أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 7 - صـ 503

جلسة 5 من ابريل سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه، ومحمد متولى عتلم المستشارين.

(67)
القضية رقم 323 سنة 22 القضائية

( أ ) عمل. عقد الاستخدام غير محدد المدة. النص فى عقد الاستخدام على حق كل طرف فى إبطاله فى أى وقت شاء. اعتبار هذا العقد غير محدد المدة ولو نص فيه على أنه لمدة محددة. مثال.
(ب) عمل. تعويض. محكمة الموضوع. سلطتها فى تقدير التعويض عن الضرر الناشئ عن فصل العامل بغير مبرر.
1 - متى تبين أن علاقة عامل برب العمل بدأت بعقد تضمن شرطا مقتضاه أن لكل من الطرفين الحق فى إبطاله بشرط إنذار الطرف الآخر قبل ميعاد الإبطال بمدة معينة وأنه ذكر فى العقد أنه لمدة محددة واستمر العامل فى عمله وكانت تصدر قرارات بتجديد عقده مدة بعد أخرى ثم كانت العقود تحرر بعد ذلك وفى بداية كل مدة تجدد لها خالية من حق كل من الطرفين فى إبطال العقد، فإن هذا العقد يكون قد نشأ غير محدد المدة ذلك أن العقد الذى يخول كل طرف فيه حق إبطاله فى أى وقت شاء إنما هو فى حقيقته عقد غير محدد المدة وإن نص فيه على أنه لمدة محددة.
2 - تقدير التعويض عن الضرر الذى يلحق العامل نتيجة فصله بغير مبرر هو من سلطة محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - تتحصل كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1032 سنة 1950 كلى القاهرة بصحيفة أعلنت فى 6 من مارس سنة 1950 طالبا الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 2185 جنيها و363 مليما والمصاريف والأتعاب بانيا دعواه على أنه عمل لدى البنك بصفة أمين شونه ووصل مرتبه إلى 18 جنيها و563 مليما شهريا وفوجئ بخطاب فصله من الخدمة ابتداء من 31/ 12/ 1949 وذلك بدون مبرر وفى وقت غير لائق وقد كان طول مدة خدمته البالغة 18 عاما أمينا فى عمله مخلصا فى واجبه وأنه يستحق أجر شهر مقابل مهلة الإنذار وتسعة شهور بصفة مكافأة و2000 جنيه بصفة تعويض عن الفصل. فدفع البنك بعدم اختصاص المحكمة نوعيا فى الطلبين الأولين، وبتاريخ 17 من مايو سنة 1951 قضت المحكمة المذكورة بإلزام الطاعن بمبلغ 315 جنيها والمصاريف المناسبة ومبلغ 350 قرشا مقابل أتعاب المحاماة مضمنة أسباب حكمها رفض الدفع بعدم الاختصاص وأن المطعون عليه يستحق 157 جنيها و500 مليم بصفة مكافأة عن مدة خدمته على أساس المرتب الشهرى 17 جنيها و500 مليم ومثل ذلك المبلغ بصفة تعويض. فاستأنف الطاعن الحكم المذكور بصحيفة أعلنت فى أول نوفمبر سنة 1951 طالبا القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة فيما قضت به بالنسبة للمرتب والمكافأة وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى التعويض وبتعديل الحكم إلى مبلغ 157 جنيها و500 مليم وقيد هذا الاستئناف برقم 824 سنة 68 ق استئناف القاهرة. كما استأنف المطعون عليه الحكم بصحيفة أعلنت فى 6 من ديسمبر سنة 1951 طالبا تعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 2185 جنيها و630 مليما وقيد استئنافه برقم 876 سنة 68 ق استئناف القاهرة ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 11 من مايو سنة 1952 بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 375 جنيها والمصروفات المناسبة عن الدرجتين و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك باضافة 17 جنيها و500 مليم إلى مقابل مرتب مهلة الإنذار والمكافأة - ورفع التعويض إلى 200 جنيه. فطعن الطاعن بالنقض فى هذا الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من يناير سنة 1956 فقررت إحالته على هذه الدائرة لجلسة 22 من مارس سنة 1956.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب يتحصل أولها وثانيها فى مخالفة القانون إذ اعتبر عقد استخدام المطعون عليه عقدا غير محدد المدة وأقام قضاءه على هذا الأساس بالتعويض والمكافأة طبقا لأحكام القانون رقم 41 لسنة 1944 مخالفا لنص المادة 150 من القانون المدنى فى فقرتيها وخالف القواعد القانونية فى الاثبات ذلك أن عقد استخدام المطعون عليه المؤرخ فى 30 من يونيه سنة 1949 واضح فى أنه عن مدة تبدأ من أول يوليو سنة 1949 وتنتهى فى 31 من ديسمبر سنة 1949 ومن ثم فلا يجوز الانحراف عند تعرف إرادة المتعاقدين عما ورد فيه طبقا للفقرة الأولى من المادة 150 مدنى وأن ما استند إليه الحكم من أن الشرط السابع من عقد 12 من سبتمبر سنة 1932 عن حق كل من الطرفين فى إبطال العقد بشرط إنذار الطرف الآخر بخطاب موصى عليه قبل المدة بخمسة عشر يوما وعن تجديد العقد بعد استمرار مدة العقد الأول لا يتحقق هذان السببان فى العقود التى حصلت من سنة 1944 وبخاصة آخرها المؤرخ فى 30 من يونيه سنة 1949 عن المدة من أول يوليو سنة 1949 إلى آخر ديسمبر سنة 1949 وأنه لا محل لتطبيق الفقرة الثانية من المادة 150 إلا إذا كانت نية المتعاقدين غير صريحة وبذلك يكون الحكم قد أخطأ فى القانون إذ اعتبر العقد غير محدد المدة مع أن العلاقة محددة وأن الحكم أقام قضاءه على ذلك الاعتبار وحكم بالمكافأة والتعويض مع أن الطاعن لم يفسخ العقد وإنما انتهت مدته فلا محل للمكافأة والتعويض.