أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 7 - صـ 686

جلسة 7 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(95)
القضية رقم 365 سنة 22 القضائية

( أ ) نقض. طعن. ميعاد الطعن. دفع. محاماة. الدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد. الاستناد فى تاريخ إعلان الطاعن بالحكم المطعون فيه إلى عبارة فى تقرير الطعن بشأن هذا التاريخ. خلو توكيل المحامى الذى قرر بالطعن من التفويض بالإقرار. نفى محامى الطاعن الحاضر بالجلسة حصول إعلان موكله بالحكم فى هذا التاريخ. دفع فى غير محله.
(ب) مرض الموت. تأثير المرض تأثيرا ظاهرا فى حالة المريض النفسية أو مساسه بادراكه. عدم اشتراط ذلك لاعتبار المرض مرض موت.
(جـ) مرض الموت. إثبات. وفاة المريض على فراش مرضه بالمستشفى بالتهاب رئوى بعد عملية جراحية أجريت له. لا ينفى أنه كان مريضا مرض الموت قبل دخوله المستشفى. رفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات مرضه بالسرطان قبل دخوله المستشفى بثلاثة أشهر. غير سائغ.
1 - العبارة الواردة فى تقرير الطعن بشأن تاريخ إعلان الطاعن بالحكم المطعون فيه سواء اعتبرت بيانا من الطاعن لواقعة من وقائع الدعوى أو إقرارا فهى فى الحالين غير ملزمة له إلزاما لا يستطيع دفعه، إذ أن الطاعن فى الصورة الأولى يستطيع أن يصححها بمجرد قوله، وإن اعتبرت إقرارا لزم أن يكون المقر بها مفوضا بالإقرار، فإذا تبين من التوكيل الصادر من الطاعن إلى المحامى الذى قرر بالطعن أنه لم يرد به تفويض بالإقرار فلا يكون هناك محل للدفع بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد استنادا إلى هذه العبارة ما دام محامى الطاعن الحاضر بجلسة المرافعة نفى حصول الإعلان لموكله فى ذلك التاريخ.
2 - لا يشترط لاعتبار المرض مرض موت أن يكون المرض قد أثر تأثير ظاهرا فى حالة المريض النفسية أو وصل إلى المساس بإدراكه.
3 - ثبوت وفاة المريض على فراش مرضه فى المستشفى بالتهاب رئوى بعد العملية الجراحية التى أجريت له لا ينفى حتما أنه كان مريضا مرض موت قبل دخوله المستشفى إذ قد يكون هذا السبب الأخير من مضاعفات المرض ولا يسوغ رفض الاستجابة إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات أنه كان مريضا بالسرطان قبل دخول المستشفى بثلاثة أشهر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع الطعن - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن الأول وشقيقته صوفيه مورثة الطاعن الثانى عن نفسه وبصفته أقاما الدعوى رقم 648 لسنة 1949 كلى مصر على المطعون عليها بصفتيها وقالا فى صحيفتها إن والدهما المرحوم بطرس عبد الملك حرر عقد بيع جعل تاريخه 13/ 4/ 1940 إلى زوجته المطعون عليها وأولاده منها القصر عن 32 ف و11 ط و9 س موضحة الحدود والمعالم بالعقد وبالثمن المقرر فيه وإنها استصدرت قرارا من المحكمة الحسبية بسلب ولاية زوجها عن أولادها القصر والمشترين معها وبتعيينها وصيا للخصومة عن هؤلاء القصر كما استصدرت بعد ذلك حكما بإثبات صحة هذا العقد فى الدعوى رقم 262 لسنة 1948 كلى بنى سويف - ولأن هذا العقد صورى لأنه رغم إعطائه تاريخا فى سنة 1940 فإن المورث ظل واضعا يده على هذه المساحة حتى يوم وفاته فى 1948 ينتفع بها لحسابه الخاص ويسدد عنها اقساط البنك المرتهن لها وأن المطعون عليها رغم صدور العقد لها لم ترفع دعوى صحة التعاقد إلا فى 30/ 6/ 1948 وصدر الحكم لمصلحتها فى 25/ 9/ 1948 ثم سارعت فى سحب صورة الحكم التنفيذية وأعلنتها فى 29/ 9/ 1948 وهو يوم وفاة المورث ثم طلبا الحكم ببطلان العقد لأنه مشوب بالصورية المطلقة وبجلسة 12/ 12/ 1949 طعن الطاعنان فى العقد بصدوره فى مرض الموت (سرطان فى الشرج) وطلبا أخيرا الحكم ببطلان عقد البيع المذكور واعتباره كأن لم يكن وإلغاء التسجيلات المترتبة عليه وبثبوت ملكيتهما إلى نصيبهما فى المساحة المبيعة 12 ف و3 ط و12 س وتسليمه إليهما مع كف منازعة المدعى عليها بصفتيها مع المصروفات والأتعاب ألخ. وفى 28/ 12/ 1950 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المدعيان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة (304 سنة 68 ق) وطلبا قبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم لهما بطلباتهما الأصلية. وبجلسة 14/ 6/ 1952 حكمة المحكمة بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى قلم كتاب هذه المحكمة فى 26/ 8/ 1952 أعلن إلى المطعون عليها فى 28/ 8/ 1952 وبجلسة المرافعة دفعت المطعون عليها بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد بالنسبة للطاعن الأول لأن الحكم أعلن إليه باعترافه فى تقرير الطعن فى 22/ 7/ 1952 ولكنه لم يقرر بالطعن على ما سلف القول إلا فى 26/ 8/ 1952 بعد فوات الثلاثين يوما المحددة للطعن فى المادة 428 مرافعات.
