أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 808

جلسة 14 من يونيه سنة 1962

برياسة السيد/ المستشار محمد متولى عتلم، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفرانى سالم، ومحمود القاضى، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين.

(121)
الطعن رقم 6 لسنة 27 القضائية

( أ ) بيع. "ضمان البائع". العيوب الخفية. "ماهيتها". "وقوع العقار المبيع داخل خط التنظيم".
يعتبر العيب خفيا متى كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصا، معينا، أو كان من السهل اكتشافه بالفحص المعتاد وأثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب، او أثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشا منه. مثال فى وقوع العقار المبيع داخل خط التنظيم من قبل حصول البيع.
(ب) بيع. "العيب الخفى". عقد. "الغلط فى المبيع". العلم النافى للجهالة.
مجال تطبيق المادة 419 من القانون المدنى هو حالة حصول غلط فى المبيع. حالة ظهور العيوب الخفية يحكمها نص المادة 447 من القانون المذكور. لا يمنع من طلب الفسخ للعيب الخفى أن يكون المشترى قد أقر عند تسلم المبيع بأنه عاينه معاينة نافية للجهالة.
(جـ) بيع "العيب الخفى". العلم المسقط لضمان البائع".
العلم المسقط لدعوى الضمان للعيب الخفى هو العلم الحقيقى دون العلم الافتراضى. نشر مرسوم اعتماد وقوع العقار المبيع داخل خط التنظيم بالجريدة الرسمية لا يدل بذاته على علم المشترى بهذا العيب.
(د) بيع. "العيب الخفى". "ضمان الاستحقاق". عقد "الفسخ القضائى".
استناد الحكم فى قضائه بفسخ البيع إلى وجود عيب خفى بالمبيع أكد البائع فى العقد خلوه منه، مما يعد إخلالا بالتزامه بألا يكون المبيع محملا بتكاليف أو مشوبا بعيب خفى وفقا للمادة 157/ 1 من القانون المدنى صحيح فى القانون.
(هـ) تعويض. تنظيم.
تعويض ملاك العقارات الخارجة عن خط التنظيم وفقا للقانون رقم 120 لسنة 1954 والدكريتو الصادر فى 26 أغسطس سنة 1889 هو مقابل منعهم من إجراء البناء. لا يشمل هذا التعويض قيمة العقار ومنفعته.
(و) حكم. "كفاية التسبيب". استئناف. "الحكم فى الاستئناف".
للمحكمة الاستئنافية أن تستند فى حكمها إلى الأسباب التى قام عليها الحكم الابتدائى وتحيل إليها. اعتمادها هذه الأسباب يجعل الحكم الابتدائى جزءا متمما للحكم الاستئنافى.
(ل) حكم. "عيوب التدليل". قصور. "ما لا يعد كذلك". بيع. "ضمان العيوب الخفية".
استخلاص الحكم من وقائع الدعوى وظروفها استخلاصا سائغا أن العيب الخفى الذى وجد بالمبيع يحمل المشتريين خسارة ونقصا فى قيمة المبيع ومنفعته وأنه لم يكن فى مقدورهما تبيان هذا العيب بعناية الرجل المعتاد. قضاؤه بالتعويض نظير ما فاتهما من كسب بفسخ العقد. لا قصور ولا مخالفة للقانون.
(م) "فوائد". بيع. "ثمار المبيع".
أخذ الحكم الاستئنافى بأسباب الحكم الابتدائى فى قضائه بفوائد الثمن المحكوم برده دون مناقشة دفاع البائع أمام المحكمة الاستئنافية من أن المحكوم له ينتفع بثمار العقار المبيع وهو دفاع جوهرى. قصور مبطل للحكم. عدم جواز الجمع بين ريع المبيع وفوائد ثمنه.
1 - يعتبر العيب خفيا متى كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه، أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصا معينا، أو كان من السهل اكتشافه بالفحص المعتاد وأثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب، أو أثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشا منه. فإذا كانت محكمة الموضوع قد حصلت - فى استخلاص سائغ - من فهم الواقع فى الدعوى وجود عيب خفى فى المبيع هو وقوعه داخل خط التنظيم من قبل حصول البيع وأن المشتريين لم يتبينا وجود هذا العيب عند التعاقد لأنه لا يمكن ظهوره بمجرد فحص المبيع ذاته وأنهما لم يكن فى استطاعتهما أن يتبيناه بأنفسهما وقت الشراء لو بذلا عناية الرجل المعتاد - وأنهما لو علما بهذا العيب عند التعاقد لما أقدما على الشراء وخاصة وقد أكد البائع خلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية ظاهرة أو مستترة - فإن ما انتهت إليه المحكمة لا مخالفة فيه للقانون.
