أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 837

جلسة 18 من أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، وأحمد قوشه، ومحمد متولى عتلم المستشارين.

(119)
القضية رقم 134 سنة 23 القضائية

عمل. عقد. تفسيره. صدور لائحة صندوق الادخال من الشركة فى ظل قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنة 1944. استخلاص الحكم لأسباب سائغة أن الشركة قصدت إلى تمييز بعض المشتركين فى الصندوق بتمكينهم من الحصول على ما أودعته الشركة بالصندوق بالاضافة إلى المكافأة. هو استخلاص لا تحريف فيه للعقد.
متى استخلص الحكم لأسباب سائغة أن شركة من الشركات - عندما أصدرت لائحة صندوق الادخال فى ظل قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنة 1944 - قصدت إلى تمييز بعض المشتركين فى الصندوق بتمكينهم من الحصول على ما أودعته الشركة الصندوق بالاضافة إلى المكافأة، فإن هذا الحكم لا يكون قد حرف العقد عن مواضعه(1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 3206 سنة 1951 مدنى كلى القاهرة بصحيفة أعلنت فى 22 و28 من مايو سنة 1951 على الشركة الطاعنة ووزارة الشئون الاجتماعية بطلب الحكم بالزام الطاعنة بمبلغ 2484 جنيها و765 مليما والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة منها مبلغ 2000 جنيه تعويضا عن فصله تعسفيا و338 جنيها و625 مليما مقابل مكافأته عن خدمته البالغة تسع سنوات ومقابل مدة التنبيه والإجازات المستحقة له فى سنة 1951 ومبلغ 73 جنيها و850 مليما قيمة ما كانت ساهمت الشركة به لحسابه بصندوق الادخار وقد سلمت الشركة بحق المطعون عليه فى مقابل المكافأة والإجازات وعرضت عليه مبلغ 342 جنيها و289 مليما استلمه وعارضت حقه فى التعويض وكذا فى مبلغ صندوق الادخار بحجة أنه لا يحق له أن يجمع بين مكافأة ترك الخدمة ومبلغ صندوق الادخار، وقد تدخل المطعون عليه الثانى خصما فى الدعوى بصفته رئيسا لنقابة مستخدمى وعمال الشركة الطاعنة. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 21 من فبراير سنة 1952 بقبول تدخل الخصم الثالث وبالزام الشركة الطاعنة بمبلغ 500 جنيه بصفة تعويض عن الفصل التعسفى ورفضت الدعوى فيما يتعلق بمبلغ 73 جنيها و850 مليما الخاص بصندوق الادخار. فاستأنف المطعون عليهما هذا الحكم طالبين تعديل الحكم المقضى به إلى 2093 جنيها و200 مليم وقيد استئنافهما برقم 305 سنة 69 ق القاهرة، كما استأنفته الشركة الطاعنة طالبة إلغاءه ورفض دعوى المطعون عليهما وقيد استئنافهما برقم 355 سنة 69 ق القاهرة. وبتاريخ 28 من مارس سنة 1953 قضت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئنافين شكلا وبتعديل الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 73 جنيها و850 مليما علاوة على ما حكم به ابتدائيا فقررت الشركة الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 24 من مايو سنة 1953 وذلك فى خصوص مبلغ 73 جنيها و850 مليم مقابل ما ساهمت به الشركة الطاعنة لحساب المطعون عليه الأول فى صندوق الادخار وقدم المطعون عليه الثانى مذكرة طلب فيها رفض الطعن كما قالت النيابة العامة فى مذكرتها برفض الطعن. وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من أبريل سنة 1956 فقررت إحالته على هذه الدائرة.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين: يتحصل أولهما فى مخالفة القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بحق المطعون عليه الأول فى الجمع بين ما يستحقه من مكافأة وبين ما دفعته الشركة من حصة أسهمت بها فى صندوق الادخار قد أخطأ فى القانون وخالف المادة 39 من قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنة 1944 مع أن المادة المذكورة تنص على عدم جواز ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، كما أنه خالف القانون إذ قرر بوجوب تطبيق المادة 47 من القانون رقم 317 لسنة 1952 على واقعة الدعوى وسريانها على الماضى بمقولة إن فى نص تلك المادة ما يبرر هذا السريان، ثم رتب على ذلك إمكانه الجمع بين المكافأة والحصة فى صندوق الادخار مع أن سريان القانون على الماضى وفقا للمادة 3 من لائحة ترتيب المحاكم والمادة 27 من الدستور لا يكون إلا بنص صريح لا بنص استنتاجى - ويتحصل السبب