أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 7 - صـ 760

جلسة 28 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد المستشار محمد فؤاد جابر، وبحضور السادة اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم المستشارين.

(107)
القضية رقم 361 سنة 22 القضائية

( أ ) ملكية شائعة. بيع. قسمة. حق المالك على الشيوع فى بيع ملكه محددا قبل القسمة. المادة 826 مدنى.
(ب) بيع. أهلية. قاصر. ملكية شائعة. بطلان بيع نصيب القاصر إذا تم بأقل من الثمن المحدد بقرار المحكمة الحسبية. تحدى مدعى الاستحقاق الذى تلقى الحق عن شريك أو وارث بهذا البطلان. غير جائز.
1 - ليس ثمة ما يمنع البائع وإن كان مالكا على الشيوع أن يبيع ملكه محددا مفرزا وأن حالة التحديد هذه وإن ظلت موقوفة أو معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشريك على الشيوع إلا أن هذا كله لا يبطل عقد البيع. وبتسجيل المشترى لعقده تنتقل الملكية إليه ويصبح شريكا لباقى الشركاء تجب مخاصمته فى دعوى القسمة إن لم يجز هؤلاء الباقون من الشركاء عقده. وعلى ذلك فإنه ليس للمستحق - سواء أكان شريكا على الشيوع أو متلقيا ملكه من شريك على الشيوع - أن يدعى الاستحقاق فى المبيع إلا بعد القسمة ووقوع المبيع فى نصيبه هو لا فى نصيب البائع لذلك المشترى. وهذا الذى استقر عليه قضاء هذه المحكمة فى ظل القانون المدنى القديم هو ما أخذ به القانون المدنى الحالى فى المادة 826 منه.
2 - لا يجوز لمدعى الاستحقاق الذى تلقى الحق عن شريك أو وارث أن يتحدى ببطلان بيع نصيب القاصر فى المال الشائع إذا تم بأقل من الثمن المحدد بقرار المحكمة الحسبية، إذ أن هذا البطلان نسبى شرع لمصلحة القاصر وحده دون الغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المرحوم عبد الرحمن سعد الزغل توفى فى 9/ 4/ 1935 عن زوجته "أنعام محمد أحمد المسيرى" وعن أولاده الخمسة القصر المشمولين بوصايتها وقد بلغ اثنان منهم سن الرشد "عزيزه وأحمد" بقرار من المجلس الحسبى فى 16/ 1/ 1946 وترك تركة مفصلة بمحضر الجرد ومنها أطيان زراعية بناحية سماتاى مركز المحلة الكبرى مقدارها 9 أفدنة و8 قراريط و16 سهما شائعة فى 32 فدانا وقيراطين و12 سهما تمت قسمتها بعد ذلك بعقد تم فى 4/ 10/ 1939 واختص الورثة المذكورون بموجبه بمقدار 9 أفدنة و4 قراريط و13 سهما فى ثلاثة أحواض البحيرى رقم 9 وفيه 6 أفدنة و23 قيراطا و22 سهما والعجوز رقم 3 وفيه فدان و14 قيراطا و13 سهما والساحل والساقية رقم 6 وفيه 14 قيراطا و3 أسهم ورغب الورثة فى بيع هذه الأطيان جميعها فحرروا بذلك عقدين فى 15/ 6/ 1947 أحدهما للمطعون عليه الأول وكان شاملا لجميع التركة فى حوض العجوز 3 والساحل والساقية رقم 6 وكان صدور هذا العقد من البالغين عزيزه وأحمد بمصادقة والدتهما عن نفسها وبصفتها وصية على القصر بثمن قدره 531 جنيها ولم يشترط فى هذا العقد استئذان المجلس الحسبى. أما العقد الثانى فقد صدر من الورثة جميعا بباقى أعيان التركة فى حوض البحيرى رقم 9 وقدره 6 أفدنة و23 قيراطا و22 سهما إلى المطعون عليهم من الخامسة إلى الأخير بثمن قدره 1370 جنيها وقبل المشترون زيادته إلى 1470 جنيها واشترط فى هذا العقد الحصول على إذن المجلس الحسبى بالنسبة لنصيب القصر وتحرير العقد النهائى خلال شهرين تاليين لاستلام الوصية قرار المجلس الحسبى بذلك إلى آخر الشروط المبينة بذلك العقد ووقعه الجميع بما فيهم الشهود ومن بينهم الكاتب وهو شهود العقد الأول ذاته - سجل المطعون عليه الأول عقده فى 24/ 12/ 1947 ثم أنذر الطاعن بوصفه مستأجرا للأرض التى اشتراها منبها عليه بضرورة التسليم فى نهاية العقد - ونظرا لامتناع الوصية عن المصادقة على هذا العقد تنفيذا لتعهدها فى العقد