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه يبين من الأوراق أن العلاقة التى قامت بين الطرفين ظلت ثمانية عشر عاما بدون انقطاع وأنها بدأت بعقد مؤرخ 21 من مايو سنة 1932 تضمن شرطا مقتضاه أن لكل من الطرفين الحق فى إبطاله بشرط إنذار الطرف الآخر قبل ميعاد الإبطال بمدة خمسة عشر يوما سابقة وأنه ذكر فيه أنه لمدة 7 شهور و11 يوما من 21 من مايو سنة 1932 - حتى آخر ديسمبر سنة 1932 واستمر المطعون عليه يعمل بالبنك - الطاعن - وكانت تصدر قرارات بتجديد عقده مدة بعد أخرى بعد استمرار العمل حتى سنة 1943 ومنذ سنة 1944 كانت العقود تحرر خالية من حق كل من الطرفين فى إبطال العقد وكانت تحرر فى بداية كل مدة تجدد لها، ولما كان العقد الذى يخول كل طرف فيه حق إبطاله فى أى وقت شاء حقيقته إنما هو عقد غير محدد المدة وإن نص فيه على أنه لمدة محددة وبذلك يكون عقد استخدام المطعون عليه نشأ غير محدد المدة فإذا كانت العقود التالية خلت من هذا النص وكان الحكم المطعون فيه قد حصل بأسباب سائغة أن الطرفين لم يقصدا إنشاء علاقة جديدة بقوله إن عقد استخدام المطعون عليه حصل فى 12 من سبتمبر سنة 1932 عن المدة من 21 من مايو سنة 1932 لآخر ديسمبر سنة 1932 وورد بالبند السابع منه أن لكل من المتعاقدين حق إبطاله بشرط حصول إنذار سابق بخطاب موصى عليه قبل ميعاد الإبطال بخمسة عشر يوما وأن هذا النص دون بجميع قرارات التجديد التى كانت تصدر بعد الاستمرار فى التنفيذ حتى سنة 1943 وبأن خلو العقود التالية لهذه السنة من البند السابع المتقدم الذكر وموافقة تواريخ التجديد لبدايتها إنما كان ذلك يحصل مراعاة للأوضاع الشكلية فحسب سيرا وراء النظم الادارية للبنك، إذ استخلصت المحكمة بعد ذلك أن علاقة الاستخدام استمرت حسب نية الطرفين فإنه يكون استخلاصا سائغا وإن خالف ظاهر نص عقد الاستخدام ولا مخالفة فيه للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر المطعون عليه محقا فى مهلة الإنذار وفى المكافأة وفى اعتبار عمل البنك فصلا للمطعون عليه لا انتهاء لمدة العقد لم يخطئ فى القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه العيب فى التسبيب من ناحية إغفاله الرد على ما دفع به لأول مرة بالاستئناف من انتفاء المسئولية العقدية لأن العقد محدد المدة ومن ناحية عدم إيراده أسبابا لتعديله التعويض من 315 جنيها إلى 375 جنيها.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى وجهه الأول بأن الحكم المطعون فيد قد اعتبر بما له من سلطة فى استظهار نية الطرفين أن عقد المطعون عليه غير محدد المدة - كما سبق بيانه - فى الرد على السببين السابقين وبأن الحكم ورد فى أسبابه "أنه ظاهر من الملف الخاص بكامل افندى حسنى اللقانى والمقدم من البنك أن القرار الذى أصدره البنك بفصل هذا المستخدم من خدمته وذكر فيه أن الفصل للاستغناء عنه ولعدم تجديد عقد الاستخدام ولم يذكر فيه سبب آخر للفصل مما أورده البنك فى مذكرة دفاعه ولا يمكن الاستناد إلى الجزاءات التى وقعها البنك على هذا المستخدم فهى جزاءات عادية عن مخالفات إدارية وقعت منه أثناء مدة خدمته الطويلة فى البنك، وقد استمر يعمل فى البنك رغم هذه الجزاءات مدة سنوات عدة ومن هذا يتبين أن البنك كان مخطئا فى فصله - كامل افندى حسنى اللقانى - من خدمته للاستغناء عنه إذ أن كامل افندى استمر يعمل فى البنك زهاء ثمانى عشرة سنة واطمأن إلى أن رزقه قد تحدد بوجوده عاملا فى هذا البنك ففصله بعد هذه المدة يعتبر فصلا بغير مبرر ومجحفا به مما يستأهل معه أن يعوض عما لحقه من الضرر وترى المحكمة تقدير هذا التعويض بمبلغ مائتى جنيه". ولما كان الحكم المطعون فيه قد أوضح فى أسبابه سبب تعديله للمبلغ المحكوم ابتدائيا به إلى 375 جنيها بأنه عبارة عن 17 جنيها و500 مليم مرتب شهر مقابل مهلة الإنذار و157 جنيها و500 مليم مكافأة إلى ما يعادل أجر تسعة شهور و200 جنيه تعويضا وتقدير التعويض هو من سلطة محكمة الموضوع، لما كان ذلك فإن الحكم لا يكون قد شابه قصور فى التسبيب.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.