أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 90

جلسة 25 من يناير سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة/ حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(14)
الطعن رقم 50 لسنة 26 القضائية

( أ ) إفلاس. "قفل أعمال التفليسة". "دعوى الدائن بطلب إعادة التفليسة". "الخصوم فيها". حكم. "الطعن فى الأحكام".
حكم قفل أعمال التفليسة لا يمحو آثار شهر الإفلاس ولا يؤدى إلى زوال جماعة الدائنين أو انتهاء مأمورية السنديك. يترتب على ذلك استرداد الدائنين حقهم فى رفع الدعاوى على المفلس نفسه دون اختصام السنديك فيها وإن جاز له التدخل فى تلك الدعاوى. دعوى الدائن بطلب إعادة التفليسة لم يوجب القانون فيها اختصام السنديك. عدم اختصام السنديك فى الطعن المرفوع عن الحكم الصادر فيها جائز قانونا.
(ب) إفلاس. "الحكم بإعادة اعمال التفليسة". "طبيعته". استئناف. "الحكام الجائز استئنافها".
نقض الحكم الصادر بقفل أعمال التفليسة لا يكون إلا بحكم يصدر قبل المفلس وهو فاصل فى خصومة مترددة بينه وبين دائنه. اعتبار الحكم فى دعوى الدائن بطلب إعادة أعمال التفليسة حكما بالمعنى القانونى وليس أمرا ولائيا. جواز الطعن فيه بطريق الاستئناف. لا يندرج ضمن الأحكام المنصوص عليها بالمادة 395 تجارى الغير جائز استئنافها.
(جـ) دعوى. "وصف السرعة فى نظرها". "مناطه".
المناط فى تحديد وصف السرعة هو أمر الشارع لا تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم. وجوب نص القانون على وجه السرعة صراحة. تقصير ميعاد الاستئناف ليس من شأنه وحده إسباغ وصف السرعة على الدعوى.
(د) استئناف "طريقة رفع الاستئناف". إفلاس. "الحكم بإعادة أعمال التفليسة".
الدعوى بطلب إعادة أعمال التفليسة ليست من الدعاوى المنصوص عليها فى المادة 118 مرافعات على سبيل الحصر ولا هى من الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة. حكم المادة 118 مرافعات يمتد إلى دعاوى إشهار الإفلاس وحدها دون الدعاوى الناشئة عن التفليسة. عدم جواز القياس فى هذه الحالة. استئناف الحكم الصادر فى دعوى الدائن بطلب إعادة أعمال التفليسة لا يصح بطريق التكليف بالحضور بل يكون بطريق الإيداع.
1 - إذا كان الحكم بقفل أعمال التفليسة لعدم وجود مال للمفلس كاف لأعمالها لا يؤدى إلى محو آثار شهر الافلاس ولا إلى زوال جماعة الدائنين أو انتهاء مأمورية السنديك، إلا أنه يترتب عليه - طبقا للمادة 337 من القانون التجارى - استرداد الدائنين الذين يكونون هذه الجماعة لحقهم فى رفع الدعاوى على المفلس نفسه مما يستتبع أن الدعاوى الخاصة بجماعة الدائنين التى كانت مركزة فى يد السنديك قبل صدور ذلك الحكم يصبح بعد صدوره من حق كل دائن أن يرفعها على شخص المفلس ولا يلزم اختصام السنديك فيها وإن جاز للأخير أن يتدخل فى هذه الدعاوى كلما رأى لزوم ذلك لحماية مصلحة جماعة الدائنين، كما يبقى له حقه فى رفع ما تقتضى هذه المصلحة رفعه من الدعاوى. ولما كان المشرع لم يصرح برغبته فى الخروج عن هذه القاعدة بالنسبة للدعوى التى يرفعها الدائن بطلب إعادة فتح أعمال التفليسة ولم يوجب اختصام السنديك فيها فإن هذه الدعوى - كغيرها من دعاوى جماعة الدائنين - يصح توجيهها إلى شخص المفلس ولا يلزم اختصام السنديك فيها وبالتالى فلا يكون اختصامه فى الطعن المرفوع عن الحكم الصادر فيها لازما قانونا.