(عن الدفع):
ومن حيث إن هذا الدفع فى غير محله. ذلك لأن المطعون عليها لم تقدم الدليل على أن الحكم المطعون فيه أعلن للطاعن الأول 22/ 7/ 1952 ولا يجديها بعد ذلك التمسك بما ورد فى تقرير الطعن من أن الطاعن الأول أعلن فى ذلك التاريخ، فأغناها بذلك عن تقديم الدليل عليه. ذلك أن وكيل الطاعن المذكور الحاضر بجلسة المرافعة نفى حصول الإعلان لموكله فى هذا التاريخ، وذكر أن ما ورد فى تقرير الطعن فى هذا الخصوص إنما كان خطأ ماديا من الوكيل السابق الذى ما كان توكيله يحوى تفويضا خاصا بالإقرار. وفى هذا الذى يقرره الطاعن ما يكفى لرفض هذا الدفع. ذلك أن العبارة التى وردت فى تقرير الطعن سواء اعتبرت بيانا من الطاعن لواقعة من وقائع الدعوى أو إقرارا فهى فى الحالين غير ملزمة له إلزاما لا يستطيع دفعه إذ أن الطاعن فى الصورة الأولى يستطيع أن يصححها بمجرد قوله - وإن اعتبرت إقرارا لزم أن يكون المقر بها مفوضا بالإقرار، ويبين من التوكيل الصادر من الطاعنين إلى المحامى الذى قرر الطعن أنه لم يرد به تفويض بالإقرار. ولذلك يتعين رفض الدفع.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه قصورا فى التسبيب يؤدى إلى بطلان الحكم من عدة وجوه: الوجه الأول - استخلص الحكم عدم صدور العقد فى مرض الموت من المصادر الآتية: ( أ ) أن العقد يعتبر ثابت التاريخ من تاريخ الطلب الذى قدمته المطعون عليها لمحكمة بنى سويف الحسبية فى 13/ 6/ 1948. (ب) إن المورث لم يكن فى هذا التاريخ مريضا بمرض الموت كدلالة شهادة المستشفى المؤرخة 4/ 11/ 1948 وقد جاء فيها أنه أدخل المستشفى فى 29/ 6/ 1948 ومكث به حتى توفى فى 29/ 9/ 1948 وكان مصابا بالتهاب غلغمونى فى الشرج وأجريت له جراحة فى 30/ 6/ 1948 وكانت حالته جيدة عقب العملية غير أنه أصيب بالتهاب رئوى فى 25/ 9/ 1948 توفى على أثره فى 29/ 9/ 1948 وكان طيلة إقامته بالمستشفى فى حالة ذهنية وعقلية جيدة. (جـ) الكتاب المنسوب للمورث الذى بعث به إلى محاميه الأستاذ قسطندى برسوم فى 14/ 9/ 1948 يطلب إليه الحضور عنه بجلسة 18/ 9/ 1948 لإعطاء الإقرار اللازم نيابة عنه. وكل هذه المصادر لا تؤدى عقلا إلى استخلاص واقعة انعدام صدور العقد فى مرض الموت على ما قال به الحكم للأسباب الآتية: أولا - لو فرض جدلا أن طلب 13/ 6/ 1948 إلى المحكمة الحسبية قد أعطى العقد تاريخا ثابتا فإن المقطوع به أن المورث أصيب بالمرض الذى انتهى بوفاته قبل دخوله المستشفى بثلاثة شهور ولما عجز الأطباء عن شفائه قرروا إجراء عملية جراحية له لوضع حد لآلامه فدخل المستشفى الإيطالى فى 29/ 6/ 1948 وبقى به حتى وفاته فى 29/ 9/ 1948، وثابت من شهادة المستشفى أنه كان مصابا بالتهاب غلغمونى بالشرج وكانت حالته عقب العملية جيدة غير أنه أصيب فى 25/ 9/ 1948 بالتهاب رئوى توفى على أثره ولم يكن هذا الالتهاب الرئوى إلا نتيجة مرضه وضعفه. ثانيا - إن الثابت أن حالة المرض التى دخل المورث من أجلها المستشفى منعته من مغادرته ومن مزاولة أعماله واستمر كذلك حتى وفاته. ثالثا - لا يشترط فى مرض الموت أن يكون المريض به فى حالة ذهنية أو عقلية غير سليمة. رابعا - إن المورث حرر العقد قبيل دخوله المستشفى بأيام فى وقت كان يشعر فيه بدنو أجله. خامسا - إن خطاب المورث للأستاذ قسطندى برسوم المحامى فى 14/ 9/ 1948 لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم. سادسا - إن ظروف تحرير العقد من عدم ذكر أساس ملكية البائع ومن صورية الثمن ومن التعجل فى رفع الدعوى والاجراءات السريعة فيها تقطع فى أن العقد حرر من المورث فى وقت كان يشعر هو المطعون عليها بدنو أجله ولما صدر الحكم أعلنته به فى بنى سويف فى يوم وفاته إلى المستشفى مما لم تكن تجهله. الوجه الثانى - طلب الطاعن الأول فى مذكرته بجلسة التحضير (1/ 4/ 1952) إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات حقيقة نوع المرض الذى أدخل المستشفى للمعالجة منه والذى توفى بسببه وكذلك ندب الطبيب الشرعى للاطلاع على أوراق المستشفى لمعرفه نوع المرض وتطوراته إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب بأسباب لا تصلح للرد عليه - فضلا عن أن الحكم خلط فى أسبابه خلطا يجعلها فى حكم العدم إذ خلط بين تصرفات المريض مرض الموت وبين تصرفات عديم الأهلية أو قاصرها فاشترط على خلاف القانون أن يكون المتصرف غير كامل الأهلية ولا سليم الادراك مع اختلاف الحكم فى الحالتين. ثم ردد الطاعنان هذا السبب فى عبارات لا تخرج عما سبق اثباته وجعلاه سببا ثانيا للطعن. وأكد أن المورث كان مريضا بالسرطان وقد أضعف صحته بدرجة جعلته لا يحتمل الالتهاب الرئوى الذى أصابه فى المستشفى وعجل بوفاته. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وقد انضمت النيابة العمومية فى مذكرتها إلى الطاعنين وطلبت نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه استند فى قضائه بأن المورث لم يكن وقت تحرير العقد المطعون فيه مريضا مرض موت على شهادة المستشفى الايطالى مقررا أنه وضح فى تلك الشهادة أن المورث كان بعد إجراء العملية الجراحية له بحالة جيدة وأنه كان طول فترة إقامته بالمستشفى حتى ساعة وفاته فى حالة ذهنية وعقلية جيدة وطبيعية وإنه توفى إثر اصابته بالتهاب رئوى قبل وفاته بأربعة أيام - وأنه لذلك لا يمكن القول إن المورث كان قبل دخوله المستشفى ووقت تحرير العقد مريضا مرض موت. ويكون الطعن على العقد لهذا السبب على غير أساس دون حاجة إلى تحقيق ما أثاره الطاعنان من أن المورث كان مريضا بالسرطان - هذا الذى اعتمد عليه الحكم المطعون فيه فى قضائه قد شابه فهم قانونى غير سليم لمعنى مرض الموت فضلا عن أن ما أقيم عليه قد شابه القصور ولا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها من نفى مرض الموت ولا يسوغ رفض الاستجابة إلى طلب الاحالة إلى التحقيق لإثبات أن المورث كان مريضا بالسرطان قبل دخوله المستشفى بثلاثة شهور - ذلك لأنه لا يشترط لاعتبار المرض مرض موت أن يكون المرض كما توهم عبارة الحكم المطعون فيه أثر تأثيرا ظاهرا فى حالة المريض النفسية أو وصل إلى المساس بإدراكه كما أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث حالة الموت قبل دخوله المستشفى - كما أن ثبوت وفاة المورث على فراش مرضه فى المستشفى بالتهاب رئوى بعد العملية الجراحية التى أجريت له لا ينفى حتما أن المورث كان مريضا مرض موت إذ قد يكون هذا السبب الأخير من مضاعفات المرض - وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قاصر البيان قصورا يعيبه ويبطله.