أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 158

جلسة أول فبراير سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة/ حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(24)
الطعن رقم 377 لسنة 26 القضائية

( أ ) أوراق تجارية "شيك". "سندات المجاملة".
الشيك أداة وفاء يقوم فيه الورق مقام النقد ومن ثم وجب أن يكون مستحق الدفع لدى الاطلاع وهو بهذه المثابة لا يصلح أن يكون ورقة من أوراق المجاملة التى تقوم بوظيفة الائتمان.
تحصيل الحكم أن الأوراق محل التداعى لم تكن مستحقة لدى الاطلاع ولو أنها تحمل تاريخا واحدا إلا أنه لاحق لتاريخ إصدارها وأن تحريرها لم يكن نتيجة علاقة قانونية بين أطرافها ول تمثل دينا حقيقيا وأنها لذلك من أوراق المجاملة. لا يشترط فى أوراق المجاملة المتقابلة أن تكون أوراقا تجارية من نوع واحد. تكييف قانونى صحيح.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب موضوعية".
استخلاص الحكم فى حدود سلطته التقديرية من عدم قيد السندات التى تطالب بها الشركة الطاعنة فى الحساب الخاص بها وقيدها فى الحساب الخاص بمدير الشركة وفى تاريخ لاحق بنحو عامين على مواعيد استحقاقها بالإضافة إلى قرائن أخرى، أن تلك السندات لا تمثل دينا حقيقيا وأنها سندات مجاملة. استخلاص سائغ لا معقب عليه لتعلقه بأمر موضوعى.
1 - إذا كان الصحيح فى القانون أن الشيك أداة وفاء يقوم فيه الورق مقام النقد ومن ثم وجب أن يكون مستحق الدفع لدى الاطلاع وهو بهذه المثابة لا يصلح أن يكون ورقة من أوراق المجاملة التى تقوم بوظيفة الائتمان إلا أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد ذكر فى تقريراته التى حصلها أن الأوراق التى حررها المطعون عليه لأمر الطاعنة لم تكن مستحقة الأداء لدى الاطلاع ولم يكن لها مقابل للوفاء وأنها وإن كانت تحمل تاريخا واحدا إلا أن هذا التاريخ كان لاحقا لتاريخ إصدارها وأن تحريرها لم يكن نتيجة علاقة قانونية بين أطرافها ولا تمثل دينا حقيقيا فى ذمة المطعون عليه للشركة الطاعنة التى حررت بقيمتها سندات لصالح المطعون عليه وقصد بتبادل تحرير هذه الأوراق الحصول من ورائها على فائدة متبادلة بطريق غير مشروع وذلك عن طريق خصمها فى البنك وكان لا يشترط فى أوراق المجاملة المتقابلة أن تكون أوراقا تجارية من نوع واحد فإن الحكم إذ انتهى إلى اعتبار الأوراق محل النزاع من أوراق المجاملة يكون قد استخلص هذه النتيجة استخلاصا سائغا من مقدمات تؤدى إليها وكيف هذه الأوراق تكييفا قانونيا صحيحا ولا يعيبه بعد ذلك مجرد مجاراته الخصوم فى وصفها بأنها شيكات ما دام أن ما قرره قد نفى عنها خصائص الشيك بمعناه القانونى(1).