الآخر فى أن الحكم المطعون فيه حرف اتفاق صندوق الادخار عن مواضعه وذلك أن قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنة 1944 قد أنشأ على عاتق رب العمل التزاما بإعطاء العامل مكافأة عن مدة خدمته وجعل شرط استحقاق هذه المكافأة وفقا للمادة 39 منه ألا يكون قد استحق للعامل مبالغ دفعها لحسابه رب العمل فى صندوق الادخار تساوى أو تتجاوز المكافأة، ونص المادة 39 المشار إليها يؤدى إلى القول بأن إلتزام رب العمل بالمكافأة يقوم مقام إلتزامه بأداء مبلغ التوفير، وعلى ضوء ذلك يجب أن تفسر جميع الاتفاقات التى أنشئت بموجبها نظم الادخار فلا يصح أن يقال إن إلتزام رب العمل بأداء مبالغ الادخار - إن كان مجردا من النص على أنه يقوم مقام المكافأة - أن المقصود منه إنشاء إلزام مضاف إلى إلزام بالمكافأة لأن فى ذلك تحريفا لإدارة المتعاقدين التى تتعاقد فى ظل قانون عقد العمل القديم رقم 41 لسنة 1944 الذى تعتبر نصوصه مكمله ومتداخلة فى إدارة المتعاقدين التى يقصد منها وفقا للمادة 39 منه أنه لا يجوز بمقتضاها منح العامل مبالغ الادخار زيادة على مكافأته. وأن الشركة الطاعنة إذ أنشأت صندوق الادخار إنما قد التزمت به فى الحدود التى بينها القانون رقم 41 لسنة 1944 فلا يجوز إلزام رب العمل بالمكافأة وبمبلغ الادخار معا ولكن بأيهما أصلح للعامل وأن الحكم المطعون فيه بتقريره أن الشركة أرادت زيادة امتياز موظفيها وإغراءهم يكون قد مسخ ما أرادته الشركة من عقد اتفاق لائحة الادخار.
ومن حيث إن هذا السبب الأخير مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من "أن المادة 11 من لائحة الصندوق تنص على أنه فى حالة خروج الموظف ولما ينص على عضويته فى الصندوق خمس سنوات ففى هذه الحالة يأخذ الموظف ما دفعه فى الصندوق مضافا إليه فائدة مركبة 3%، أما الذين يخرجون بعد خمس سنوات أو أكثر فإنهم يأخذون علاوة على ذلك حصة أخرى مساوية هى ما تدفعه الشركة مع فائدة 3% بشرط ألا يكون خروجهم من الخدمة بسبب ما نص عليه فى الفقرة (ب) من الماده المذكورة وهى أسباب تمت لسلوكهم وهذا القانون أنشئ فى أول يناير سنة 1945 وبصدور هذا القانون نظمت العلاقة بين الشركة التى أعلنت نصوص لائحة الصندوق على موظفيها وبين هؤلاء الموظفين الذين اشتركوا فيه فهو قانون المتعاقدين يجب التزام نصوصه متى كانت واضحة لا لبس فيها ولا غموض وعدم تفسيرها بما لا يخرج عن معناها الظاهر" وأضاف الحكم أنه يرى أن "يلتزم فى التفسير قانون المتعاقدين وهو نص المادة 11 من قانون إنشاء صندوق الادخار خصوصا متى كانت واضحة لا لبس فيها ولا غموض وغير متعارضة ولا مخالفة للنظام العام إذ لا تعارض بين نصوص هذا القانون وقانون عقد العمل الصادر فى سنة 1944 إذ الظاهر أن الشركة أرادت وقد كانت نصوص هذا القانون ماثلة أمامها عند التفكير فى إنشاء الصندوق زيادة امتياز موظفيها وإغراءهم على الانتظام فى عضوية الصندوق وهذا التفسير واضح‘‘ ولما كان يبين من ذلك أن الحكم استخلص أن الشركة قصدت الى تمييز بعض المشتركين فى الصندوق بتمكينهم من الحصول على ما أودعته الشركة فى الصندوق بالإضافة الى المكافأة استنادا الى الأسباب المتقدمة وهى أسباب سائغة ولما كان لمحكمة الموضوع تفسير العقود بما تراه أوفى إلى قصد المتعاقدين بناء على ما تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها متى أقامتها على أسباب سائغة تبررها كما هو الشأن فى الدعوى الحالية فلا يكون الحكم المطعون فيه قد حرف العقد عن مواضعه.
ومن حيث إن السبب الأول مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يرد مخالفة نص المادة 39 من قانون 41 سنة 1944 بل قرر أنه ليس هناك ما يمنع من أن تمنح الشركة لموظفيها مبالغ أخرى بالإضافة إلى ما تقرره المادة المذكورة وهذا غير مخالف للقانون. وغير منتج ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه من استناده إلى القانون رقم 317 سنة 1952 الصادر بعد واقعة الفصل من العمل بمقولة إن له أثرا رجعيا - غير منتج ذلك ما دامت المحكمة قد أقامت قضاءها على أسباب أخرى سائغة تكفى وحدها لإقامة الحكم عليها دون حاجة إلى هذا التزيد.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.


(1) صدر حكم مماثل بذات الجلسة فى القضية رقم 135 سنة 23 القضائية.