أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 528

جلسة 28 من ابريل سنة 1962

برياسة السيد/ المستشار محمد متولى عتلم، وبحضور السادة المستشارين/ محمد زعفرانى سالم، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسى.

(80)
الطعن رقم 362 لسنة 26 القضائية

( أ ) التزام. "انقضاء الالتزام". "التجديد والإنابة". "الإنابة القاصرة".
تجديد الالتزام لا يفترض وجوب الاتفاق عليه أو أن يستخلص بوضوح من الظروف. اتفاق الدائن مع الغير على حلوله محل المدين فى الوفاء بالدين. قبول الدائن تنازله عن جزء من الدين فى حالة سداد ذلك الغير الجزء الآخر تنازل معلق على شرط فاسخ. خلو الاتفاق مما يدل صراحة على تجديد الالتزام تجديدا من شأنه إبراء المدين الأصلى. هذا الاتفاق ينطوى على إنابة قاصرة انضم بمقتضاها مدين جديد إلى المدين الأصلى. للدائن أن يرجع على أحدهما بكل الدين دون أن يكون لأيهما حق التجريد.
(ب) تاجر "صفة التاجر". شروطها. موظف. "حظر اشتغاله بالتجارة".
من يمارس الأعمال التجارية باسمه على وجه الاحتراف والاستقلال، تاجر بالمعنى القانونى. لا يمنع من ذلك كونه موظفا من موظفى الحكومة المحظور عليهم قانونا الاشتغال بالتجارة ما دام أنه خالف هذا الحظر ومارس التجارة على وجه الاحتراف.
(ج) إفلاس. "التوقف عن الدفع". "المنازعة الجدية فى الدين".
لا يشترط للحكم باشهار الافلاس تعدد ديون المدين التى توقف عن الوفاء بها. يجوز إشهار الافلاس ولو ثبت توقف المدين عن وفاء دين واحد. منازعة المدين فى أحد ديونه لا تمنع - ولو كانت جدية - من إشهار إفلاسه لتوقفه عن دفع دين آخر ثبت أنه دين تجارى حال الأداء معلوم المقدار وخال من النزاع الجدى.
(د) نقض. "أسباب الطعن". "دفاع يخالطه واقع". محكمة الموضوع. إفلاس.
عدم تمسك المدين أمام محكمة الموضوع بأنه اعتزل التجارة وأنه لم يكن متوقفا عن الدفع وقت اعتزاله لها. عدم جواز إثارة هذا الدفاع - وهو دفاع يخالطه واقع - أمام محكمة النقض لأول مرة.
(هـ) إثبات. "الإثبات بالقرائن". القرائن القضائية. محكمة الموضوع.
لقاضى الموضوع السلطة المطلقة فى استنباط القرائن التى يعتمد عليها فى تكوين عقيدته. جواز استنباط القرائن من أى تحقيق قضائى أو إدارى.
1 - تجديد الالتزام لا يفترض بل يجب أن يتفق عليه صراحة أو أن يستخلص بوضوح من الظروف (م 354 مدنى) فإذا كان الدائن قد اتفق مع الغير على حلوله محل المدين فى الوفاء بالدين وعلى أنه إذا سدد جزءا من الدين تنازل الدائن عن الباقى تنازلا معلقا على شرط فاسخ هو سداد ذلك الجزء فى ميعاد معين، بحيث إذا لم يتم السداد فى الميعاد عاد للدائن حقه فى مطالبة المدين الأصلى بجميع الدين، وكان هذا الاتفاق خلوا مما يدل دلالة واضحة على اتفاق أطرافه على تجديد الدين بتغيير المدين تجديدا من شأنه أن يبرئ ذمة المدين الأصلى فإن الاتفاق لا يكون منطويا على تجديد الدين وإنما على إنابة قاصرة انضم بمقتضاها مدين جديد إلى المدين الأصلى ولا تبرأ بها ذمة المدين إلا إذا وفى أحدهما الدين، وللدائن أن يرجع على أيهما بكل الدين دون أن يتقيد فى هذا الرجوع بترتيب معين ولا يجوز لمن يحصل الرجوع عليه منهما أن يدفع بحق التجريد(1).
2 - متى كان الشخص يمارس الأعمال التجارية باسمه على وجه الاحتراف والاستقلال فإنه يصدق عليه وصف التاجر بمعناه القانونى، ولا يحول دون ذلك أن يكون موظفا من موظفى الحكومة الذى تحظر القوانين واللوائح عليهم الاشتغال بالتجارة ما دام أنه قد خالف هذا الحظر ومارس التجارة على وجه الاحتراف(2).
3 - لا يشترط القانون للحكم بإشهار الإفلاس تعدد الديون التى يتوقف المدين عن الوفاء بها بل يجيز شهر إفلاس المدين ولو ثبت توقفه عن وفاء دين واحد ومن ثم فإن منازعة المدين فى أحد الديون، لا تمنع - ولو كانت منازعة جدية - من شهر إفلاسه لتوقفه عن دفع دين آخر ثبت للمحكمة أنه دين تجارى حال الأداء ومعلوم المقدار وخال من النزاع الجدى(3).
