أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 894

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1956

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وابراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(128)
القضية رقم 43 سنة 23 القضائية

( أ ) حكم "بياناته". إفلاس. القرار الصادر بتقدير أتعاب وكيل الدائنين. تضمين هذا القرار اسم الملتزم بالأتعاب وصفة الالتزام بها أو أية بيانات أخرى سوى التقدير نفسه. غير لازم. المادتان 249 و366 تجارى.
(ب) إفلاس. معارضة. نقض. المعارضة فى تقدير أتعاب وكيل الدائنين. نطاقها. المادة 249/ 2 تجارى.
(ج) دفاع. حكم "تسبيبه". نعى غير منتج لعدم استناده إلى أساس قانونى. إغفال الحكم الرد على ما يتمسك به الخصم فى هذا الصدد. لا قصور.
1 - ليس بلازم أن يتضمن القرار الصادر بتقدير أتعاب وكيل الدائنين المعين فى التفليسة اسم الملتزم بهذه الأتعاب وصفة الالتزام بها أو أية بيانات أخرى عن هذا التعويض سوى التقدير نفسه الذى عينته المحكمة ما دام ذلك مفهوما بمقتضى أحكام المادتين 249، 366 تجارى.
2 - المعارضة التى أجازها القانون فى الفقرة الثانية من المادة 249 من قانون التجارة فى تقدير أتعاب وكيل الدائنين إنما هى قاصرة على الأسس التى يقوم عليها استحقاق هذا التعويض وتحديد مقداره. فمتى كان المفلس قد عارض فى القرار الصادر بتقدير تلك الأتعاب وبنى معارضته على القول بعدم وجود صفة له فى الالتزام بها وتعييب شكل القرار المعارض فيه لعدم بيان اسم الملتزم بها وصفة الالتزام - فإن هذا النعى يكون غير منتج لعدم استناده إلى أساس قانونى.
3 - متى كان النعى غير منتج لعدم استناده إلى أساس قانونى فإن الحكم لا يكون قد شابه قصور فى التسبيب إذا لم يرد على ما يتمسك به الخصم فى هذا الصدد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل فى أنه بتاريخ 1/ 5/ 1951 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية فى القضية رقم 109 سنة 1947 تجارى إفلاس المرفوعة على الطاعنة من محمد على الدبيكى بانحلال حالة اتحاد الدائنين وبتقدير مبلغ 200 جنيه قيمة أتعاب ومصاريف وكيل الدائنين الأستاذ يوسف دويدار الخبير بمكتب خبراء مصر (المطعون عليه) ينفذ به لصالح خزانة وزارة العدل. وعارضت الطاعنة فى التقدير، وبتاريخ 22/ 5/ 1951 قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلا ورفضها موضوعا وتأييد أمر التقدير المعارض فيه. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالقضية رقم 477 سنة 68 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التى قضت بتاريخ 28/ 4/ 1952 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فقررت الطاعنة الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية ورأت النيابة العامة قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا. وحيث إن الطعن بنى على سببين: يتحصل السبب الثانى منهما والشق الأول من السبب الأول فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب ذلك أن الطاعنة تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن القرار الصادر من المحكمة التى أشهرت الإفلاس بتقدير أتعاب وكيل الدائنين طبقا للمادة 249 تجارى يعتبر حكما يجب أن تتوافر فيه شروط صحة الأحكام فيتعين أن