أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 148

جلسة أول فبراير سنة 1962

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة/ حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(23)
الطعن رقم 304 لسنة 26 القضائية

( أ ) عقد "تفسير عبارات العقد". حكم "عيوب التدليل". مسخ.
الانحراف عن المعنى الظاهر من عبارات العقد مسخ له. تخصيص النص العام المطلق فى التعاقد ينطوى على المسخ للعقد.
(ب) بورصة. عقد بيع القطن تحت القطع "حق البائع فى قطع السعر". "خيار المشترى فى التغطية".
عقود بيع القطن تحت القطع من قبيل البيوع التى يكون تحديد الثمن فيها قاصرا على بيان الأسس التى تنظمه فى وقت لاحق للتعاقد. تحديد الثمن يتراخى ويبقى معلقا على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه.
للبائع أن يحدد الثمن على أساس الأسعار التى يتم بها التعامل فعلا فى بورصة العقود فى أى يوم يختاره من أيام العمل بالبورصة أو بتلك الأسعار مضافا إليها العلاوة أو مستنزلا منها الخصم حسب الاتفاق بشرط ألا يستنفذ المهلة المقررة له فى العقد لممارسة حق القطع. ان استنفذها كان معيار السعر هو سعر البورصة فى اليوم الأخير من هذه المهلة.
حق البائع فى القطع يقابله خيار المشترى فى التغطية. التزام البائع بأن يوفر للمشترى الوقت الذى يتسع للتغطية التى يكون إجراؤها بعملية عكسية يجريها المشترى كى يأمن تقلبات الأسعار.
ومتى تمت التغطية تحقق للمشترى مركز قائم بالبورصة قوامة العملية العكسية التى يكون قد أجراها ببورصة العقود.
(ج) بورصة. عقد بيع القطن تحت القطع. "القطع على سعر التعامل".
القطع على سعر التعامل فى بورصة العقود مقيد - على ما جرى عليه العرف - بشرط هو أن يكون السعر نتيجة تعامل فعلى وليس سعرا إسميا. إقرار المشرع لهذا العرف وتقنينه بالمادة الأولى من القانون رقم 184 سنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون رقم 131 سنة 1939.
(د) حكم "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال".
الاستدلال على حصول تعامل فعلى ببورصة العقود فى تاريخ معين بالمبيعات التى تمت فى بورصة البضاعة الحاضرة استدلال فاسد. هذه المبيعات لا شأن لها بالكونتراتات التى يتم التعامل عليها فى بورصة العقود.
1 - الانحراف عن المعنى الظاهر لعبارات العقد مسخ له. فإذا كان قد نص فى العقد على أن البيع خاضع لشروط بورصة مينا البصل وهو نص عام مطلق يحكم جميع شروط التعاقد بما فى ذلك تحديد السعر فإن تفسير الحكم المطعون فيه لهذا النص بأنه قاصر على العيوب التجارية ينطوى على مسخ للعقد.
2 - عقود بيع القطن تحت القطع تعد من قبيل البيوع التى يكون تحديد الثمن فيها قاصرا على بيان الأسس التى تنظمه فى وقت لاحق للتعاقد وهى محكومة بالمادتين الأولى والثانية من المرسوم بقانون 131 سنة 1939 والمادة 85 من اللائحة الداخلية لقسم الأقطان فى بورصة البضاعة الحاضرة وتخضع لقيودها وشروطها، فتحديد الثمن فى هذه العقود يتراخى ويبقى معلقا على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه ووفائه بالتزاماته، وللبائع أن يحدد الثمن على أساس الأسعار التى يتم بها التعامل فعلا فى بورصة العقود فى أى يوم يختاره من أيام العمل بالبورصة أو بتلك الأسعار مضافا إليها العلاوة أو مستنزلا منها الخصم حسب الاتفاق بشرط ألا يستنفذ المهلة المقررة له فى العقد لممارسة حق القطع فإن استنفذها كان معيار السعر هو سعر البورصة فى اليوم الأخير من هذه المهلة. وحق البائع فى القطع يقابله حق المشترى فى التغطية ومن ثم فإن البائع ملزم بأن يوفر للمشترى الوقت الذى يتسع للتغطية التى يكون إجراؤها بعملية عكسية يجريها المشترى فى بورصة العقود فى وقت القطع وبسعره وعن مقدار معادل للقدر الذى تم قطعه كى يأمن تقلبات الأسعار ومتى تمت التغطية تحقق للمشترى مركز قائم بالبورصة قوامه العملية العكسية التى يكون قد أجراها ببورصة العقود.
