أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 1009

جلسة 27 من أكتوبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد البارى سليمان، هانى خليل، السعيد محمد برغوث ونبيل عمران نواب رئيس المحكمة.

(168)
الطعن رقم 2890 لسنة 69 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
تقديم أسباب الطعن فى الميعاد دون التقرير به. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) سبق إصرار. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى. تقدير توافرها. موضوعى. ما دام سائغًا.
(3) فاعل أصلى. اشتراك. مسئولية جنائية. سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصريين عليها. عدم التزام المحكمة ببيان وقائع خاصة عنه.
إثبات الحكم تصميم المتهمين على ضرب المجنى عليه. اعتبار الطاعن فاعلاً أصليًا. لا خطأ.
(4) إثبات "بوجه عام". رابطة السببية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علاقة السببية. علاقة مادية. تقدير توافرها. موضوعى. ما دام سائغًا. مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية فى جريمة ضرب مفضى إلى الموت.
1 - لما كان المحكوم عليه...... وإن قدم أسبابًا لطعنه فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض فى الحكم، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
2 - لما كان ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصًا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وليست العبرة فى توافر ظرف سبق الإصرار بمضى الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هى بما يقع فى ذلك الزمن من التفكير والتدبير، فما دام الجانى انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافرًا ولا يقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها، وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المقيدة لسبق الإصرار، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تصميم المتهمين على ضرب المجنى عليه بما يرتب تضامنا بينهما فى المسئولية، يستوى فى ذلك أن يكون الفعل الذى قارفه كل منهما محددًا بالذات أو غير محدود، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل فى النتيجة المترتبة عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى مؤاخذة الطاعن بوصفه فاعلاً أصليًا فى جريمة الضرب المفضى إلى الموت التى وقعت تنفيذًا لذلك التصميم لا يكون قد أخطأ فى شىء.
4 - من المقرر أن علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذى قارفه الجانى وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التى ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها فمتى فصل فى شأنها إثباتًا ونفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن - وآخر - ضربا المجنى عليه مع سبق الإصرار بطعنه بسكين فى ظهره فأصاباه بتمزق قاعدة الرئة اليمنى والحجاب الحاجز ودلل على توافر رابطة السببية بين هذا الفعل وبين وفاة المجنى عليه وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه الذى انتهى إلى أن إصابات المجنى عليه أدت إلى وفاته فإنه يكون قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التى تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التى حدثت ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم فى هذا الصدد لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بوصف أنهم: ( أ ) قتلوا..... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء "سكين وسيف" وما أن ظفروا به حتى انهالا عليه المتهمان الأول والثانى - الطاعنين - طعنًا بالأسلحة البيضاء فى أجزاء متفرقة من جسمه قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته حال وقوف المتهم الثالث بمكان الواقعة ليشد من أزرهما وتمكينهما من إتمام الجريمة. (ب) أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء "سكين وسيف ومطواة قرن غزال" دون أن يوجد لإحرازهما أو حيازتهما مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية، وأحالتهم إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بمعاقبة كل من.... بالسجن لمدة عشرة سنوات ومصادرة الأسلحة المضبوطة وذلك باعتبار أن الواقعة ضرب أفضى إلى موت.
فطعن المحكوم عليه الثانى...... فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه...... وإن قدم أسبابًا لطعنه فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض فى الحكم، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه..... استوفى الشكل المقرر فى القانون. ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخر - بجريمتى الضرب المفضى إلى الموت مع سبق الإصرار وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ حرفى أو مهنى قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ذلك بأنه دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما لا يصلح ورغم خلو الأوراق من دليل عليه، كما خلت الأوراق من وجود اتفاق جنائى بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر، هذا فضلاً عن أن علاقة السببية بين الفعل الضار الذى قارفه الطاعن ووفاة المجنى عليه غير متوافرة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى على ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصًا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وليست العبرة فى توافر ظرف سبق الإصرار بمضى الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هى بما يقع فى ذلك الزمن من التفكير والتدبير، فما دام الجانى انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافرًا ولا يقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر سبق الإصرار لدى الطاعن فى قوله: "وقد اطمأنت المحكمة إلى اعتراف المتهمين الأول والثانى بتحقيقات النيابة العامة من تعديهما بالضرب على المجنى عليه لسابق تهديده لهما ومداومة التعدى عليهما بالضرب وإنهما قد أعدا لذلك سيف وسكين وتوجها إليه لضربه وتأديبه فقط دون أن يقصدا من ذلك قتله وتستخلص المحكمة من كل ما تقدم ومن ظروف الواقعة وملابساتها توافر ظرف سبق الإصرار فى حق المتهمين الأول والثانى لوجود اتفاق سابق بينهما وإعداد الأسلحة البيضاء التى كان بحوزتهما وقت المشاجرة واسهامهما سويًا فى ضرب المجنى عليه فلقد اعترف المتهم الأول بأنه هو الذى طعن المجنى عليه بالسكين التى استقرت فى ظهره فى حين اعترف المتهم الثانى أنه كان يتشاجر مع المجنى عليه وحاملاً سيف أعده لذلك ومما ترتب المحكمة مسئوليتهما عن وفاة المجنى عليه فلقد ساهم كل منهما فى إحداث إصابات المجنى عليه التى أدت إلى وفاته لثبوت الاتفاق فيما بينهما على ضرب المجنى عليه على نحو ما سلف بيانه وهذا ما أكدته تحريات الشرطة". لما كان ذلك، وكان المستفاد مما أورده الحكم أنه قد استظهر أنه على أثر تهديد المجنى عليه للطاعن والمحكوم عليه الآخر أعدا سكين وسيف واتفقا سويًا على ضرب المجنى عليه بما يتضمنه ذلك من تفكير وتدبير ورسم خطة التنفيذ فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليمًا وصحيحًا فى القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها، وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المقيدة لسبق الإصرار، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تصميم المتهمين على ضرب المجنى عليه بما يرتب تضامنا بينهما فى المسئولية، يستوى فى ذلك أن يكون الفعل الذى قارفه كل منهما محددًا بالذات أو غير محدود، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل فى النتيجة المترتبة عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى مؤاخذة الطاعن بوصفه فاعلاً أصليًا فى جريمة الضرب المفضى إلى الموت التى وقعت تنفيذًا لذلك التصميم لا يكون قد أخطأ فى شىء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذى قارفه الجانى وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التى ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها فمتى فصل فى شأنها إثباتًا ونفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن - وآخر - ضربا المجنى عليه مع سبق الإصرار بطعنه بسكين فى ظهره فأصاباه بتمزق قاعدة الرئة اليمنى والحجاب الحاجز ودلل على توافر رابطة السببية بين هذا الفعل وبين وفاة المجنى عليه وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليه الذى انتهى إلى أن إصابات المجنى عليه أدت إلى وفاته فإنه يكون قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التى تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التى حدثت ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.