أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 26

جلسة 4 من يناير سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة/ حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف المستشارين.

(3)
الطعن رقم 484 لسنة 25 القضائية

( أ ) قرارات إدارية. "الترخيص من الإدارة". عقد. "تفسير". "قواعده". "مجال تطبيقها".
ترخيص مصلحة الجمارك بتشغيل معمل بشروط معينة تتضمن جميعها التزامات على المرخص له وحده ليس فى حقيقته عقدا بالمعنى القانونى إنما هو قرار إدارى. قواعد التفسير المنصوص عليها فى المادتين 150 و151 من القانون المدنى، مجال تطبيقها العقود دون القرارات الإدارية.
(ب) قرارات إدارية. عقد. "عقود الإذعان". "مجال تحقق الإذعان".
لا يمكن التحلل من أحكام القرار الإدارى الذى يحكم الروابط بين الطرفين بدعوى أنها جائرة وأن قبوله تلك الأحكام بطريقة الإذعان. الاستثناء الوارد بالمادة 149 من القانون المدنى فى شأن عقود الإذعان خاص بالعقود المدنية ولا يسرى على القرارات الإدارية.
1 - ترخيص مصلحة الجمارك للشركة الطاعنة بتشغيل معمل لإنتاج المشروبات الكحولية تحت نظام الإيداع بشروط معينة تتضمن جميعها التزامات على الشركة وحدها، ليس فى حقيقته عقدا بالمعنى القانونى وإنما هو قرار إدارى أصدرته مصلحة الجمارك وفقا لأحكام المرسوم الصادر فى 9 سبتمبر سنة 1934 الخاص برسم الإنتاج على الكحول والذى كان معمولا به وقت إعطاء هذا الترخيص. ومن ثم فمتى كان الحكم المطعون فيه قد أعمل الآثار القانونية لهذا القرار الإدارى الذى يحكم الروابط بين الطرفين وانتهى إلى نتيجة صحيحة موافقة للقانون فلا يعيبه ما ورد فى أسبابه من وصف ذلك القرار الإدارى بأنه عقد، ويكون النعى على الحكم إغفاله الرد على ما طلبته الطاعنة من تطبيق قواعد التفسير المنصوص عليها فى المادتين 150 و151 من القانون المدنى غير مجد إذ أن مجال تطبيق تلك القواعد هو العقود ولا تنطبق على القرارات الإدارية(1).
2 - متى ثبت أن الروابط بين الطرفين يحكمها قرار إدارى فإنه لا يجوز التحلل من أحكامه بدعوى أنها جائزة وأن قبول الطاعنة لها تم بطريق الإذعان، إذ أن الاستثناء الوارد بالمادة 149 من القانون المدنى فى شأن عقود الإذعان خاص بالعقود المدنية ولا يسرى على القرارات الإدارية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مصلحة الجمارك المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1370 سنة 1952 كلى الاسكندرية ضد الشركة الطاعنة طالبة الحكم بإلزامها بمبلغ 297 جنيها تأسيسا على أن هذه الشركة تملك مصنعا للمشروبات الروحية وقد التزمت بمقتضى عقد اتفاق مؤرخ 8 ديسمبر سنة 1938 وتجدد سريانه إلى تاريخ رفع الدعوى - بأن تدفع لها مصاريف مراقبة العمل فى هذا المصنع وأنها - مصلحة الجمارك رأت فى سنة 1946 تعيين مفتش إنتاج لمباشرة هذه الرقابة نظراً لما لاحظته من أنه كان معهودا بها إلى معاون إنتاج ومستخدم من الخدمة السائرة لا يمكنهما تحقيقها على الوجه المنشود وقد استمر المفتش يؤدى عمله فى المصنع حتى أوائل سنة 1949 ولكن الطاعنة امتنعت عن دفع راتبه فاضطرت المطعون عليه لإقامة هذه الدعوى تطالبها براتب هذا المفتش فى المدة من أول ديسمبر سنة 1948 حتى 31 أغسطس سنة 1949. واستند فى هذه المطالبة إلى ما وصفته بأنه عقد اتفاق مؤرخ 8 ديسمبر سنة 1938 مبرم بينهما وبين الطاعنة وإلى القرار الوزارى رقم 69 سنة 1947 بشأن رسم الإنتاج والاستهلاك على الكحول والذى أوجبت المادة التاسعة منه تحمل أصحاب مصانع المشروبات الكحولية بماهيات ومصاريف الموظفين المكلفين بأعمال الرقابة بها - دفعت الطاعنة هذه الدعوى بأنه وإن كان عقد الإتفاق قد تضمن نصا يلزمها بدفع مصاريف المراقبة والمراجعة التى حددت بمبلغ 162 جنيها سنويا ويعطى المصلحة الحق فى زيادة هذا المبلغ إذا رأت ما يدعو لذلك إلا أن حق المصلحة فى هذه الزيادة يخضع لرقابة