3 - لما كان القطع على سعر التعامل فى بورصة العقود - على ما جرى عليه العرف - مقيدا بشرط هو أن يكون السعر نتيجة تعامل فعلى وليس سعرا اسميا ناجما عن عدم إقبال المشترين على الشراء أو عدم عرض البائعين أقطانهم للبيع فإن المشرع قد أقر هذا العرف وقننه بما أورده بالمادة الأولى من القانون 184 سنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون 131 سنة 1939. ومتى كان الثابت أن تعاملا فعليا لم يجر فى بورصة العقود نتيجة لقرار وزير المالية الصادر فى 16 يناير سنة 1952 بوضع حد أدنى للأسعار فى تلك البورصة وأن الوضع ظل كذلك حتى صدور القرار الوزارى المؤرخ 17/ 2/ 1952 الذى حظر إجراء أية عملية من عمليات البيع على استحقاق شهور فبراير ومارس وأبريل سنة 1952 إلا إذا كان مقصودا بها تصفية مراكز قائمة ثم مدت كافة عمليات القطع من فبراير إلى يونيه سنة 1952 بقرار من لجنة البورصة ولم تكن الطاعنة عند صدور هذا القرار ذات مركز قائم بالنسبة للعملية موضوع الدعوى لتعذر إجرائها عملية التغطية بسبب عدم حصول تعامل فى البورصة فى يوم 12 فبراير الذى كان يجب قطع السعر فيه لأن السعر فى الأيام التالية حتى 17/ 2/ 1952 كان حد أدنى بائع وهو سعر اسمى لم يجر به تعامل، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اعتبار السعر الذى أعلن فى بورصة العقود يوم 12/ 2/ 1952 هو الواجب المحاسبة على أساسه باعتبار أنه السعر الذى قصده العاقدان أن يكون قد خالف القانون.
4 - استدلال الحكم المطعون فيه على حصول تعامل فعلى فى اليوم التالى لانتهاء تعطيل البورصة بالمبيعات التى تمت فى بورصة البضاعة الحاضرة استدلال فاسد إذ أن هذه المبيعات لا شأن لها "بالكونتراتات" التى يتم عليها التعامل فى بورصة العقود والتى اتفق الطرفان على اتخاذ أسعارها أساسا لتحديد ثمن القطن المبيع(1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون عليه أقام الدعوى 1559 سنة 1952 كلى أمام محكمة القاهرة الابتدائية قائلا إنه بموجب عقد مؤرخ 27 ديسمبر سنة 1951 باع إلى شركة مصر لحلج الأقطان بصفتها وكيلة عن الشركة الطاعنة 282.75 قنطارا من القطن الأشمونى الشعر موسم 51 - 1952 من رتبة فولى جود فير إلى رتبة وجود واتفق فى العقد على احتساب فروق الرتب وعلى أن يكون ميعاد التسليم 15 يناير سنة 1952 وقد تم التسليم فى الميعاد - وأنه لما كان متفقا فى العقد على أن يكون قطع السعر حسب رغبة البائع على أساس كونتراتات فبراير سنة 1952 فى ميعاد غايته اليوم العاشر من هذا الشهر فإنه بتاريخ 20 فبراير سنة 1952 طلب من الشركة الطاعنة تحديد سعر الكمية المبيعة على أساس سعر العقود وفى 10 فبراير سنة 1952 طلب تسوية حسابه على هذا الأساس ولكن الشركة ردت عليه بأن الأقطان ما زالت تحت التحديد ورغم اعتراضه على ذلك أخطرته الشركة فى 18 مارس سنة 1952 بأنها نقلت أقطانه على كونتراتات يونيه سنة 1952 بدون مصاريف فاعترض على ذلك وتمسك بسعر يوم 10/ 2/ 1952 ثم أخطرته الشركة بعد ذلك بأنها حددت السعر على سعر قفل يوم 28 أبريل