2 - استخلاص الحكم المطعون فيه - فى حدود سلطته التقديرية - من عدم قيد السندات التى تطالب بها الشركة الطاعنة فى الحساب الخاص بها وقيدها فى الحساب الخاص بمدير الشركة فى دفتر اليومية وفى تاريخ لاحق بنحو عامين على مواعيد استحقاقها بالإضافة إلى قرائن أخرى، أن تلك السندات لا تمثل دينا حقيقيا فى ذمة من صدرت منه وأنها إنما حررت بقصد المجاملة، استخلاص سائغ لا معقب عليه فى ذلك لتعلقه بأمر موضوعى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن الطاعنة استصدرت فى 29 من مايو سنة 1954 من رئيس محكمة القاهرة أمر أداء ضد المطعون عليه بمبلغ 1500 جنيه استنادا إلى ثلاثة شيكات مسحوبة من المطعون عليه لصالحها كل منها بملغ 500 جنيه ويحمل أولها تاريخ 27/ 7/ 1951 ويحمل الثانى تاريخ 27/ 8/ 1951 ويحمل الثالث تاريخ 27/ 9/ 1951 - عارض المطعون عليه فى هذا الأمر بالدعوى رقم 2773 سنة 1954 تجارى كلى القاهرة وطلب إلغاه الأمر المعارض فيه تأسيسا على أن الشيكات التى استندت إليها الطاعنة إن هى إلا سندات مجاملة لا مقابل لها - وفى 30 نوفمبر سنة 1954 قضت المحكمة برفض المعارضة وتأييد الأمر المعارض فيه - استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف 47 سنة 72 تجارى القاهرة وطلب إلغاء الحكم ورفض دعوى الطاعنة لنفس الأسباب التى أبداها أمام محكمة أول درجة وهى أن تلك الشيكات لم يكن لها مقابل وفاء وأنها حررت بطريق المجاملة مقابل ثلاثة شيكات بنفس القيمة صدرت إليه من الشركة الطاعنة وعاب على الحكم المستأنف عدم إجابة ما طلبه من ندب خبير لفحص حساب الشركة فى سنة 1951 حتى تاريخ المطالبة لإثبات صحة دفاعه - وفى 9 مايو سنة 1955 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمراجعة دفاتر الشركة وحسابات المطعون عليه وأعماله معها ابتداء من سنة 1951 حتى رفع الدعوى لبيان ما إذا كانت الشيكات موضوع الدعوى كان لها مقابل وأنها خرجت من مال الشركة وأنها تمثل معاملة حقيقية بين الطرفين ولمعرفة أصل ما جاء فى دفتر اليومية فى سنة 1953 من نقل هذا المبلغ من حساب جارى يوسف عيد وعما إذا كان لهذا الحساب الجارى أساس ثابت فى الدفاتر - وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة فى 29 مايو سنة 1956 بإلغاء المستأنف وبرفض دعوى الطاعنة وقد طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى قلم الكتاب بتاريخ 28 يوليه سنة 1956 وبعد أن قدمت النيابة مذكرتها عرض الطعن على دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 15 مارس سنة 1960 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة قدمت النيابة مذكرة صممت فيها على رأيها الذى أبدته فى مذكرتها الأولى برفض الطعن ثم حدد لنظره أخيرا جلسة 11 يناير سنة 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها سالف الذكر.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب يتحصل أولها فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى التعريف القانونى للشيك وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن الشيك واجب الدفع بمجرد الاطلاع ولا يحمل إلا تاريخا واحدا وهو بهذا الوصف أداة وفاء ولا يصلح لذلك أن يكون وسيلة ائتمان فإن حمل الشيك تاريخين فإنه يفقد صفته كشيك ويعتبر كمبيالة أو سندا إذنيا وفى هذه الحالة يمكن أن يستعمل كأداة ائتمان ولما كانت السندات موضوع الدعوى لا يحمل كل منها إلا تاريخا واحدا فهى لذلك شيكات لا تصلح أداة الائتمان ويكون الحكم قد أخطأ إذ أضفى عليها وصف الائتمان كما أخطأ إذ أضفى وصف الشيكات على السندات الصادرة من الطاعنة إلى المطعون عليه فى حين أن كلا منها يحمل تاريخين تاريخ التحرير وتاريخ الاستحقاق - ويتحصل السبب الثانى فى أن الحكم أخطأ إذ لم يحدد طبيعة الشيكات موضوع الدعوى كما لم يحدد طبيعة السندات الصادرة من الطاعنة إلى المطعون عليه ولو أنه حددها لما انساق إلى الخطأ فى اعتبارها أوراق مجاملة لأن المجاملة فى حالة التقابل تستلزم أن تكون الأوراق المستعملة من الجانبين من طبيعة واحدة ولما كانت الأولى أداة وفاء على ما سبق القول فى السبب الأول فإن فكرة التقابل فى المجاملة بها تكون معدومة - ويتحصل السبب الثالث فى أن الحكم أخطأ إذ اعتبر الشيكات موضوع الدعوى أوراقا تجارية فى حين أن الشيك لا يعدو أن يكون ورقة تجارية إلا إذا حرر عن دين تجارى والثابت فى هذه الدعوى أن الشيكات التى تستند إليها الطاعنة محررة عن دين خاص اقترضه المطعون عليه الأول من مديرها ولا صلة له بعملها على عكس السندات الصادرة من الطاعنة إلى المطعون عليه والتى تمثل دينا فى ذمتها مقابل ما تعهد به من أعمال تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينهما وهى لهذا سندات تجارية ولما كانت فكرة المجاملة لا تتحقق إلا إذا كانت الأوراق التى استعملت فيها ذات طبيعة قانونية واحدة فإن ما انتهى إليه الحكم من اعتبار الشيكات موضوع الدعوى سندات مجاملة مخالف للقانون لاختلاف طبيعتها عن طبيعة السندات المحررة لصالح المطعون عليه.
وحيث إن النعى بهذه الأسباب مردود ذلك أنه وإن كان صحيحا أن الشيك أداة وفاء يقوم فيه الورق مقام النقد ومن ثم وجب أن يكون مستحق الدفع لدى الاطلاع وهو بهذه المثابة لا يصلح أن يكون من أوراق المجاملة التى تقوم بوظيفة الائتمان إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ذكر فى تقريراته التى حصلها من أوراق الدعوى أن الأوراق محل النزاع الموصوفة بأنها شيكات والصادرة من المطعون عليه لأمر الطاعنة لم تكن مستحقة الأداء لدى الاطلاع ولم يكن لها مقابل للوفاء وأنه وإن كان كل منها لا يحمل إلا تاريخا واحدا إلا أن هذا التاريخ كان لاحقا لتاريخ إصداره وأن الشركة الطاعنة الصادرة لأمرها هذه الأوراق قامت بخصمها فى البنك بتاريخ 3 يوليه سنة 1951 مع أن التواريخ التى تحملها هى على التوالى 27 يوليه و27 أغسطس و27 سبتمبر من سنة 1951 وأن هذه الأوراق الموصوفة بأنها شيكات لم تكن نتيجة علاقة قانونية بين أطرافها ولا تمثل دينا حقيقيا فى ذمة المطعون عليه للشركة الطاعنة وإنما أصدرها المطعون عليه لصالح الطاعنة مقابل سندات بنفس قيمتها أصدرتها الأخيرة لصالحه وأن الغرض الذى استهدفه الطرفان من تحرير هذه الأوراق سواء ما أصدره المطعون عليه منها أو أصدرته الطاعنة هو الحصول من ورائها على فائدة متبادلة بطريق غير مشروع وذلك عن طريق خصمها فى البنوك لما كان ذلك وكان لا يشترط فى أوراق المجاملة المتقابلة أن تكون أوراقا تجارية من نوع واحد وذلك خلافا لما تقول الطاعنة فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اعتبار الأوراق محل النزاع من أوراق المجاملة يكون قد استخلص هذه النتيجة استخلاصا سائغا من مقدمات تؤدى إليها وكيف هذه الأوراق تكييفا قانونيا صحيحا ولا يعيبه بعد ذلك مجرد مجاراته الخصوم فى تسميتها بشيكات ما دام أنه بما قرره قد نفى عنها خصائص الشيك بمعناه القانونى.
