أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 259

جلسة 15 من فبراير سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة: محمود القاضى، وحسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(40)
الطعن رقم 324 سنة 26 القضائية

( أ ) تفسير. "المعنى الظاهر". "الانحراف عنه". حكم. "تسبيب كاف".
إلتزام الحكم فى تفسير الشرط المتنازع عليه المعنى الظاهر لعبارته باعتبار أنه هو قصد المتعاقدين. عدم ضرورة إيراد أسباب أخرى لتبرير الأخذ بالمعنى الظاهر، إذ محل ذلك أن تكون المحكمة قد عدلت عن هذا المعنى الظاهر إلى معنى آخر. وجوب بيان علة هذا العدول.
(ب) هبة. "نطاقها". "حق الواهب فى تغيير الهبة". جمعيات.
اشتراط الواهب الحق فى تحديد الغرض الذى ينفق فيه ثلث إيراد السينما المنشأة بمال الهبة. عدم ورود قيد على هذا الحق. خروج هذا الإيراد عن نطاق الأموال المخصصة لأغراض الجمعية الموهوب لها القائمة بإدارة السينما. استعمال المطعون عليه - الذى آل إليه حق الواهب - لهذا الحق ليس مخالفاً لقانون تأسيس الجمعية. عدم خضوع هذا الإيراد للرقابة المفروضة على الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية قانونا.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد التزم فى تفسيره للشرط المتنازع عليه فى عقد الهبة المعنى الظاهر لعبارته وضمن أسبابه أن هذا المعنى هو ما قصده المتعاقدان، فلا يكون مطالبا بعد ذلك بإيراد أسباب أخرى لتبرير أخذه بالمعنى الظاهر لأن اقتضاء الأسباب محله أن تكون المحكمة قد عدلت عن هذا المعنى الظاهر إلى معنى آخر فيكون عليها عندئذ أن تبين علة هذا العدول.
2 - متى كان يبين من عقد الهبة أن الطرفين قد اتفقا على أن من حق الواهب - ومن بعده المطعون عليه - أن يحدد الغرض الذى ينفق فيه ثلث فى إيراد السينما المنشأة بالمال محل الهبة، وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن حق التصرف فى هذا الإيراد مطلق لا يرد عليه أى قيد، فإن إيراد هذا الثلث يخرج عن نطاق الأموال المخصصة لأغراض الجمعية الموهوب لها (القائمة بإدارة السينما) وبالتالى فلا يكون استعمال المطعون عليه لهذا الحق مخالفا لقانون تأسيس الجمعية ويكون هذا الإيراد بمنأى عن الرقابة المفروضة بالقانون رقم 49 سنة 1945 على الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 875 سنة 1953 كلى المنصورة ضد الطاعنة طالبا الحكم (أولا) بإلزام الطاعنة بتقديم حساب مؤيد بالمستندات عن إدارة أعيان الهبة الصادرة إليها من عمه المرحوم جورجى خريستودولو ابتداء من 29 مارس سنة 1932 إلى تاريخ رفع الدعوى مع إلزام الطاعنة بسداد ما يظهر له فى ذمتها بعد فحص الحساب بمعرفة خبير تندبه المحكمة (ثانيا) بتعيينه مديرا للاعيان موضوع الهبة لإدارتها بدون مقابل طبقا لشروط عقد الهبة وذلك بسبب عدم تنفيذ الجمعية الطاعنة لهذه الشروط. واحتياطيا وفى حالة معارضة الجمعية فى الطلبين السابقين الحكم بفسخ الهبة لعدم تنفيذ الجمعية لشروطها والزامها برد المبالغ التى تسلمتها وفوائدها طبقا لما هو وارد بعقد الهبة - وقال المطعون عليه فى بيان دعواه إنه بموجب عقد هبة رسمى محرر فى 8 من فبراير سنة 1922 وهب عمه المذكور للجمعية الطاعنة أوراقا مالية من سندات الدين المصرى الموحد 4% قيمتها الاسمية أربعة آلاف من الجنيهات وشرط