4 - إذا كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأنه اعتزل التجارة وأنه لم يكن متوقفا عن الدفع وقت اعتزاله لها فليس له أن يثير ذلك - وهو دفاع يخالطه واقع - لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لقاضى الموضوع السلطة المطلقة فى استنباط القرائن التى يعتمد عليها فى تكوين عقيدته ولا تثريب عليه إذا هو استنبط القرينة من أى تحقيق قضائى أو إدارى أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين فى هذا التحقيق(4).


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 440 سنة 1953 إفلاس مصر ضد الطاعن طالبا الحكم بإشهار إفلاسه لتوقفه عن دفع دين له فى ذمته قدره سبعمائة جنيه استحق الأداء فى 30 مايو سنة 1953 وثابت بإقرار الطاعن فى عقد الاتفاق المحرر بينهما فى 11 مارس سنة 1953 وقال المطعون عليه إن الطاعن توقف أيضا عن دفع ديون أخرى عليه له وأن مجموع ما يداينه به هو مبلغ 4240 جنيها وأنه حدث أن تدخل صديق للطاعن يدعى عبد الله الشلح والتزم بسداد مبلغ 3540 جنيها من هذا الدين على أن يتنازل المطعون عليه الأول عن الباقى وقدره 700 جنيه تنازلا معلقا على شرط قيام عبد الله الشلح بسداد مبلغ الـ 3540 جنيها فإذا لم يتم هذا السداد يعود إلى المطعون عليه حقه فى مطالبة المدين الأصلى وهو الطاعن بجميع الدين بما فيه السبعمائة جنيه التى كان قد تنازل عنها وأنه لما كان عبد الله الشلح هذا لم يوف المبلغ الذى التزم بوفائه وتبين عدم وجود رصيد له فى البنك المسحوب عليه الشيك الذى كان قد حرره لأمر المطعون عليه بهذا المبلغ وكان الطاعن قد توقف عن دفع مبلغ السبعمائة جنيه كما توقف عن دفع باقى الدين رغم مطالبته مرارا بالسداد - فقد رفع المطعون عليه هذه الدعوى طالبا شهر إفلاسه - دفع الطاعن بأنه موظف بوزارة المالية وليس تاجرا ولم يسبق له الإشتغال فى التجارة كما نازع فى مديونيته بمبلغ السبعمائة جنيه على أساس أن الحساب صفى بينه وبين المطعون عليه الأول فى 12 فبراير سنة 1953 وأسفر عن مديونيته لهذا المطعون عليه بمبلغ 3890 جنيها حرر به شيكات لأمر دائنه المذكور ولما لم يدفع قيمة هذه الشيكات وطالبه المطعون عليه بالسداد تقدم عباس الشلح واتفق مع الأخير بعقد اتفاق تاريخه 11 مارس سنة 1953 على أن يحل محل الطاعن فى هذا الدين وحرر للمطعون عليه شيكا بالمبلغ عدا 700 جنيه تنازل عنها الأخير تنازلا معلقا على شرط الوفاء بباقى الدين فى الميعاد وانه إذا كان عباس لم يوف المطعون عليه قيمة هذا الشيك إلا أنه يعتبر بمقتضى الإتفاق الذى عقد بينهم الملتزم وحده بهذا الدين لأن هذا الإتفاق يعتبر مبرئا لذمة الطاعن - وبتاريخ 17 مارس سنة 1953 حكمت محكمة القاهرة الإبتدائية بإشهار إفلاس الطاعن وجعل أول مارس سنة 1953 تاريخا مؤقتا للتوقف عن الدفع - استأنف الطاعن هذا الحكم بالإستئناف رقم 697 إفلاس سنة 70 ق وبنى استئنافه على أنه ليس تاجرا وأن الدين متنازع عليه وقد حل محله فيه عباس الشلح وهو ملئ ويمكن الرجوع عليه وأنه لا يجوز للمطعون عليه مطالبته بمبلغ السبعمائة جنيه التى سبق أن تنازل عنها. وبتاريخ 13 من أبريل سنة 1954 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 16 يوليه سنة 1956 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التى طلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص بجلسة 28 يونيه سنة 1960 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 22/ 3/ 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه فى خمسة أسباب يتحصل أولها فى الخطأ فى الإسناد وفى مخالفة قانون العقد ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن حلول عباس الشلح محله فى الدين بمقتضى اتفاق 11 مارس سنة 1953 يمثل تجديدا للدين بتغيير المدين ويستتبع بالتالى انقضاء مديونية الطاعن أو بالأقل تعديل مركزه من مدين أصلى إلى ضامن غير متضامن له حق الدفع بالتجريد ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع بمقولة إن نصوص عقد الإتفاق المذكور تدل على أن المطعون عليه الأول قد احتفظ بحقه فى الرجوع على الطاعن عند عدم تسديد الشلح له دينه كما أن له الرجوع عن وعده بالتنازل عن مبلغ الـ 700 جنيه ولذلك احتفظ بالشيكات المحررة على الطاعن وقد نكل الشلح عن اتفاقه ولم يدفعه شيئا - ويقول الطاعن إن هذا الذى