أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 7 - صـ 767

جلسة 28 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه، وابراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(108)
القضيتان رقما 379 و382 سنة 22 القضائية

( أ ) وكالة. وكالة بالعمولة. قانون. ما تتميز به عن الوكالة العادية. سريان قانون التجارة عليها بغض النظر عن صفة الموكل.
(ب) وكالة بالعمولة. إثبات. قوة قاهرة. مسئولية الوكيل بالعمولة للنقل. هى مسئولية مفترضة أصلا. متى يعفى من هذه المسئولية؟ المادتان 91 و92 تجارى.
(ج) وكالة بالعمولة. نقل. التمسك بالمادة 99 تجارى. شرطه.
(د) وكالة بالعمولة. دعوى. تعاقد وكيل النقل الأخير مع وكيل النقل الأول لمصلحة المرسل إليه المالك للبضاعة. تمسك وكيل النقل الأخير بانتفاء العلاقة بينه وبين المرسل لعدم ارتباطه معه بعقد دفعا لمسئوليته عن تلف البضاعة. لا محل له.
(هـ) وكالة بالعمولة. عدم انتفاء مسئولية وكيل النقل الأول بمسئولية وكيل النقل الأخير. المادة 93 تجارى.
(و) وكالة بالعمولة. بيع. جواز اجتماع صفتى البائع والوكيل بالعمولة فى شخص واحد. كون الوكيل بالعمولة لم يقبض أجره. لا يغير من الأمر شيئا.
(ز) بيع. مسئولية. قوة قاهرة. قاعدة الهلاك على المالك. متى تقوم؟. مسئولية البائع عن نتيجة تقصيره.
(ح) اختصاص. تعدد المدعى عليهم وتوطن أحدهم فى الداخل والآخر فى الخارج. سريان قاعدة الاختصاص المحلى المنصوص عليها فى المادة 55 مرافعات فى هذه الحالة.
(ط) دفاع. إثبات. استجواب. عدم التزام محكمة الموضوع باجابة طلب الخصم إلى استجواب لا ترى حاجة إليه.
(ى) حكم استئنافى. تسبيبه. حق محكمة الدرجة الثانية فى الأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة دون إضافة.
1 - الوكالة بالعمولة تتميز عن الوكالة العادية بطبيعة الشىء محل الوكالة. فإذا كان من عروض التجارة أو من البضائع أو الصكوك المتداولة اعتبرت وكالة بالعمولة ومن ثم تسرى عليها أحكام قانون التجارة بقطع النظر عن صفة الموكل الذى قد يكون العمل مدنيا أو تجاريا بالنسبة له.
2 - مسئولية الوكيل بالعمولة للنقل عن تلف البضاعة مفترضة أصلا طبقا للمادتين 91 و92 من قانون التجارة، ولا يعفيه منها إلا إقامته الدليل على القوة القاهرة أو العيب فى البضاعة أو خطأ أو إهمال من المرسل فإذا تلفت البضاعة ولم يثبت الوكيل بالعمولة المكلف بنقلها شيئا من ذلك فإنه يتحمل مسئولية هذا التلف ولا يكون المرسل هو المكلف باثبات خطأ الوكيل بالعمولة فى هذه الحالة.
3 - متى كان الثابت أن البضاعة تلفت ولم يستلم المرسل إليه شيئا منها فلا يجدى الوكيل بالعمولة للنقل التمسك بالمادة 99 من قانون التجارة دفعا لدعوى التعويض عن هذا التلف لرفعها عليه بعد ثلاثين يوما. إذ أن هذه المادة تستلزم حصول استلام المرسل إليه للبضاعة ودفع الأجر.
4 - ليس لوكيل النقل الأخير أن يدفع مسئوليته عن تلف البضاعة بمقولة إنه لا علاقة بينه وبين المرسل إليه لعدم ارتباطه معه بعقد متى تبين أن ارتباطه مع وكيل النقل الأول كان لمصلحة المرسل إليه الذى يعتبر مالكا للبضاعة ويحق له الرجوع على الوكيل بالعمولة فى نقل البضاعة التى تلفت.
5 - مسئولية وكيل النقل الأخير لا تنفى مسئولية وكيل النقل الأول الذى عهد إليه بالنقل فى جزء من الرحلة طبقا للمادة 93 من قانون التجارة.
6 - ليس ما يمنع فى القانون من أن يكون البائع وكيلا بالعمولة ولم يحرم القانون اجتماع الصفتين فى شخص واحد حتى مع وحدة البضاعة ووحدة المشترى. ولا يغير من الأمر شيئا ألا يكون الوكيل بالعمولة قد قبض أجره لأن انعقاد الوكالة أمر مستقل عن قبض أجرها.