أن يظل المبلغ الموهوب مودعا فى أى مصرف تختاره الجمعية إلى أن يتجمع لها منه ومن فوائده مبلغا يكفى لإنشاء كنيسة بالمنصورة - وبعد انقضاء عشر سنوات على اصدار هذه الهبة علم الواهب بأن الجمعية اشترت قطعة أرض بثمن مقسط على أقساط سنوية وانها أقامت عليها دارا للسينما كلفها انشاؤها مبلغ 6660 جنيها اقترضته من بنك باركليز فأراد أن يحررها من هذا الدين فحرر عقد هبة رسمى جديدا فى 29 من مارس سنة 1932 وهب بمقتضاه للجمعية 1500 جنيه أخرى لاضافتها إلى المبلغ الأول الموهوب الذى كان قد بلغ مع فوائده فى هذا التاريخ 5100 جنيه وبذلك يصير مجموع المبلغين 6600 جنيه وعدل الواهب فى الغرض الذى خصص له مبلغ الهبة الأولى ونص فى العقد الجديد على أن يخصص مبلغ الـ 6600 جنيه جميعه فى سداد القرض الذى اقترضته الجمعية من البنك لإنشاء دار السينما وشرط أن يكون من حقه تحديد الغرض الذى ينفق فيه ثلث صافى ايراد هذه السينما وان يؤول هذا الحق بعد وفاته إلى ابن أخيه المطعون عليه ما دام حيا وبعد وفاته تلتزم الجمعية بأن تخصص مبلغا مناسبا لانشاء صندوق دائم للانفاق على تلميذ واحد أو تلميذة من رعايا اليونان لاتمام علومهما فى أثينا أو غيرها من البلاد التى تختارها الجمعية ونص فى عقد الهبة على أنه يترتب على مخالفة شروطها فسخ الهبة ويكون من حق الواهب فى هذه الحالة ان يطالب الجمعية بالمبلغ الموهوب مضافا إليه الفوائد - واثبت فى عقد الهبة ان السيد ينى نقولا عزربيوتيس بوصفه نائبا عن الجمعية الطاعنة التى يرأس مجلس إدارتها ومفوضا منها فى قبول الهبة قد استلم مبلغ الـ 1500 جنيه وانه يقبل ما ورد ذكره فى هذا العقد - واستطرد المطعون عليه قائلا إن تنفيذ هذا العقد كان يقتضى ان توافيه الجمعية الطاعنة بكشف حساب مفصل مؤيد بالمستندات عن ادارتها للسينما حتى يبين له الثلث فى صافى ايرادها الذى له حق تعيين مصرفه إلا أنها لم تفعل ذلك لا أثناء حياة عم الواهب ولا بعد وفاته وإنما كانت تقتصر على ارسال كشوف مقتضبة لا يظهر منها إلا قيمة الثلث بدون بيان للمصروفات ثم ان الجمعية قد انكرت عليه حقه المطلق فى تحديد الغرض الذى ينفق فيه ثلث صافى ايراد السينما بدعوى أن هذا الحق مقيد بأن يكون الانفاق فى اغراضها دون غيرها مع ان هذا القيد الذى تريد الجمعية فرضه على حريته فى تحديد مصرف هذا الثلث لا يستند إلى أساس من عقد الهبة بل يخالف نص هذا العقد الذى اطلق له الحرية فى هذا الشأن وأنه ازاء موقف الجمعية هذا اضطر لرفع الدعوى رقم 1778 سنة 1949 مدنى كلى المنصورة ضدها غير انه وافق على شطبها بعد ان تعهدت الجمعية بجلسة 28 مارس سنة 1950 بتنفيذ عقد الهبة كما هو ولكنها بعد أن اطمأنت إلى إنهاء تلك الدعوى امتنعت عن تقديم كشوف الحساب له ولم تحترم إرادته فى تعيين مصرف ثلث إيراد السينما فاضطر لرفع الدعوى الحالية بالطلبات السابق بيانها - وتحصل دفاع الجمعية الطاعنة أمام المحكمة الابتدائية فى أن حق الواهب ومن بعده المطعون عليه فى تعيين الغرض الذى ينفق فيه ثلث صافى الإيراد ليس حقا مطلقا بل هو مقيد بأن يكون التعيين لغرض من أغراض الجمعية. وذلك على ما جاء بمحاضر جلسات مجلس إدارة الجمعية التى تعتبر مكملة لعقد الهبة وحجة على المطعون عليه وأضافت الجمعية أنه لما كان الفصل فى النزاع القائم بينها وبين المطعون عليه يقتضى تفسير عقد الهبة وكان هذا التفسير تختص به جهة قضائية أخرى لأن الهبة تعتبر بحسب القانون اليونانى من الأحوال الشخصية فقد طلبت من المحكمة بصفة أصلية وقف الدعوى إلى أن يفصل من الجهة المختصة فى هذا النزاع عملا بالمادة السابعة من القانون 147 لسنة 1949 بإصدار نظام القضاء والمادة 293 مرافعات وطلبت من باب الاحتياط رفض طلب ندب الخبير واعتبار حق المطعون عليه فيما يختص بطلب إلزامها بتنفيذ عقد الهبة منتهيا لأن المبلغ الموهوب خصص لصندوق البعثات بأمر صدر من الواهب فى 20 نوفمبر سنة 1941 أو رفض الدعوى لأن الأغراض التى يجوز لمدعيها الأمر بإنفاق ثلث الإيراد فيها يجب أن تكون محدودة بأغراض الجمعية - وبتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1954 حكمت المحكمة الابتدائية بندب خبير حسابى لفحص الحسابات المقدمة من الطاعنة وبيان صافى ثلث إيراد السينما وما هو متبق منه فى ذمة الجمعية المدعى عليها - ثانيا - بإلزام الجمعية بأن تقوم بصرف المتجمد تحت يدها وما يستجد من ثلث صافى إيراد السينما فى الوجوه التى يعينها المدعى (المطعون عليه) بمجرد إخطاره لها بذلك بخطاب موصى عليه بعلم الوصول وإلا كانت ملزمة بغرامة قدرها خمسة جنيهات من كل يوم من أيام التأخير - استأنفت الجمعية الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 309 سنة 6 ق وبتاريخ 6 مايو سنة 1956 حكمت محكمة استئناف المنصورة بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة فى حكمها بطريق النقض وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 4 فبراير سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التى طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة الفحص فى تلك الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة أول فبراير سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وللثابت فى الأوراق وفى بيان ذلك تقول إن الواهب وهو من أعيان الجالية اليونانية وعليم بنشاطها وأغراضها وما تؤديه من خدمات لهذه الجالية إذ أراد معاونتها أولا بإنشاء كنيسة ثم عدل عن هذه الفكرة بالعقد موضوع النزاع فإنه إذ عرض عليها الهبة فإنما يعرضها لتكون أساسا لنشاطها وتحقيق أغراضها وأنه إذا احتفظ بثلث صافى إيراد السينما ليوجه الجمعية فى شأنه فإنه يفترض أن يكون محل الصرف داخلا فى غايات وأغراض الجمعية وقد وضح ذلك فى طريقة تنفيذ الهبة بعد انعقادها فقد أراد الواهب أن يوجه مائة جنيه للأسطول اليونانى الوطنى من صافى ريع هذا الثلث ولما عارضت الجمعية اقتنع بمعارضتها وتضيف الطاعنة أنه مما يؤكد أن حق الواهب فى توجيه صافى ثلث إيراد السينما مقيد بأن يكون هذا التوجيه فى حدود أغراض الجمعية - عقد الوكالة الصادر من مجلس إدارتها بجلسته فى 16 مارس سنة 1932 إلى رئيسها الذى ناب عنها فى قبول الهبة والذى أرفق بعقد الهبة ويعتبر متمما له كما يؤكد ذلك ما تضمنته محاضر جلسات مجلس إدارة الجمعية وجمعيتها العمومية التى قدمت ترجمة رسمية لها إذ توضح هذه المحاضر الظروف والملابسات والمناقشات التى دارت حول عقد الهبة والعرف الذى تسير عليه الجمعية من عهد تأسيسها والذى يقضى بعدم الخروج عن أغراضها المبينة فى قانون تأسيسها والتى تنحصر فى رعاية شئون الجالية اليونانية على أساس من الخير والبر وتعهدهم ثقافيا ودينيا وقد تضمن محضر انعقاد مجلس الإدارة بجلستى 16، 24 من مارس سنة 1932 وهما سابقان على تاريخ عقد الهبة تفويض رئيس الجمعية فى التوقيع على عقد الهبة نيابة عنها بالشروط المبينة فى هذين المحضرين ومن بينها أن يكون حق الواهب فى توجيه صرف ثلث صافى ريع السينما مقيدا بأن يكون ذلك فى حدود أغراض الجمعية المنصوص عليها فى لائحتها التأسيسية وقد حضر المطعون عليه الجلسة الثانية نيابة عن عمه الواهب وتم الاتفاق على تلك الشروط بحضوره وحرر عقد الهبة بعد ذلك فى 29 من مارس سنة 1932 على أساس إقرار الأمر الواقع المتفق عليه ونص فيه على أن رئيس الجمعية يقبل الهبة بمقتضى التفويض الصادر إليه من مجلس إدارة الجمعية بجلسة 16 مارس سالفة الذكر - وقد تمت الهبة فى الحدود الثابتة فى إيجاب الواهب وقبول الوكيل عن الجمعية وتلاقى الإيجاب والقبول على الشروط السابقة ومن بينها تقييد حق الواهب ومن بعده المطعون عليه فى توجيه صرف ثلث الريع بالقيد السابق ولا يمكن لرئيس الجمعية أن يخرج عن حدود التفويض الصادر إليه وإذا خرج الوكيل عن حدود وكالته فإن الموكل لا يلتزم بما خرج فيه عن هذه الحدود ولقد انعقدت الجمعية العمومية بجلسة 30 أبريل سنة 1932 وورد بحضر هذه الجلسة التى حضرها المطعون عليه أن الهبة تمت شرط هو أنه لا يجوز أن يتصرف الواهب فى ثلث إيراد السينما الصافى إلا فى غرض من أغراض الجمعية يحدده الواهب مدى حياته وينتقل هذا الحق بعد وفاته للمطعون عليه ويخلص الطاعنون إلى القول بأن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إطلاق حق الواهب والمطعون عليه فى توجيه صرف ثلث صافى ريع السينما يكون قد خالف العقد الذى هو قانون المتعاقدين كما خالف الثابت فى الأوراق والمستندات التى كان عليه أن يعمل أثرها القانون فى الدعوى - ويتحصل الوجه الثانى من هذا النعى فى أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور يعيبه بمخالفته الثابت بمحضر انعقاد مجلس إدارة الجمعية بجلسة 16 مارس سنة 1932 ذلك أن الحكم ذكر أنه لم يثبت فى هذا المحضر ما يدل على أن التفويض المعطى لرئيس الجمعية لقبول الهبة تضمن قيدا على حق الواهب فى توجيه ثلث الريع مؤداه أن يكون الصرف فى أحد أغراض الجمعية فى حين أن الثابت فى هذا التفويض المؤرخ 16 مارس سنة 1932 أنه نص فيه صراحة على هذا القيد.
وحيث إن هذا النعى فى وجهيه مردود بأن الحكم الابتدائى بعد أن أورد مضمون عقد الهبة قال فى معرض تفسير الشرط المتنازع عليه "وقد جاء بعقد الهبة المذكور أن للواهب ومن بعده ابن شقيقه (المطعون عليه) الحق فى تعيين الغرض الذى من أجله ينفق الثلث الصافى لإيراد السينما ولم يرد على حق أيهما فى هذا الصدد أى قيد - وحيث إنه بالإطلاع على محاضر جلسات مجلس إدارة الجمعية اليونانية المقدمة منها تبين أنها ترجمة غير رسمية للمحاضر أى غير جديرة بالتعويض عليها وأنه رغم ذلك فإن المحضر رقم 500 المؤرخ 16 مارس سنة 1932 والمشار إليه فى عقد الهبة على أنه صك وكالة رئيس الجمعية اليونانية عنها فى التعاقد مع الواهب لم يرد فيه أى إشارة إلى قيد على حق الواهب أو المدعى فى تعيين مصرف ثلث إيراد السينما بل يفهم منه أن حق الواهب حق مطلق فى هذا الصدد.. حقيقة أنه قد أشير فى محضر جلسة 24 مارس سنة 1932 إلى أن المدعى قد حضر نائبا عن الواهب وأنه قد تم الاتفاق على أنه ليس للجمعية أن تتصرف فى الثلث