أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 339

جلسة 29 من مارس سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة/ محمد زعفرانى سالم، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

(54)
الطعن رقم 251 لسنة 26 القضائية

( أ ) دعوى "الدفع ببطلان صحيفة الدعوى". دفوع. "الدفوع الشكلية". نظام عام.
الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به. دفع شكلى يجب إبداؤه قبل التعرض للموضوع وإلا سقط الحق فى التمسك به. البطلان الذى يلحق الصحيفة بسبب هذا التجهيل بطلان نسبى. لا يتعلق بالنظام العام.
(ب) دعوى. "الدفع بعدم قبول الدعوى". دفوع. "الدفوع الموضوعية".
الدفع بعدم قبول الدعوى المنصوص عليه بالمادة 142 مرافعات هو الدفع الموضوعى الذى يرمى إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى: الصفة، المصلحة، الحق فى رفع الدعوى. عدم انطباق المادة 142 مرافعات بالنسبة للدفع المتعلق بشكل الإجراءات والدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه. العبرة بحقيقة الدفع ومرماه وليس بالتسمية التى يطلقها الخصوم.
(ج) دعوى. "الدفع بعدم قبول الدعوى". دفوع. "الدفوع الشكلية". نظام عام.
الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم رابطة هو فى حقيقته دفع شكلى يتضمن الاعتراض على شكل إجراءات الخصومة وكيفية توجيهها. لا يعد دفعا بعدم القبول. البطلان فى هذه الحالة - على الرأى الذى يقول به - نسبى غير متعلق بالنظام العام. هذا الدفع يسقط الحق فى التمسك به بعدم ابدائه قبل التحدث فى موضوع الدعوى. قبول محكمة أول درجة الدفع لا تستنفذ به ولايتها فى نظر الموضوع إلغاء الحكم بقبول الدفع من محكمة الاستئناف. وجوب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة. عدم جواز التصدى. تصدى محكمة الاستئناف للموضوع يؤدى لبطلان حكمها. لا يزيل هذا البطلان عدم تمسك الطاعنين أمامها بطلب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة.
1 - الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به هو فى قانونى المرافعات الملغى والقائم على السواء دفع شكلى يجب إبداؤه قبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق فى التمسك به. والبطلان الذى يلحق الصحيفة بسبب هذا التجهيل بطلان نسبى لا يتعلق بالنظام العام وقد اعتبر المشرع الكلام فى الموضوع مسقطا فى جميع الأحوال للحق فى التمسك بهذا الدفع، ومن ثم فإذا كان هذا الدفع لم يبد إلا بعد المرافعة فى دعوى الشفعة وطلب رفضها لانعدام حق الشفعة أصلا ولعدم توافر أسباب طلبها ولسقوط الحق فى طلب الشفعة بعدم تقديمه فى الميعاد القانونى تعين القضاء فى هذه الحالة بسقوط الحق فى الدفع لا برفضه.
2 - الدفع بعدم قبول الدعوى(1) الذى نصت عليه المادة 142 من قانون المرافعات وأجازت إبداءه فى أية حالة كانت عليها الدعوى هو الدفع الذى يرمى إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهى الصفة والمصلحة والحق فى رفع الدعوى باعتباره حقا مستقلا عن ذات الحق الذى ترفع الدعوى بطلب تقريره كانعدام الحق فى الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيها أو لانقضاء المدة المحددة فى القانون لرفعها ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة ولا بالدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى. وينبنى على ذلك أن المادة 142 من قانون المرافعات لا تنطبق إلا على الدفع بعدم القبول الموضوعى دون الدفع الشكلى الذى يتخذ إسم عدم القبول. إذ العبرة بحقيقة الدفع ومرماه وليس بالتسمية التى يطلقها عليه الخصوم.
3 - الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم رابطة(2) هو فى حقيقته اعتراض على شكل اجراءات الحضور وكيفية توجيهها وهو بهذه المثابة من الدفوع الشكلية وليس دفعا بعدم القبول ومن ثم فالبطلان المترتب على جمع مدعين متعددين لا تربطهم رابطة فى صحيفة واحدة - على الرأى الذى يقول بالبطلان فى هذه الحالة - هو بطلان نسبى لا يتعلق بالنظام العام. وينبنى على ذلك أن هذا الدفع - كالدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل - يسقط الحق فى التمسك به بعدم ابدائه قبل الكلام فى موضوع الدعوى وأن محكمة أول درجة بقبولها هذا الدفع لا تكون قد استنفذت ولايتها فى نظر الموضوع فاذا استؤنف حكمها وقضت محكمة الاستئناف بالغائه وبرفض الدفع وجب عليها أن تعيد الدعوى الى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها الذى لم تقل هذه المحكمة كلمتها فيه ولا تملك المحكمة الاستئنافية التصدى لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت احدى درجات التقاضى على الخصوم. فاذا كانت محكمة الاستئناف قد خالفت هذا النظر وتصدت لموضوع الدعوى كان حكمها باطلا ولا يزيل هذا البطلان عدم تمسك الطاعنين أمامها بطلب اعادة القضية الى محكمة أول درجة اذ أن مبدأ التقاضى على درجتين هو من المبادئ الأساسية للنظام القضائى التى لا يجوز للمحكمة مخالفتها ولا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا فى 15 من ديسمبر سنة 1947 الدعوى رقم 262 سنة 1947 كلى المنصورة ضد المطعون عليهم طلبوا فيها الحكم بأحقيتهم فى أخذ 20 فدانا و22 قيراطا و17 سهما المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل قيامهم بدفع الثمن باعتبار 180 جنيها للفدان الواحد أو ما يثبت أنه الثمن الحقيقى مع الملحقات القانونية وتسليم هذا القدر إليهم... وقال الطاعنون فى بيان دعواهم إنهم علموا فى 21 من نوفمبر سنة 1946 بأن المطعون عليه الأخير باع للمطعون عليهما الأولين تلك الأطيان بثمن قدره 180 جنيها للفدان ونظرا لأنهم يجاورنها من جهتين مع الاشتراك فى حقوق ارتفاق الرى والصرف مما يخولهم حق الشفعة فيها فقد أنذروا البائع والمشترين فى 23 و28 من نوفمبر سنة 1946 برغبتهم فى الأخذ بالشفعة ولكن هؤلاء لم يسلموا لهم بهذا الحق فاضطروا لرفع هذه الدعوى عليهم بالطلبات السابقة - ولدى نظر الدعوى أنكر المطعون عليهما الأولان المشتريان ما ادعاه الطاعنون طالبوا الشفعة من جوار الأطيان المبيعة واشتراك فى حقوق ارتفاق الرى والصرف ودفعا بسقوط حقهم فى الشفعة لمضى مدة تزيد على خمسة عشر يوما من تاريخ علمهم بالبيع إلى تاريخ رفع الدعوى كما أصرا على أن حقيقة الثمن الذى اشتريا به هو كما ذكر بعقد البيع الصادر إليهما 245 جنيها للفدان وليس 180 جنيها وقد حكمت المحكمة الابتدائية فى 21 مارس سنة 1948 بندب مكتب الخبراء الزراعى لتحقيق ما إذا كانت أطيان المدعين طالبى الشفعة تجاور الأطيان المبيعة بالعقد المؤرخ 30 سبتمبر سنة 1946 كلها أو بعضها من جهتين وما إذا كانت تشترك معها فى حق ارتفاق الرى والصرف ولتقدير ما تساويه الأطيان المبيعة من الثمن وقت البيع وقدم الخبير تقريرا انتهى فيه إلى أن الثمن الوارد فى عقد البيع وهو 245 جنيها للفدان مناسب وأن المدعين يجاورون الأطيان المشفوع فيها جميعها ويشتركون معها فى حق ارتفاق الرى وبتاريخ 27 من أبريل سنة 1952 حكمت المحكمة الابتدائية باحالة الدعوى الى التحقيق ليثبت المدعى عليهما المشتريان