أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 1058

جلسة 3 من نوفمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعى، أنس عماره، فرغلى زناتى نواب رئيس المحكمة وهانى عبد الجابر.

(176)
الطعن رقم 13157 لسنة 71 القضائية

(1) إخفاء جثة. جريمة "أركانها" حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها".
يشترط لقيام جريمة إخفاء جثة أن يتحقق مع ارتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الاقتضاء أن تتجه إرادة الجانى إلى إخفائها عن أعين السلطات.
إدانة الحكم المطعون فيه للطاعن لقيامه بإلقاء الجثة بمكان مطروق للعامة. يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالبراءة. علة ذلك؟
(2) نقض "أثر الطعن".
من لم يكن طرفًا فى الخصومة الاستئنافية. لا يفيد من نقض الحكم.
1 - لما كان نص المادة 239 من قانون العقوبات على أن "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة". مما مفاده أن يشترط لقيام الجريمة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجانى إلى إخفاء الجثة عن أعين السلطات العامة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم من أقوال شهود الإثبات يفيد قيام الطاعن بإلقاء الجثة فى الطريق أمام سور سوق الجملة للمزارعين وبجوار مقهى وهو مكان مطروق للعامة ثم وضع بطاقة صاحب الجثة ورخصة قيادته إلى جوارها وهو ما لا يقوم به فعل الإخفاء ولا يتوافر قيه القصد الجنائى فى الجريمة التى دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها، ومن ثم يضحى الفعل المسند إلى الطاعن لا جريمة فيه وغير مندرج تحت أى نص عقابى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ودانه بجريمة إخفاء جثة متوفى يكون فضلاً على قصور أسبابه وفساد استدلاله فى الرد على دفاع الطاعن قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله بما يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.
2 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر فى الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفًا فى الخصومة الاستئنافية التى صدر فيها ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن فيه بالنقض فلا يمتد إليه أثره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر فى قضية الجنحة قاما بإخفاء القتيل وذلك بإلقائها فى مكان معزول بالطرق العام. وطلبت عقابهما بالمادة 239 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح..... قضت حضوريًا للأول وغيابيًا للثانى وعملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائتى جنيه لإيقاف التنفيذ.
استأنف المحكوم عليه الأول ومحكمة....... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء جثة قتيل قد شابه القصور فى التسبيب وأخطأ فى تطبيق القانون إذ رد بما لا يصلح ردًا على دفعه بانتفاء ركن الإخفاء، وعدم توافر القصد الجنائى اللازم لقيام الجريمة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت فى الدعوى بقوله: وبسؤال........ (الطاعن) بمحضر الضبط والتحقيقات أنكر ما نسب إليه وقرر بأنه تربطه علاقة صداقة وقد اتفقا على أن يتقابلا بمدينة الإسكندرية لحجز موعد كشف عند أحد الأطباء لزوجة....... حيث تعانى من آلام الصداع وقد تقابلا وتوجها إلى سيدة تدعى...... بمنطقة....... وطلبت....... منه مبلغ مائة جنيه قام بإعطائها لتلك السيدة وطلب منها مخدر الهيروين وبعد إحضار مادة المخدر له قام بإخراج سرنجة من ملابسه وحقن نفسه بالمخدر وسقط مغشيًا عليه ظل فى غيبوبة إلى أن توفاه الله، وفى الفترة التى ظل فيها فى غيبوبة حاول إنقاذه بالخروج لإحضار طبيب له أن تلك السيدة ومن معها من رجال قاموا بمنعه من الخروج وبعد ذلك أحضروا له سيارة أجرة تم نقل الجثة فيها وتوجه هو سائق السيارة الأجرة إلى مدينة طنطا حيث تقابلا مع صديق لهما يدعى...... وبعد إفهامه بما حدث تهرب منه المدعو...... قام هو وسائق السيارة الأجرة بالبحث عن مكان مظلم حتى تم التخلص من الجثة وحيث أنه بسؤال..... بالتحقيقات قرر أنه صديق لكل من المتهم...... والضابط المتوفى جمال..... وبتاريخ الواقعة فوجئ بحضور........ وطلب منه نقل جثة صديقهما......... إلى أهليته وبعد إخباره بسبب الوفاة رفض ذلك وتركه وانصرف وحيث أنه بسؤال....... سائق السيارة الأجرة بالتحقيقات قرر أنه بتاريخ......... قام أحد الأشخاص باستيقافه وطلب منه توصيل أحد المرضى إلى مستشفى المركز الطبى وتم وضع المريض فى السيارة واستقل السيارة الأجرة........ وآخرين انصرفا فى الطريق وقد أفهمه الأول بأنه ضابط شرطة وبأن المريض ضابط شرطة وأطلعه على البطاقات العسكرية الدالة على ذلك ثم قام بعد ذلك بتهديده بسلاح وطلب منه التوجه إلى طنطا وأعطاه مائة جنيه مقابل ذلك وعند وصولهم إلى مدينة طنطا تقابل المتهم مع...... صديق له ويدعى...... ودار بينهما حديث ثم انصرف المدعو وطلب منه الضابط المتهم بعد ذلك السير بالسيارة فى انحاء مدينة طنطا حتى وصلا إلى مكان مظلم قام المتهم بعد ذلك بالتخلص من الجثة بإلقائها بالطريق وطلب بعد ذلك العودة إلى مدينة...... وفى الطريق أخبره - بحقيقة الواقعة وطلب منه فى حالة حصول تحقيق إنكار معرفته به. وحيث إنه بسؤال........ زوجة المتهم المتوفى شهدت بالتحقيقات بأن زوجها كانت تربطه علاقة صداقة بالمتهم....... وقد اعتاد كل منهما تعاطى المواد المخدرة وقد توجها سويًا إلى الإسكندرية فى يوم حدوث الواقعة - بعد أن أخبرها زوجها أن سبب سفرهما شراء بعض المخدرات للمتهم..... وتأخر زوجها فحاولت الاتصال..... الذى أنكر سفره مع زوجها المتوفى مما جعلها تتشكك فى الأمر. وحيث إنه بسؤال المتهمة...... وشهرتها...... بمحضر الضبط أقرت بالواقعة. وخلص إلى إدانة الطاعن والرد على دفاعه بإنتفاء الجريمة وتخلف القصد الجنائى فيها بقوله وكانت التهمة ثابتة قبل المتهم أية ذلك أنه قام بوضع الجثة وبإخفائها أمام سور سوق الجملة وتركها ثم عاد إلى مدينة...... إذ أنه يتعين عليه قبل أن يضعها فى هذا المكان أن يبلغ جهات الاختصاص منذ الوهلة الأولى أثناء نقلها من الإسكندرية ما يربوا على أربع ساعات وهو يعلم أن الجثة جثة قتيل فالركن المادى للجريمة يتحقق متى حصل الدفن والإخفاء وأن المتهم قام بإخفاء جثة القتيل أمام سوق الجملة وبجوار مقهى بالسوق خاصة المزارعين حسبما جاء بتحقيقات النيابة العامة وحسبما جاء بأقوال المتهم الثانى سائق السيارة - والركن الثانى هو دون إخبار جهات الاختصاص وهو أيضًا متوافر فى حق المتهم فالمتهم لم يبلغ جهات الاختصاص رغم وجود ساعات من الوقت للإبلاغ إلا أن المتهم لم يقم بالإبلاغ أو إسعافه ولا ينال من ذلك ما قرره المتهم من أن..... وآخرين منعوه من الإبلاغ أو إسعافه بحجة المساءلة بوصفه ضابط شرطة والقتيل ضباط شرطة، وأنه كان والسائق بمقدورهما أن يقوما بالإبلاغ من الإسكندرية فى حينه إلا أنه قام بالتوجه إلى مدينة.... ومكث بها أكثر من أربع ساعات وقابل من يدعى....... ثم قام بعد ذلك بوضع الجثة أمام سور سوق الجملة وتركها بعد أن وضع الكارنيه الخاص بالمتوفى ورخصة القيادة بجواره وتركه دون الإبلاغ ثم عاد إلى مدينة الإسكندرية حسبما جاء بأقوال المتهم والمتهم الآخر سائق السيارة وبعد ذلك قام شقيق المتوفى وزوجته بالاتصال هاتفيًا صباح اليوم التالى فأخبرهما بأنه لم يلتقى بالمتوفى ولم يقم أيضًا بإبلاغهما بما حدث، والركن الثالث القصد الجنائى وهو فعل الإخفاء وهو يعلم أن الجثة جثة قتيل فالمتهم قام بوضع القتيل أمام سور سوق الخضار وتركه وهو يعلم أنه قتيل وأنه فارق الحياة الأمر الذى تكون معه التهمة ثابتة قبل المتهم مما يقتضى عقابه بنص المادة 239 عقوبات والمادة 304/ 2 أ. ج لما كان ذلك، وكان نص المادة 239 من قانون العقوبات على أن "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة". مما مفاده أن يشترط لقيام الجريمة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجانى إلى إخفاء الجثة عن اعين السلطات العامة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم من أقوال شهود الإثبات يفيد قيام الطاعن بإلقاء الجثة فى الطريق أمام سور سوق الجملة للمزارعين وبجوار مقهى وهو مكان مطروق للعامة ثم وضع بطاقة صاحب الجثة ورخصة قيادته إلى جوارها وهو ما لا يقوم به فعل الإخفاء ولا يتوافر قيه القصد الجنائى فى الجريمة التى دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها، ومن ثم يضحى الفعل المسند إلى الطاعن لا جريمة فيه وغير مندرج تحت أى نص عقابى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ودانه بجريمة إخفاء جثة متوفى يكون فضلاً على قصور أسبابه وفساد استدلاله فى الرد على دفاع الطاعن قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله بما يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه وذلك دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر فى الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفًا فى الخصومة الاستئنافية التى صدر فيها ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن فيه بالنقض فلا يمتد إليه أثره.