القضاء لأن العقد من عقود الإذعان - وبتاريخ 17 مايو سنة 1953 قضت المحكمة الإبتدائية برفض الدعوى تأسيسا على أنه وإن كان العقد لا يعتبر من عقود الإذعان لعدم استيفائه الشرائط القانونية لهذه العقود إلا أن المصلحة (المطعون عليها) قد تعسفت فى استعمال حقها وذلك بزيادتها المبلغ المقدر فى العقد إلى أضعافه بغير مبرر إذ أن حالة العمل فى المصنع لم تكن تقتضى تعيين المفتش الذى تطالب المصلحة براتبه وكان يكفى للقيام بأعمال المراقبة الموظفان الآخران اللذان كانت الطاعنة تقوم بدفع راتبهما - استأنفت المصلحة المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 175 سنة 10 ق الاسكندرية وبتاريخ 23 يناير سنة 1955 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضده بصفته (الطاعنة) بأن يدفع للمستأنف بصفته (المطعون عليها) 297 جنيها والمصروفات عن الدرجتين. وأسس هذا الحكم قضاءه على أن الاتفاق المعقود بين الطرفين فى 8 ديسمبر سنة 1938 والقرار الوزارى رقم 69 لسنة 1947 صريحان فى إطلاق يد المصلحة فى تقدير ظروف العمل فى المصانع حتى تتمكن من مراقبة تقطير الخمور مراقبة كفيله بسلامة تطبيق القانون وأن الظروف التى أبدتها المصلحة تبرر تعيين المفتش الذى تطالب براتبه وتدل هذه الظروف على أن المصلحة لم تكن متعسفة فى استعمال الرخصة الممنوحة لها وأنها فيما فعلت كانت تبتغى المصلحة العامة ولم تقصد الإضرار بالطاعنة - طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى قلم كتاب هذه المحكمة تاريخه 26 سبتمبر سنة 1955 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 فبراير سنة 1960 وفيها صممت النيابة على المذكرة التى كانت قد أودعتها وطلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للاحالة حددت لنظره جلسة 21/ 12/ 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة فى أولها على الحكم المطعون فيه قصوره فى التسبب بإغفاله الرد على دفاع جوهرى لها يتغير به وجه الحكم فى الدعوى ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن العقد سند الدعوى يتطلب تفسيرا وأنه يجب إعمالا للمادتين 150 و151 من القانون المدنى استظهار النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للألفاظ مع الاستهداء فى ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغى أن يتوافر من الأمانة والثقة بين المتعاقدين وتفسير الشك فى مصلحة المدين - وأنها عند ما تعاقدت مع المطعون عليها فى عام 1938 لم يدر بخلد أيهما أن المطعون عليها سوف تزيد مرتبات الموظفين زيادة باهظة بل انصرفت نيتهما إلى أن تكون الزيادة طفيفة وفى حيز المعقول وقد أشار الحكم الابتدائى إلى هذا الدفاع دون أن ينتهى إلى رأى فيه وأغفله الحكم المطعون فيه إغفالا تاما رغم أنه ذكر فى سياق أسبابه أن الطاعنة رددت أمام محكمة الاستئناف ما سبق أن أبدته من دفاع أمام المحكمة الابتدائية - وتنعى الطاعنة فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأه فى القانون فيها انتهى إليه من رفض اعتبار العقد المبرم بينها وبين المطعون عليها من عقود الإذعان قولا منه بأن نص المادة 149 من القانون المدنى وضع لتنظيم وحماية المتعاقد مع شركات الاحتكار وأن مصلحة الجمارك لا ينطبق عليها هذا الوصف وأن العقد موضوع النزاع تحكمه قواعد أخرى كقواعد انعقاد العقد وقواعد المسئولية وتقول الطاعنة إنه لا غناء فى هذا الرد لأن كافة العقود بما فيها عقود الإذعان تخضع لقواعد انعقاد العقد وقواعد المسئولية وأن العقد موضوع النزاع توافرت له جميع خصائص عقود الإذعان ومميزاته ذلك أن مصلحة الجمارك أرغمت جميع أصحاب مصانع الخمور على إبرام مثل هذا العقد وأن مدى اضطرار الطاعنة لإبرام العقد يبدو ماثلا فى كونها لم تكن تملك المناقشة أو المفاوضة فى شروطه ولم يكن أمامها إلا القبول وإلا حرمت من الحصول على الترخيص اللازم لصناعة الخمور.