7 - قاعدة الهلاك على المالك إنما تقوم إذا حصل الهلاك بقوة قاهرة - أما إذا نسب إلى البائع تقصير فإنه يكون مسئولا عن نتيجة تقصيره.
8 - تقضى المادة 55 من قانون المرافعات بأنه إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعى رفع الدعوى أمام المحكمة التى بها موطن أحدهم، وكما تسرى هذه القاعدة فى حالة تعدد المدعى عليهم المتوطنين داخل الدولة فإنها تسرى كذلك فى حالة ما إذا كان موطن أحدهم فى الداخل والآخر له موطن فى الخارج.
9 - إذا توافرت لمحكمة الموضوع العناصر الكافية لتكوين رأيها دون حاجة إلى الاستجواب فإنها لا تكون ملزمة بإجابة الخصم إلى طلبه فى هذا الخصوص.
10 - لا يترتب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة دون إضافة متى رأت فى هذه الأسباب ما يغنى على إيراد جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فهما مقبولان شكلا.
ومن حيث إن الوقائع تخلص - كما يبين من الطعنين وسائر الأوراق - فى أن المطعون عليه الأول الحاج معتوق أحمد حسنين أقام الدعوى رقم 12 سنة 1947 كلى تجارى القاهرة بصحيفة أعلنت فى 5 من أكتوبر سنة 1946 ضد ورثة الخواجه نيقولا كرباكوس والطاعن فى الطعن الأول والطاعنين فى الطعن الثانى طالبا الحكم بإلزام المذكورين جميعا متضامنين أو من تثبت عليه المسئولية بمبلغ 3000 جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بدعوى أنه اتفق فى أواخر فبراير سنة 1946 مع أحمد داود أبو اسماعيل على أن يصدر له برتقالا من فلسطين إلى جده ترانسيت السويس على ألا تستغرق مدة الشحن والتصدير والتسليم أسبوعا وأنه دفع ثمن الكمية ومقدارها 870 صندوقا وكذا مصاريف الشحن والنقل وتبلغ جملة ذلك 1365 جنيها و151 مليما ولكن أحمد داود أبو اسماعيل خالف الاتفاق فشحن الرسالة متأخرا وعلى متن الموتور كارجولا من حيفا إلى بور سعيد حيث أنزلت بالميناء المذكور وظلت به شهرا ونصف شهر تقريبا حيث أعيد الشحن على الباخرة مارى ملك وإدارة الخواجة نيقولا كرياكرس وذلك بتكليف محمد والسيد الشرقاوى فلم يصل فى 15 من أبريل سنة 1946 من الرسالة إلى ميناء جده سوى 281 صندوقا تالفة غير صالحة للاستعمال فأعدمت بميناء جده وأن أحمد داود أبو اسماعيل مسئول قبله باعتباره بائعا ووكيلا للنقل وكذلك الخواجه نيقولا كرياكوس ومحمد والسيد الشرقاوى فيكون له الحق قبلهم فى ثمن الرسالة ومصاريفها والتعويض عنها لما فاته من ربح كان يتوقعه لو وصلت الرسالة سليمة وفى الموعد المتفق عليه فدفع أحمد داود أبو اسماعيل بعدم اختصاص القضاء المصرى بنظر الدعوى على أساس أنه مقيم بحيفا ولم يجر اتفاق بمصر وطلب احتياطيا رفض الدعوى كما طلب ذلك باقى المدعى عليهم. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1948 بالزام من عدا ورثة نيقولا كرياكوس بأن يدفعوا متضامنين للمدعى مبلغ 2365 جنيها و951 مليما والمصاريف ومبلغ 10 جنيه مقابل أتعاب المحاماة - والنفاذ. فاستأنف محمد والسيد الشرقاوى الحكم المذكور وقيد استئنافهما برقم 400 سنة 66 ق استئناف القاهرة كما استأنفه أحمد داود أبو اسماعيل وقيد استئنافه برقم 426 سنة 66 ق استئناف القاهرة، وبتاريخ 12 من يناير سنة 1952 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتعديل المبلغ المحكوم به إلى 1865 ج و959 مليما بقصر التعويض على مبلغ 500 جنيه، فقرر أحمد داود أبو اسماعيل الطعن بالنقض فى هذا الحكم وقيد طعنه برقم 379 سنة 22 ق. كما طعن فيه محمد والسيد الشرقاوى وقيد طعنهما برقم 382 سنة 22 ق وعرض هذان الطعنان على دائرة فحص الطعون بجلسة 15 من فبراير سنة 1956 فقررت ضم ثانيهما إلى أولهما وإحالتهما إلى هذه الدائرة لجلسة 26 من أبريل سنة 1956 وقدمت النيابة مذكرة فى كل من الطعنين قالت فيهما بقبولهما شكلا ورفضهما موضوعا.
