أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 49

جلسة 11 من يناير سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار وبحضور السادة/ حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(6)
الطعن رقم 159 لسنة 26 القضائية

( أ ) وقف. "استبدال الوقف". "الإذن به". "آثاره".
لا يتم استبدال الوقف بالإذن به. لا ينتح الاستبدال آثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة صيغة البدل. ولا يغير من هذه القاعدة أن يكون عدم الإيقاع مرجعه إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات وخروج الأمر من اختصاص المحكمة الشرعية.
(ب) بيع. التزام. "الشرط الواقف". "الأثر الرجعى لتخلف الشرط".
تعليق البيع على شرط واقف هو رسو مزاد الأطيان المبيعة على البائع. رسو المزاد على المشترى. تخلف الشرط الواقف. يعتبر العقد أنه لم ينعقد أصلا منذ البداية نتيجة للأثر الرجعى لتخلف الشرط. إجازة صاحب المصلحة فى التمسك بانعدامه، لا تعيد للعقد وجوده.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أنه إذا أذن القاضى باستبدال الوقف فإن الاستبدال لا يتم ولا ينتج آثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة الشرعية صيغة البدل. وتنطبق هذه القاعدة دائما مهما تنوعت الأسباب التى أدت إلى الحيلولة دون إيقاف صيغة البدل، كما لا يغير من هذا النظر أن يكون عدم إيقاعها مرجعه هو صدور المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات وخروج الأمر من اختصاص المحكمة الشرعية(1).
2 - متى كان البيع معلقا على شرط واقف هو رسو مزاد الأطيان الواردة به على البائع فى جلسة المزايدة أمام المحكمة الشرعية وكان هذا الشرط قد تخلف برسو المزاد فى تلك الجلسة على الطاعن (المشترى) دون البائع فإنه يترتب على ذلك عدم انعقاد البيع واعتباره كأن لم يكن، ولا يعيده إلى الوجود إجازة صاحب المصلحة فى التمسك بانعدامه ما دام أنه لم ينعقد أصلا منذ البداية نتيجة لإعمال الأثر الرجعى لتخلف الشرط الواقف ومن ثم فاستلام الطاعن للأطيان محل النزاع وإقراره بشرائها وسداده أغلب ثمنها وتصرفه بالبيع فى جزء منها كل ذلك ليس من شأنه أن يعيد إلى العقد وجوده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 454 سنة 1954 كلى المنيا على الطاعن طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ البيع الصادر منه إلى الطاعن عن 10 ف، 6 ط، 8 س مقابل ثمن قدره 4065 ج وإلزام الطاعن بأن يؤدى إليه باقى الثمن وقدره 800 جنيه ثم تدخل المطعون عليه الثانى فى الدعوى منضما للمطعون عليه الأول فى طلباته وأسس المطعون عليهما الدعوى على انهما مستحقان فى وقف جدهما محمد توفيق الحكيم وأنهما كانا قد تقدما بطلب إلى هيئة التصرفات بمحكمة مصر الشرعية باستبدال القدر موضوع الدعوى فوافقت على بيعه بالمزاد الذى حدد فى 19 من فبراير سنة 1951 وقبل جلسة المزاد أبرم اتفاق بين الطاعن والمطعون عليه الثانى نص فيه على أن يقوم المطعون عليه الثانى بشراء الأطيان وأن يبيعها بعد ذلك إلى الطاعن مقابل ثمن قدره 3900 جنيه دفع منها مبلغ 400 جنيه عند تحرير العقد واتفق على دفع مبلغ 400 جنيه أيضا عند رسو المزاد وأن يدفع الباقى فى ميعاد لا يتجاوز آخر مارس سنة 1951 - وفى جلسة المزايدة تقدم الطاعن والمطعون عليه الثانى وآخر للشراء ثم انسحب المطعون عليه الثانى وقرر أن ما سبق أن دفع منه كتأمين هو لحساب الطاعن ومن ماله وانتهى الأمر برسو المزاد