يصدر ضد الملتزمين بأتعاب السنديك على وجه التحديد بالاسم وبصفة الملزومية إن كانت تضامنية أو موزعة عليهم بنسبة معينة وأن يحدد فيه وعاء الالتزام إن كان من أموالهم الخاصة أم أموال روكية الدائنين، ولكن الحكم قد خلا من بيان ذلك مما يجعله باطلا جوهريا لفقدانه أركان الحكم الأساسية ولصدوره على غير ذى صفة إذ كان ينبغى أن تقدر أتعاب وكيل الدائنين على أموال التفليسة وأن يدفع منها بطريق الامتياز قبل إجراء التوزيع لا أن يقضى به على المفلسة (الطاعنة) فى حين أنها لا تضامن بينها وبين روكية الدائنين. والحكم الابتدائى إذ قضى بتأييد قرار التقدير الباطل يكون باطلا مثله لصدوره على غير ذى صفة إلا أن هذا الدفاع الهام لم يحظ برد من الحكم المطعون فيه مما يجعله مشوبا بالقصور فضلا عن الخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى بشطريه مرود أولا: بأن المادة 249 من قانون التجارة إذ أجازت لوكلاء المداينين "أن يأخذوا بعد أداء حساب إدارتهم تعويضا تعينه المحكمة لهم بناء على تقرير من مأمور التفليسة" قصدت إلى أن المحكمة التى حكمت باشهار الإفلاس تقدر لهم ما يستحقونه من الأجر عن أتعابهم ومن المصاريف التى تكبدوها فى سبيل القيام بما وكل إليهم وأن يأخذوا هذا الذى تقدره لهم المحكمة على الوجه المعين فى القانون وهو ما نصت عليه المادة 366 من قانون التجارة من أنه "يستنزل من النقود المتحصلة... مصاريف إدارة التفليسة ومن ضمنها أجرة وكلاء المداينين... وكذلك المبالغ المدفوعه للمداينين الممتازين ويوزع الباقى على جميع المداينين بنسبة مقادير ديونهم..." وحاصل ذلك أن يستولى وكلاء المداينين على التعويض المقدر لهم بطريق الاميتاز من أموال التفليسة أينما وجدت فليس بلازم إذن أن يتضمن القرار الصادر بتقدير أتعاب وكيل الدائنين المعين فى التفليسة اسم الملتزم بهذه الأتعاب وصفة الالتزام بها أو أية بيانات أخرى عن هذا التعويض سوى التقدير نفسه الذى عينته المحكمة ما دام مفهوما بمقتضى أحكام القانون أن هذا التعويض يستحق بطريق الامتياز من أموال التفليسة وأن الأمر به ينفذ على هذه الأموال بالتقدم على ما عداه من الديون (العادية) وأنه وإن لم تكف أموال التفليسة لسداده يصبح شأنه شأن كافة الديون غير المدفوعة فى التفليسة وتسرى عليه أحكامها فى القانون. ومرود ثانيا - بأن ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 249 من قانون التجارة من أنه "يجوز المعارضة فى تقدير التعويض المذكور من أى شخص ذى شأن فى ذلك إذا حصلت فى ظرف خمسة عشر يوما من تاريخ التقدير" يفيد أن المعارضة التى أجازها القانون فى "تقدير التعويض" إنما هى قاصرة على الأسس التى يقوم عليها استحقاق هذا التعويض وتحديد مقداره فمتى كانت الطاعنة قد عارضت فى القرار الصادر بتقدير أتعاب المطعون عليه وبنت معارضتها حسبما جاء فى دفاعها أمام محكمة الاستئناف على القول بعدم وجود صفة لها فى الالتزام بهذه الأتعاب وتعييب شكل القرار المعارض فيه لعدم بيان اسم الملتزم بالأتعاب وصفة الالتزام وكان هذا النعى غير منتج لعدم استناده إلى أساس قانونى على ما سلف بيانه فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم المستأنف القاضى برفض المعارضة ولم يرد على ما تمسكت به الطاعنة فى هذا الصدد لا يكون قد أخطأ فى القانون ولا شابه قصور فى التسبيب.
