أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 7 - صـ 528

جلسة 19 من أبريل سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، واحمد قوشه، ومحمد متولى عتلم المستشارين.

(72)
القضية رقم 360 سنة 22 القضائية

( أ ) دعوى. خصومة. إجراءات التقاضى. انقطاع سير الخصومة. آثاره. بطلان الإجراءات التى تتخذ فى فترة الانقطاع فى ذلك الحكم الذى يصدر فى الدعوى. اعتبار هذا البطلان بطلانا نسبيا.
(ب) حكم. بطلانه. إجراءات. خصومة. انقطاع الخصومة. صدور حكم على خصم توفى أثناء سير الدعوى. تمسك الورثة بهذا البطلان. وجوب أن يكون بطريق الطعن على الحكم لا بدعوى بطلان مبتدأة.
1 - مفاد نصوص المواد 299 مرافعات قديم، 294، 297 مرافعات جديد أنه إذا قام سبب من أسباب انقطاع الخصومة وتوافرت شروطه انقطعت الخصومة عند آخر إجراء حصل قبل قيام سبب الانقطاع، ولا يجوز اتخاذ أى إجراء من إجراءات الخصومة فى فترة الانقطاع وقبل أن تستأنف الدعوى سيرها بالطريق الذى رسمه القانون. وكل إجراء يتم فى تلك الفترة يقع باطلا بما فى ذلك الحكم الذى يصدر فى الدعوى - إلا أن هذا البطلان - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبى قرره القانون لمصلحة من شرع الوقف أو الانقطاع لحمايته وهم خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد أهليته أو تغيرت صفته.
2 - إذا صدر حكم على خصم توفى أثناء سير الدعوى ولم توقف الإجراءات لوفاته كان لورثته - إذا أرادوا التمسك ببطلان الإجراءات - أن يطعنوا على الحكم بالطرق التى رسمها القانون لا بدعوى بطلان مبتدأة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 711 سنة 1949 كلى سوهاج ضد الطاعنة بطلب بطلان الحكم الصادر فى القضية رقم 589 سنة 1929 كلى أسيوط والقاضى بإلزام مورثهم مع آخرين متضامنين بأن يدفعوا للطاعنة مبلغ 1973 جنيها وما يستجد من الأجرة حتى تمام الوفاء مع الفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة وتثبيت الحجز التحفظى الموقع فى 17 من يوليه سنة 1929 إلى آخر ما جاء بمنطوق ذلك الحكم المذكور، وقد استند المطعون عليهم فى طلب بطلان ذلك الحكم إلى أنه صدر ضد مورثهم وهو متوفى، أما الطاعنة فتمسكت بأن الورثة لم يخطروا المحكمة بأمر الوفاة، كما أنهم قبلوا الحكم بعدم الاعتراض على تنفيذه - وبتاريخ 29 من مايو سنة 1950 قضت المحكمة ببطلان الحكم رقم 589 سنة 1929 واعتباره كأن لم يكن بالنسبة لمورث المطعون عليهم تأسيسا على أن الحكم صدر بعد الوفاة بشهور وأن جميع الإجراءات التى يقوم بها خصم بعد وفاة خصمه تعتبر باطلة لأن وفاة الخصم حالة ينشئها القانون لا حكم القاضى الذى يقرر حصولها تقريرا لا يستمد من علم الخصم بها وأن هذا البطلان جوهرى.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافها برقم 260 سنة 25 ق طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، فقضت محكمة الاستئناف المذكورة بتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعنة بالمصروفات والأتعاب وذهبت فى ذلك إلى أنه ليس فى القانون ما يمنع من رفع دعوى بطلان مستقلة عن حكم خالف إجراءات القانون، وأن وفاة الخصم أثناء سير الدعوى وقبل أن تتهيأ للحكم يترتب عليها انقطاع سير الخصومة أو "وقفها فى القانون القديم" بقوة القانون لأن الخصومة تفقد بذلك ركنا من أركانها الأساسية وأى إجراء يتخذ أثناء فترة الوقف أو الانقطاع يكون باطلا ولو جهل القائم به سبب هذا الانقطاع أو الوقف. وأن ما تدعيه الطاعنة من رضاء الورثة المطعون عليهم بالحكم وعدم الاعتراض عليه عند تنفيذه مردود بأن الثابت من الأوراق أن الحكم المذكور لم يعلن للمورث ولا لورثته وأن الحجز وقع به دون أن يسبقه إعلان بالحكم مما يجعل التنفيذ المدعى به باطلا فضلا عن أن التنفيذ الجبرى بفرض صحته فإنه يعدم الرضاء - فطعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وبعد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 5 أبريل سنة 1956.
