أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 58

جلسة 11 من يناير سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(8)
الطعن رقم 346 لسنة 26 القضائية

( أ ) نقض. "أحوال الطعن". نقل. مسئولية.
نفى الحكم المسئولية عن أمين النقل الأول استنادا إلى أن البضائع محل عقد النقل قد سلمت إلى أمين النقل الثانى تنفيذا للمكاتبات التى تمت بين الأخير والشاحن، ونفى المسئولية عن أمين النقل الثانى فى تسليم البضاعة قبل وفاء المرسل إليه بباقى الثمن استنادا إلى ما استخلصه من تلك المستندات من قيام رابطة تعاقدية جديدة مباشرة بين الشاحن وأمين النقل الثانى خلت من أى قيد على تسليم البضاعة. لا مخالفة فى ذلك للقانون.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
تقدير قيام الدليل على التواطؤ مسألة موضوعية. المجادلة فى ذلك جدل موضوعى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد نفى المسئولية عن المطعون عليها الأولى (أمينة النقل الأولى) استنادا إلى أنها قد سلمت البضائع المرسلة، إلى المطعون عليها الثانى (أمينة النقل الثانية) تنفيذا للمكاتبات التى تمت بين هذه الأخيرة وبين الطاعن المرسل إليه كما نفى المسئولية عن المطعون عليها الثانية استنادا إلى ما استخلصه من تلك المستندات من أن رابطة تعاقدية جديدة مباشرة نشأت بين الطاعن والمطعون عليها الثانية وخلت من أى قيد على هذه الأخيرة فى تسليم البضاعة للمرسل إليه، ولم ينع الطاعن على الحكم مخالفة الثابت فى المستندات المشار إليها وكان ما استخلصه الحكم منها يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ولا مخالفة فيها للقانون.
2 - تقدير قيام الدليل على التواطؤ مسألة موضوعية ومن ثم فالمجادلة فى ذلك لا تعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعن باع إلى محمد عبد الحليم العتبانى ماكينات طباعة دفع من ثمنها مبلغا قدره 1400 جنيه وطلب إرسالها إليه بالخرطوم ووعد بدفع باقى ثمنها مضافا إليه مصاريف الشحن والتأمين والتعبئة عند وصولها إلى الخرطوم وكانت قيمة باقى ثمنها والتأمين والمصروفات 1764 جنيها و602 مليم وعهد الطاعن إلى شركة كردفان المطعون عليها الأولى بنقل الماكينات من القاهرة إلى وادى حلفا على أن يكون تسليمها لحامل بوليصة الشحن أو لإذن الراسل ولما كانت شركة هانكى هى متعهدة النقل من حلفا إلى الخرطوم فقد قامت بناء على المكاتبات التى دارت بينها وبين الطاعن والمرسل إليه بدفع الرسوم الجمركية المستحقة على الماكينات فى حلفا ونقلتها إلى الخرطوم وسلمتها للمرسل إليه - وكان الطاعن اثر اتفاقه على شحن الماكينات من القاهرة قد سلم بوليصة الشحن وفواتير بيع الماكينات إلى بنك باركليز ليتولى فرعه فى الخرطوم تحصيل باقى الثمن ومصاريف الشحن من المرسل إليه ولكن الأخير تأخر فى السداد حتى تسلم البضاعة من المطعون عليها الثانية فرفع الطاعن الدعوى رقم 38 سنة 1952 تجارى القاهرة على المرسل إليه محمد عبد الحليم العتبانى والمطعون عليهما الأولى والثانية وطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1764 جنيهاً و602 مليم وأسس دعواه على أن المرسل إليه مدين له بذلك المبلغ وأن المطعون عليهما مسئولتان بالتضامن مع المدين فى أداء المبلغ المطالب به لتواطؤهما معه للاضرار بمصالح الطاعن واستدل على ذلك بأن المطعون عليها الأولى أخلت بالتزاماتها فى بوليصة الشحن وسلمت الماكينات إلى المطعون عليها الثانية التى لم يتفق على تسليمها لها كما أن هذه الأخيرة سلمت الماكينات إلى العتبانى دون أن تستلم منه بوليصة الشحن مع علمها بأن بنك باركليز مكلف بتحصيل ثمن الماكينات المنقولة - وقد قضت محكمة أول درجة بطلبات الطاعن قبل العتبانى وبرفضها قبل المطعون عليهما فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 223 سنة 72 ق طالبا إلغاءه فيما قضى به بالنسبة للمطعون عليها. وبتاريخ 3 من يناير سنة 1956 قضت تلك المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام الطاعن بصفته بالمصاريف. وبتاريخ 9 من يوليو سنة 1956 قرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها التى طلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 28 من ديسمبر سنة 1961 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن عملية النقل تستند أساسا إلى الاتفاق المبرم بين الطاعن وشركة كردفان المطعون عليها الأولى بموجب بوليصة الشحن الصادرة منها بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1950 تحت رقم 1291 وقد ورد بها أن المطعون عليها الأولى تسلمت البضائع المبينة بالبوليصة لنقلها من القاهرة إلى وادى حلفا وتعهدت بتسليمها إلى أمره أو إلى حامل بوليصة الشحن وأنه يتضح مما تقدم أن الطاعن احتفظ بحيازة البضائع المشحونة ليتمكن من استردادها ما لم يصر أمره بتسليمها إلى من يتقدم ببوليصة الشحن وأن مثل هذا الاتفاق صحيح ومشروع وتكون مخالفته موجبة للمسئولية غير أن الحكم المطعون فيه اطرح