الابتدائى ولأنها عادت فباعت إلى الطاعن عن نفسها وبصفتها وصية على القصر فدانا و12 قيراطا و23 سهما فى حوض العجوز والساحلى بثمن قدره 431 جنيها و160 مليما ثم تقدمت إلى المجلس الحسبى تستأذنه فى بيع نصيب القصر فى التركة وقدره 5 أفدنة وقيراطان و20 سهما فصرحت المحكمة الحسبية بذلك بقرارها الصادر فى 20/ 1/ 1948 (لصدور القانون رقم 99 سنة 1947 الخاص بالمحاكم الحسبية قبل ذلك التاريخ) فى حدود ثمن قدره 1218 جنيها و500 مليم مع تكليف الوصية بالإيداع إلى ما قبل جلسة 10/ 2/ 1948 التى حددتها لتقدم الوصية ما يفيد هذا الإيداع - إزاء ذلك أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 2402 لسنة 1948 مدنى المحلة بطلب إثبات صحة مصادقة الوصية على عقد البيع الصادر إليه - وفى 24/ 12/ 1947 قضى غيابيا بطلباته - فعارضت الوصية فى الحكم وتدخل الطاعن خصما ثالثا فى المعارضة - كما أقام المطعون عليهم من الخامسة إلى الأخير الدعوى رقم 1237 لسنة 1949 مدنى المحلة ضد جميع الورثة بطلب إثبات صحة ونفاذ عقدهم وسجلوا عريضة هذه الدعوى فى 5/ 1/ 1948 وأخيرا أقام الطاعن الدعوى رقم 224 لسنة 1948 كلى طنطا بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقده وسجل عريضة دعواه فى 21/ 9/ 1948 أى بعد تسجيل العقد الأول وبعد تسجيل صحيفة دعوى المطعون عليهم من الخامس للأخير وتدخل المطعون عليه الأول خصما فى هذه الدعوى - ثم أحيلت قضيتا المحلة إلى محكمة طنطا وقيدتا أمامها برقمى 131 لسنة 1949 و132 لسنة 1949 كلى طنطا وقررت المحكمة ضم هذه الدعاوى الثلاث ليصدر فيها حكم واحد وبجلسة 6/ 6/ 1950 قضت هذه المحكمة. أولا: فى قضية الطاعن رقم 224 لسنة 1948 بإثبات صحة ونفاذ العقد الصادر إليه مع إلزامه بمصروفاتها. ثانيا: فى قضية المطعون عليهم الأخيرين بإثبات صحة ونفاذ العقد الصادر إليهم من جميع الورثة وألزمت المدعى عليهم بالمصروفات. ثالثا: فى المعارضة المقامة من الوصية ضد المطعون عليه الأول بإلغاء الحكم الغيابى المعارض فيه ورفض دعوى المعارض ضده مع إلزامه بالمصروفات. قبل الخصوم جميعا هذا الحكم فيما عدا المطعون عليه الأول فقد استأنفه فيما يختص بالجزءين الأول والثالث من الحكم أمام محكمة استئناف الاسكندرية وقيد أمامها برقم 222 لسنة 6 ق ثم أحيل إلى محكمة استئناف طنطا بعد انشائها وقيد أمامها برقم 98 لسنة 1 ق. وبجلسة 12/ 5/ 1952 قضت هذه المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع. أولا: فى الدعوى رقم 224 لسنة 1948 كلى طنطا بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه الأول (الطاعن) ثانيا: فى الدعوى رقم 131 لسنة 1949 كلى طنطا برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف - فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص المطعون فأحالته إلى الدائرة المدنية - وقد أبدت النيابة رأيها بطلب رفض الطعن.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون بمقولة إن الظاهر من سرد وقائع النزاع - التى فصلها تفصيلا مسهبا - أن العقد الصادر من أحمد وعزيزه البالغين إلى المطعون عليه الأول قد وقع باطلا منذ نشأته لأنه أنصب على عين لا يملكها البائعان ملكا خالصا - لأنهما باعا بموجبه أكثر مما يملكانه فى حوض العجوز والساحل - هذا فضلا عن أن مصادقة الوصية على هذا البيع لا تغنى عن استئذان المجلس الحسبى - وأخيرا فان المفاضلة بين ذلك العقد والعقد الصادر لمصلحته هو من الوصية بصفتيها لا محل لها - لأن محل المفاضلة أن يصدر العقد من مالك واحد - وواقع الحال أن العقدين موضوع المفاضلة صدرا من بائعين مختلفين فلا تصح لذلك المفاضلة فى مثل هذه الحالة - مما يجعل الحكم المطعون فيه معيبا بالخطأ فى القانون متعينا نقضه.