الصافى لإيراد السينما وأن للواهب ومن بعده المدعى الحق فى تعيين مصرفه فى حدود أغراض الجمعية إلا أنه قد جاء عقد الهبة بعده فى 29 مارس سنة 1932 وأغفل القيد المذكور الأمر الذى يبين منه أن المتعاقدين لم يقصدا إلى التقييد وأنه بالإطلاع على محضر جلسة 31 مارس سنة 1932 تبين أن الجمعية قد وافقت على عقد الهبة ولو كان لديها أى اعتراض فيما يختص بما تضمنه من إطلاق لحق المدعى والواهب فى تحديد مصرف ثلث صافى الايراد السينما لأشارت إلى ذلك الاعتراض فى المحضر ولم يبق إلا محضر جلسة 30 أبريل سنة 1932 وقد ذكر فيه رئيس الجمعية شرح عقد الهبة وقال إن الواهب له أن يتصرف فى حدود أغراض الجمعية فى ثلث إيراد السينما وغنى عن البيان أن هذا القول لا سند له من عقد الهبة الذى هو المناط فى تحديد حقوق والتزامات الطرفين" وخلص الحكم مما تقدم إلى أن الحق الذى أعطاه عقد الهبة للواهب وابن أخيه المطعون عليه فى تحديد مصرف ثلث صافى إيراد السينما هو حق مطلق غير مقيد بحدود أغراض الجمعية خلافا لما تزعم الطاعنة - وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب وأضاف إليها "أنه ظاهر من نصوص عقد الهبة أن حق الواهب ومن بعده ابن أخيه فى الحصول على ثلث صافى ريع السينما غير مقيد بالقيد الذى زعم المستأنف بصفته رئيس الجمعية وهو أن يكون الواهب وابن أخيه من بعده مقيدين بتعيين الغرض الذى ينفق فيه هذا الثلث فى حد ود أغراض الجمعية المبينة فى لائحتها ونظمها" ثم استعرض الحكم ما ورد فى محاضر جلسات مجلس إدارة الجمعية بتاريخى 16 و24 من مارس سنة 1932 وقال عن المحضر الأول إن مجلس الادارة لم يشترط فيه تقييد حق الواهب أو ابن أخيه فى التصرف فى ثلث إيراد السينما بأى قيد وقال عن المحضر الثانى إنه وإن ذكر فيه تقييد تصرفهما فى هذا الثلث بأن يكون ذلك فى أغراض الجمعية كما ذكر فيه أنه تم الاتفاق على ذلك مع ابن أخ الواهب إلا أن هذا القول لا يمكن اعتباره حجة على الواهب أو ابن أخيه وملزما لهما فى حال الانكار لأنه لا الواهب ولا ابن أخيه قد وقع على هذا المحضر أو على أية وثيقة أخرى تحوى هذا الشرط وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القول بأنه "يخلص من ذلك أن عقد الهبة الرسمى خلو من التقييد المزعوم على تصرف الواهب وابن أخيه فى ثلث إيراد السينما الصافى... ومن ثم يكون ما زعمته الجمعية من تقييد حقوقهما بقيد التصرف فى حدود أغراض الجمعية لم يقم عليه دليل بل قام الدليل على عكسه" - ولما كان يبين من الترجمة الرسمية لعقد الهبة المودعة بملف الطعن أنه نص فيه على أن الطرفين اتفقا على أن يكون ثلث صافى إيراد السينما من حق الواهب أن يحدد الغرض الذى ينفق فيه وأن يؤول حق الواهب فى ذلك بعد وفاته إلى ابن شقيقه المطعون عليه الذى يكون له تحديد الغرض طالما هو على قيد الحياة كما لو كان الواهب حيا - ولم يتضمن العقد تقييدا لحقهما فى التصرف فى هذا الثلث بأى قيد وقد نص فى نهاية العقد على أن مخالفة الشروط المنصوص عليها فيه يترتب عليها فسخ الهبة ويكون للواهب فى هذه الحالة الحق فى استرداد المبلغ الموهوب مع فوائده - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم فى تفسيره للشرط المتنازع عليه المعنى الظاهر لعقد الهبة وضمن أسبابه أن هذا المعنى هو الذى قصده المتعاقدان وهو غير مطالب بعد ذلك أن يورد أسبابا