على الطاعن لقاء مبلغ 4065 جنيها وطلب وكيل المطعون عليهما حفظ المادة مؤقتا حتى تتم الإجراءات - وقبل أن توقع المحكمة الشرعية صيغة البدل صدر القانون رقم 180 سنة 1952 بالغاء الوقف على غير الخيرات وعلى أثر ذلك نكل الطاعن عن تنفيذ العقد المبرم بينه وبين المطعون عليه الثانى وكان الطاعن قد سدد جزءا كبيرا من الثمن - وفى 29/ 5/ 1955 قضت المحكمة برفض الدعوى تأسيسا على أن البيع لم ينعقد لعدم توقيع صيغته فى المحكمة الشرعية المختصة وأن رسو المزاد على الطاعن لا يقوم مقام توقيع الصيغة التى أصبح من المستحيل اجراؤها بعد صدور القانون رقم 180 سنة 1952. فاستأنف المطعون عليهما الحكم بالاستئناف رقم 815 سنة 72 ق القاهرة - وفى 28 من يناير سنة 1956 قضت محكمة الاستئناف بالغاء الحكم المستأنف وبصحة التعاقد الحاصل بموجب عقد الاتفاق المؤرخ أول يناير سنة 1951 واثبات بيع الأطيان للطاعن بالعقد المذكور وبمحضر جلسة 19 فبراير سنة 1951 أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية وبالزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول مبلغ 800 جنيه وفى 28 من مارس سنة 1956 قرر وكيل الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الاجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها التى طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة فحص الطعون فى جلسة 14 من يناير سنة 1961 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 14 من ديسمبر سنة 1961 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن فى السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ فى تطبقيه ذلك أنه اعتبر أن البيع قد انعقد صحيحا بعقد الاتفاق المؤرخ أول يناير سنة 1951 وبمحضر جلسة المزاد المنعقدة فى 19 من فبراير سنة 1951 أمام المحكمة الشرعية مع أن الثابت من اتفاق أول يناير سنة 1951 أن شراء الطاعن الأرض من المطعون عليه الثانى كان معلقا على رسو مزادها على هذا الأخير وأن الثابت هو عدم رسو مزادها عليه وبذلك لم يتحقق الشرط المعلق عليه الشراء كما أن تقدم الطاعن للشراء أمام المحكمة الشرعية وتقدمه بأكبر عطاء لا يترتب عليه انعقاد البيع ولزومه بل هو لا يعدو أن يكون قبولا منه بالشراء بذلك الثمن معلقا على قبول المحكمة الشرعية بتوقيعها صيغة البدل إذ أنه لا عبره برسو المزاد لأن الاستبدال لا يتم ولا ينتج أثره القانونى إلا إذا أوقعت المحكمة الشرعية صيغة البدل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن القاعدة القانونية التى مؤداها أنه إذا أذن القاضى باستبدال وقف فإن الاستبدال لا يتم ولا ينتج آثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة الشرعية صيغة البدل هذه القاعدة لا تنطبق على الدعوى الحالية ذلك لأن عدم إيقاع صيغة البدل فيها لم يكن مرده امتناع المحكمة الشرعية عن إيقاع تلك الصيغة بعد الاذن بالاستبدال لكونها رأت لا ضرورة له ولا مصلحة فيه وإنما كان ذلك لامتناع نظر المادة عليها بعد الاذن بالاستبدال وتحديد جلسة للمزاد ورسوه على الطاعن فعلا بسبب صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 فى 14 سبتمبر سنة 1952 بالغاء نظام الوقف على غير الخيرات - كما أسس الحكم المطعون فيه قضاءه على ما ورد فى عقد الاتفاق المؤرخ فى أول يناير سنة 1951 والمبرم بين الطاعن والمطعون عليه الثانى من أن الأخير سيقوم بشراء الأطيان المملوكة لجهة وقف جده والمشهر مزاد استبدالها أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية بجلسة 8 يناير سنة 1956 وأن الطاعن قبل شراء الأطيان المذكورة منه بالشروط الواردة بعقد الاتفاق وعلى ما بان من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر جلسة 19 فبراير سنة 1951 فى المادة 2632 سنة 1949 أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية من أن القطعة المراد استبدالها رسا مزادها على الطاعن الذى حل محل المطعون عليه الثانى بمبلغ 4030 جنيها دفع منها 100 جنيه علاوة على المبلغ الذى دفعه المطعون عليه الثانى بالجلسة السابقة وقدره 400 جنيه وهو المبلغ الذى أقر الأخير بالجلسة أنه من مال الطاعن ثم تزايد الطاعن وآخر فرسا المزاد على الطاعن بمبلغ 4065 جنيها ثم تقرر حفظ المادة بناء على طلب وكيل المطعون عليهما حتى تقدم مشروعات الشهر العقارى وبنى الحكم المطعون فيه أيضا على أنه اتضح مما تقدم أن إرادتى الطرفين اتحدتا على انعقاد البيع وأن عدم إيقاع صيغة البدل لا يؤثر فى انعقاد ذلك البيع الذى تم صحيحا بعد الاتفاق وبمحضر جلسة المزايدة، وأنه مما يؤكد تمام البيع ونفاذه أن الطاعن استلم الأطيان محل الدعوى وقام بسداد أغلب ثمنها وتصرف بالبيع للغير فى جزء منها كما أقر بمحضر جلسة 26 يناير سنة 1953 أمام محكمة مغاغة فى القضية رقم 1519 سنة 1952 مدنى بأنه اشترى الأطيان المذكورة ودفع من ثمنها ثلاثة آلاف ونصف من الجنيهات.
وحيث إنه يبين من عقد الاتفاق المؤرخ أول يناير سنة 1951 والمبرم بين الطاعن والمطعون عليه الثانى أن البيع كان معلقا على شرط واقف هو رسو مزاد الأطيان الواردة بذلك الاتفاق على المطعون عليه الثانى فى جلسة المزايدة أمام المحكمة الشرعية - ولما كان هذا الشرط قد تخلف برسو الأطيان فى تلك الجلسة على الطاعن لا على المطعون عليه الثانى فقد ترتب على تخلف الشرط عدم انعقاد البيع واعتباره كأن لم يكن ولا يعيده إلى الوجود إجازة صاحب المصلحة فى التمسك بانعدامه ما دام أنه لم ينعقد أصلا منذ البداية نتيجة لأعمال الأثر الرجعى لتخلف الشرط الواقف - ومن ثم فان قيام الطاعن باستلام الأطيان محل الدعوى وإقراره بشرائها فى محضر جلسة محكمة مغاغة وسداده أغلب ثمنها وتصرفه بالبيع للغير فى جزء منها كل ذلك ليس من شأنه أن يعيد إلى العقد وجوده.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه إذا أذن القاضى باستبدال الوقف فان الاستبدال لا يتم ولا ينتج آثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة الشرعية صيغة البدل وتنطبق هذه القاعدة دائما مهما تنوعت الأسباب التى أدت إلى الحيلولة دون ايقاع صيغة البدل - ولا يغير من هذا النظر أن يكون عدم ايقاعها مرجعه هو صدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بالغاء نظام الوقف على غير الخيرات وخروج الأمر من اختصاص المحكمة الشرعية كما هو الحال فى هذه الدعوى - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على أن البيع قد انعقد صحيحا بمقتضى عقد الاتفاق المؤرخ فى أول يناير سنة 1951 وبمقتضى محضر جلسة المزايدة فى 19 فبراير سنة 1951 أمام المحكمة الشرعية رغم ما سبق بيانه من انعدام ذلك الاتفاق بتخلف الشرط الواقف وعدم اتمام الاستبدال وعد انتاجه آثاره القانونية لعدم إيقاع المحكمة الشرعية صيغة البدل فانه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سلف بيانه يتعين تأييد الحكم الإبتدائى المستأنف.


(1) راجع نقض مدنى 9/ 3/ 1951 فى الطعن 169 س 17 ق.