وحيث إن الشق الثانى من السبب الأول يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر التسبيب فى رده على دفاع الطاعنة بشأن أسس تقدير أتعاب المطعون عليه ذلك أنها تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن وكيل الدائنين باعتباره وكيلا بأجر مسئول عن تقصيره ولا يستحق أجره إلا إذا كان قد نفذ الوكالة تنفيذا كاملا وأنه ينبغى فى تقدير الأجر أن تراعى المحكمة أهمية العمل الذى أداه وما بذله فيه من جهد ومهارة وما عاد على جماعة الدائنين من فائدة، وقد عددت الطاعنة فى دفاعها أوجه التقصير التى نسبتها لوكيل الدائنين التابع لمكتب الخبراء المطعون عليه وهى تخلص فى أنه استبدل بحكم من محكمة الإفلاس فى 21/ 4/ 1949 بناء على ما ثبت لها من تقصيره وبعد شكوى الطاعنة فضلا عن أنه أهمل فى تقدير موجودات التفليسة وفى الكشف عن استحقاق الطاعنة لديون لدى نحاس فيلم وأنه قصر فى جرد بعض مشتملات التفليسة كما تبين مما كشف عنه السنديك الذى عين خلفا له والذى استطاع أن يخفض بعض الديون وأن يسددها كلها ثم فاض للطاعنة كثير إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على أى وجه من هذه الأوجه واكتفى بسرد الأعمال التى قام بها وكيل الدائنين كما جاءت فى تقريره مع أن ذلك لا ينهض ردا على المطاعن الجوهرية الموجهة إليه مما لو تنبهت إليه المحكمة لتغير به وجه الرأى فى قضائها.
وحيث إن هذا النعى مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من: "أنه تبين من الاطلاع على حكم استبدل السنديك الصادر فى 21/ 4/ 1949 أن المحكمة أثنت على إدارة المستأنف عليه لأعمال التفليسة وقالت فى حكمها إنه بذل مجهودا مشكور فى أداء مهمته وكانت إجراءاته وأعماله سليمة وذكرت المحكمة أن الاستبدال يرجع إلى منشور أصدرته وزارة العدل إلى المحاكم يتضمن طلبها عدم تعيين خبراء موظفين حراسا أو وكلاء للدائنين لأن تعيينهم يعطل أعمالهم وقد يترتب عليه بعض المسئوليات ومن ثم يكون طعن المستأنفة فى إدارة المستأنف عليه لأعمال التفليسة قد فصلت فيه محكمة أول درجة بأنه طعن على غير أساس والواقع هو أن المستأنف عليه فى المدة التى باشر فيها أعمال التفليسة من تاريخ تعيينه وكيلا للدائنين فى 29/ 12/ 1947 إلى تاريخ انتهاء مهمته فى 21/ 4/ 1949 قد قام بها خير قيام كما تدل على ذلك محاضر أعماله والتقارير المقدمة منه إلى مأمور التفليسة وعددها تسعة..." وبعد أن ذكر الحكم ما قام به وكيل الدائنين من أعمال وما عرض له من صعاب بسبب ما لجأت إليه الطاعنة من تهريب بعض ممتلكاتها ومن التواطؤ مع الغير على رفع إحدى القضايا انتهى إلى القول "وحيث إنه ظاهر مما تقدم ومما هو مدوّن بتقارير المستأنف عليه ومحاضر أعماله أنه لم يقع من جانبه أى تقصير مما زعمته المستأنفة بل إن تصرفاته كلها تدل على اهتمامه وحرصه على مصلحة التفليسة وإن كان وكيل الدائنين الذى خلفه قد ذلل الاتفاق مع الدائنين على استمرار أعمال (التفليسة) بدلا من تصفيتها مما ترتب عليه تسوية ديونها من إيراد الأفلام السينمائية ومن ثم بيع فيلا الاسكندرية فهذا لا يغمط المستأنف عليه ما قام به فى مدة إدارته للتفليسة من مجهودات رغم العراقيل التى كان يلقاها من جانب المستأنفة ومن ثم ترى المحكمة أن التعويض المحكوم به للمستأنف عليه غير مبالغ فيه ويتناسب مع ما قام به من أعمال لمصلحة التفليسة" وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه يتضمن بيان الحقيقة التى اقتنعت بها المحكمة وأوردت دليلها من أسباب حكم الاستبدال الصادر فى 21/ 4/ 1949 ومن واقع مستندات الدعوى بما يكفى للرد على جميع حجج الطاعنة صراحة أو ضمنا بغير حاجة إلى تعقبها فى مختلف أقوالها والرد استقلالا على كل منها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.