وحيث إنه يبين من الصورة الشمسية لما وصفه الطرفان بأنه عقد اتفاق مؤرخ 8 من ديسمبر سنة 1938 أنه ليس فى حقيقته عقد بالمعنى القانونى وإنما هو ترخيص بوضع معمل مشروبات كحولية تحت نظام الإيداع صدر بالعبارة الآتية: "ترخص مصلحة الجمارك المصرية إلى شركة زوتوس (الطاعنة) فى تشغيل معملها الكائن... لصنع المشروبات الكحولية تحت نظام الإيداع بالشروط الآتية: ثم ذكرت هذه الشروط فى بنود خمسة عشر تتضمن جميعها التزامات على الشركة الطاعنة وحدها فنص فى البند الأول على أن تخضع بصفة عامة لرقابة مصلحة الجمارك وتنفذ جميع الاشتراطات والإجراءات التى تتطلبها منها هذه المصلحة ونص فى البنود التالية على ما يجب على الشركة اتباعه عند استيراد الكحول ونقله إلى معملها والكيفية التى يجب أن تتم بها عمليات الخلط والتقطير والتعبئة وكافة عمليات التحضير ونظام العمل فى المصنع من حيث مواعيده والدفاتر التى يجب إمساكها وطريقة القيد فيها وعدم جواز فتح مخزن الإيداع للتخزين أو الصرف إلا بحضور مندوب المصلحة وحق المصلحة فى تفتيش هذا المخزن وجرده فى أى وقت تختاره المصلحة ونص فى البند السابع على أن الشركة الطاعنة تتحمل مصاريف المراقبة والمراجعة وهى مقدرة بمبلغ 162 جنيها سنويا تدفع للمصلحة مقدما وللمصلحة الحق فى زيادة هذا المبلغ إذا رأت ما يدعو ذلك وتضمن البند الثامن أنه يجب على الشركة أن تضع تحت يد المصلحة ولكل مدة التصريح تأمينا نقديا أو ضمانا على بنك توافق عليه المصلحة بمبلغ خمسة آلاف جنيه وذلك عن كمية لا تتعدى خمسة وعشرين ألف لتر من الكحول النقى لتنفيذ شروط هذا الترخيص - وقد روعى فى هذا التأمين تغطية رسم كميات الكحول المخزنة ونص فى البند الثالث عشر على خضوع الشركة للوائح وتعليمات الحكومة ومصلحة الجمارك وورد فى البند الأخير أن هذا الترخيص لمدة عام واحد ابتداء من يوم 15 من ديسمبر سنة 1938 ويجدد من تلقاء نفسه لمدة سنه أخرى إذا لم يعلن أحد الطرفين الآخر قبل نهاية المدة بثلاثة شهور على أن المصلحة تحفظ لنفسها الحق فى إلغاء هذا التصريح فى أى وقت.. ولما كان هذا الترخيص يعتبر قرارا إداريا أصدرته مصلحة الجمارك وفقا لأحكام المرسوم الصادر فى 9 من سبتمبر سنة 1934 الخاص برسم الإنتاج على الكحول والذى كان معمولا به وقت إعطاء هذا الترخيص وكان البند السابع من هذا الترخيص صريحا فى تخويل المصلحة الحق فى تحديد مصاريف الرقابة والمراجعة وقد تأكد لها هذا الحق بقرار وزير المالية رقم 69 سنة 1947 الذى صدر تنفيذا للمرسوم الصادر فى 7 يوليه سنة 1947 برسم الإنتاج أو الإستهلاك على الكحول والذى حل محل مرسوم 9 سبتمبر سنة 1934 إذ نصت المادة التاسعة من هذا القرار على أن "أصحاب المعامل والمصانع الذين يقومون بتقديم ضمانة تعتبرها مصلحة الجمارك كافية لإعفائهم من شرط دفع الرسوم فى ظرف الأربعة والعشرين ساعة التالية لإنتهاء العملية طبقا لما جاء بالمادة الرابعة من المرسوم الصادر فى 7 يوليه سنة 1947 (وهى المادة المقابلة للمادة الأولى من المرسوم السابق) تسمح لهم مصلحة الجمارك بإيداع المنتجات غير المسددة عنها