ومن حيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون من ثلاثة أوجه: يتحصل أولها فى أنه لا يجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلان الأحكام بل سبيل ذلك أنه يطعن فيها بطرق الطعن المقررة وفى المواعيد المحددة قانونا لأن استقرار الحقوق لأربابها يقتضى احترام الأحكام واعتبارها عنوانا للحقيقة. ويتحصل الوجه الثانى فى أن الفقه قد جرى كما استقر قضاء محكمة النقض - فى ظل قانون المرافعات القديم - على أنه لكى يحصل انقطاع المرافعة أو وقفها وتترتب عليه آثاره القانونية يجب أن يعلن الخصم بالسبب الذى أحدت هذا الانقطاع أو أن يعلم به من أى طريق آخر أو ألا يكون له عذر مقبول للجهل به، ولما كانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن أحدا لم يعلنها بوفاة مورث المطعون عليهم أثناء سير الخصومة كما أنها لم تعلم بهذه الوفاة من أى طريق آخر فالحكم المطعون فيه إذ أهدر هذا كله وافترض حصول انقطاع الخصومة من غير حاجة إلى إعلان الخصم بها أو ثبوت علمه بالسبب الموجب لذلك فإنه يكون قد خالف القانون، ويتحصل الوجه الثالث فى أن قضاء محكمة النقض قد استقر على أن بطلان الحكم المترتب على انقطاع المرافعة لوفاة أحد الخصوم هو بطلان نسبى وهذا النوع من البطلان يسقط بالتقادم سواء كان فى صورة دعوى أو دفع ولما كان الحكم المقضى ببطلانه قد صدر حضوريا فى 12 من مارس سنة 1932 ولم يرفع المطعون عليهم الدعوى الحالية ببطلانه إلا فى 22 من أغسطس سنة 1949 وهى فترة تزيد على خمس عشرة سنة المقررة للتقادم المسقط للحقوق ورغم تمسك الطاعنة بذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يعتد بذلك وقضى بالبطلان فيكون قد أخطأ تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى رقم 5891 سنة 1929 ك أسيوط رفعت من الطاعنة على مورث المطعون عليهم وآخرين وأن هذا المورث توفى فى 26 من أكتوبر سنة 1931 أثناء سير الدعوى ثم صدر الحكم فيها فى 12 من مارس سنة 1932 بعد أن بدأت الخصومة صحيحة بين أطرافها - ولما كان القانون قد نص فى المادة 299 مرافعات قديم وهو الذى سارت الإجراءات فى ظله على أنه "يترتب على وفاة الخصم فى الدعوى قبل تقديم الأقوال والطلبات الختامية فيها وقف الدعوى... ويرجع إليها بتجديد الطلب من أو إلى من يقوم عمن أوقفت المرافعة بسبب وفاته". كما نص فى المادتين 294 و297 مرافعات جديد على أنه "ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم... إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم فى موضوعها... وأنه يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التى كانت جارية فى حق الخصوم وبطلان جميع الاجراءات التى تحصل أثناء الانقطاع... وتستأنف الدعوى سيرها بتكليف بالحضور يعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذى توفى..." ومفاد هذه النصوص أنه إذا قام سبب من أسباب الانقطاع وتوافرت شروطه انقطعت الخصومة عند آخر إجراء حصل قبل قيام سبب الانقطاع، ولا يجوز اتخاذ أى إجراء من إجراءات الخصومة فى فترة الانقطاع وقبل أن تستأنف الدعوى سيرها بالطريق الذى رسمه القانون. وكل إجراء يتم فى تلك الفترة يقع باطلا بما فى ذلك الحكم الذى يصدر فى الدعوى - إلا أن هذا البطلان - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبى قرره القانون لمصلحة من شرع الوقف أو الانقطاع لحمايته وهم خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد أهليته أو تغيرت صفته - ويكون لهؤلاء إما أن يصححوا الإجراء الباطل بالإجازة الصريحة أو الضمنية وإما التمسك ببطلانه وسبيل ذلك الطعن على الحكم بطرق الطعن المقررة قانونا لا رفع دعوى مبتدأة بالبطلان - ذلك أن القانون إذ نظم طرقا معينة للطعن فى الأحكام إنما قصد إلى قصر التظلم من هذه الأحكام على تلك الطرق دون غيرها احتراما للأحكام وتقديرا لحجيتها. وقد أكد المشرع هذا المبدأ بما أورده فى المادة 396 مرافعات فى القانون رقم 137 سنة 56 المعدل لها من جواز الطعن بالاستئناف فى الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية أو الابتدائية فى حدود نصابها الانتهائى بسبب وقوع بطلان فى الحكم أو فى الإجراءات أثر فى الحكم - على أنه إذا جاز - فى بعض الصور - القول بامكان رفع دعوى بطلان أصلية بشأن حكم تجرد من الاركان الأساسية للأحكام فليس هذا هو الشأن فى الدعوى الحالية حيث صدر الحكم على شخص أعلن فى الدعوى ثم توفى أثناء نظرها ولم توقف الاجراءات لوفاته ولا يصح أن يوصف هذا الحكم بأنه حكم فقد أركانه الأساسية ويؤكد هذا النظر أن المشرع أجاز صدور حكم على شخص توفى إذا كانت الدعوى مهيأة للحكم - بل قيل فى ظل قانون المرافعات القديم - إن الاجراءات فى الدعوى تعتبر صحيحة إذا لم يعلم الخصم بالسبب الذى دعا إلى وقف المرافعة - فإذا ما صدر حكم على خصم توفى أثناء سير الدعوى ولم توقف الاجراءات لوفاته كان لورثته إذا أرادوا التمسك ببطلان الإجراءات أن يطعنوا على الحكم بالطرق التى رسمها القانون لا بدعوى بطلان مبتدأة - وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أجاز قبول دعوى البطلان يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى.