أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 246

جلسة 15 من فبراير سنة 1962

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة/ حسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(38)
الطعن رقم 245 لسنة 26 القضائية

( أ ) مؤسسات عامة. "ادارة النقل العام". "مرافق عامة".
ادارة النقل العام بمدينة الاسكندرية تباشر مرفقا عاما من مرافق الدولة ولها شخصية معنوية مستقلة. اعتبارها من أشخاص القانون العام.
(ب) ادارة قضايا الحكومة. "نيابتها عن الأشخاص العامة". نقض. "التقرير بالطعن".
تنوب ادارة قضايا الحكومة عن الحكومة والمصالح الحكومية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم جميعا، نص المادة 14/ 1 و3 المعدلة من قانون المرافعات على تسلم صحف الدعاوى والطعون وصور الأحكام فيما يتعلق بالأشخاص العامة إلى إدارة قضايا الحكومة. مفاد ذلك أنها تنوب عن الأشخاص العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا أمام المحاكم. تقرير محامى قلم قضايا الحكومة بالطعن بالنقض "نيابة عن عضو مجلس الادارة المنتدب" لادارة النقل العام بمدينة الاسكندرية وهى من أشخاص القانون العام - يكون صحيحا.
(ج) استئناف. "نظر الاستئناف". "تقرير التلخيص".
لم يوجب المشرع وضع تقرير التلخيص إلا بالنسبة للدعاوى التى يرفع استئناف أحكامها بعريضة إلى قلم كتاب المحكمة المختصة، أما القضايا الاستئنافية التى ترفع بتكليف بالحضور - فلا يلزم فيها هذا الاجراء. مثال فى دعوى عمالية.
(د) تفسير. حساب "تخالص" عمل. تعويض.
إذا كانت عبارات المخالصة صريحة قاطعة فى عدم المطالبة بأى حق يترتب على الفصل من الخدمة مهما كان السبب فلا يجوز الانحراف عن المعنى الظاهر لتلك العبارات بدعوى أنه لا يستدل منها على التنازل عن التعويض عن الفصل.
1 - لما كانت إدارة النقل العام بمدينة الاسكندرية قد انشئت بالقانون رقم 22 سنة 1954 الذى أضفى عليها الشخصية المعنوية وهى تباشر مرفقا عاما من مرافق الدولة فهى بذلك تعتبر من اشخاص القانون العام. وقد تأكد ذلك بما قررته المذكرة الايضاحية للقانون المذكور من أن "مرفق النقل فى منطقة الاسكندرية تقوم به مؤسسة عامة أو شخص مصلحى ذو شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة وشخصية البلدية".
2 - إذا كانت المادة الثانية من القانون رقم 113 سنة 1946 بإنشاء إدارة قضايا الحكومة تنص على أن تنوب هذه الادارة عن الحكومة والمصالح الحكومية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها إلا أنه لما كانت الفقرتان الأولى والثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات المعدلتان بالقانون رقم 57 سنة 1950 تنصان على أن تسلم صور الاعلان فيما يتعلق بالأشخاص العامة للنائب عنها قانونا وذلك فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى ادارة قضايا الحكومة أو مأمورياتها بالأقاليم فإن مفاد ذلك أن المشرع قد اعتبر - بمقتضى القانون 57 سنة 1950 - ادارة قضايا الحكومة نائبة عن الأشخاص العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا أمام المحاكم، وينبنى على ذلك أن الطعن بالنقض المقرر به من المستشار المساعد بإدارة قضايا الحكومة نائبا عن عضو مجلس الادارة المنتدب لادارة النقل العام بمنطقة الاسكندرية - وهى من أشخاص القانون العام - يكون صحيحا.
3 - لم يوجب المشرع وضع تقرير مكتوب عن القضية يتلى فى الجلسة قبل بدء المرافعة إعمالا لحكم المواد من 405 إلى 408 من قانون المرافعات إلا بالنسبة للدعاوى التى يرفع استئناف أحكامها بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة، أما القضايا الاستئنافية التى ترفع بورقة تكليف بالحضور فلا يتطلب فيها هذا الاجراء. واذن فمتى كانت الدعوى عمالية - وهى من الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة طبقا للمادة 54 من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 فإنه لم يكن على محكمة الاستئناف أن تضع تقرير تلخيص لها عملا بالمادة 118 من قانون المرافعات(1).