الرسوم فى مستودعات خاصة بالشروط التى تحددها على أن يتحملوا مرتبات ومصاريف المستخدمين الذين ترى المصلحة ضرورة وجودهم أو لضمان الرقابة وملاحظة تحصيل الرسم قبل إخراج المنتجات من هذه المستودعات لما كان ذلك فإن الحكم المطعون يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة موافقة للقانون ولا يعيبه بعد ذلك ما ورد فى أسبابه من خطأ فى وصف القرار الإدارى الذى يحكم الروابط بين الطرفين بأنه عقد ما دام أنه أعمل الآثار القانونية لهذا القرار ويكون نعى الطاعنة عليه لإغفاله الرد على ما طلبته من تطبيق قواعد التفسير المنصوص عليها فى المادتين 150 و151 من القانون المدنى غير مجد لأن مجال تطبيق تلك القواعد هو العقود ولا تنطبق على القرارات الإدارية كذلك لا وجه لتعييب الحكم لعدم اعتباره العقد الذى يحكم الروابط بين الطرفين من عقود الإذعان لأنه وقد ثبت أن هذه الروابط إنما يحكمها قرار إدارى فإنه لا يجوز التحلل من أحكامه بدعوى أنها جائرة وأن قبول الطاعنة لها تم بطريق الإذعان، وذلك أن الإستثناء الوارد فى المادة 149 من القانون المدنى فى شأن عقود الإذعان خاص بالعقود المدنية ولا يسرى على القرارات الإدارية.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه فساد فى الإستدلال وتخاذل فى الإستنتاج ذلك أنه عندما تحدت عن حق المصلحة المطعون عليها فى تعيين من تشاء من الموظفين راح ينفى عنها الاعتساف فى استعمال هذا الحق بقوله إنها أفصحت عن وجهة نظرها والظروف التى دعت إلى تعيين مفتش إنتاج وهى أن الموظفين الصغيرين الذين كانا يباشران مراقبة العمل فى المصنع لا يقدران على مراقبة العمليات المتشعبة والمتفرقة التى يقوم بها المصنع على وجه يمنع حصول تلاعب أو تهريب وأن المطعون عليها لم تكن متعسفة فى استعمال هذه الرخصة التى خولها القانون وأنه كان من اللازم تعيين متفش انتاج لاتساع نشاط المصنع إذ كان يقوم بتقطير عدة مئات الآلاف من لترات الكحول وتقول الطاعنة إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تستقل بتقدير التعسف فى استعمال الحق إلا أن ذلك رهن بما توحى به الأوراق ويؤدى إليه المعنى المستمد مما هو ثابت فيها وأنه لما كان الكشف الذى قدمته المصلحة المطعون عليها لمحكمة الموضوع ببيان حركة المصنع فى الفترة من عام 1942 إلى 1949 لا يؤدى إلى ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إتساع نشاط المصنع فى سنة 1946 بل يؤدى إلى عكس ذلك لأنه ثابت فيه أن نشاط المصنع هبط فى العام المذكور وفى السنوات التالية إلى ما يقرب من النصف عما كان عليه فى السنوات السابقة التى لم تر فيها المصلحة ما يدعوها إلى تعيين مفتش إنتاج فإن استدلال الحكم فى هذا الخصوص يكون فاسدا فضلا عن أن الحكم قد تخاذل فى أسبابه إذ بعد أن قال فى صدد تبرير تعيين هذا المفتش أن حركة المصنع اتسعت اتساعا استلزم تعيينه عاد فقال إن نشاط المصنع أخذ يتناقص من سنة إلى أخرى ثم تدارك هذا التناقص بقوله إن هذا التناقص ما كان ليمنع تعيين المفتش لأن إنتاج المصنع ما زال يبلغ مئات الآلاف من اللترات.
وحيث إن هذا النعى مردود (أولا) أنه لما كانت الطاعنة لم تقدم لهذه المحكمة الكشف الخاص ببيان حركة العمل فى مصنعها فى الفترة من 1942 الى 1949 وهو الكشف الذى تدعى أن الحكم استخلص منه غير ما يؤدى إليه معناه فان نعيها على الحكم فى هذا الخصوص بفساد الاستدلال يكون عاريا عن الدليل (ثانيا) أن الحكم قرر بصدد التدليل على نفى التعسف عن المطعون عليها ما يأتى:
"إن هذه المحكمة ترى أن المستأنفة قد أفصحت عن وجهة نظرها والظروف التى دعت إلى تعيين مفتش انتاج لمصنع المستأنف ضدها وهى أن الموظفين الصغيرين اللذين كانا به لا يقدران على مراقبة جميع العمليات المتشعبة والمنوعة التى يقوم بها المصنع حتى لا يحصل تلاعب أو تهريب وانها لم تكن متعسفة فى استعمال هذه الرخصة التى خولها لها القانون وكان من الواجب تعيين مفتش إنتاج لاتساع نشاط المصنع اذ كان يقوم بتقطير عدة مئات من الألوف من اللترات من الكحول وأن تناقص هذه الكميات سنة عن أخرى لا يمنع أنها فى ذاتها لا زالت مئات الألوف كما هو واضح من كشف بيان حركة المصنع (حافظة 2 دوسيه) وليس أدل على أن المصلحة كانت تبغى المصلحة العامة ولم تتعمد الاضرار بالمصنع من أنه لما هبطت حركة المصنع إلى أقل من مائة ألف من اللترات فى سنة 1949 أوقفت تخصيص المفتش لهذا المصنع وجعلت له اشرافاً جزئيا على بعض العمليات دون أن تحمل الشركة شيئا من راتبه كما أنه لم تطالب براتب هذا المفتش عن الفترة السابقة للقرار الوزارى رقم 69 لسنة 1947 وبما أن المستأنف ضده فوق هذا لم يثبت أن المستأنفة قد عاملته معاملة تختلف عن غيرها من المصانع وأن الدافع لها على تعيين هذا المفتش لم يكن مشروعا" وليس فى هذا الذى قرره الحكم أى تخاذل أو فساد فى الاستدلال وهو يؤدى إلى ما رتبه عليه الحكم من نفى التعسف عن المطعون عليها.


(1) راجع نقض مدنى 10/ 11/ 1955 فى الطعن 203 س 22 ق "عقد. جواز اعتبار عقد استغلال مقصف إحدى محطات السكك الحديدية عقد إيجار بل إلتزام بأداء خدمة عامة". ونفس المبدأ فى النقص المدنى 14/ 6/ 1959 فى الطعن 54 س 23 ق بالنسبة لاستغلال "كازينو" للبلدية وقد جاء به أن "نصرف الإدارة فى أملاكها العامة لا يكون إلا عل سبيل الترخيص وهو مؤقت يبيح للسلطة المرخصة دواما ولداعى المصلحة العامة الحق فى إلغائه أو الرجوع فيه ولو قبل حلول أجله وكل أولئك من الأعمال الإدارية التى يحكمها القانون العام ولا ولاية للمحاكم فى شأنها ولا تخضع للقانون الخاص. ونقض مدنى 8/ 12/ 1949 فى الطعن 181 س 17 ق و23/ 11/ 1944 فى الطعن 110 س 13 ق.