عن الطعن رقم 379 سنة 22 ق:
من حيث إن هذا الطعن بنى على سبعة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى باختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى رغما عن أن الطاعن ليس مصريا ولا مقيما بمصر ولم يحصل فيها اتفاق.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن المادة 55 من قانون المرافعات تقضى بأنه إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعى رفع الدعوى أمام المحكمة التى بها موطن أحدهم وكما تسرى هذه القاعدة فى حالة تعدد المدعى عليهم المتوطنين داخل الدولة تسرى كذلك فى حالة ما إذا كان أحدهم موطنه فى الداخل والآخر له موطن فى الخارج وهو ما أكدته صراحة الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من قانون المرافعات، وظاهر أن بعض من اختصم فى الدعوى له موطن معلوم فى مصر وعلى ذلك لا يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص قد خالف القانون أو خطأ فى تطبيقه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب بمقولة خلوه من الاسباب سوى نقله أسباب الحكم الابتدائى.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأنه لا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن تأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة دون إضافة متى رأت فى هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث التناقض فى الأسباب لأمرين. أولهما: أن الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه قد ورد فى أسبابه أن البيع معين بنوعه وأن الطاعن عبأ البرتقال فى الصناديق وأستأذن السلطات الفلسطينية فى شحنه وشحنه فعلا فى المركب كارجولا فأصبح المبيع بهذه الإجراءات معينا بنوعه ومتى كان المبيع معينا بنوعه فان ملكيته تنتقل للمشترى بدون حاجة إلى تسليم ويكون الهلاك على المشترى لا البائع ولكن الحكم الابتدائى تخلص من هذه القاعدة (الهلاك على المالك) بما سماه خصوصيات الدعوى مع أن الخصوصيات لا تلغى قواعد القانون وبذلك تكون الخصوصيات قد أعدمت القاعدة القانونية وهذا تناقض يجعل الحكم بغير أسباب، أما الأمر الآخر فان الحكم المطعون فيه قد أكد مسئولية محمد والسيد الشرقاوى بما ينفى مسئولية أحمد داود أبو اسماعيل.
ومن حيث إن كلا الوجهين المؤسس عليهما هذا النعى مردود بأن قاعدة الهلاك على المالك إنما تقوم إذا حصل الهلاك بقوة قاهرة أما إذا نسب إلى البائع تقصير فإنه يكون مسئولا عن نتيجة تقصيره، وقد أقام الحكم المطعون فيه مسئولية أحمد داود أبو اسماعيل على أنه خالف المتفق عليه بشأن شحن البضاعة المبيعة إذ قام بتجهيز البرتقال ووضعه فى الصناديق وتراخى فى استصدار تصريح الشحن ولم يقم بالشحن إلا فى 17 من مارس سنة 1946 وكان فى مقدوره استصدار تصريح الشحن فى يوم واحد، كما حصل عند إعادة شحن الرسالة من بور سعيد إذ استصدر التصريح فى يوم وصول البضاعة نفسه أى فى 24 من مارس سنة 1946 وأن الطاعن أخطأ إذ قام بشحن البضاعة من حيفا ترانسيت بور سعيد مع أن المتفق عليه أن تكون ترانسيت السويس حيث تتوافر وسائل النقل السريعة إلى جدة، وأن كل ذلك تسبب عنه تعرض البضاعة وهى قابلة بطبيعتها للتلف السريع - إلى التلف الذى أصابها فعلا، وقد أقام الحكم المطعون فيه مسئولية الطاعن على هذه الأخطاء وعلى أساس أنه يعتبر أيضا وكيلا بالنقل فكان يجب عليه الاسراع فى نقل هذه البضاعة سريعة العطب ومن ثم لا يكون ثمت تناقض فى أسباب الحكم كما لا تناقض فى مساءلة الطاعن عن تقصير من يكون وكله فى إتمام إجراءات الشحن إذ أن مسئولية وكيل النقل الأخير لا تنفى مسئولية وكيل النقل الأول الذى عهد إليه بالنقل فى جزء من الرحلة طبقا للمادة 93 من قانون التجارة.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع الخطأ فى تطبيق القانون بالنسبة لقواعد التضامن إذ قضى بالتضامن فى الوفاء بالتعويض بينه وبين محمد والسيد الشرقاوى وعلى أساس أن هناك خطأ مشتركا بينهم وأن التضامن مفروض فى المعاملات التجارية مع أن عمل الطاعن منفصل عن عمل الأخيرين فإذا وقع منهما خطأ فانه لا يشترك معهما فيه والتضامن غير مفروض فى المعاملات التجارية.