بجميع طرق الاثبات القانونية أن المدعين طالبى الشفعة علموا بالبيع ثم تراخوا فى ابداء رغبتهم فى أخذ العقار المبيع بالشفعة مدة تزيد على خمسة عشر يوما من تاريخ علمهم بالبيع على أن يكون للمدعى عليهم النفى. ونفذ هذا الحكم وأعيدت القضية للمرافعة وبانذار تاريخه 19 من نوفمبر سنة 1949 طلب المشتريان الى طالبى الشفعة أن يودعوا خزانة المحكمة جميع الثمن الوارد فى عقد البيع وقدره 5316 جنيها و430 مليما فقاموا بايداعه فى 26 من يناير سنة 1952 وفى 17 من مارس سنة 1952 حكمت المحكمة الابتدائية برد المأمورية لمكتب الخبراء لبيان فى ملك من من المدعين طالبى الشفعة تقع كل قطعة من القطع المشفوع فيها ومصدر ملكيته لها وبيان القطع التى تلاصقها من الأرض المشفوع فيها وما إذا كانت ملاصقة لها من حد واحد أو من حدين وفى أى الحدود يقع التلاصق وطول الحد الواقع فيه وما إذا كانت القطعة المشفوع بها تساوى على الأقل نصف ثمن القطعة المشفوع فيها فى حالة التجاور.. وقدم الخبير ملحقا لتقريره السابق بنتيجة تنفيذ هذه المأمورية ثم قدم المطعون عليهما المشتريان مذكرة بدفاعهما برقم 29 ملف ابتدائى لجلسة 17 من أبريل سنة 1955 أضافا فيها إلى دفاعهما السابق الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم وحدة السبب أو المحل أو أية وحدة أخرى وطلبوا احتياطيا رفض الدعوى لعدم توافر أسباب الشفعة - وفى أول مايو سنة 1955 حكمت المحكمة الابتدائية أولا - برفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى - ثانيا - بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعين مصروفاتها وبنت المحكمة قضاءها برفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به على أن البطلان المترتب على ذلك إن كان هناك ثمة بطلان قد زال وسقط الحق فى الدفع به بحضور المدعى عليهما وذلك عملا بالمادة 138 من قانون المرافعات القديم الذى يحكم إجراءات هذه الدعوى والتى لا تفرق بين سبب وآخر من أسباب بطلان ورقة التكليف بالحضور وأسست قضاءها بعدم قبول الدعوى على أنه لا توجد رابطة تربط المدعين فيها إذ ثبت من تقرير الخبير الأخير أن كل واحد منهم لا يحق له أن يشفع فى كل القطع المبيعة كما أنهم جميعا لا يملكون حق الشفعة معا فى أية قطعة كما أن سبب ملكيتهم للأرض المشفوع بها يختلف بالنسبة لكل منهم عنه بالنسبة للآخر مما تنتفى معه المصلحة فى رفعهم الدعوى معا وأضافت المحكمة أنه لا يعترض على ذلك بتراخى المشتريين فى إبداء هذا الدفع لأن انعدام الرابطة بين المدعين لم يظهر إلا بعد أن قدم الخبير تقريره فى 5 من ديسمبر سنة 1954 فمن هذا التقرير استبان أن سبب الشفعة بالنسبة لكل شفيع يختلف عنه بالنسبة للاخر كما أنهم لا يحق لهم معا أخذ جميع القطعة بالشفعة - استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 259 سنة 7 ق المنصورة طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض جميع الدفوع والحكم لهم بطلباتهم وتمسك المطعون عليهما المشتريان أمام محكمة الاستئناف بالدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به وهو الدفع الذى كانا قد أبدياه أمام محكمة أول درجة وقضت برفضه كما دفعا بعدم جواز الشفعة لطلبها على خلاف قاعدة عدم التجزئة وفى 8 من مارس سنة 1956 حكمت محكمة استئناف المنصورة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع أولا - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى. ثانيا - بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى وبقبولها. ثالثا - بقبول الدفع بعم جواز الشفعة وبعدم جوازها لطلبها على خلاف قاعدة عدم التجزئة - طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى قلم كتاب هذه المحكمة تاريخه 15 من مايو سنة 1956 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 من أكتوبر سنة 1960 وفيها صممت النيابة العامة على ما انتهت إليه فى المذكرة المقدمة منها من طلب نقض الحكم فى خصوص السبب الأول من أسباب الطعن وقررت دائرة الفحص فى تلك الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وقام الطاعنون بإعلان الطعن إلى المطعون عليهما الأول والثالث وإلى ورثة الثانى بسبب وفاته بعد رفع الطعن وأودع الطاعنون أصل ورقة إعلان الطعن ومذكرة شارحة كما أودع المطعون عليه الأول وفؤاد الكفراوى وعبد الحميد عطية الكفراوى ومحمد عبد المنعم الكفراوى ومحمد السيد عطيه الكفراوى من ورثة المطعون عليه الثانى مذكرة بدفاعهم وقدمت النيابة مذكرة تكميلية وحدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 22 مارس سنة 1959 وفيها أصر الجميع على ما ورد بمذكراتهم.
وحيث إن المطعون عليهم الذين قدموا مذكرة بدفاعهم تمسكوا فى هذه المذكرة بالدفعين اللذين سبق لهم إبداؤهما أمام محكمة الموضوع وقضت برفضهما وهما الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من متعددين بصحيفة واحدة لا تربطهم رابطة واستند المطعون عليهم فى تمسكهم بهذين الدفعين أمام محكمة النقض إلى نص المادة 12 من القانون 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقالوا فى بيان الدفع الأول إن التجهيل فى صحيفة الدعوى يتمثل فى أن الطاعنين رافعى الدعوى لم يفصح كل منهم عن بيان أى القطع من العقارات المشفوع فيها يتوفر لأيهم سبب الاستشفاع فيها وذلك على الرغم من ثبوت أن الأطيان محل الشفعة تتكون من قطع متعددة منفصلة بعضها عن بعض وعلى الرغم من أن السبب الذى ينتحله البعض من هؤلاء المدعين يختلف عن السبب الذى ينتحله البعض الآخر لطلب الشفعة وأن هذا التجهيل الذى بقى قائما فى جميع مراحل التقاضى يجعل الدعوى وصحيفتها التى لم تصحح أبدا باطلة بطلانا جوهريا وأصليا لا يزول لا بمجرد حضور المدعى عليهم ولا بالتعرض للموضوع بل يتعين فى هذه الحالة على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها لأن الأمر لا يتعلق بمصلحة خاصة للخصوم فحسب بل هو فوق ذلك يتعلق بنظام التقاضى ذاته إذ لابد للمحكمة من أن تعرف موضوع الطلب حتى تستطيع أن تقضى فيه - ومن ثم فإن الحكم الابتدائى والحكم الاستئنافى المؤيد له فى خصوص رفض هذا الدفع قد خالفا القانون إذ اعتد كلاهما فى القضاء بسقوط هذا الدفع بالحضور وبالتعرض للموضوع أخذا بظاهر المادة 138 من قانون المرافعات القديم القائم وقت رفع الدعوى فإن ما يقال فى تبرير سقوط الحق فى إبطال ورقة التكليف بالحضور إذا ما حضر المدعى عليه أو تعرض للموضوع لا يصلح لتبرير سقوط حق المطعون عليهم فى صورة هذه الدعوى التى جهل فيها المدعى به فى صحيفتها جهالة فاحشة تعجز المدعى عليهما وتعجز المحكمة عن تعيين المحل المدعى به وليس من شأن الحضور أو التعرض للموضوع أن يزيل هذه الجهالة وإذا كان الحكم الاستئنافى قال فيما قاله إنه لا تجهيل فى صحيفة الدعوى فذلك منه مسخ وتشويه يجعل قول الحكم بذلك معيبا بما يستوجب إهداره لأن صحيفة الدعوى خالية فعلا من أى بيان يحدد ما يطلبه كل من المدعين.
وحيث إن الدفع ببطلان صحيفة الدعوى للتجهيل بالمدعى به هو فى قانون المرافعات الملغى والقائم على السواء دفع شكلى يجب إبداؤه قبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق فى التمسك به والبطلان الذى يلحق الصحيفة بسبب هذا التجهيل هو بطلان نسبى لا يتعلق بالنظام العام وقد اعتبر المشرع الكلام فى الموضوع مسقطا فى جميع الأحوال للحق فى التمسك بهذا الدفع ولما كان الحكم المطعون فيه قد سجل فى تقريراته أن المطعون عليهما المشتريين للأطيان المشفوع فيها لم يبديا هذا الدفع إلا بعد أن ترافعا فى جلسات سابقة فى موضوع الدعوى وطلبا رفضها لانعدام حق الشفعة أصلا ولعدم توفر أسباب طلبها وبسقوط الحق فى طلب الشفعة لعدم تقديمه فى الميعاد القانونى - وكان من بين ما أقام عليه الحكم قضاءه برفض هذا الدفع أن حق المطعون عليهما فى التمسك به قد سقط بتكلمهما فى موضوع الدعوى وإبدائهما طلباتهما ودفاعهما فيه دون تمسك بهذا الدفع - فإن هذا الذى قرره الحكم وأقام عليه قضاءه صحيح فى القانون ويكفى لحمله فى هذا الخصوص وإن كان الصحيح أن يقضى فى هذه الحالة بسقوط الحق فى الدفع لا برفضه ولكن القضاء بالرفض لا يختلف فى نتيجته فى هذه الصورة عن القضاء بالسقوط - وإذا كان هذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه يكفى لحمله فإنه لا جدوى للمطعون عليهم من محاولة تعييب الحكم فى أسبابه الأخرى التى أوردها فى مقام الرد على هذا الدفع والتى تعتبر زائدة على حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونها.
وحيث إنه عن الدفع الثانى الخاص بعدم قبول الدعوى لرفعها من متعددين بصحيفة واحدة فقد قال المطعون عليهم فى مذكرتهم شرحا له إن الحكم الابتدائى قضى بقبول هذا الدفع غير أن محكمة الاستئناف ألغت هذا القضاء ورفضت الدفع تأسيسا على القول بأنه دفع شكلى مما يسقط بالحضور وبالسكوت عن إبدائه قبل التعرض للموضوع مما رأت فيه محكمة الاستئناف تنازلا من المدعى عليهما عن التمسك به وقبولا للدعوى بحالتها ورأت المحكمة مع ذلك أن صلة الأخوة فيما بين المدعين ووحدة عقد البيع وانصباب الدعوى على المبيع يعتبر فى نظرها بمثابة الرابطة التى تجعل الدعوى بصحيفة واحدة من هؤلاء المتعددين مقبولة - ولقد أخطأت المحكمة فى هذا كله لأن هذا الدفع ليس من الدفوع الشكلية بل هو دفع بعدم القبول مما لا يسقط بالحضور أو بالتعرض للموضوع ومما يجوز ابداؤه فى أية حالة تكون عليها الدعوى ذلك ان حق التداعى الجماعى مقيد بقيد موضوعى هو قيام رابطة ومصلحة تبرر انه وتحقيق كل من هذين الأمرين هو تحقيق لأمر موضوعى لا أمر شكلى فاذا لم تقم الربطة والمصلحة معا امتنع التجمع وتعين ان يكون لكل مدع دعوى قائمة بذاتها ولابد لكل دعوى من صحيفة تقام بها فالصحيفة التى ترفع بها عدة دعاوى لا تربط مدعيها رابطة قانونية تبرر جمعهم فى دعوى واحدة لا تعتبر صحيفة لكل دعوى من دعاوى هؤلاء المدعين بل هى صحيفة واحدة لدعوى واحدة لا تعرف من بين تلك الدعاوى ومن ثم تعتبر كل دعوى منها مرفوعة بغير صحيفة مما يجعلها غير مقبولة هذا إلى أن قانون المرافعات أورد فى المادة 132 منه الدفوع الشكلية على سبيل الحصر وميزها عن الدفع بعدم القبول وليس من بينها الدفع بعدم قبول الدعاوى لرفعها على خلاف القانون من متعددين بصحيفة واحدة فهذا الدفع لا يندرج تحت الدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور لأن ورقة التكليف فى الدعوى المعروضة ليس مطعونا عليها لعيب من العيوب الشكلية التى عينها قانون المرافعات وجعلها سببا للبطلان بل ان الطعن موجه للدعوى نفسها لعدم رفعها بصحيفة قائمة بذاتها أى بانعدام الصحيفة لا ببطلانها والدفع منصب على حق التجمع فى التداعى فهو من قبيل الدفع بعدم القبول ولقد أخطأ الحكم فى فهم معنى الرابطة القانونية التى يشترط قيامها للجمع فى صحيفة واحدة بين مدعين أو مدعى عليهم متعددين واستند فى القول بقيام هذه الرابطة فى الدعوى الحالية إلى أسباب ليس من شأنها ان تؤدى إلى قيامها.
وحيث إن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم رابطة هو فى حقيقته اعتراض على شكل اجراءات الخصومة وكيفية توجيها وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية وليس دفعا بعدم القبول مما نصت عليه المادة 142 من قانون المرافعات وأجازت ابداؤه فى أية حالة تكون عليها الدعوى ذلك ان المقصود بالدفع بعدم القبول الذى تعنيه هذه المادة هو كما صرحت المذكرة التفسيرية "الدفع الذى يرمى إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهى الصفة والمصلحة والحق فى رفع الدعوى باعتباره حقا مستقلا عن ذات الحق الذى ترفع الدعوى بطلب تقريره كانعدام الحق فى الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيها أو لانقضاء المدة المحددة فى القانون لرفعها ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الاجراءات من جهة ولا بالدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى" فالمقصود اذن هو عدم القبول الموضوعى فلا تنطبق القاعدة الواردة فى المادة 142 مرافعات على الدفع الشكلى الذى يتخذ اسم عدم القبول كما هو الحال فى الدفع المطروح لأن العبرة بحقيقة الدفع ومرماه وليس بالتسمية التى يطلقها عليه الخصوم - ومتى تقرر ان هذا الدفع هو من الدفوع الشكلية وكان البطلان الذى يترتب على جمع مدعين متعددين لا تربطهم رابطة فى صحيفة واحدة - على الرأى الذى يقول بالبطلان فى هذه الحالة - هو بطلان نسبى لا علاقة له بالنظام العام فان هذا الدفع يكون شأنه شأن الدفع السابق بمعنى ان الحق فى التمسك به يسقط بعدم ابدائه قبل الكلام فى الموضوع ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفضه - فيما اقامه - على ان المطعون عليهما أبديا هذا الدفع فى مذكرة مقدمة لجلسة 17 من أبريل سنة 1955 بعد ان كانا قد أبديا فى جلسة 13 من مارس سنة 1955 دفاعهما فى موضوع الدعوى وطلبا أصليا الحكم بسقوط الحق فى دعوى الشفعة لتقديمها بعد الميعاد واحتياطيا رفضها ومن باب الاحتياط الكلى طلب تحقيق وضع يد ناجحة احدى طالبى الشفعة - وانه لذلك قد سقط حق المطعون عليهما فى ابداء هذا الدفع المعتبر من الدفوع الشكلية التى تسقط بعدم ابدائها قبل التكلم فى الموضوع - لما كان ذلك وكان هذا الذى قرره الحكم واقام عليه قضاءه صحيحا فى القانون ويكفى لحمل قضائه فى هذا الخصوص ولا جدوى بعد ذلك من النعى على الأسباب الأخرى التى أوردها الحكم فى مقام الرد على هذا الدفع لأنها تعتبر نافلة يستقيم الحكم بدونها لما كان ذلك فلا يكون للمطعون عليهم وجه فى التمسك بهذا الدفع من جديد أمام محكمة النقض بعد ان ثبت أن الحكم المطعون فيه كان محقا فى رفضه.