2 - أفصح المشرع فى المادة رقم 337 من القانون التجارى عن أن قفل أعمال التفليسة لعدم وجود مال للمفلس كاف لأعمالها إنما يكون بحكم تصدره المحكمة بناء على تقرير مأمور التفليسة وأجاز فى المادة رقم 338 منه للمفلس وغيره من أرباب الحقوق أن يحصل على نقض الحكم المذكور، ولما كان نقض ذلك الحكم لا يكون إلا بحكم يصدر قبل المفلس ويفصل فى خصومة مترددة بينه وبين دائنه فإن الحكم الصادر فى دعوى الدائن بطلب نقض حكم قفل أعمال التفليسة يعتبر حكما بالمعنى القانونى لا عملا ولائيا، وبالتالى يكون الطعن فيه بطريق الاستئناف جائزا إذ هو ليس من الأحكام التى منعت المادة 395 من القانون التجارى استئنافها.
3 - المناط فى تحديد الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة هو أمر الشارع وليس تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم كما أن تقصير ميعاد الاستئناف ليس من شأنه وحده أن يجعل الدعوى من الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة بل يجب أن ينص القانون على ذلك صراحة.
4 - دعوى الدائن بطلب إعادة فتح أعمال التفليسة ليست من الدعاوى المنصوص عليها فى المادة 118 من قانون المرافعات على سبيل الحصر ولا هى من الدعاوى التى نص المشرع على وجوب نظرها على وجه السرعة ومن ثم فإذا كان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بصحة استئناف الحكم الصادر فى هذه الدعوى رغم رفعه بتكليف بالحضور استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات قولا منه إنها تندرج ضمن الدعاوى الواردة بالمادة 118 من قانون المرافعات باعتبار أنها امتداد لدعوى شهر الافلاس أو أنها تدخل فى قصد الشارع من المادة المذكورة بطريق القياس لأنها مترتبة على الافلاس، فإنه يكون قد خالف القانون إذ أن المشرع قد نص فى المادة 118 من قانون المرافعات على دعاوى شهر الافلاس وحدها دون الدعاوى الأخرى الناشئة عن التفليسة، ولا يغير من هذا النظر أن الشارع قد جعل ميعاد استئناف هذه الدعاوى ميعادا قصيرا لأن تقصير الميعاد ليس من شأنه وحده اعتبارها من الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة(1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق فى أنه بتاريخ 19 يناير سنة 1929 حكمت محكمة مصر الابتدائية المختلطة فى الدعوى 3068 سنة 54 ق بشهر إفلاس المطعون عليه وتعيين السيد باروكاس وكيلا للدائنين لمباشرة إجراءات التفليسة وفى 31 يوليه سنة 1933 أصدرت تلك المحكمة حكما بقفل أعمال التفليسة لعدم وجود مال للمفلس يكفى لأعمالها وفى 24 سبتمبر سنة 1954 - تقدمت الطاعنة بطلب إلى رئيس الدائرة التجارية بمحكمة مصر الابتدائية قالت فيه إنها تداين المفلس بمبلغ يربو على ال 1600 جنيه بمقتضى الحكم الاستئنافى رقم 442 سنة 63 ق وأن التفليسة كانت أقفلت لاخفاء المفلس لأمواله وأنها على علم بوجود أموال له وطلبت نقض حكم قفل التفليسة والأمر باعادة فتحها طبقا للمادة 338 من القانون التجارى وعرض هذا الطلب على المحكمة بعد إعلانه للمفلس وبعد أن سمعت دفاع الطرفين حكمت فى 25 يونيه سنة 1955 برفض الدفع المبدى من المطعون عليه لسقوط الحق بالتقادم وبنقض الحكم القاضى باقفال التفليسة سالف الذكر وبفتح الإجراءات من جديد وبتعيين السيد الأستاذ مصطفى محمد الفقى مأمورا لهما والسيد محمد سعيد المغلاوى وكيلا للدائنين بدلا من الوكيل السابق. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بتكليف بالحضور (استئناف 541 سنة 72 ق) أمام محكمة استئناف القاهرة واختصم فيه الطاعنة ووكيل الدائنين وطلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم أولا وأصليا بسقوط الخصومة طبقا للمادة 307 مرافعات وثانيا ومن باب الاحتياط الحكم بسقوط حق المستأنف عليها لمضى المدة الطويلة وثالثا ومن باب الاحتياط البعيد الحكم بعدم قبول دعوى المستأنف عليها لانتفاء المصلحة. ودفعت الطاعنة بعدم قبول الاستئناف لأن الحكم الصادر من محكمة أول درجة مما لا يجوز استئنافه لأنه مجرد إجراء ويعتبر من القرارات التى تصدرها المحكمة بسلطتها الولائية ودفعت أيضا ببطلان الاستئناف لمخالفته المادة 405 من قانون المرافعات لأن هذه الدعوى وهى ناشئة عن التفليسة لا تندرج تحت نص المادة 118 من قانون المرافعات، وبتاريخ 28 سبتمبر سنة 1955 حكمت المحكمة الاستئنافية برفض الدفعين وبقبول الاستئناف شكلا ثم حكمت ثانية فى 15/ 11/ 1955 فى موضوع الاستئناف بقبول الدفع بانقضاء الخصومة فى دعوى التفليسة 3068 سنة 54 ق مصر المختلطة وبالغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف ضدها (الطاعنة) فطعنت الطاعنة فى هذين الحكمين بطريق النقض بتقرير مؤرخ 26 يناير سنة 1956 وبعد أن قدمت النيابة مذكرتها التى دفعت فيها أصليا بعدم قبول الطعن لعدم اختصام وكيل الدائنين فيه وطلبت احتياطيا نقض الحكم المطعون فيه - عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12 من أبريل سنة 1960 وبها صممت النيابة على طلباتها وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للاحالة وتقديم المطعون ضده مذكرته التى دفع فيها بعدم قبول الطعن شكلا لعدم اختصام وكيل الدائنين فيه نظر الطعن أخيرا أمام هذه الدائرة بجلسة 21/ 12/ 1961 وبها صممت النيابة على طلباتها سالفة الذكر.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة ومن المطعون عليه بعدم قبول الطعن لعدم اختصام وكيل الدائنين فيه فى غير محله، ذلك أنه وإن كان الحكم بقفل أعمال التفليسة بسبب عدم وجود مال للمفلس كاف لاعمالها لا يؤدى إلى محو آثار شهر الافلاس ولا إلى زوال جماعة الدائنين أو انتهاء مأمورية السنديك إلا أنه يترتب عليه طبقا للمادة 337 من القانون التجارى استرداد الدائنين الذين يكونون هذه الجماعة لحقهم فى رفع الدعاوى على نفس المفلس مما يستتبع أن الدعاوى الخاصة بجماعة الدائنين التى كانت مركزة فى يد السنديك قبل صدور ذلك الحكم تصبح بعد صدوره من حق كل دائن أن يرفعها على شخص المفلس ولا يلزم اختصام السنديك فيها ولكن يكون له حق التدخل فى هذه الدعاوى كلما رأى لزوم ذلك لحماية مصلحة الجماعة كما يبقى له حقه فى رفع ما تقتضى هذه المصلحة رفع ه من الدعاوى. ولما كان المشرع لم يصرح برغبته فى الخروج عن هذه القاعدة فى خصوص الدعوى التى يرفعها الدائن بطلب إعادة فتح أعمال التفليسة ولم يوجب اختصام السنديك فيها فإن هذه الدعوى يجرى عليها ما يجرى على غيرها من دعاوى الجماعة فتصح بتوجيهها إلى شخص المفلس ولا يلزم اختصام السنديك فيها وبالتالى لا يكون اختصامه لازما فى الطعن الذى يرفع عن الحكم الصادر منها، ولذلك يكون الطعن بالنقض مقبولا بتوجيهه من الدائن إلى المفلس وحده.
وحيث إن الطعن قد حاز أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه خطأه فى تطبيق القانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وفى بيان ذلك تقول إنها أسست هذا الدفع على أن الحكم المستأنف صدر من المحكمة الابتدائية بسلطتها الولائية وأنه لذلك لا يعتبر حكما بل قرارا إداريا شأنه فى ذلك شأن حكم قفل التفليسة وهما من قبيل الاجراءات ولا يجوز استئنافهما.