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأنه لا جدوى منه متى كان الحكم المطعون فيه وكذا الحكم الابتدائى الذى أخذ الحكم الأول بأسبابه قد أثبتا على الطاعن تقصيره فى تنفيذ التزامه - كما سبق بيانه فى الرد على السبب الثالث - وأنه مسئول عما عساه قد ينشأ من ضرر إذا ثبت تقصير وكيل النقل الذى كلفه بالشحن عن باقى المسافة، فمسئوليته إذن مسئولية أصلية عن تقصيره ومسئوليته عن الوكيل بالعمولة الذى وسط طبقا للمادة 93 من قانون التجارة، ومتى قامت المسئولية على الوجه الذى أثبته الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائى فانه لا يجدى الطاعن التمسك بعدم وجود خطأ مشترك ولا أن التضامن غير مفترض فى المعاملات التجارية.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه خطأه فى تطبيق القانون التجارى فى خمس نقط تخلص فى (1) أن الحكم المطعون فيه اعتبر الطاعن وكيلا بالعمولة وألزمه بالتعويض على هذا الأساس وهذا الاعتبار خاطئ لا يتفق مع القانون لأن الطاعن بائع ولا يمكن أن تجتمع فى شخص واحد صفتا بائع ووكيل بالعمولة عن الصفقة نفسها وللمشترى نفسه (2) أن الطاعن لم يقبض عمولة نقدية على الثمن بعد تمام البيع وإرساله البضاعة بشهرين ولا وجود للعمولة فيه، والحكم إذ خلق منه وكيلا بالعمولة لم يبين فى أسبابه كيف انقلب البائع وكيلا بالعمولة (3) أن البيع كما ورد بخطاب 21/ 2/ 1946 تسليم سيف حيفا وبتسليم البضاعة إلى الباخرة تنعدم مسئولية الطاعن وعلى فرض مسئوليته فقد وصلت البضاعة إلى بور سعيد سليمة فتسقط عنه كل مسئولية (4) لم يبين الحكم المطعون فيه مدى ما حصل للبضاعة وجهل تحديد المسئولية ولم يبين خطأه (5) إن المادة 99 من قانون التجارة نصت على بطلان كل دعوى على أمين النقل وعلى الوكيل إذا لم ترفع فى ظرف ثلاثين يوما من تاريخ دفع الأجرة وهذه الدعوى لم ترفع إلا فى 15 من أكتوبر سنة 1946 مع أن البضاعة سلمت فى بور سعيد فى 24 من مارس سنة 1946.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى أوجهه الخمسة بأنه ليس ما يمنع فى القانون من أن يكون البائع وكيلا بالعمولة ولم يحرم القانون اجتماع الصفتين فى شخص واحد حتى مع وحدة البضاعة ووحدة المشترى ولا يغير من الأمر شيئا أن يكون الوكيل بالعمولة لم يقبض أجره لأن انعقاد الوكالة أمر مستقل عن قبض أجرها. والحكم المطعون فيه لم يبتدع الوكالة وإنما استخلصها الحكم الابتدائى وأيده الحكم المطعون فيه لأسبابه بما أورده "بأن ثمت سببا آخر لمسئولية البائع وهو إن كان يتحدى بخطاب حمدان بأن البيع تم سيف حيفا إلا أن شرطا قد أضيف إلى العقد وصار من متمماته وهو أن يتولى شحن البضاعة إلى من يثق فيه فى بور سعيد وهو بهذا الشرط يلتزم التزاما مستقلا بشحن البضاعة إلى بور سعيد واختيار من يشحنها بعد ذلك وهذا الالتزام يفرض عليه وهو عليم بنوع البضاعة اختيار طريق نقل سريع والتأمين على البضاعة من التلف توقعا لتأخير تصديرها وشحنها وحسن اختيار وكلائه فى النقل فى بور سعيد وهو فى هذا المقام قد التزم أن يكون وكيلا بالعمولة للنقل" فالحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص الوكالة استخلاصا سائغا كما أثبت خطأ الطاعن بالتأخر فى استصدار تصريح الشحن فى حيفا وإرساله البضاعة وترانسيت بور سعيد بدلا من السويس وبالتراخى فى شحنها من 21 من فبراير سنة 1946 إلى 17 من مارس سنة 1946 وبشحنها على متن مركب شراعى استغرق أسبوعا بين حيفا وبور سعيد مما زاد فى تعريض البضاعة للتلف وهو عليم بنوعها وبحالتها مع أن الاتفاق وطبيعة البضاعة كانا يوجبان عليه الإسراع فى استصدار تصريح الشحن من حيفا وأن يقوم بشحنها بإحدى البواخر السريعة ذات الاستعداد فى حفظ البرتقال حتى لا يتأثر بالتقلبات الجوية كما أنه لا تسقط مسئولية الوكيل الأول ولو ثبت أن الخطأ هو من فعل وكلائه ويكون لصاحب البضاعة الرجوع على الأول لخطأ الثانى ولا يجدى الطاعن التمسك بالمادة 99 من قانون التجارة دفعا للدعوى لرفعها بعد ثلاثين يوما إذ أن هذه المادة تستلزم حصول استلام المرسل إليه البضاعة ودفع الأجر والثابت أن البضاعة أعدم شطر منها فى السويس وأعدم باقيها فى ميناء جده فلم يستلم المطعون عليه الأول شيئا منها.