سنة 1952 وأنه لما كان العقد المبرم بينه وبين الشركة هو عقد بيع بضاعة حاضرة فان السعر يجب أن يحدد على أساس سعر يوم 12 فبراير سنة 1952 وهو 95.10 ريالا ولا تملك الشركة حق نقل السعر على كونتراتات شهر آخر وأنه لما كان المقدار المسلم من القطن هو 282.75 قنطارا فإن صافى الثمن يكون مبلغ 4575.468 جنيها يخصم ما قيدته الشركة لحسابه وهو مبلغ 4200 جنيه فيكون الباقى له مبلغ 375.468 جنيها وهو ما طلب الحكم له به وكان نظر الطاعنة يقوم على أن سعر يوم 12/ 2/ 1952 وهو أول يوم تال للقطع كان 95.10 ريالا حد أدنى بائع ولم يجر به تعامل فى البورصة وأن السعر الذى أجرت القطع على أساسه هو الواجب اعتباره طبقا لشروط بورصة مينا البصل ولما هو منصوص بالعقد ذلك أنه لم يجر تعامل فعلى فى البورصة بعد عطلة يومى 10 و11 فبراير سنة 1952 حتى يوم 17 من ذلك الشهر حيث صدر القرار الوزارى 17 لسنة 1952 الذى حظر إجراء أية عمليات على استحقاق فبراير ومارس وأبريل إلا إذا كان مقصودا بها تصفية مراكز قائمة فعلا وأنه تطبيقا لذلك تعين تحديد الأسعار على عقود يونيه سنة 1952 وكان السعر الواجب أن تخضع له عقود فبراير سنة 1952 هو 66.90 ريالا وهو سعر التعامل فى يوم 28 أبريل سنة 1952 إلا أنه صدر قرار من لجنة بورصة مينا البصل فى 14/ 5/ 1952 بتحديد سعر الأقطان المنقولة من فبراير إلى يونيه بمبلغ 72 ريالا وذلك تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17/ 3/ 1952 الذى حدد ثمن القنطار بهذا المبلغ تخصم منه المصاريف الفعلية التى حددت بريالين وقالت الشركة الطاعنة إنها سوت حساب المطعون عليه على هذا الأساس، ومحكمة أول درجة أخذت بوجهة نظر المطعون عليه وحكمت فى 10 نوفمبر سنة 1954 بندب خبير لتسوية الحساب على أساس سعر القفل فى يوم 12/ 2/ 1952 - استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 260 سنة 72 ق طالبة إلغاءه وفى 8 مايو سنة 1956 حكمت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 21 يونيه سنة 1956 وطلبت للأسباب الواردة به نقضه. وبعد استيفاء الاجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18 أكتوبر سنة 1960 وبها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها الأولى طالبة نقض الحكم المطعون فيه وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبعد استيفاء الاجراءات التالية للاحالة نظر الطعن بجلسة 18/ 1/ 1962 وبها صممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون من وجهين: أولهما أنه إذ فسر النص الوارد فى عقد البيع والمتضمن أن البيع خاضع لشروط بورصة مينا البصل بأنه يفيد خضوع العقد لهذه الشروط فيما يختص بالعيوب التجارية وحدها ولا ينسحب إلى تحديد الثمن قد خالف المادة 150/ 1 من القانون المدنى بانحرافه عن المعنى الظاهر لعبارة العقد - وثانيهما - أن الحكم باتخاذه سعر يوم 12 من فبراير سنة 1952 وهو 10 و95 ريالا للقنطار أساسا لتحديد ثمن القطن المبيع على الرغم مما أثبته الحكم من أن هذا السعر كان حدا أدنى