ومن حيث إن هذا النعى مردود. أولا: بما قرره الحكم المطعون فيه من أنه "يبين من الاطلاع على الأوراق أن ورثة المرحوم عبد الرحمن سعد الزغل قد اتفقت كلمتهم على التخلص من الأطيان المتخلفة عن المورث. وفى يوم 15/ 6/ 1947 صدر منهم عقدان فى وقت واحد انصب كل منهما على أطيان مفرزة، صدر الأول من أحمد وعزيزه وكانا قد بلغا سن الرشد ورفعت عنهما الوصاية فى 16/ 1/ 1946 بمصادقة والدتهما بصفتيها إلى المستأنف (المطعون عليه الأول) ببيع 2 ف و4 ط و15 س بحوض العجوز/ 3 والساحل والساقية/ 6 وثانيهما إلى المستأنف عليهم من الخامسة إلى الأخير عن 6 ف و23 ط و22 س بحوض البحيرى/ 9 من الورثة جميعا واستنفد هذان التصرفان جميع أعيان التركة ثم عادت الوصية وباعت إلى الطاعن 1 ف و12 ط و23 س فى 17/ 6/ 1947 بحوض العجوز/ 3 والساحل والساقيه 6 شيوعا فى 2 ف و4 ط و15 س فى الحوضين وهو القدر المبيع للمستأنف - وأنه وإن كان البيع للمستأنف قد وقع على أطيان مفرزة محددة فى حين أن ملكية البائعين تقوم على الشيوع إلا أن البيع الصادر من الوصية فى ذات مجلس العقد قد وقع منها أيضا على أطيان مفرزة محددة - وهذان التصرفان المتعاصران يتضمنان لزوما - 1 - ارتضاء الورثة جميعا - خروج المشترين من حالة الشيوع التى لازمت التركة قبل هذا التصرف وتوقيع الوصية على عقد المستأنف ليس يعنى إلا الإقرار من جانبها بسلامة التصرف بالنسبة لهذا الإقرار الذى هو طابع العقد المذكور - وقد استكمل هذا التصديق عناصر صحته بالنسبة لنصيب القصر باذن المحكمة الحسبية لها البيع فى 17/ 6/ 1947 (يقصد 20/ 1/ 1948 لأن التاريخ الأول تاريخ الطلب لا تاريخ القرار) - ولما كان نصيب المستأنف عليهما الثانى والثالثة (أحمد وعزيزه) فى تركة المورث يزيد عن القدر المبيع للمستأنف فيكون العقد الذى يتمسك به المستأنف قد صدر ممن يملك التصرف - ولا يمكن أن يقال بعد هذا أنهما باعا ملك الغير - إذ المفهوم بالبداهة أن العقدين وقد صدرا من جميع الورثة فى مجلس واحد وتحررا بيد كاتب واحد وتوقع عليهما من شهود بذواتهم يعتبران فى حكم العقد الواحد مع تعدد شخص المشترى لأن البيع الصادر من كل وارث كان فى حدود نصيبه الميراثى وأن اشتراك أحمد وعزيزه مع الوصية فى العقد الثانى إنما كان قاصرا على ما تبقى لهما من نصيبهما الميراثى وقدره 19 ط و18 س لا غير - ويكون ما باعته الوصية هو فى الواقع وحقيقة الأمر 6 ف و4 ط و4 س لا 4 ف و17 ط و12 س كما ذهب إليه خطأ الحكم المستأنف - هذا هو حاصل حكم الواقع فى الدعوى الذى فهمته هذه المحكمة من واقع الأدلة والقرائن القائمة وما تراه مع نية ذوى الشأن والظروف الملابسة للتصرف - وظاهر أن خطأ المحكمة الابتدائية يرجع إلى أنها صرفت النظر كلية عن ذلك الارتباط الوثيق القائم بين العقدين الصادرين فى ذات المجلس فقد قصد الورثة من ورائه أن يتصرف كل منهم فى حدود نصيبه الميراثى على وجه الإفراز والتحديد وأن أحدا منهم لم يتجاوز منهم نصيبه الشرعى فيما صدر منه من تصرف وإن تعدد مظهره كما هو الحال مع أحمد وعزيزه البالغين.... ومتى كان الأمر كذلك يكون البيع الصادر من الوصية للطاعن (المستأنف عليه الأول) لم يصادف محلا لتعلقه بملك الغير - ومن