وحيث إن هذا النعى مردود بما قرره الحكم المطعون فيه ردا على هذا الدفع من أن "القول بأن هذا الحكم من القرارات التى تصدرها المحكمة بسلطتها الولائية فمردود بأن الحكم المستأنف قد صدر من المحكمة الابتدائية بعد منازعة بين الخصوم ومتعلق بنزاع له أثره على الخصوم وحقوقهم إذ يترتب على إلغاء حكم إقفال التفليسة عودة إجراءات الإفلاس إلى حالتها الطبيعية فلا يمكن أن يعتبر من الأعمال الولائية كقرار التأجيل أو رفضه كما ذهبت المستأنف عليها وإنما هو حكم بالمعنى القانونى فيجوز استئنافه..." وهذا الذى قرره الحكم صحيح فى القانون ذلك أن المشرع قد أفصح فى المادة 337 من القانون التجارى عن أن قفل أعمال التفليسة لعدم وجود مال للمفلس كاف لأعمالها إنما يكون بحكم تصدره المحكمة بناء على تقرير مأمور التفليسة... وأجاز فى المادة 338 للمفلس ولغيره من أرباب الحقوق أن يتحصل من المحكمة فى أى وقت على نقض الحكم المذكور.. ولما كان نقض الحكم لا يكون إلا بحكم وكان الحكم المستأنف قد صدر فى مواجهة المفلس وفصل فى خصومة ترددت بينه وبين الطاعنة فإنه يكون حكما بالمعنى القانونى ويجوز الطعن فيه بطريق الاستئناف لأنه ليس من الأحكام التى منعت المادة 395 من القانون التجارى استئنافها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون فيما قضى به من رفض الدفع ببطلان الاستئناف المرفوع من المطعون عليه لأنه رفع بطريق التكليف بالحضور فى حين أن الدعوى ليست من الدعاوى التى أوردها المشرع على سبيل الحصر فى المادة 118 من قانون المرافعات التى أحالت اليها المادة 405 من هذا القانون وأنه لذلك كان يجب أن يرفع الاستئناف بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب والحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بصحة الاستئناف يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 405 من قانون المرافعات قد جعلت الأصل فى رفع الاستئناف أن يكون بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة واستثنت الفقرة الثانية منها الدعاوى المنصوص عليها فى المادة 118 مرافعات ونصت على أن يرفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور ورتبت الفقرة الأخيرة البطلان جزاء على مخالفة الطريق الواجب اتباعه فى رفع الاستئناف، وكانت هذه الدعوى ليست من الدعاوى المنصوص عليها فى المادة 118 على سبيل الحصر ولا هى من الدعاوى التى نص المشرع على وجوب نظرها على وجه السرعة وكان المناط فى تحديد الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة هو أمر الشارع وليس تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق عليها حكم الفقرة الثانية من المادة 405 قولا منه إنها مما يندرج فى الدعاوى الواردة بالمادة 118 باعتبار أنها امتداد لدعوى شهر الافلاس أو أنها تدخل فى قصد الشارع بالمادة المذكورة بطريق القياس لانها مترتبة على الافلاس يكون قد خالف القانون لأن المشرع قد نص فى المادة 118 على دعاوى شهر الافلاس وحدها دون الدعاوى الأخرى الناشئة عن التفليسة ولا يغير من هذا النظر كون الشارع قد جعل ميعاد استئناف تلك الدعاوى ميعادا قصيرا لأن تقصير الميعاد ليس من شأنه وحده أن يجعل الدعوى من الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة بل يجب أن ينص القانون على ذلك صراحة. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة الاستئناف رغم رفعه بتكليف بالحضور يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سلف بيانه يتعين نقض الحكم الصادر فى 28 سبتمبر سنة 1955 بصحة الاستئناف وكذلك الحكم الصادر فى الموضوع بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1955 المؤسس على الحكم الأول.


(1) راجع نقض مدنى 23/ 2/ 1961 فى الطعن 317 سنة 26 ق "وصف السرعة مناطه أمر الشارع فى قانون المرافعات أو فى أى قانون آخر".