الشروط الواردة ببوليصة الشحن ولم يقم لها أى اعتبار وأسس قضاءه على أحكام استخلصها من النصوص القانونية العامة والالتزامات التى تقع عادة على عاتق أمين النقل وانتهى إلى عدم وجود تقصير أو خطأ من جانب المطعون عليهما وما قرره الحكم فى هذا الشأن مخالف للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على "أن المستأنف (الطاعن) تكفل بنقل ماكينات الطباعة التى باعها إلى العتبانى وتسليمها إليه فى الخرطوم على أن يتحمل المرسل إليه مصاريف النقل والتأمين وليس أدل على ذلك من أن المستأنف أمن على هذه الماكينات حتى وصولها إلى الخرطوم وتسليمها للمرسل إليه (مستند رقم 5 حافظة 4 دوسيه) وأنه كلف بنك باركليز بالخرطوم بتحصيل 1464 جنيها و602 مليم من المستحق له قبل العتبانى وإرجاء مبلغ 300 جنيه لمدة ثلاثين يوما بعد تسليم البضاعة (مستند 9 حافظة 4 دوسيه) وأنه كلف المستأنف عليها الثانية (المطعون عليها الثانية) بالاتصال بالعتبانى بخصوص الماكينات المرسلة إليه (مستند 14 دوسيه مقدم بجلسة المرافعة) فإذا كانت المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الأولى) قد سمحت للمستأنف عليها الثانية وهى المتعهدة بالنقل بين حلفا والخرطوم بإتمام عملية نقل البضاعة إلى الخرطوم فذلك تنفيذا لما اتفق عليه بين المستأنف والعتبانى وبناء على موافقة المستأنف فى مكاتباته مع المستأنف عليها الثانية (مستند رقم 14 دوسيه ومستند رقم 2 حافظة 14 دوسيه)" - كما جاء بالحكم المطعون فيه أيضا "أن تسليم بالبضاعة إلى المشترى مع علم المستأنف عليها الثانية أن المستأنف يطالب بباقى ثمنها ومصاريف الشحن ليس فيه أى إخلال بالتزاماتها كأمينة نقل فالمطالبة بثمن البضائع لا يستلزم عدم تسليمها للمرسل إليه ما لم يتفق على ذلك صراحة بين الراسل والمرسل إليه وأمين النقل وقد يكون الثمن مقسطا كما هو الحال فى الدعوى الحالية إذ قبل المستأنف أن يؤجل 300 جنيه من الثمن إلى ثلاثين يوما تالية لاستلام المشترى البضاعة ولقد كان فى ميسور المستأنف إذا كان جادا فى دفاعه ومصرا على عدم تسليم آلات الطباعة للمشترى إلا بعد دفع الثمن أن ينص على ذلك صراحة فى تذكرة النقل أو ينذر المستأنف عليها الثانية بذلك وهو يكاتبها من أجل التخليص على البضاعة فى جمرك وادى حلفا قبل أن تصل البضاعة إلى المرسل إليه أما وقد غفل عن ذلك فقد قصر فى حقوقه وعليه أن يتحمل نتيجة تقصيره". ومفاد ذلك أن الحكم نفى المسئولية عن المطعون عليها الأولى استنادا إلى أنها سلمت البضائع المرسلة إلى المطعون عليها الثانية تنفيذا للمكاتبات التى تمت بين هذه الأخيرة وبين الطاعن والمرسل إليه والتى أشار إليها الحكم كما نفى المسئولية عن المطعون عليها الثانية استنادا إلى ما استخلصه من تلك المستندات من أن رابطة تعاقدية جديدة مباشرة نشأت بين الطاعن والمطعون عليها الثانية وخلفت من أى قيد على هذه الأخيرة فى تسليم البضاعة للمرسل إليه ولما كان الطاعن لم ينع على الحكم مخالفته الثابت فى المستندات المشار إليها فيه وكان ما استخلصه الحكم منها يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ولا مخالفة فيه للقانون فإن النعى بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون إذ أقر وجود عرف فى الخرطوم جرى على تسليم الطرود إلى المرسل إليه دون حاجة إلى تقديم تذكرة النقل ذلك لأن الإتفاق هو شريعة المتعاقدين ولا يجوز معه الحكم بمقتضى عرف ما فضلا عن أن العرف المدعى بوجوده لم يثبت قانونا حتى يكلف الطاعن بنفيه لأنه لم يسلم بالشهادات العرفية التى قدمت للتدليل على العرف المذكور دون أن يكون لها أية حجية قانونية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وقد أقام قضاءه بنفى المسئولية عن المطعون عليهما على الأسباب السابق بيانها فى الرد على السبب الأول والتى تكفى لحمله فلا يعيبه ما يكون قد اشتمل عليه من تقريرات قانونية خاطئة عن العرف ومن ثم فإن النعى بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تأويل القانون ذلك أنه خرج عن حدود الوقائع الثابتة فى أوراق القضية بالنسبة للصلة التى تربط المطعون عليهما بالعتبانى الذى تسلم البضائع وتثبت تواطؤه معهما إذ أن الثابت فى بوليصة الشحن أن الاتفاق تم على نقل البضائع من القاهرة إلى وادى حلفا فقط كما أن الثابت من خطاب المطعون عليها الثانية أنها نقلت البضائع إلى العتبانى فى الخرطوم وبذلك وضح قيام اتصال بينهما بشأن عملية خارجة عن نطاق بوليصة الشحن المبرمة مع الطاعن وهذه العملية الأخيرة الثانية فى أوراق الدعوى والتى أغفلها الحكم بقوله إن بوليصة الشحن شملت نقل البضاعة من القاهرة إلى الخرطوم هى الدليل على التواطؤ الذى استبعد الحكم وجوده على أساس انعدام الصلة الواجب توافرها فى إثبات التواطؤ.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن المحكمة نفت فى حدود سلطتها التقديرية قيام الدليل على التواطؤ الذى يدعيه الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.