ثم يكون الحكم المستأنف بصحة وإثبات عقد الطاعن فى غير محله ويتعين الغاؤه.. ثم قالت عن دعوى المصادقة إنه لم يبق للمستأنف (المطعون عليه الأول) أية مصلحة فيها بعد أن قضى برفض دعوى الطاعن وهذه المحكمة إذ تقر الحكم الابتدائى فيما قضى به فى هذا الخصوص إنما تقره على هذا الاعتبار..." وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه استنادا إلى أوراق الدعوى وإلى الظروف والملابسات التى عاصرت تصرفات الورثة يكفى للرد على الطاعن لأنه بحسب قاضى الموضوع أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يذكر دليلها بما يراه أوفى بمقصود المتعاقدين مستعينا فى ذلك بجميع ظروف الدعوى وملابساتها باعتبارات مقبولة يصح عقلا استخلاص ما استخلصته منها. ومردود ثانيا بأن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من بطلان عقد الطاعن لوروده على ملك الغير قد طابق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه ليس ثمة ما يمنع البائع وإن كان مالكا على الشيوع أن يبيع ملكه محددا مفرزا وان حالة التحديد هذه وان ظلت موقوفة أو معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشريك على الشيوع إلا أن هذا كله لا يبطل عقد البيع. وبتسجيل المشترى لعقده تنتقل الملكية إليه ويصبح شريكا لباقى الشركاء تجب مخاصمته فى دعوى القسمة ان لم يجز هؤلاء الباقون من الشركاء عقده - وترتيبا على ذلك فإنه فى تقرير علاقة المشترى فيما اشتراه محددا مع من يدعى استحقاق المبيع لنفسه سواء أكان هذا المدعى شريكا على الشيوع أم متعلقا ملكه من شريك على الشيوع - فلا خلاف فى أنه ليس للمستحق أن يدعى الاستحقاق فى المبيع إلا بعد القسمة ووقوع المبيع فى نصيبه هو لا فى نصيب البائع لذلك المشترى وإذن فكل ادعاء منه قبل ذلك يكون سابقا لأوانه خليقا أن تحكم المحكمة فيه بعدم قبوله أو برفضه وهذا الذى استقر عليه قضاء هذه المحكمة فى ظل القانون المدنى القديم الذى يحكم واقعة النزاع هو ما أخذ به القانون المدنى الحالى فى المادة 826 منه ونصها "كل شريك فى الشيوع يملك حصته ملكا تاما وله أن يتصرف فيها وأن يستولى على ثمارها... وإذا كان التصرف منصبا على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقم هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذى آل إلى المتصرف بطريق القسمة..." ولا يقدح فى هذا النظر أن يكون الثمن الوارد فى عقد شراء المطعون عليهم الأخيرين - والشامل لجميع أنصبة القصر - يقل عما قدرته المحكمة الحسبية وكلفت الوصية بإيداعه خزانة المحكمة بعد اتمام البيع. ولأنه وإن جاز أن يكون البيع قد تم بأقل من الثمن المحدد بقرار المحكمة وأن ذلك قد يكون سببا لبطلان هذا البيع لمخالفة الوصية فيه قرار المحكمة إلا أنه لا يجوز لمدعى الاستحقاق الذى تلقى الحق عن شريك أو وارث أن يتحدى بهذا البطلان ما دام إنه بإعتباره بطلانا نسبيا قد شرع لمصلحة القاصر وحده دون الغير - وعلى ذلك والى أن تثار القسمة بين ذوى الشأن من المتنازعين يحدد فيها نصيب كل من تلقى حقه عن الورثة. إلى ذلك الحين تكون دعوى الاستحقاق سابقة لأوانها خليقة بالرفض أو بعدم القبول. ومن ثم يتعين رفض هذا الطعن.