قرره الحكم مخالف للثابت فى نصوص الاتفاق المشار إليه والتى لا تدل على التزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ الـ 700 جنيه المتنازل عنها تحت شرط قيام الشلح بسداد الشيك المسحوب لأمر هذا المطعون عليه بباقى الدين ذلك أن هذا التنازل - كما تفيد العبارة التى صيغ فيها - كان مقصودا به الشلح وحده تقديرا لتدخله بين الطرفين ولم يكن مقصودا به الطاعن وأن المطعون عليه الأول إنما احتفظ بالنسبة للشلح وحده بحقه فى الرجوع بمبلغ الـ 700 جنيه ولا يفيد احتفاظ المطعون عليه بالشيكات المسحوبة لأمره من الطاعن أنه قد احتفظ بحق الرجوع على الطاعن بقيمتها وإلا لنص فى الاتفاق صراحة على هذا المعنى وأنه على أسوأ الفروض بالنسبة للطاعن فإنه يعتبر ضامنا غير متضامن للشلح فى سداد الدين ويملك بهذه الصفة الدفع بالتجريد ولا ينال من هذا النظر العبارة الواردة فى الاتفاق والتى تفيد احتفاظ المطعون عليه بجميع حقوقه قبل الطاعن والشلح لأن هذه العبارة عبارة تقليدية عامة لا تفيد حقا بعينه وقد خصصتها النصوص السابقة عليها والتى نصت على حلول الشلح محل الطاعن فى سداد الدين كاملا ومقتضى هذا الحلول استبعاد الطاعن كمدين بعد أن استبدل به مدين جديد وأنه بفرض أن تلك العبارة تفيد احتفاظ المطعون ضده الأول بحق الرجوع على الطاعن بمبلغ الـ 700 جنيه المتنازل عنها تحت شرط سداد باقى الدين فإن ذلك لا يعنى مديونية الطاعن للمطعون عليه بهذا المبلغ ذلك أن الشرط الذى اقترن به هذا التنازل ليس هو الشرط المعتبر وصفا مؤثرا فى وجود الالتزام أو بقائه بحيث إذا تحقق زال التنازل بأثر رجعى وإنما هو شرط تهديدى أو جزائى مقصود به حث المدين على الوفاء فى الميعاد فإذا تأخر المدين ظل التنازل مع ذلك قطعيا لا رجعة فيه واقتصر حق الدائن على مطالبة المدين بتعويض الضرر الذى نتج عن تأخيره فى الوفاء وانتهى الطاعن فى هذا السبب إلى أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن اتفاق 11 مارس سنة 1953 صريح أو دال على احتفاظ المطعون عليه الأول بحقه فى الرجوع على الطاعن بمبلغ الـ 700 جنيه التى سبق التنازل عنها تحت شرط سداد باقى الدين فى الميعاد قد أخطأ فى الإسناد وخالف الثابت فى الأوراق وصرف ظاهر عبارات الاتفاق إلى معنى لا تحتمله فمسخ مقصود العاقدين وأخطأ بالتالى فى تطبيق قانون العقد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن الخاص بعدم أحقية المطعون عليه فى مطالبته بالدين وعلى الأخص بمبلغ ال 700 جنيه الذى سبق أن تنازل عنه - بقوله إن هذا الدفاع فى غير محله إذ أن نصوص عقد الإتفاق المؤرخ 11 مارس سنة 1953 تدل على أن المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) محتفظ بحقه فى الرجوع على المستأنف (الطاعن) عند عدم تسديد الشلح له دينه كما أن له الرجوع عن وعده بالتنازل عن مبلغ ال 700 جنيه ولذلك احتفظ بالشيكات المحررة على المستأنف وفعلا قد نكل الشيح عن اتفاقه ولم يدفع شيئا - ولما كان يبين من عقد اتفاق 11 مارس سنة 1953 المقدمة صورته بملف الطعن والموقع عليه من الطاعن والمطعون عليه الأول وعباس الشلح أن الأخير قبل أن يحل محل الطاعن فى سداد كامل الدين الذى فى ذمته للمطعون عليه الأول والذى حدد فى هذا العقد بمبلغ 4240 جنيها - منه مبلغ 3890 جنيها محرر به أربعة شيكات مسحوبة من الطاعن لأمر المطعون عليه استحق أولها وهو بمبلغ 890 جنيها فى أول مارس سنة 1953 ولم يسدد - ونص فى العقد على أنه تقديرا من المطعون عليه لتدخل الشلح تنازل بصفة مؤقتة عن مبلغ 700 جنيه من مجموع الدين تنازلا معلقا على شرط الوفاء بالدين فى الميعاد المحدد وهو 30 مايو سنة 1953 وأنه بذلك أصبح الدين المستحق بعد هذا التنازل هو 3540 جنيها حرر به الشلح شيكا على بنك باركليز بتاريخ 30 مايو سنة 1953 وأنه إذا لم تسدد قيمة هذا الشيك فى هذا الميعاد يكون حق المطعون عليه قائما فى مبلغ ال 700 جنيه التى سبق له التنازل عنها وأن الأطراف الثلاثة اتفقوا على أن يحتفظ المطعون عليه بالشيكات التى تحت يده على الطاعن ومن بينها الشيك المؤرخ أول مارس سنة 1953 والمسحوب على بنك مصر بمبلغ 890 جنيها والذى أفاد البنك بخصوصه بعدم وجود رصيد للطاعن - على أن يحتفظ (المطعون عليه) بجميع حقوقه قبل الطرفين الثانى والثالث (الطاعن والشلح) - ولما كان تجديد الالتزام لا يفترض بل يجب أن يتفق