وحيث إن السب الرابع يتحصل فى أن الحكم أخطأ فى تفسير معنى القيود الدفترية من الناحية القانونية وترتب على هذا الخطأ أنه اعتبر أن قيد الدين موضوع الشيكات فى حساب خاص باسم مدير الشركة وعدم قيده فى حساب الشركة دليل على عدم جدية هذا الدين فى حين أن قيده اسم مدير الشركة راجع إلى أنه من ماله الخاص ولا شأن للشركة به.
وحيث إن النعى بهذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يتعرض لتفسير القيود الدفترية من الناحية القانونية ولكنه استخلص فى حدود سلطته التقديرية من عدم قيد السندات التى تطالب بها الطاعنة فى الحساب الخاص بها وقيدها فى الحساب الخاص بمدير الشركة فى دفتر اليومية وفى تاريخ لاحق بنحو عامين على مواعيد استحقاقها بالاضافة إلى ما ساقه من قرائن أخرى أن تلك السندات لا تمثل دينا حقيقيا فى ذمة من صدرت منه وإنما حررت بقصد المجاملة ولا معقب على الحكم فى ذلك لتعلقه بأمر موضوعى.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والخطأ فى تقدير الواقع والدليل فى الدعوى وتقول الطاعنة فى بيان ذلك إن الحكم أقيم على أن الشيكات موضوع الدعوى ما هى إلا سندات مجاملة واستند فى ذلك إلى أنها حررت هى والسندات الإذنية الصادرة من الشركة إلى المطعون عليه فى وقت معاصر وإلى ما استخلصه الحكم من كشف حساب الشركة لدى بنك أثينا الذى تضمن أن البنك أضاف إلى حساب الشركة الدائن بملغ 1000 جنيه فى 3/ 7/ 1951 وهو تاريخ إيداع الشيكات موضوع الدعوى فى البنك فى حين أنه وإن كانت السندات الإذنية الصادرة من الشركة إلى المطعون عليه يحمل تاريخ إصدارها وهو 29/ 6/ 1951 إلا أن الشيكات موضوع الدعوى والتى لا يحمل كل منها إلا تاريخ استحقاقه لا يمكن معرفة تاريخ تحريرها كما أن مبلغ الـ 1000 جنيه أضيف لحساب الشركة الدائن فى 3/ 7/ 1951 بناء على أمر أحد عملائها السيد لبيب موسى بموجب شيك على بنك باركليز على ما يبين من كتاب البنك المودع بحافظة الشركة بملف الطعن تحت رقم 12 ولو أن إضافة هذا المبلغ لحساب الشركة كان نتيجة استعمالها الشيكات كأوراق مجاملة لحرص البنك على الاحتفاظ بها ضمانا للمبلغ مع أن الثابت أن الشيكات بقيت فى حيازة الشركة حتى أودعتها ملف الدعوى الحالية - وتضيف الطاعنة أنه بانهيار الأساس الخاص باستفادة الشركة من الشيكات ينهار ما جاء بالحكم عن استفادة المطعون عليه من السندات الإذنية الصادرة له من الشركة وعن معاصرة هذه الاستفادة لاستفادة الشركة بالشيكات - هذا فضلا عن أن الحكم عند ما تعرض لواقعة أمر الشركة بوقف صرف قيمة السندين المستحقى الأداء فى 29/ 8/ 1951، 29/ 9/ 1951 عللها بأنها كانت نتيجة قيام المطعون عليه بصرف قيمة السند الأول المستحق فى 29/ 7/ 1951 مخالفا بذلك اتفاقه مع الشركة فى استعمال تلك السندات كاوراق مجاملة وهو تعليل يخالف الواقع الذى يتحصل فى أن الشركة سمحت للمطعون عليه بصرف قيمة السند المستحق فى 29/ 7/ 1951 مقابل الأعمال التى قام بها تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بين الطرفين