بائع قد خالف القانون وتشريعات البورصة وقرارات لجانها كما أنه خالف العرف السائد فى هذا الشأن لأن من يشترى أقطانا ويرتضى تخويل البائع حق تحديد الثمن فى تاريخ لاحق لا يقبل ترتيب هذا الحق إلا لأنه يعلم أن له حقا مقابلا فى التغطية التى تتم ببيع صفقة معادلة بالسعر الذى يتم التحديد على أساسه فى تاريخ هذا التحديد فحق البائع فى قطع السعر وحق المشترى فى التغطية متقابلان متلازمان يمثلان تكافؤ الفرص بينهما وكلما امتنع على المشترى أن يغطى مركزه عن طريق البيع فى تاريخ التحديد امتنع على البائع أن يستعمل حقه فى تحديد السعر دون تفريق بين ما إذا كان التعامل تم داخل البورصة أو خارجها - ولما كان وصول السعر فى يوم 12 فبراير سنة 1952 إلى حد أدنى بائع معناه عدم وجود مشتر بهذا السعر فإنه كان يستحيل على الطاعنة إجراء عملية تغطية فى ذلك اليوم - أما استدلال الحكم بحصول تعامل فى هذا اليوم والأيام الثلاثة التالية فى بورصة مينا البصل فاستدلال فاسد لأن هذا التعامل إنما جرى على بضاعة حاضرة ولا شان له بالتعامل - باكونتراتات التى تم الاتفاق بين الطرفين على تحديد الثمن على أساسها - وأضافت الطاعنة أنه إذا كان من المحقق أن قطع السعر كان ممتنعا فى يوم 12 فبراير سنة 1952 لوصول عقد فبراير فيه إلى الحد الأدنى بائع وكان من المحقق كذلك أن قطع السعر كان ممتنعا للسبب نفسه منذ هذا التاريخ حتى يوم 17 فبراير سنة 1952 الذى صدر فيه قرار وزير المالية رقم 17 سنة 1952 بحظر التعامل على عقود شهور معينة منها شهر فبراير وضح أن ثمن الأقطان المبيعة للطاعنة لم يكن من الميسور قطعه وبالتالى تحديده فى يوم 10 فبراير سنة 1952 الذى اتفق فى العقد على أن يكون نهاية الأجل المحدد لقطع السعر لأن ذلك اليوم كان عطلة رسمية أو فى الأيام التالية له لوقوف الأسعار عند الحد الأدنى ولما اصدرت لجنة البورصة فى 5 مارس سنة 1952 قرارا بمد كافة عمليات القطع فى شهر فبراير إلى شهر يونيه بدون غرامة أو خصم فإن الطاعنة نفذت حكم هذا القرار وأخطرت المطعون عليه بنقل أقطانه إلى شهر يونيه ولما كان آخر ميعاد لتحديد سعر كونتراتات يونيه بالنسبة لهذه الأقطان هو يوم 28 أبريل سنة 1952 وكان هذا اليوم من أيام التعامل الفعلى فى البورصة فقد أخطرته بتحديد سعر أقطانه بالسعر الذى جرى عليه التعامل فى هذا اليوم وهو 66.60 ريالا للقنطار ولما أصدرت لجنة بورصة مينا البصل بعد ذلك فى 14 مايو سنة 1952 قرارا يقضى بأن جميع العمليات تحت القطع التى أجلت من شهر فبراير وأبريل إلى يونيه تقطع بسعر 72 ريالا يخصم منها المصاريف الفعلية التى قدرتها اللجنة بريالين فإن الطاعنة نزلت على أحكام هذا القرار وعدلت أساس المحاسبة بينها وبين المطعون عليه وجعلته 70 ريالا للقنطار ولكن الحكم المطعون فيه لم يقرها على هذا الأساس وأخذ بوجهة نظر الحكم الإبتدائى الذى جعل أساس تحديد السعر هو سعر عقد فبراير فى يوم 12 منه وهو 95.10 ريالا مع أن هذا السعر كان قد أعلن فى البورصة باعتباره حدا أدنى بائع ولم يجر به تعامل كما سبق القول.