عليه صراحة أو أن يستخلص بوضوح من الظروف (م 354 مدنى) وكان عقد 11 مارس سنة 1953 سالف الذكر خلوا مما يدل دلالة واضحة على اتفاق أطرافه على تجديد الدين بتغيير المدين تجديدا من شأنه أن يبرأ ذمة المدين الأصلى (الطاعن) بل إن ما نص عليه فى هذا العقد من احتفاظ المطعون عليه بجميع حقوقه قبل هذا الطاعن واحتفاظه أيضا بالشيكات التى كان الطاعن قد سحبها لأمره بالدين قبل تاريخ الإتفاق المشار إليه ولم يوفه قيمتها. ذلك يدل بوضوح على أن المطعون عليه لم يقصد إلى إبراء ذمة الطاعن من الدين وأن العقد لا ينطوى على تجديد وإنما على إنابة قاصرة إنضم بمقتضاها مدين جديد إلى المدين الأصلى ولا تبرأ بها ذمة المدين إلا إذا وفى أحدهما الدين وللدائن أن يرجع على أيهما بكل الدين ولا يتقيد فى هذا الرجوع بترتيب معين ولا يجوز لمن يحصل الرجوع عليه منهما أن يدفع بحق التجريد ولما كان الثابت أن الشلح وهو المدين الجديد لم يوف المطعون عليه شيئا من دينه عند حلول الأجل المحدد للوفاء فان هذا الدين جميعه يكون مستحقا فى ذمة الطاعن بما فى ذلك مبلغ السبعمائة جنيه الذى كان قد نزل عنه المطعون عليه نزولا ذكر عنه فى عقد الإتفاق أنه تنازل مؤقت ومعلق على شرط الوفاء بالدين فى الميعاد المحدد وهو 30 مايو سنة 1953 وأنه إذا لم يتم الوفاء فى هذا الميعاد يكون حق المطعون عليه قائما فى هذا المبلغ الذى سبق له التنازل عنه - مما اعتبر معه الحكم أن عدم تحقق الوفاء فى ميعاده يترتب عليه زوال هذا النزول وهو اعتبار صحيح يتفق مع اعمال أثر الشرط الفاسخ الذى اقترن به نزول الدائن - على ما يفيد مدلول عبارات الإتفاق.
وحيث إنه لذلك فان الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بمنازعة الطاعن فى دين المطعون عليه الأول المطلوب شهر افلاس الطاعن من أجل التوقف عن دفعه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه شابه قصور فى التسبيب فيما دلل به على احتراف الطاعن التجارة ذلك أنه اعتمد فى نسبة صفة التاجر إليه على أمور لا تصلح دليلا على احتراف التجارة وسرد الطاعن فى تفصيل الأسباب التى ساقها الحكم فى هذا الخصوص وقال إن اتفاق 11 مارس سنة 1953 وإن تضمن أن مديونيته للمطعون عليه الأول هى نتيجة عمليات تجارية قام بها لصالح هذا المطعون عليه إلا أن هذا الاتفاق لم يحدد هذه العمليات التجارية حتى يمكن التحقق من صحة وصفها بأنها تجارية كما أنه لم يبين إن كانت هذه العمليات قد بوشرت باسم ولحساب الطاعن فينطبق عليه عندئذ وصف التاجر أو أنها بوشرت باسم ولحساب المطعون عليه وعندئذ فلا يصح هذا الوصف وقال الطاعن عن خطاب 3 ديسمبر سنة 1953 المرسل منه إلى المطعون عليه والذى اعتمد عليه الحكم المطعون عليه فى اعتباره تاجرا أن ما ورد فى هذا الخطاب من أن له شريكا فضلا عن أنه لا يعتبر إقرارا منه يحتج به فان المشاركة قد تكون فى عملية مدنية لا تصلح أساسا لاعتباره محترفا التجارة وقال عن أقوال شقيقه فى تحقيقات النيابة التى استدل بها الحكم المطعون فيه على هذا الاحتراف إنها لا تنهض دليلا على ذلك لأنها وقعت فى غير مجلس القضاء وبغير يمين فى غيبة الطاعن ولم يبين الشاهد العمليات التى وصفها بأنها تجارية وأن الطاعن شريك فيها مع رمضان عبد الهادى وذكر الطاعن عن استناد الحكم إلى أقواله فى تحقيق النيابة التى تضمنت أنه مساهم فى شركة الأمانة وأن هذه الشركة هى شركة تضامن ان الحكم لم يحدد موضوع هذه الشركة وهل هى شركة مدنية أم تجارية مفترضا أن كل شركة تضامن هى شركة تجارية وهو افتراض غير صحيح - كذلك ما استند إليه الحكم من وجود بعض فواتير وايصالات باسم الطاعن خاصة بمحل البقالة المقيد فى السجل التجارى باسم زوجته هذا الاستناد قال الطاعن عنه إنه غير صحيح ولا يتفق مع ما تدل عليه أوراق الدعوى من أن هذا المحل ملك لزوجته وأضاف أن تدليل الحكم على استقلاله بمباشرة الأعمال التجارية لحسابه وعلى نفى صفة الوسيط عنه تدليل غير صحيح بنى على استنتاجات غير سائغة وأخيرا يعيب الطاعن فى هذا السبب على الحكم المطعون فيه القصور فى تسبيب شرط احترافه التجارة متميزا عن شرط الاعتياد ذلك أنه لم يستظهر توافر الشرط الأول مع أنه إذا باشر الشخص أعمالا تجارية لا صلة بينها فانه يكون معتادا مباشرة الأعمال التجارية ولكنه لا يكون مزاولا لحرفة التجارة وبذلك يخرج عن عداد التجار الذى يجوز شهر افلاسهم.
وحيث إن هذا النعى بجميع ما تضمنه مردود بأن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن المؤسس على أنه ليس تاجرا بل هو موظف بوزارة المالية ولا يشتغل فى التجارة بما يأتى "وحيث انه قد جاء بالحكم المستأنف تأييدا لاحتراف المستأنف لمهنة التجارة (1) ما ورد فى عقد الاتفاق المؤرخ 11 مارس سنة 1953 المحرر من المستأنف (الطاعن) والمستأنف عليه (المطعون عليه الأول) والحاج عباس الشلح من أن المستأنف عليه يداين المستأنف بمبالغ مبينة بالعقد نتيجة لعمليات تجارية قام بها المستأنف لصالح المستأنف عليه (2) ما ورد فى خطاب المستأنف إلى المستأنف عليه بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1953 من "أن البضاعة لا زالت عند كريازى حتى الآن وستشحن إن شاء الله خلال هذه الأيام لأنى والله ثلاثا وكذلك شريكى فى غاية الاحتياج إلى نقدية - وسبب ذلك عدم الدفع حتى الآن هو حالة السوق نفسه وذلك قوة قاهرة" (3) ما ورد على لسان المستأنف (الطاعن) فى تحقيق نيابة عابدين المؤرخ 17 يونيه سنة 1953 والمحاضر التالية من أنه دخل فى معاملات لصالح المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) بمقتضى شيكات الأخير للأول حتى أن المستأنف عليه شكره على العملية التى "خلصت" فى 14/ 2/ 1952 ثم طلب منه أن يجدد معه التعامل فأخذ منه شيكا بمبلغ 2500 جنيه على أساس تشغيلها فى التجارة وبعد شهرين قابله وسأل المستأنف عليه عما إذا كان يريد مبلغه أو يحب أن يستمر ويأخذ الذى يستحقه عن العملية فى الشهر فطلب منه الأرباح فأعطاه شيكا بمبلغ 100 جنيه على أن يخصم له قيمة أرباح الشهرين والزائد منها له وفى هذه اللحظة ظهر للمستأنف عليه انهم "ماشيين" فى عملية الولفروم - وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المستأنف كان يحترف التجارة وشريكا وله أكثر من عملية تجارية وقد قرر المستأنف عليه فى التحقيقات سالفة الذكر أن المستأنف قابله برمضان عبد الهادى وأطلعاه على مستندات تثبت علاقتهما كشريكين وأن هناك تراخيص لهما بتصدير مادة الولفروم وحيث ان طريقة معاملة المستأنف للمستأنف عليه ودفعه الأرباح تدل على أنه شريك فى بعض الأرباح ويتصرف فى العمل لا وسيط لينفع أصدقاءه وهو معترف بالخطاب المؤرخ 3 ديسمبر سنة 1953 أنه شريك فى التجارة وفى منجم الولفروم مع رمضان عبد الهادى كما أنه يقرر فى التحقيقات ما يؤيد صدق رواية المستأنف عليه من أنه تفاوض مع الأخير للحصول على مبلغ الـ 2500 جنيه فى حضور رمضان عبد الهادى... يؤيد هذا القول أيضا ما قرره أخ المستأنف - على الصياد - فى التحقيقات إذ ذكر أنه لم يكن يعرف الصلة بين أخيه محمد وبين رمضان عبد الهادى فى أول الأمر ثم علم انهما مشتركان فى عمليات تجارية كما أن المستأنف معترف أيضا فى هذه التحقيقات نفسها أنه مساهم فى شركة الأمانة والشركة فيما بينهم شركة تضامن وقد ثبت من الاطلاع على المستخرج الرسمى من السجل التجارى أن محل تجارة البقالة بشارع.... هو باسم هدى ابراهيم زوجته من يونيه سنة 1950 وقد ظهر من الفواتير المؤرخة 5/ 9/ 1950، 20/ 7/ 1951، 6/ 11/ 1951، 15/ 12/ 1951 والمقدمة من وكيل الدائنين أن هذا المستأنف كان يشترى لهذا المحل باسمه البضائع كما أنه كان يدفع إيجار هذا الدكان بايصالات باسمه هو وقد نقلت رخصت هذا الدكان بعد الحكم الابتدائى بافلاس المستأنف إلى آخر فى 9/ 11/ 1953 ولا تعير المحكمة التفاتا إلى صورة التحقيق الذى قدمه المستأنف المؤرخ 15/ 3/ 1952 ليثبت أن زوجته هى المالكة فقط للمحل باخشابه وقد أجرته إلى أحمد الصياد فان هذا الادعاء إنما كان لتفادى مسئولية زوجة المستأنف عن بيع العامل فى المحل أرزا بأزيد من التسعيرة - ثم انه ثابت أيضا من عقد الاتفاق المؤرخ 13/ 3/ 1953 المحرر بين الأستاذ محمود صادق يونس والسيدة زوجته والسيدة كريمته وبين محمد جاد الله المستأنف أنه قد استلم منهم 5586 جنيها للمساهمة معه فى بعض الأعمال التجارية وأنه قرر لهم أنه لم يوفق فى هذه الأعمال التوفيق الذى كان يتوقعه وقد رأى أفراد الطرف الأول أن يشاركوه فى بعض ما تحمله فى مشروعاته بالتنازل عن مبلغ 1086 جنيها من مجموع دينهم - وهذا يدل دلالة صريحة على أن المستأنف (الطاعن) إنما يشتغل فى التجارة على نطاق واسع وأنه له مشروعات تحمل خسارة من أجلها ولو كان وسيطا كما يقول لأحال هؤلاء الذين يلاحقونه ويطالبونه بأموالهم على أصحاب الأعمال الذين أعطاهم هذه الأموال".
وحيث إن هذه الأدلة والقرائن من شأنها أن تؤدى فى مجموعها إلى ما خلصت إليه المحكمة من أن الطاعن يمارس الأعمال التجارية باسمه على وجه الاحتراف والاستقلال ومن ثم يصدق عليه وصف التاجر بمعناه القانونى - ولا يحول دون اعتباره تاجرا أن يكون موظفا من موظفى الحكومة الذين تحظر القوانين واللوائح عليهم الاشتغال بالتجارة ما دام أنه قد خالف هذا الحظر ومارس التجارة على وجه الاحتراف أما عن النعى بأن الحكم المطعون فيه اعتمد على أقوال الطاعن وأقوال أخيه فى تحقيقات النيابة فمردود بأن لقاضى الموضوع السلطة المطلقة فى استنباط القرائن التى يعتمد عليها فى تكوين عقيدته وأنه لا تثريب عليه إذا هو استنبط القرينة من أى تحقيق قضائى أو إدارى أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين فى هذا التحقيق - والذى يبين من الحكم المطعون فيه أنه اتخذ من الأقوال الواردة فى تحقيق النيابة مجرد قرينة أضافها إلى القرائن الأخرى التى اعتمد عليها فى تكوين عقيدته فى هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى تسبيب توقفه عن الدفع بالمعنى الذى يتطلبه القانون لشهر الإفلاس وفى بيان ذلك يقول إن مجرد الامتناع عن الدفع من جانب التاجر لا يعتبر توقفا عن الدفع يجيز شهر إفلاسه إلا إذا كان هذا الامتناع ينبئ عن مركز مالى مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه للخطر أما إذا كان الامتناع ناشئا عن ضائقة وقتية أو عارضة لا تلبث أن تزول بزوال سببها فإنه لا يكون متوقفا عن الدفع وبالتالى لا يجوز شهر إفلاسه. ولم يستظهر الحكم استظهارا كافيا جميع هذه العناصر التى يتطلبها القانون لقيام التوقف عن الدفع واستخف بإنكار الطاعن مديونيته للمطعون عليه بمبلغ السبعمائة جنيه كما لم يحفل لادعائه بطلان اتفاق 11 مارس سنة 1953 لصدوره منه تحت تأثير تهديده من المطعون عليه بتبليغ النيابة ضده لسحبه شيكا بلا رصيد مكتفيا بالرد على هذا الادعاء بأنه لم يقم عليه دليل مع أن الدليل مستمد من نصوص الاتفاق ذاته والتى تدل على أن المطعون عليه قد احتفظ بالشيكات المسحوبة من الطاعن لأمره ومن بينها الشيك الذى أفاد البنك بعدم وجود مقابل وفاء له ثم إن الحكم لم يحدد طبيعة دين المطعون عليه الأول قبل الطاعن وهل هو دين تجارى يصلح الامتناع عن الوفاء به أساسا للتوقف عن الدفع أم هو دين مدنى لا يصلح أساسا لهذا التوقف كما لم يعن الحكم بتحديد مدلول امتناع الطاعن عن دفع دين المطعون عليه وهل هذا الامتناع يدل على اضطراب خطير فى ائتمان الطاعن أم هو نتيجة اضطراب عارض أصاب مركزه المالى ولا يلبث أن يزول بزوال سببه مع أهمية هذا البيان لسلامة الحكم.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم الابتدائى الذى أحال إليه الحكم المطعون عليه قال فى أسبابه "وحيث إنه لما تقدم يكون المدعى عليه (الطاعن) كما يظهر من أوراق الدعوى قد تأخر عن سداد دين تجارى مستحق الأداء معلوم المقدار خال من النزاع وثبت تأخره هذا من توقفه عن الدفع رغم مطالبته ومن رفع هذه الدعوى وعدم دفعها بأى دفاع سليم ينفى صحة تأسيسها ويتعين قبولها والقضاء بإشهار إفلاسه تطبيقا للمادتين 195 و196 تجارى مع تحديد يوم اول مارس سنة 1953 تاريخا مؤقتا للتوقف عن الدفع وهو يوم استحقاق الشيك المحرر من المدعى عليه (الطاعن) لصالح المدعى (المطعون عليه الأول) والذى اتضح عدم وجود رصيد مقابل لذلك فى البنك المسحوب عليه الشيك المذكور". وأضاف الحكم المطعون عليه فى هذا الخصوص بعد أن بين عدم جدية منازعة الطاعن فى دين المطعون عليه الأول قبله "أن المبلغ المستحق للمطعون عليه هو مبلغ 4240 جنيها فلو نقص منه مبلغ 450 جنيها قيمة دين زوجة المطعون عليه فى ذمة الطاعن - والذى ادعى الأخير بأن الأول أدخله على دينه بغير حق لبقى مبلغ كبير لم يسدده الطاعن مع المبالغ التى تقدم بها وكيل الدائنين وقد بلغت حسب تقريره المؤرخ 15 فبراير سنة 1954 13154 ج و994 م هو متوقف عن دفعها جميعا وهى ديون جميعها حالة معلومة المقدار مستحقة الأداء خالية من النزاع" - وهذا الذى قرره الحكمان المذكوران يكفى للتدليل على قيام حالة التوقف عن الدفع بالمعنى الذى يتطلبه القانون لشهر الإفلاس إذ أنه يفيد أن هذا التوقف هو مما يزعزع ائتمان الطاعن وتتعرض به حقوق دائنيه للخطر ولما كان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أن عدم وفائه بدين المطعون عليه الأول يرجع إلى