ولكنها لما لاحظت تراخيه فى إتمام ما تعهد به فى ذلك العقد أمرت بوقف صرف قيمة السندين الآخرين ورأت مع ذلك أن تمنحه فرصة أخرى فحررت له سندا يستحق فى 10/ 9/ 1951 بدلا من السند الذى كان يستحق فى 29/ 8/ 1951 الذى سحبته منه. أما ما جاء بالحكم عن تعارض بين أقوال مدير الشركة ومحاميها أمام الخبير من أن المال الذى اقترضه المطعون عليه وحرر عنه الشيكات موضوع الدعوى هو مال الشركة وبين دفاع الشركة الذى قام على أن ذلك المال من مال مدير الشركة الشخصى فمردود بما جرت عليه العادة فى المنشآت الفردية من خلط الأموال الخاصة بها بأموال القائمين على إدارتها - وأما ما ذكره الحكم نقلا عن دفاتر الشركة من أن المطعون عليه كان يداينها فى تاريخ استحقاق الشيكات مما يدل على عدم جدية تلك الشيكات لأنها لو كانت تمثل دينا حقيقيا لخصمت الشركة قيمتها من الدين المستحق فى ذمتها للمطعون عليه... ما ذكره الحكم فى هذا الشأن مردود بأن الشيكات حررت عن دين شخصى لمدير الشركة ولا شأن للشركة به - وتقول الطاعنة أيضا إن الحكم تحدث عن خطابها للمطعون عليه فى 3/ 8/ 1951 الذى استحثته فيه على انجاز ما تعهد به فى عقد المقاولة ورد المطعون عليه على هذا الخطاب الذى تضمن تعهده باتمام ما تعهد به... وذكر الحكم أن الخطاب والرد عليه سابقان على تاريخ استحقاق السندين 111709 و119310 مما يدل على انقطاع الصلة بين الخطاب والرد عليه من جهة وبين هذين السندين، وما خلص إليه الحكم فى هذا الخصوص لا يتفق مع الواقع لأن المطعون عليه تخلف عن القيام بالتزاماته فى عقد المقولة فبعثت إليه الشركة بخطابها سالف الذكر ولما خشى أن توقف صرف قيمة السندين المذكورين سارع إلى الرد عليها قبل ميعاد استحقاق أولهما مما يؤيد الرابطة التى نفاها الحكم - كما أن ما جاء بالحكم من أن اصدار الشركة للشيك رقم 171 للمطعون عليه فى 29/ 12/ 1951 بمبلغ 700 جنيه يتعارض مع وجود السندين سالفى الذكر والقول بأنهما حررا مقابل أعمال المقاولة إذ لو صح ذلك لما كان هناك ما يدعو إلى تحرير الشيك رقم 171... وهذا الذى جاء بالحكم مردود بأن الشركة بعد أن أمرت بوقف صرف قيمة السندين دفعت للمطعون عليه مبلغ 300 جنيه من قيمتها مقابل بعض أعمال أتمها فلما أنجز ما كان قد تعهد به كاملا سحبت منه السندين وحررت له الشيك 171 ومن ثم ينتفى التعارض الذى ذكره الحكم أما ما قاله الحكم من تناقض أقوال الشركة فى خصوص مقدار ما اقرضته للمطعون عليه إذ بينما تقرر أنها لا تداينه إلا فى مبلغ 1500 جنيه قيمة الشيكات موضوع الدعوى إذا بها تذكر فى دفاعها أنها أمدته فوق هذا المبلغ بمبلغ 1500 جنيه قيمة السندات الإذنية.. ما قاله الحكم فى هذا الشأن مردود بأن السندات الإذنية حررت مقابل الأعمال التى تعهد بها المطعون عليه فى عقد المقاولة وهى بهذا لا تمثل دينا فى ذمة المطعون عليه وخلصت الطاعنة إلى أن ما قرره الحكم من عدم جدية الشيكات استنادا إلى عدم قيدها بدفاتر الشركة مردود بأن عدم القيد يرجع إلى أنها تمثل دينا خاصا لمدير الشركة لا شأن للشركة