وحيث إن هذا النعى صحيح فى وجهيه ذلك أنه فى خصوص الوجه الأولى فإنه يبين من العقد أنه قد نص فيه على أن هذا البيع خاضع لشروط بورصة مينا البصل وهذا النص عام مطلق يحكم جميع شروط العقد بما فيها تحديد السعر ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ فسر هذا النص بأنه قاصر على العيوب التجارية يكون قد مسخ العقد بانحرافه عن معناه الظاهر. كما أنه فى خصوص الوجه الثانى فإن المادة الأولى من المرسوم بقانون 131 سنة 1939 قد نصت على أنه "تسرى على بيوع الأقطان بأثمان تحدد فيما بعد عدا البيوع التى تجرى فى بورصة مينا البصل أو تسليم المحطة الأحكام الآتية:
( أ ) يكون للبائع الحق فى تحديد السعر فى أى يوم من أيام العمل بالبورصة حتى اليوم السادس عشر من الشهر الذى تم البيع على أساس كونتراتاته. (ب) إذا كان يوم 16 من الشهر يوم عطلة بالبورصة فان الأجل يمتد إلى يوم العمل التالى له. (جـ) يكون للبائع الحق فى تحديد السعر على أساس أى سعر من أسعار الساعة 11 ر45 دقيقة، 12 و15 دقيقة 12 و45 دقيقة أو الساعة الواحدة بعد الظهر بشرط أن يرسل أمر تحديد السعر إلى المشترى فى موعد يسمح له عند الاقتضاء باجراء عملية التغطية فى الساعة المبينة فى الأمر المذكور" ونصت المادة الثانية من هذا المرسوم على "أن كل شرط وارد فى العقود يخالف أحكام هذا المرسوم بقانون يعتبر لاغيا لا يعمل به" كما نصت المادة 85 من اللائحة الداخلية لقسم الأقطان فى بورصة البضاعة الحاضرة على أنه "فى حالة التعاقد فى البضاعة الحاضرة بسعر يزيد أو ينقص عن سعر العقود أو بسعر العقود مع احتفاظ البائع بالحق فى أن يطلب تحديد أسعار العقود الخاصة بها فى تاريخ لاحق لا يجوز أن يجاوز ميعاد التحديد ثلاثة أيام لا يدخل فى حسابها يوم البيع - وإذا كان التاريخ المتفق عليه كآخر ميعاد لتحديد السعر يوم عطلة أو جزءا من أيام عطلة مقررة من بورصة البضائع فى الإسكندرية يكون التحديد فى اليوم الأول من أيام استئناف العمل فى البورصة المذكور إلا إذا قرر الطرفان غير ذلك". ومؤدى هذه النصوص أن عقود بيع القطن تحت القطع تعد من قبيل البيوع التى يكون تحديد الثمن فيها قاصرا على بيان الأسس التى تنظمه فى وقت لاحق للتعاقد وهى محكومة بالنصوص المتقدمة تخضع لقيودها وشروطها فتحديد الثمن يتراخى ويبقى معلقا على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه ووفائه بالتزاماته، للبائع أن يحدد الثمن على أساس الأسعار التى يتم بها التعامل فعلا فى بورصة العقود فى أى يوم يختاره من أيام العمل فى البورصة أو بتلك الأسعار مضافا إليها العلاوة أو مستنزلا منها الخصم حسب الاتفاق بشرط ألا يستنفد المهلة المقررة له فى العقد لممارسة حق القطع وان استنفدها كان معيار السعر هو سعر البورصة فى اليوم الأخير من هذه المهلة - وحق البائع فى القطع يقابله خيار المشترى فى التغطية والبائع ملزم بأن يوفر للمشترى الوقت الذى يتسع للتغطية التى يكون اجراؤها بعملية بيع عكسية يجريها المشترى فى بورصة العقود فى وقت القطع وبسعره وعن مقدار يعادل القدر الذى تم قطعه كى يأمن تقلبات الأسعار فإن هبط السعر خسر فيما اشتراه بضاعة حاضرة ما يعادل كسبه فيما باع من عقود البورصة والعكس صحيح. ومتى تمت التغطية تحقق للمشترى مركز قائم بالبورصة قوامه