريل سنة 1951 قضت المحكمة بإلغاء الحكم الغيابى المعارض فيه وببطلان عقد البيع الوفائى المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1942 فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم، وفى 31 من مارس سنة 1952 قضت محكمة قنا الابتدائية بهيئة استئنافية بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول المعارضة لسبق قبول الطاعن للحكم الغيابى تأسيسا على أن الورقتين المحررتين فى 15 من ديسمبر سنة 1945، 31 من ديسمبر سنة 1946 تتضمنان قبولا من الطاعن للحكم الغيابى المذكور. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 4 من يناير سنة 1956 إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 8 من مارس سنة 1956.
وحيث إن السبب الأول من أسباب الطعن يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان فى الإجراءات لأنه لم يثبت فيه تلاوة تقرير التلخيص وفقا لما تقضى به المادة 116 من قانون المرافعات التى تحتم أن يكون التقرير الذى تحال به الدعوى من قاضى التحضير مكتوبا وأن يتلى فى الجلسة، وأن خلو الحكم المطعون فيه مما يدل على حصول تلك التلاوة يبطله.
وحيث إنه وإن كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا مما يدل على أن تقرير التلخيص قد تلى فى الجلسة إلا أن تضمين الحكم هذا البيان أمر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه القانون فى المادة 116 من قانون المرافعات هو وجوب تلاوة التقرير الذى يحيل به قاضى التحضير الدعوى إلى المرافعة وقد خلا نص المادة 349 من قانون المرافعات التى حددت البيانات التى يجب أن يتضمنها الحكم - من النص على وجوب إثبات هذا البيان بالحكم - لما كان ذلك وكان الطاعن لم ينف واقعة تلاوة التقرير فى الجلسة كما أنه لم يقدم صورة محاضر الجلسات التى نظرت فيها الدعوى بعد إحالتها من قاضى التحضير للتحقق من عدم تلاوة التقرير تأييدا لهذا السبب من أسباب الطعن فإن النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون عاريا عن الدليل.
وحيث إن السبب الآخر فى النعى على الحكم المطعون فيه يتحصل فى مخالفة القانون إذ أخطأ تكييف الورقتين المحررتين فى 15 من ديسمبر سنة 1945 و31 من ديسمبر سنة 1946 واعتبر ما ورد فيهما متضمنا قبول الطاعن للحكم الغيابى مع أنهما فى واقع الأمر تضمنتا إهدار هذا الحكم إذ قامت بمقتضاهما علاقة جديدة بين الطرفين على أساس جديد وأن الإشارة الواردة بالورقة الأولى عن الحكم بإثبات التعاقد وهو الحكم الغيابى موضوع الدعوى لم يقصد بها إلا إلى مجرد الإشارة إلى موضوع المعاملة بين الطرفين التى دفع بسببها المبلغ من المطعون عليه للطاعن، كما خلت الورقة الأخرى مما يشير إلى رضاء الطاعن بالحكم الغيابى رضاء صريحا أو ضمنيا.
وحيث إن الرضاء بالحكم الغيابى المانع من قبول المعارضة فيه يجب أن يكون صريحا أو أن يكون ضمنيا بإجراءات أو عبارات تؤدى فى مدلولها إلى التيقن من حصول الرضاء بالحكم - ولما كانت عبارة الورقة المحررة فى 15 من ديسمبر سنة 1945 قد اقتصرت على ذكر المبلغ المدفوع من المطعون عليه للطاعن وأن هذا المبلغ قد دفع علاوة على المبلغ الوارد بعقد البيع الوفائى الصادر عنه حكم إثبات التعاقد كما كانت عبارة الورقة الأخرى المحررة فى 31 من ديسمبر سنة 1946 قد اقتصرت على ذكر المبلغ المدفوع من المطعون عليه للطاعن وبينت أن هذا المبلغ قد دفع "علاوة" على المبلغ الوارد بعقد البيع الوفائى. وكانت عبارات الورقتين على هذا النحو لا تفيد أكثر من بيان موضوع العلاقة القانونية التى دفعت بسببها تلك المبالغ للطاعن. فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بعدم قبول المعارضة فى الحكم الغيابى على ما استخلصه من أن عبارات الورقتين تفيد رضاء الطاعن بالحكم - يكون قد أخطأ فى تفسير عبارات الورقتين وحملهما غير ما تحتملان من مدلول ظاهر ويكون استخلاصه للنتيجة التى انتهى إليها استخلاصا غير سائغ ويتعين لذلك نقضه.