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه فى سببين يتحصل أولهما فى مخالفة القانون ذلك أن محكمة الاستئناف إذ ألغت حكم محكمة الدرجة الأولى القاضى بعدم قبول الدعوى لبطلان صحيفتها لأنها رفعت بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم رابطة كان يتعين عليها أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فى موضوعها أما وقد تصدت لهذا الموضوع فإنها تكون قد خالفت قواعد قانون المرافعات بما يجعل حكمها باطلا ويقول الطاعنون فى بيان ذلك إن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم رابطة تسوغ قبول الدعوى منهم مجتمعين هو دفع شكلى لأنه موجه إلى شكل الدعوى وإجراءاتها وليس كما صوره المطعون عليهما اللذان أبدياه دفعا موضوعيا بعدم القبول مما تنص عليه المادة 142 مرافعات وقد سلمت محكمة الاستئناف فى أسباب حكمها المطعون فيه بأن هذا الدفع هو دفع شكلى وألغت الحكم الابتدائى فيما قضى به من قبوله ورفضت هذا الدفع تأسيسا على أن الحق فيه قد سقط لعدم إبدائه قبل التكلم فى الموضوع ولكنها بدلا من أن تعيد القضية إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل فى موضوعها انتقلت إلى بحث هذا الموضوع وفصلت فيه وبذلك تكون قد خالفت القانون وحرمت الطاعنين من حقهم فى التقاضى على درجتين وهو حق يتعلق بالنظام العام لا يجوز النزول عنه ولا يغض من شأنه هذه المخالفة لأحكام القانون ألا يكون الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة بل ولا أن يطلبوا منها الحكم منها الحكم فى موضوع الدعوى بحالتها.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه وقد تبين مما سلف بيانه عند الرد على الدفع الثانى من دفعى المطعون عليهم وهو الخاص بعدم قبول الدعوى لرفعها بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم رابطة أنه دفع شكلى وليس دفعا بعدم القبول مما ورد ذكره فى المادة 142 من قانون المرافعات - وقد سلم الحكم المطعون فيه بذلك وأقام قضاءه برفض هذا الدفع على أن الحق فى إبدائه قد سقط بعدم التمسك به قبل الكلام فى الموضوع - فإن محكمة الدرجة الأولى بقبولها هذا الدفع الشكلى والحكم بعدم قبول الدعوى تأسيسا على ذلك لا تكون قد استنفذت ولايتها فى نظر موضوع الدعوى فإذا استؤنف حكمها وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدفع فإنه يجب عليها فى هذه الحالة أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها لأن هذه المحكمة لما تقل كلمتها فيه ولا تملك محكمة الاستئناف التصدى لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجات التقاضى على الخصوم - ولما كان الحاصل فى الدعوى الحالية أن محكمة الاستئناف قد خالفت هذا النظر وتصدت لموضوع الدعوى وفصلت فيه بعدم جواز الشفعة لطلبها على خلاف قاعدة عدم التجزئة فإن حكمها يكون مخالفا للقانون وباطلا ولا يزيل هذا البطلان أن الطاعنين لم يتمسكوا أمامها بطلب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة ذلك أن مبدأ التقاضى على درجتين هو من المبادئ الأساسية للنظام القضائى التى لا يجوز للمحكمة مخالفتها ولا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث السبب الآخر.


(1) الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة دفع موضوعى (نقض مدنى 25/ 1/ 1962 فى الطعن 350 سنة 26 ق).
(2) راجع نقض مدنى 19/ 2/ 1943 فى الطعن رقم 38 سنة 11 ق ونقض 28/ 3/ 1935 فى الطعن رقم 49 سنة 4 ق.