به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن السندات موضوع الدعوى والتى أطلق عليها خطأ اسم شيكات ما هى إلا سندات مجاملة لا تمثل دينا ثابتا فى ذمة المطعون عليه للطاعنة وأقام الحكم قضاءه فى هذا الخصوص بصفة أساسية على ما يأتى. أولا - أن المطعون عليه حرر تلك السندات فى وقت واحد سابق بنحو شهر على ميعاد استحقاق أولها وهو 27/ 7/ 1951 وأن السندات الإذنية التى أصدرتها الشركة لصالح المطعون عليه محررة فى 29/ 6/ 1951 وهو تاريخ معاصر لتاريخ تحرير السندات موضوع الدعوى وأن مواعيد الاستحقاق فى كل من السندات الصادرة لمصلحة الشركة الطاعنة والسندات الصادرة لمصلحة المطعون عليه متقاربة إذ تستحق الأولى 27/ 7 و27/ 8 و27/ 9/ 1951 على التوالى وتستحق الأخيرة فى 29/ 7 و29/ 8 و29/ 9/ 1951 مما يدل على أن هذه السندات جميعا حررت فى وقت واحد وحدد لاستحقاقها مواعيد متقاربة. ثانيا - أن الشركة الطاعنة استفادت من السندات موضوع الدعوى بأن أودعتها بنك أثينا فى 3/ 7/ 1951 واقترضت بضمانتها مبلغ 1000 جنيه بدليل أن البنك أضاف فى هذا التاريخ إلى حسابها الدائن ذلك المبلغ على ما ثبت للمحكمة من كتاب البنك إلى الشركة المحرر فى 8/ 2/ 1955 ومن كشف حساب الشركة لدى البنك كما ان المطعون عليه بدوره استفاد من السندات التى حررتها له الشركة فخصم اثنين منها فى بنك زلخا بتاريخ 30/ 6/ 1951 مما يدل على أن كلا من الطرفين استفاد من السندات التى حررها له الطرف الآخر وفى وقت معاصر ثالثا - أنه ثبت من تقرير الخبير نقلاً عن دفاتر الشركة أن المطعون عليه كان دائنا لها بقيمة بعض الأعمال التى أتمها تنفيذا لعقد المقاولة المبرم بينهما فى تاريخ استحقاق السندات المطالب بقيمتها فى الدعوى واستخلص الحكم من ذلك عدم جدية تلك السندات إذ لو كانت تمثل دينا حقيقيا فى ذمة المطعون عليه لقامت الشركة الطاعنة بخصم الدين المستحق له فى ذمتها من قيمة تلك السندات رابعا - أنه ثبت من تقرير الخبير عدم قيد الأوراق موضوع الدعوى فى دفاتر حساب الشركة فى سنة 1951 وقت اصدارها وأنها لم تقيد إلا فى سنة 1953 فى دفتر اليومية الخاص بحساب المدير خامسا – أن المطعون عليه لما صرف قيمة الشيك 1119309 مقابل بعض ما قام به من أعمال للشركة تنفيذا لعقد المقاولة سارعت الشركة إلى تحرير شيك آخر بديلا عنه هو الشيك رقم 120843 ليبقى تحت يده ثلاثة سندات مقابل السندات الثلاثة التى تحت يدها سادسا - أن الشركة بعد أن حاسبت المطعون عليه فى 17/ 12/ 1951 سلمته الشيك رقم 171 بمبلغ 700 جنيه قيمه ما ظهر له فى ذمتها ومقابل الأعمال التى أتمتها تنفيذا لعقد المقاولة وقد قام المطعون عليه بصرف قيمة هذا الشيك فعلا فى 29/ 12/ 1951 مع وجود السندات الصادرة له من الشركة والتى تقول هذه إنها مقابل الأعمال التى تعهد بها فى عقد المقاولة تحت يده - ولو كان دفاعها صحيحا فى هذا الشأن لما كان هناك ما يدعو لاصدارها الشيك رقم 171 فاصداره يدل على ان السندات المذكورة قصد بها المجاملة سابعا - عدم تقديم الشركة للسندات