العملية العكسية التى يكون قد أجراها ببورصة العقود ولما كان القطع على سعر التعامل فى بورصة العقود - على ما جرى به العرف - مقيدا بشرط هو أن يكون السعر نتيجة تعامل فعلى وليس سعرا اسميا ناجما عن عدم إقبال المشترين على الشراء او عدم عرض البائعين أقطانهم للبيع فإن المشرع قد أقر هذا العرف وقننه بما أورده بالمادة الأولى من القانون 184 سنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون 131 سنة 1939 التى تنص على أنه "يكون للبائع الحق فى قطع السعر فى أى يوم من أيام العمل ببورصة العقود بالاسكندرية حتى اليوم السابق لأول الشهر الذى تم البيع على أساس عقده فإذا كان نهاية الأجل الذى يحق فيه للبائع قطع السعر يوم عطلة ببورصة العقود بالاسكندرية أو كان التعامل فى البورصة فى هذا اليوم محددا بأسعار إسمية او اسعار لا تعامل بها لأى سبب كان فإن الأجل يمتد إلى اليوم التالى له" ولما كانت عقود بيع القطن تحت القطع محكومة بالقواعد السابق بيانها وكان الثابت أن تعاملا فعليا لم يجرى فى بورصة العقود نتيجة لقرار وزير المالية الصادر فى 16 يناير سنة 1952 بوضع حد أدنى للأسعار فى تلك البورصة وأن الوضع ظل كذلك حتى 17 فبراير سنة 1952 حيث صدر القرار الوزارى رقم 17 الذى حظر إجراء أية عملية من علميات البيع على استحقاق شهور فبراير ومارس وابريل سنة 1952 إلا إذا كان مقصودا بها تصفية مراكز قائمة ثم صدر قرار لجنة البورصة فى 5 مارس سنة 1952 بمد كافة عمليات القطع من فبراير إلى يونيه بدون غرامة أو خصم - ولم تكن الطاعنة عند صدور القرار الأول ذات مركز قائم بالنسبة للعملية موضوع الدعوى لتعذر إجرائها عملية التغطية بسبب عدم حصول تعامل فى البورصة فى يوم 12 فبراير الذى كان يجب قطع السعر فيه لأن السعر فى الأيام التالية حتى يوم 17/ 2/ 1952 كان حد أدنى بائع وهو سعر إسمى لم يجر به تعامل - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى فى قضائه إلى اعتبار السعر الذى أعلن فى بورصة العقود فى يوم 12/ 2/ 1952 هو الواجب إجراء المحاسبة على أساسه باعتبار أنه السعر الذى قصده العاقدان يكون قد خالف القانون، أما استدلاله على حصول تعامل فعلى فى ذلك اليوم بالمبيعات التى أشار إليها فهو استدلال فاسد لأن هذه المبيعات تمت فى بورصة مينا البصل - كما جاء بالحكم - وهى مبيعات متعلقة ببضاعة حاضرة ولا شأن لها بالكونتراتات التى يتم التعامل عليها فى بورصة العقود والتى اتفق الطرفان على اتخاذ أسعارها أساسا لتحديد ثمن القطن المبيع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه وترى المحكمة الحكم فى الدعوى عملا بالمادة 445 من قانون المرافعات المقابلة للمادة 24/ 1 من القانون 57 لسنة 1959.
وحيث إنه لما كان الثابت من وقائع الدعوى أن الطاعنة قد حاسبت المطعون عليه على أساس السعر الذى حددته لجنة البورصة بقرارها الصادر فى 14 مايو سنة 1952 وهو سبعون ريالا للقنطار وكان هذا الأساس هو الأساس الصحيح فإن دعوى المطعون عليه بالمطالبة بأكثر من هذا السعر تكون على غير أساس متعينة الرفض.


(1) راجع نفس مبادئ هذا الحكم فى الطعن رقم 314 سنة 26 ق جلسة 7/ 12/ 1961 كما يراجع نقض مدنى 26/ 1/ 1960 فى الطعن 412 سنة 25 ق ونقض مدنى 25/ 1/ 1962 فى الطعن رقم 381 سنة 26 ق.