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه استناده إلى عكس ما ورد فى الأوراق إذ اعتبر أن التعاقد تم فى 21 من فبراير سنة 1946 وأن الطاعن عبأ البرتقال فى صناديق بمجرد التعاقد ولكنه لم يشحنه إلا يوم 18 من مارس سنة 1946 وذلك على المركب الشراعى كاراجولا فوصل إلى بور سعيد يوم 24 من مارس سنة 1946 واستنتج الحكم من ذلك إهمال الطاعن مع أنه ليس فى الأوراق ما يؤيد هذا الفهم مع أن الطاعن قال فى مذكرته المقدمة لمحكمة الموضوع إن إذن التصدير صدر فى يوم 18 من مارس سنة 1946 وأنه عبأ البرتقال طازجا وفى حالة جيدة وأنه شحنه على المركب التجارى كاراجولا يوم 23 من مارس سنة 1946 فوصل فى اليوم التالى إلى بور سعيد.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن المستندات التى تمسك بها الطاعن أمام هذه المحكمة فى تدعيم هذا النعى غير ثابت سبق تقديمها لمحكمة الموضوع وبذلك يكون هذا السبب عاريا عن الدليل.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع، وفى تبيان ذلك يقول إنه طلب بمذكرته الختامية المقدمة لمحكمة الاستئناف استجواب الخصوم حتى يتحدد موقفه من المسئولية ولكنها لم تجبه إلى طلبه ولم تذكر فى أسباب حكمها ما دعاها إلى هذا الرفض.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأنه إذا توافرت لمحكمة الموضوع العناصر الكافية لتكوين رأيها دون حاجة إلى الاستجواب فإنها لا تكون ملزمة بإجابة الخصم إلى ما طلب من استجواب وتعتبر الأسباب التى أقامت عليها قضاءها فى الموضوع كما سبق بيانه فى الرد على السبب الثالث هى أسبابا لرفض طلب الاستجواب.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن رقم 379 سنة 22 ق المقدم من أحمد داود أبو اسماعيل.
عن الطعن رقم 382 سنة 22 ق:
من حيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون من ثلاثة أوجه: أولها - أنه أقام قضاءه على أنهما يعتبران وكيلين بالعمولة بالنسبة لأحمد داود أبو اسماعيل البائع لمعتوق أحمد حسنين مع أنهما أظهرا أنهما وكيلان عاديان قاما بما كلفا به فى حدود هذا التكليف بغير تراخ ولا ارتكاب خطأ وأن المادة 83 من قانون التجارة نصت على أنه إذا عقد الوكيل بالعمولة عقدا باسم موكله بناء على اذن منه بذلك فلكل من الموكل والمعقود معه اقامة الطلب على الآخر وتراعى فيما للوكيل المذكور من الحقوق وما عليه من الواجبات القواعد المقررة للتوكيل فقط وأنه من ذلك يتبين خطأ الحكم المطعون فيه إذ قرر أنه ليس من المحتم أو الضرورى أن يتعاقد الوكيلان مع معتوق المشترى كما أخطأ إذ قرر أن الطاعنين كان عليهما بمجرد وصول البضاعة إلى بور سعيد أن يؤمنا عليها أو ينقلاها برا إلى السويس أو يبيعاها خشية التلف مع أن ذلك كان غير ممكن لأن البضاعة شحنت إلى جده ترانسيت السويس وطبيعة النقل بهذه الكيفية تقتضى عدم اخراج البضاعة وما كان باستطاعتهما بيعها أو التأمين عليها لخروج ذلك عن حدود وكالتهما، ويتحصل الوجه الثانى فى أن الحكم أخطأ فى تطبيق المادة 81 من قانون التجارة على فرض أن الطاعنين وكيلان بالعمولة فانها وقد شحنا البضاعة باسم البائع فانه لا يترتب على ذلك مساءلتهما عن التعويض لأن تعاقدهما كان باسم البائع لا باسم المشترى وهو يعتبر من الغير فلا يرجع إلا على من حصل التعاقد باسمه وهو البائع ومن ثم فان برقية 18/ 3/ 1946 التى أرسلها البائع للطاعنين بأن البضاعة شحنت من فلسطين إلى بور سعيد لا يلحق أثرها الطاعنين بل بالأصيل وهو البائع إذ أن هذه البرقية لم ترتب التزاما على الطاعنين بالنسبة للغير - ويتحصل الوجه الثالث فى أن البضاعة شحنت من ميناء حيفا (سيف حيفا) ومن ثم تكون الملكية انتقلت للمشترى فهلاكها عليه وأن الحكم قرر مسئولية الطاعنين بمقولة إنهما قصرا فى الالتزام بالشحن مع أنه لا التزام عليهما قبل المشترى ومع أن البضاعة كانت تالفة وهى بميناء حيفا وزاد تلفها قبل أن تصل إلى بور سعيد حيث كانت تفوح منها رائحة كريهة فأعدمت السلطات الصحية بالسويس جزاء منها ولا يسأل الطاعنان عن تلفها قبل ذلك.