موضوع الدعوى فى دعوى شهر الإفلاس التى كانت مقامة ضد المطعون عليه لانها لو كانت جدية لقدمتها فى تلك الدعوى - وهذه الدعائم المتساندة التى أقام عليها الحكم قضاءه والتى استمدها من أوراق الدعوى تكفى لحمله - وما دام أن الطاعنة لم تنازع فى ان السندات الصادرة منها إلى المطعون عليه محررة فى 29/ 6/ 1951 وأنها أودعت السندات موضوع الدعوى فى بنك أثينا فى 3/ 7/ 1951 فان ما استخلصه الحكم من ان تلك السندات جميعا سواء منها ما حررته الطاعنة وما حرره المطعون عليه قد صدرت كلها فى وقت معاصر يكون استخلاصا سائغا - كما أنه لما كانت الطاعنة لم تنازع فى ان المطعون عليه استفاد من السندات التى حررتها له بخصمها فى بنك زلخا فى 30/ 6/ 1951 مقابل مبلغ 1000 جنيه وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من الخطاب المرسل إلى الطاعنة من بنك أئينا فى 8/ 2/ 1955 الذى قرر فيه البنك أن الشيكات موضوع الدعوى أودعت لديه فى 3/ 7/ 1951 ومن إضافة مبلغ 1000 جنيه إلى حساب الشركة الدائن لدى البنك فى ذلك التاريخ أن الشركة بدورها استفادت من السندات التى حررها لها المطعون عليه بمبلغ مماثل للمبلغ الذى استفاد به المطعون عليه من سندات الشركة وفى تاريخ معاصر فإن استخلاصه هذا يكون مبنيا على مقدمات تؤدى إليه ولا عبرة بما ذكرته الطاعنة فى تقرير الطعن من أن إضافة مبلغ ال 1000 جنيه إلى حسابها الدائن بينك أثينا فى 3/ 7/ 1951 كان نتيجة أمر صادر من عميلها السيد لبيب موسى استنادا إلى خطاب البنك المرسل اليها بتاريخ 2/ 7/ 1951 والمودع بالحافظة رقم 3 بملف الطعن تحت رقم 12 وصحته 10 ذلك أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فضلا عن أن المستند الذى تشير إليه فى تقرير الطعن خال مما يدل على أن عميلها السيد لبيب مومى قد أودع لحسابها مبلغ 1000 جنيه فى تاريخ 3/ 7/ 1951 - لما كان ذلك فإن ما تنعاه الطاعنة بهذا السبب على الأسس السالفة الذكر التى أقام عليها الحكم قضاءه يكون غير صحيح أما ما تعيبه الطاعنة على الحكم المطعون فيه فى خصوص ما استخلصه من تعارض أقوال مدير الشركة التى أبداها أمام الخبير من أن المال الذى اقترضه المطعون عليه مقابل السندات موضوع الدعوى هو من مال الشركة مع دفاعها المؤسس على أن هذا المال من مال مديرها الشخصى - وما تنعاه على ما قرره الحكم من انقطاع الصلة بين خطاب الشركة إلى المطعون عليه فى 3/ 8/ 1951 ورده عليه وبين استحقاق السندين رقمى 1111709 و119310 المستحقى الأداء فى 29/ 8 و29/ 9/ 1951 وعلى ما أورده الحكم خاصا بتناقض الشركة فى تحديد قيمة الدين كل هذا الذى تثيره الطاعنة لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى حق محكمة الموضوع فى استنباط الدليل مما لا تجوز اثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن متعين الرفض.


(1) راجع نقض مدنى 2/ 1/ 1947 فى الطعن 99 سنة 15 ق "إذا كانت الورقة الموصوفة بأنها شيك غير واجبة الدفع لدى الاطلاع فهى لا تعد شيكا ولا يسرى عليها حكم الشيك فى القانون.