ضائقة وقتية حلت به - وقد استمر توقفه عن دفع هذا الدين طوال نظر الدعوى أمام محكمتى الموضوع وإلى أن صدر الحكم المطعون فيه دون أن يبدى أى استعداد للوفاء بشئ من هذا الدين فليس له بعد ذلك أن يعيب على محكمة الموضوع أنها لم تبحث احتمال قيام هذه الضائقة الوقتية وتقول كلمتها صراحة فى هذا الاحتمال أما عن النعى على الحكم المطعون فيه لاطراحه منازعة الطاعن فى مديونيته بمبلغ السبعمائة جنيه التى كان قد نزل عنها المطعون عليه الأول فى اتفاق 11 مارس سنة 1953 فمردود بما سلف ذكره فى الرد على السبب الأول من أن الحكم بحث هذه المنازعة وقال كلمته فيها وانتهى فى أسباب سائغة إلى عدم جديتها - كذلك لا وجه لما يعيبه الطاعن على محكمة الموضوع من أنها لم تحفل لإدعائه ببطلان الاتفاق سالف الذكر لصدوره منه تحت تأثير الإكراه ذلك أن الحكم المطعون فيه بحث هذا الادعاء ورد عليه بقوله "وحيث إن إدعاء المستأنف (الطاعن) أنه أمضى اتفاق 11 مارس سنة 1953 تحت تهديد تقديمه للنيابة لعدم وجود رصيد يقابل الشيكات التى حررها للمستأنف عليه (المطعون عليه الأول) قول لم يقم عليه دليل بل بالعكس فإن الثابت من هذا العقد هو الواقع وقد حرره أشخاص لهم احترامهم ولهم صلة به وكانوا يريدون به الخير وليس هناك نزاع مطلقا فى الدين إذ أنه هو الذى حرر هذه الشيكات المدونة فى ذلك العقد وهو معترف بتحريرها وبمديونيته وهذا الذى قرره الحكم سائغ فى نفى الاكراه المدعى - أما قول الطاعن بأن الحكم لم يحدد طبيعة دين المطعون عليه الأول قبله وما إذا كان دينا تجاريا أو مدنيا فمردود بما سلف ذكره من أن الحكمين الابتدائى والاستئنافى أوراد فى أسبابهما بأن هذا الدين هو دين تجارى ناشئ عن معاملات تجارية.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه قصور فى خصوص تسبيب شرط التلازم بين احتراف التجارة والتوقف عن الدفع ذلك أنه لا يكفى لشهر الإفلاس أن يثبت احتراف المدين التجارة وتوقفه عن الدفع بالمعنى القانونى بل يجب فضلا عن ذلك أن يثبت تعاصر هذين الشرطين فإذا اعتزل المدين التجارة وهو غير متوقف عن الدفع ثم توقف بعد ذلك عن دفع ديون تجارية ترتبت فى ذمته أثناء احترافه التجارة فإنه لا يجوز شهر إفلاسه - ولم يتعرض الحكم المطعون فيه بكلمة لتوافر هذا الشرط اللازم لشهر الإفلاس.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأنه اعتزل التجارة وأنه لم يكن متوقفا عن الدفع وقت اعتزاله لها فليس له أن يثير هذا الدفاع الذى يخالطه واقع لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الأخير أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون فى ثلاثة أوجه (الأول) أنه أخطأ فى التكييف ذلك أن الحكم الابتدائى اعتبر أن عملية استخراج مادة الولفروم وتصديرها هى عملية تجارية ولم ينتبه الحكم المطعون فيه إلى هذا التكييف غير الصحيح بل تبناه مفترضا سلامته مع أن العملية المذكورة مدنية بطبيعتها لأنها تتصل باستغلال الثروة الطبيعية وتتم غير مسبوقة بشراء (الثانى) أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى اعتبار المنازعة الجدية فى مقدار الدين غير مانعة من توافر شرط التوقف عن الدفع ذلك أنه جاء فيه ردا على منازعة الطاعن فى مديونيته بمبلغ الأربعمائة وخمسين جنيها المشار إليها فى اتفاق 11 مارس سنة 1953 على أنها دين لزجة المطعون عليه الأول فى ذمة الطاعن - أنه لو استبعد هذا المبلغ من دين المطعون عليه لبقى مبلغ كبير لم يسدده الطاعن مع المبالغ التى تقدم بها وكيل الدائنين وهذا القول من جانب الحكم لا يصلح ردا على تلك المنازعة لأنه متى كان الدين متنازعا فى مقداره منازعة جدية امتنع شهر الإفلاس هذا إلى أن الحكم قد خالف القانون أيضا عندما اعتد فى تقديره لحالة التوقف عن الدفع بالديون المقدمة من وكيل الدائنين بعد شهر إفلاس الطاعن مع أن توقفه عن دفع هذه الديون أمر اضطرارى مفروض عليه نتيجة حكم شهر الإفلاس الذى يمنعه من وقت صدوره وبقوة القانون من الوفاء بما عليه من ديون (الوجه الثالث) أن الحكم أخطأ فى اعتباره أن تنازل المطعون عليه عن جزء من الدين تنازلا معلقا على شرط سداد الباقى فى الميعاد هو تنازل موصوف يجوز الرجوع فيه عند تحقق الشرط حالة أن الصحيح هو أن الشرط فى هذا الخصوص ليس شرطا فاسخا ولكنه شرط جزائى أو تهديدى مما يترتب عليه أن يبقى التنازل قطعيا لا رجعة فيه حتى ولو لم يتم الوفاء فى الميعاد.