أخرى لتبرير أخذه بهذا المعنى الظاهر لأن اقتضاء الأسباب محله أن تكون المحكمة قد عدلت عن هذا المعنى الظاهر إلى معنى آخر فيكون عليها عندئذ أن تبين علة هذا العدول - كذلك لا يعيب الحكم المطعون فيه ما ورد فيه من خطأ فى الإسناد فيما نقله عن محضر انعقاد مجلس الادارة بجلسة 16 مارس سنة 1932 الذى تبين من ترجمته الرسمية المقدمة بملف الطعن والتى كانت مقدمة لمحكمة الاستئناف أنه أثبت فيه أن رئيس الجمعية عند عرضه شروط الهبة التى أبدى الواهب استعداده لمنحها للجمعية ذكر أن من بين هذه الشروط أن تتعهد الجمعية بعدم التصرف بغير موافقة الواهب السابقة فى ثلث ريع السينما وبأن تتصرف فى هذا الثلث فى الغرض الذى يحدده الواهب من أغراض الجمعية - وذلك على خلاف ما ذكره الحكم المطعون فيه من عدم اشتمال هذا المحضر على أى قيد على حق الواهب فى التصرف فى هذا الثلث - لا يعيب الحكم المطعون فيه هذا الخطأ فى الإسناد لأنه قد أقيم على أسباب أخرى صحيحة تكفى لحمله وقد وقع هذا الخطأ فيما ورد ذكره فى الأسباب زائدا على حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونه - هذا إلى أن ما أورده الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه الذى أيده من أسباب فى شأن الرد على ما جاء فى محضر انعقاد مجلس إدارة الجمعية بجلسة 24 من مارس سنة 1932 يصلح بذاته ردا على ما ورد بمحضر جلسة 16 من مارس سالفة الذكر فلقد جاء عقد الهبة تاليا أيضا لهذا المحضر ومغفلا للقيد الذى تقول به الجمعية كما أن مجلس إدارة الجمعية قبل الهبة فى جلسته المنعقدة فى 30 أبريل التالية أيضا لجلسة 16 من مارس المذكورة بغير تحفظ أو اعتراض ولا عبرة بما تقوله الطاعنة من أن التوكيل الصادر من مجلس إدارتها إلى رئيسها فى هذه الجلسة لقبول الهبة تضمن أن يكون هذا القبول بالشروط المبينة فى محضر تلك الجلسة ومن بين هذه الشروط تقييد حق الواهب فى التصرف فى الثلث بالقيد السابق وأن خروج الوكيل عن حدود وكالته هذه وقبوله الهبة بغير هذا القيد لا يلزم الجمعية ذلك أن هذا القول قد يكون مقبولا لو أن الجمعية تريد التحلل من الهبة وفسخ عقدها أما وهى تتمسك بتنفيذ العقد فإنه لا يمكنها أن تطالب بتنفيذه بشرط لم يرتضيه الواهب ولم يتضمنه إيجابه الذى انعقد على أساسه هذا العقد.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من النعى أنه لما كان للجمعية الطاعنة أغراض محددة وموضحة فى سند إنشائها وتكوينها لا يمكنها الخروج عنها فإنه لا يجوز للمطعون عليه وهو أحد أعضائها وعضو بمجلس إدارتها أن يخرج هو عن هذه الأغراض أو أن يطلب منها هذا الخروج لأن طلبه يكون مخالفا لقانون إنشاء الجمعية ولأن الجمعية إذا أجابت هذا الطلب وحادت عن أغراضها تعرضت للحل وهو الجزاء الذى يفرضه القانون رقم 49 لسنة 1945 الخاص بتنظيم الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية فى هذه الحالة.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن حق الواهب ومن بعده ابن أخيه المطعون عليه فى التصرف فى ثلث صافى إيراد السينما هو حق مطلق غير مقيد بأى قيد فإن إيراد هذا الثلث يكون بمنأى عن الرقابة المفروضة بالقانون رقم 49 لسنة 1945 لخروج هذا الإيراد عن أموال الجمعية المخصصة لأغراضها كما لا يكون فى استعمال المطعون عليه لهذا الحق مخالفة لقانون تأسيس الجمعية.