ومن حيث إن هذا الطعن مردود فى أوجهه الثلاثة بأن الوكالة بالعمولة تتميز عن الوكالة العادية بطبيعة الشىء محل الوكالة فإذا كان من عروض التجارة أو من البضائع أو الصكوك المتداولة اعتبرت وكالة بالعمولة ومن ثم تسرى عليها أحكام قانون التجارة بقطع النظر عن صفة الموكل الذى قد يكون العمل مدنيا أو تجاريا بالنسبة له ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن أحمد داود أبو اسماعيل باع برتقالا إلى معتوق أحمد حسنين وتعهد بشحنه له من فلسطين إلى ميناء جده ترانسيت السويس وأن الأول قام بشحنه إلى ميناء بور سعيد وكلف الطاعنين باستلامه فى ميناء بور سعيد وإعادة شحنه إلى ميناء جده وقد قاما بذلك فعلا فموضوع الوكالة هو بضاعة وصفة الطاعنين فى هذا الأمر هو نقل هذه البضاعة فهما وكيلان بالعمولة فى النقل وضامنان طبقا للمادة 91 من قانون التجارة لسرعة إرسال البضاعة على قدر الامكان إلا فى حالة القوة القاهرة الثابتة قانونا، وضامنان ايضا طبقا للمادة 92 من القانون المذكور إذا حصل تلف أو عدمت البضاعة ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك فى تذكرة النقل أو قوة قاهرة أو عيب ناشئ عن نفسه الشىء أو ما لم يقع خطأ أو إهمال من المرسل وليس لهما أن يدفعا هذه المسئولية بمقولة إنه لا علاقة بينهما وبين معتوق أحمد حسنين لعدم ارتباطهما معه بعقد ذلك لأن ارتباطهما مع أحمد داود أبو اسماعيل إنما كان - كما قرر الحكم المطعون فيه - لمصلحة معتوق أحمد حسنين الذى يعتبر مالكا للبضاعة ويحق له الرجوع على الوكيل بالعمولة فى نقل البضاعة التى تلفت كما لا محل لتنصلهما من المسئولية عن تلف البضاعة بمقولة إنها كانت تالفة إذ أنه غير ثابت فى الدعوى أن البضاعة وصلت إلى بور سعيد تالفة وإنما اكتشف التلف عندما أريد شحنها من بور سعيد إلى جده على الباخرة مارى فأثبتت حالة التلف الذى بها وإنها كانت تفوح منها رائحة كريهة واشترطت شركة النقل عدم مسئوليتها عن ذلك وكالة بعد أن لبثت البضاعة على رصيف جمرك بور سعيد من 24 من مارس 46 حتى 5 من أبريل سنة 1946 ولما كان ضمان الوكيل بالعمولة عن تلف البضاعة لا يرفع إلا بإثبات القوة القاهرة أو بإثبات أن التلف إنما نشأ عن نفس الشىء أو عن خطأ أو إهمال من المرسل ولما كان الطاعنان لم يثبتا شيئا من ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون أخطأ فى القانون إذ حملهما المسئولية عن تلف البرتقال وقد نفى الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة الادعاء بأن البضاعة بيعت "سيف تسليم حيفا".