وحيث إن هذا النعى فى وجهه الأول مردود بأنه وإن كان الحكم الابتدائى قد ذكر فى معرض تدليله على احتراف الطاعن التجارة أن عملية الولفروم عملية تجارية إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على احتراف الطاعن التجارة بعمليات أخرى تجارية قام بها وانتهى إلى أنه كان يقوم بأعمال تجارية متعددة وعلى نطاق واسع فإنه بفرض خطأ الحكم فى وصف عملية الولفروم بأنها عملية تجارية فإن هذا الخطأ غير مؤثر فى قضائه فلا جدوى من النعى به - ومردود فى وجهه الثانى بأنه لما كان القانون لا يشترط للحكم بإشهار الإفلاس تعدد الديون التى يتوقف المدين عن وفائها بل يجيز شهر إفلاسه ولو ثبت توقفه عن وفاء دين واحد فإن منازعة الطاعن فى مبلغ الأربعمائة وخمسين جنيها التى ورد ذكرها فى اتفاق 11 مارس سنة 1953 باعتبارها دينا لزوجة المطعون عليه الأول فى ذمة الطاعن - هذه المنازعة - وحتى بفرض جديتها - لا تمنع من شهر إفلاس الطاعن لتوقفه عن دفع دين المطعون عليه الأول بعد أن ثبت للمحكمة أنه دين تجارى حال الأداء معلوم المقدار وخاليا من النزاع الجدى أما ما يعيبه الطاعن على الحكم من تعويله على الديون التى تقدم بها وكيل الدائنين بعد الحكم بشهر إفلاسه فمردود بأن الحكم المطعون فيه لم يقض بشهر إفلاس الطاعن لتوقفه عن دفع تلك الديون وإنما من أجل توقفه عن دفع دين المطعون عليه الأول وإذا كان الحكم قد أشار إلى الديون التى تقدم بها وكيل الدائنين إلى محكمة الاستئناف فإنما جاءت هذه الإشارة العابرة لإظهار مبلغ اضطراب المركز المالى للطاعن وإصراره على عدم الوفاء بالديون التى فى ذمته.
وحيث إن النعى بالوجه الثالث من هذا السبب مردود بما سلف ذكره فى الرد على السبب الأول من أن الشرط الذى اقترن به نزول المطعون عليه عن مبلغ السبعمائة جنيه شرط فاسخ وليس شرطا تهديديا أو جزائيا.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.


(1) راجع فى تجديد الالتزام نقض 20/ 4/ 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 52 "تجديد الالتزام لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود من قبل ولا مما يحدث فى الالتزام من تفسير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته. تحرير سندات إذنية ببعض الدين الوارد بعقد اتفاق لا يستفاد منه تجديد الالتزام لا تعد الدعوى المرفوعة بها من دعاوى السندات الإذنية". وراجع فى الإنابة نقض 12/ 2/ 1959 مجموعة المكتب الفنى س 10 رقم 20 "لا يشترط فى الإنابة أن يكون المناب لديه طرفا فى الاتفاق الذى يتم بين المنيب والمناب كما لا يشترط فى القبول شكلا خاصا ولا وقتا معينا بل يكفى لقيامها بالنسبة للمناب لديه أن يقبلها ما دام لم يحصل العدول عنها من طرفيها" (م 359 مدنى جديد و187/ 2 مدنى قديم) وتراجع المادة 360/ 2 من القانون المدنى إذ نصت على أنه "..... لا يفترض التجديد فى الإنابة فاذا لم يكن هناك اتفاق على التجديد قام الالتزام الجديد إلى جانب الالتزام الأول".
(2) يراجع نقض جنائى 18/ 4/ 1961 فى الطعن 1359 سنة 30 ق "تقرير الاحتراف بالتجارة مسألة يترك الفصل فيها إلى محكمة الموضوع".
(3) راجع نقض مدنى 18/ 5/ 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 73 "لمحكمة الموضوع استخلاص وقائع التوقف عن الدفع. تكييف هذه الوقائع يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التى يتطلبها القانون لشهر الافلاس. المنازعة فى وجود دين طالب الافلاس لا يتحقق معها هذا التوقف" وراجع نقض 2/ 2/ 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 10 "الدفع بأن الدين المطلوب شهر افلاس الشركة من أجله متنازع فيه. قضاء الحكم بعدم جدية هذه المنازعة لأسباب سائغة. النعى بالقصور على غير أساس".
(4) راجع نقض 9/ 3/ 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 27.