4 - إذا كانت المخالصة التى تمسكت بها الطاعنة والتى أورد الحكم المطعون فيه نصها قد تضمنت عبارات صريحة قاطعة فى التزام المطعون عليه بعدم مطالبة الطاعنة بأى حق مترتب على فصله من الخدمة مهما كان السبب، فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن المخالصة لا يستدل منها على التنازل عن التعويض يكون قد انحرف عن المعنى الظاهر لعبارات تلك المخالصة ويتعين نقضه(2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 266 سنة 1955 عمال كلى الاسكندرية على الطاعنة ذكر فيها أنه بتاريخ 13 يونيه سنة 1942 عين وكيلا لإدارة النقل المشترك بالاسكندرية ثم سكرتيرا عاما لهذه الإدارة وأنه فوجئ بتاريخ 11 فبراير سنة 1954 بفصله من وظيفته دون مبرر معقول وإمعانا فى الإساءة إليه لم تصرف له الطاعنة راتبه عن شهر فبراير سنة 1954 ومكافأته عن مدة خدمته إلا فى 18 أبريل سنة 1954 واضطرته للتوقيع على كشف يتضمن تخالصه عن المرتب والمكافأة بعد أن دست فيه ما يفيد أنه تسلم جميع حقوقه، وطلب الحكم قبل الطاعنة بمبلغ عشرة آلاف جنيه كتعويض عن فصله التعسفى. وبتاريخ 19 نوفمبر سنة 1955 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى، استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف اسكندرية وقيد برقم 493 سنة 11 ق وبتاريخ 13 أبريل سنة 1955 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 400 مليم و2428 جنيها. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى 9 مايو سنة 1956 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها بطلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص بجلسة 12 أبريل سنة 1960 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لجلسة 18 يناير سنة 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليه دفع ببطلان تقرير الطعن لعدم التوقيع عليه من محام مقيد بجدول المحامين بمحكمة النقض، وقال فى بيان ذلك أن تقرير الطعن موقع عليه من الأستاذ محسن عبد الحافظ المستشار المساعد بإدارة قضايا الحكومة، وهو ليس من المحامين المقيدين بجدول محكمة النقض، وأنه لما كانت إدارة قضايا الحكومة بحكم قانون إنشائها لا تنوب إلا عن المصالح الحكومية، وليست لها صفة النيابة القانونية عن المؤسسات العامة التى من بينها إدارة النقل المشترك فيكون التقرير بالطعن باطلا.
وحيث إنه وإن كانت المادة الثانية من القانون رقم 113 سنة 1946 بإنشاء إدارة قضايا الحكومة تنص على أن تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح الحكومية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، إلا أنه لما كانت الفقرتان الأولى والثالثة من المادة 14 مرافعات المعدلتان بالقانون رقم 57 سنة 1950 تنصان على أن "صور الإعلان فيما يتعلق بالدولة تسلم للوزراء ومديرى المصالح المختلفة والمحافظين والمديرين وفيما يتعلق بالأشخاص العامة تسلم للنائب عنها قانونا وذلك فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى إدارة قضايا الحكومة أو مأمورياتها بالأقاليم بحسب الاختصاص المحلى لكل منها..." وكانت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون قد أفصحت عن غرض الشارع من هذا التعديل بقولها إنه "لما كان ضيق المواعيد القانونية لا يتسع لتبادل الاتصال بين المصالح الحكومية وإدارة القضايا مما قد يؤدى إلى تفويت المواعيد وسقوط الحق، ولما كان الأمر كذلك فقد أصبح متعينا العمل على توفير ما يضيع من الوقت بسبب تسليم صور إعلانات صحف الدعاوى والطعون والأحكام إلى المصالح الحكومية. فلهذا رؤى تعديل نص البند 1 من الفقرة الأولى من المادة 14 سالفة الذكر ليكون تسليم صور إعلانات صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فيما يتعلق بالدولة لإدارة قضايا الحكومة أو مأمورياتها بالأقاليم بحسب الاختصاص المكانى لكل منها.. وذلك تنفيذا لمقتضى المادة الثانية من القانون رقم 113 سنة 1946 ثم قالت "ونظرا إلى أن إدارة قضايا الحكومة تنوب كذلك عن الأشخاص العامة وكانت الاعتبارات سالفة الذكر قائمة أيضا بالنسبة لأعمال قضاياها فقد رؤى تعديل البند 3 من المادة 14...." لما كان ذلك فإن المشرع يكون قد دل على أن القانون رقم 57 سنة 1950 اعتبر إدارة قضايا الحكومة نائبة عن الأشخاص العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا أمام المحاكم.
وحيث إنه لما كانت إدارة النقل العام بمدينة الاسكندرية قد انشئت بالقانون رقم 22 سنة 1954 الصادر بتاريخ 9 يناير سنة 1954 الذى أضفى عليها الشخصية المعنوية، وكانت تباشر مرفقا عاما من مرافق الدولة فهى بذلك تعتبر من أشخاص القانون العام، وكانت المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور قد أكدت هذا المعنى إذ قررت "أن مرفق النقل فى منطقة الاسكندرية تقوم به مؤسسة عامة أو شخص مصلحى ذو شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة وشخصية البلدية" فإن الطعن بالنقض المقرر به من المستشار المساعد بإدارة قضايا الحكومة نائبا عن عضو مجلس الادارة المنتدب لادارة النقل العام بمنطقة الاسكندرية يكون صحيحا ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه أقيم على خمسة أسباب حاصل السبب الخامس منها بطلان الحكم لمخالفته ما نصت عليه المادتان 407 مكرر و408 من قانون المرافعات، إذ خلا ملف الاستئناف من تقرير التلخيص كما لم يرد فى الحكم أو محاضر الجلسات أى ذكر لتلاوة التقرير فى جلسة المرافعة.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن المشرع لم يوجب وضع تقرير مكتوب عن القضية يتلى فى الجلسة قبل بدء المرافعة إعمالا لحكم المواد 405 إلى 408 من قانون المرافعات إلا بالنسبة للدعاوى التى يرفع استئناف أحكامها بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة، أما القضايا الاستئنافية التى ترفع بورقة تكليف بالحضور فلا يتطلب فيها هذا الإجراء، ولما كانت الدعوى المطروحة دعوى عمالية وهى من الدعاوى التى تنظر على وجه السرعة طبقا للمادة 54 من القانون رقم 317 سنة 1952 فإنه لم يكن على محكمة الاستئناف أن تضع تقرير تلخيص لها عملا بالمادة 118 من قانون المرافعات.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة فى السبب الأول من أسباب الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وفى بيان ذلك تقول إن المخالصة التى حررها المطعون عليه بتاريخ 18 مارس سنة 1954 تضمنت أنه استلم جميع حقوقه قبل الطاعنة ولم يبق له أى حق فى الرجوع عليها لأى سبب من الأسباب، ولكن الحكم المطعون فيه إذ لم ير الاعتداد بهذه المخالصة بمقولة إنها لا تحوى تنازلا عن التعويض عن الفصل بلا مبرر يكون قد خالف القانون لأن عبارة المخالصة صريحة واضحة مما لا يجوز معه الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة الطرفين.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قال فى معرض. رده على ما جاء بأسباب الحكم الابتدائى فى خصوص المخالصة "وحيث إنه عن المخالصة المؤرخة 18 مارس سنة 1954 وهى التى أسست محكمة أول درجة عليها الحكم المستأنف فقد تبين أنها تناولت على وجه التحديد المكافأة التى يستحقها المستأنف وراتب ثلاثة شهور مقابل الإجازات وراتب شهر مقابل مهلة الإنذار والراتب المتأخر والمبلغ المستحق للمستأنف فى جمعية التعاون وقد خصم من جميع هذه المبالغ السلفة التى اقترضها المستأنف من جمعية التعاون والدمغة وضريبة كسب العمل وذيلت بعبارة "أقر وأعترف باستلامى المبلغ الموضح بعاليه وقد وصلتنى جميع حقوقى قبل الادارة ولم يبق لى أى حق فى الرجوع عليها لأى سبب من الأسباب" - فهذه العبارة لا تتناول إلا الحقوق التى أعدت المحاسبة لتسويتها دون غيرها من الحقوق. أما الحق فى التعويض عن الفصل بلا مبرر فإنه لم يكن تحت نظر الطرفين وقت تحرير المخالصة فلم تعد المخالصة لحسم النزاع فيه - ولما كان النزول عن الحق لا يفترض بل يجب أن يكون محققا قاطعا لا يعتوره لبس أو تأويل فإن المخالصة لا يستدل منها على التنازل عن التعويض ومن ثم يكون ما ذهبت إليه محكمة أول درجة من أن المخالصة حسمت النزاع فى التعويض قد جاوزت الصواب. ولما كانت المخالصة التى تمسكت بها الطاعنة والتى أورد الحكم نصها قد تضمنت عبارات صريحة وقاطعة فى التزام المطعون عليه بعدم مطالبة الطاعنة بأى حق مترتب على فصله من الخدمة مهما كان السبب فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر بأن المخالصة لا يستدل منها على التنازل عن التعويض يكون قد انحرف عن المعنى الظاهر لعبارات تلك المخالصة ويتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه وللأسباب التى بنى عليها الحكم المستأنف يكون هذا الحكم فى محله ويتعين تأييده.


(1) نفس المبدأ فى الطعن 382 سنة 26 ق جلسة 11 يناير سنة 1962.
(2) راجع نقض مدنى 28/ 4/ 1960 فى الطعن 377 سنة 25 ق.