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجهين: أولهما - أنه اعتبرهما مسئولين عن العطب الذى أصاب البرتقال مخالفا بذلك نص المادة 99 من قانون التجارة التى تعفيهما من المسئولية إذا دفع المشترى أجرة النقل وكان عيب البضاعة ظاهرا ومع صراحة هذا النص لم يعفهما الحكم المطعون فيه من المسئولية، والوجه الثانى أن الحكم المطعون فيه اعتبرهما من أمناء النقل واستند فى ذلك إلى التلغراف المرسل إليهما من أحمد داود أبو اسماعيل فى 18 من فبراير سنة 1946 مع أن هذا التلغراف حدد مأموريتهما باستلام البضاعة فى بور سعيد وشحنها إلى جده وهذه المأمورية لا تجعلهما من أمناء النقل وإنه حتى على أساس هذا الوصف الخاطئ فالمادة 97 تعفى أمين النقل من المسئولية إذا كان التلف ناشئا عن نفس الأشياء أو خطأ أو إهمال مرسل البضاعة وقد أثبتت المحكمة فى أكثر من موضع أن التلف وجد ظاهرا فى بور سعيد فيكون قد بدأ فى البضاعة وهى فى حيفا ولذا فلا مسئولية على الطاعنين.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى وجهه الأول بما سبق الرد به على السبب الخامس من الطعن الأول المقدم من أحمد داود أبو اسماعيل بأنه يشترط لإعمال نص المادة 99 أن يكون مالك البضاعة قد استلمها مع أن الثابت فى الدعوى أن البضاعة أعدم جزء منها فى السويس وباقيها فى ميناء جده ولم يستلم المطعون عليه شيئا منها. ومردود فى وجهه الآخر بأن حالة التلف الذى أصاب البرتقال إنما أثبتت فى 5 من أبريل سنة 1946 أى بعد أن استلم الطاعنان البضاعة فى بور سعيد باثنى عشر يوما ولم يقيما الدليل وهما المكلفان بذلك قانونا إذا أرادا دفع مسئوليتهما - على أن التلف دب فى البرتقال قبل وصوله إلى بور سعيد، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يأخذ بدفاع الطاعنين الذى ذهبا فيه إلى أنهما لم يكونا وكيلين بالعمولة، وإنما ملحقان بشركة ملاحة مؤسسا قضاءه على أنهما لم يقدما الدليل على هذا القول كان لازم هذا مساءلتهما عن التلف وعن التراخى فى شحن البضاعة مسئولية الوكيل بالعمولة التى سبق بيانها.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تأويل المادة 99 من قانون التجارة ذلك أنهما أوردا بصحيفة استئنافهما أن حكم محكمة أول درجة لم يفطن إلى نص المادة 99 من قانون التجارة التى لا تجيز نظر دعوى التعويض ضد الوكيل بالعمولة إذا كانت البضاعة سلمت ودفعت أجرة شحنها وأن الحكم الاستئنافى رد على ذلك الدفاع بقوله إن استلام الأشياء المنقولة ودفع الأجرة عنها يرجع إلى صاحب البضاعة واستلامه لها لا إلى أمين النقل فى وضوح لا يقبل الشك، وقال الطاعنان إن هذا ليس ردا على ما ذكراه فى صحيفة استئنافهما وأن تأويل الحكم لنص المادة 99 المذكورة على الوجه المتقدم غير صحيح.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن قضاء الحكم المطعون فيه فى خصوص هذا السبب قد أقيم على أن تسليما للبضاعة لم يحصل إذ أعدم بعضها فى ميناء السويس وأعدم باقيها بميناء جده فلم يسلم الطاعنان شيئا وعلى ذلك لم يخطئ الحكم المطعون فيه فى تأويل المادة 99 من قانون التجارة إذ أسس قضاءه برفض الدفع على عدم حصول تسليم البضاعة.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب من خمسة أوجه: يتحصل أولها بأن الحكم المطعون فيه سلم بأن البضاعة وصلت إلى بور سعيد تالفة وأن الطاعنين بادرا بشحنها إلى جدة وهذا يتناقض مع تقرير مسئوليتهما عن التلف كما أنهما قدما شهادات من شركة الملاحة تدل على عدم قيام بواخر من بور سعيد إلى جده خلال المدة من 24/ 3/ 1946 إلى 5/ 4/ 1946 فتشكك فيها الحكم المطعون فيه وقال إنها شهادات غير رسمية مع أن كونها غير رسمية لا يدل على كذبها وكان على محكمة الاستئناف أن تنبههما إلى أنها لا تأخذ بها وأن تحدد لهما الشهادات التى تقبلها. ويتحصل الوجه الثانى فى أن الحكم المطعون فيه الزم الطاعنين بالتعويض على أساس أن تلغراف 18/ 3/ 46 أوجد صلة بينهما وبين معتوق احمد حسنين مشترى البرتقال مع أن هذا التلغراف، مرسل من البائع للقيام بمأمورية محددة وهى استلام البرتقال من المتور كاراجولا وشحنه فى أقرب مركب إلى جده ولكن الحكم خلق العلاقة بينهما وبين معتوق أحمد حسنين، ويتحصل الوجه الثالث فى أن المادة 94 من قانون التجارة تنص على أن خروج البضاعة من مخزن البائع أو المرسل يجعل خطرها فى الطريق على من يملكها ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك وأن رجوعه على الوكيل بالعمولة أو أمين النقل يكون فى حالات معينة، وأنه لما كانت البضاعة قد خرجت من البائع فقد أصبح هلاكها على المشترى فلا وجه لتحميلها مسئولية التعويض لأنهما ليسا وكيلين بالعمولة ولا أمينى نقل - ويتحصل الوجه الرابع فى أن الحكم المستأنف خلط فى صفة الطاعنين إذ اعتبرهما من الوكلاء بالعمولة مع أنهما من الوكلاء العاديين وقد ألحقتهم محاكم فرنسا بشركات الملاحة التى يعاملونها وجعلتهم يستفيدون من بند الإعفاء الوارد ببوالص الشحن وقد تمسكا فى أسباب استئنافهما بأنهما لا مسئولية عليها إذا اعتبرا ملحقين بصاحب الباخرة مارى وقول الحكم إنه كان عليهما نقل البضاعة إلى ثلاجات أو بيعها بالمزاد ويخرجهما عن حدود الوكالة العادية - ويتحصل الوجه الخامس فى أنهما اعتمدا على نص المادة 99 من قانون التجارة فى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى قبلهما لأن المشترى استلم البضاعة ودفع الثمن والمصاريف مع ظهور التلف ولكن الحكم الاستئنافى لم يرد على ذلك.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى أكثر أوجهه بما سبق الرد به على الأسباب السابقة، ومردود بأنه لا تعارض فى اعتبار الطاعنين والطاعن الأول مسئولين عن تلف البضاعه لأن الطاعن الأول إنما أسهم فى هذه الأسباب بتعريض البضاعة للتلف بشحنها فى مركب تجارى وما إلى ذلك من أخطاء كما أسهم الطاعنان بالتراخى فى شحنها ولم يرد بالحكم المطعون فيه أن البضاعة وصلت بور سعيد تالفة بل الذى جاء به أنها عندما أريد شحنها من بور سعيد وكانت وصلت من قبل ذلك باثنى عشر يوما تبين أن الفساد دب إليها على ما سبق الإشارة إليه فى الرد على السبب الثانى من أسباب هذا الطعن، فلا تعارض مع تقرير مسئوليتهما وأنه إذ اعتبرهما وكيلين بالعمولة ورتب مسئوليتهما فإن المادة 92 من قانون التجارة تنص على ضمانهما لتلف البضاعة وعليهما اثبات القوة القاهرة أو أن التلف راجع إلى نفس الشىء ومن ثم لا يجديهما القول بأن المحكمة اطرحت جانبا الشهادات المقدمة منهما لتشككها فيها وقالت إنه كان عليهما أن ينقلا البضاعة برا بالسكة الحديد أو أن يبيعاها أو أن يرجعا على الشاحن وأنهما إذ لم يفعلا ذلك يعتبران مسئولين، فان اساس مسئوليتهما قانونا تقوم على أن مسئولية الوكيل بالعمولة مفترضة أصلا طبقا للمادتين 91 و92 من قانون التجارة ولا يعفيه منها إلا إقامة الدليل على القوة القاهرة أو عيب فى البضاعة أو خطأ مرسل.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه إهماله الرد على دفاع جوهرى وفى شرح ذلك قال الطاعنان إنهما أوضحا بمذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف لجلسة 2/ 8/ 1951 بأن الحكم الابتدائى لم يرد على قول الطاعنين إن الملكية انتقلت للمشترى فيكون هلاك البضاعة عليه وبأن البائع أحمد دواد أبو اسماعيل هو الذى تسبب فى تلف البضاعة إذ تأخر فى شحنها من 21/ 2/ 1946 حتى 17/ 3/ 1946 ثم شحنها على مركب شراعى مكشوف وأن المشترى معتوق أحمد حسنين هو الذى استعجل شحن البضاعة تلغرافيا مرات وأن البائع تحول مركزه إلى مركز متولى الشحن فالتزم دون غيره بالمسئولية عن الشحن وأن المشترى كان له أن يفسخ العقد من غير أن يدفع الثمن بمجرد تأخر وصول البضاعة فى الاسبوع الأول من شهر مارس سنة 1946 - ولكنه دفعه رغما عن ذلك ولكن الحكم المطعون فيه أهمل الرد على هذا الدفاع الجوهرى الذى كان يستبين منه وجه الحق.
ومن حيث إن هذا النص مردود بأنه ترديد لما ورد بالأسباب السابقة وبأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه فى اعتبار الطاعنين وكيلين بالعمولة وفى تحميلهما ضمان تلف البضاعة وبأنه لم يثبت أنها وصلت إلى بور سعيد تالفة وهى أسباب تكفى لحمل الحكم كما سبق البيان فى الرد على الأسباب السابقة من هذا الطعن.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض هذا الطعن.