2 - مجال تطبيق المادة 419 من القانون المدنى هو حالة حصول غلط فى المبيع، أما حالة ظهور العيوب الخفية فيحكمها نص المادة 447 من القانون المذكور. ومن ثم فلا يمنع من طلب الفسخ للعيب الخفى أن يكون المشترى قد أقر عند تسلم المبيع بأنه عاينه معاينة نافية للجهالة.
3 - العلم المسقط لدعوى الضمان للعيب الخفى هو العلم الحقيقى دون العلم الافتراضى، ومن ثم فإن نشر مرسوم اعتماد وقوع العقار المبيع داخل خط التنظيم بالجريدة الرسمية لا يدل بذاته على علم المشترى بهذا العيب.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه بفسخ البيع إلى وجود عيب خفى بالمبيع أكد البائع فى العقد خلوه منه مما يعد إخلالا بالتزامه بألا يكون المبيع محملا بتكليف أو مشوبا بعيب خفى وفقا للمادة 157/ 1 من القانون المدنى فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
5 - مؤدى نص الفقرة الأخيرة من المادة الأولى مكررا من القانون رقم 120 لسنة 1954 المضافة إلى الدكريتو الصادر فى 26 من أغسطس سنة 1889 أن التعويض العادل الذى يمنح لملاك العقارات الخارجة عن خط التنظيم هو مقابل منعهم من إجراء البناء، ولم يتحدث هذا القانون ولا القانون رقم 118 لسنة 1948 المعدل له عن أى تعويض آخر يدفع لملاك هذه العقارات.
6 - ليس فى القانون ما يمنع المحكمة الاستئنافية عند وضع حكمها من أن تستند فيه إلى الأسباب التى قام عليها الحكم الابتدائى وتحيل إليها، فمتى أشارت إلى اعتمادها هذه الأسباب وأخذها بها أصبح الحكم الابتدائى جزءا متمما للحكم الاستئنافى.
7 - متى استخلص الحكم المطعون فيه استخلاصا سائغا من وقائع الدعوى وملابساتها أن العيب الخفى الذى وجد بالمبيع يحمل المطعون عليهما خسارة لما يسببه من نقص فى قيمة المبيع ومنفعته وأنه لم يكن فى مقدورهما تبينه بعناية الرجل المعتاد ورتب الحكم على ذلك استحقاقهما للتعويض نظير ما فاتهما من كسب بفسخ العقد فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور.
8 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائى لأسبابه التى أقام عليها القضاء بفوائد الثمن المحكوم برده من تاريخ المطالبة القضائية دون أن يعنى بمناقشة دفاع البائع أمام المحكمة الاستئنافية ومحصله أن المشترى المحكوم له يستغل العقار المبيع وينتفع به، وكان هذا الدفاع جوهريا يتغير به لو صح وجه الرأى فى الدعوى فى هذا الشأن - إذ لا يجوز للمشترى أن يجمع بين ريع المبيع وفوائد ثمنه - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور يستوجب نقضه فى هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 573 سنة 1955 كلى ضد الطاعن أمام محكمة القاهرة الابتدائية وطلبا الحكم بفسخ عقد البيع الصادر لهما منه والمحرر فى 12/ 6/ 1954 والمسجل فى 18/ 7/ 1954 واعتباره كأن لم يكن مع إلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 6877 جنيها و250 مليما والفوائد بواقع 8 % سنويا بالنسبة لمبلغ 5877 جنيها و350 مليما من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد وبالنسبة للباقى من تاريخ الحكم والمصاريف... وقال المطعون عليهما فى بيان دعواهما إنهما تعاقدا مع الطاعن بتاريخ 12/ 6/ 1954 على أن يبيع لهما كامل أرض وبناء العقارين الموضحين بالعريضة الواقعين بشارع الجيش بمدينة القاهرة بثمن قدره 5300 جنيه وأنهما بعد تسجيل العقد تقدما إلى مصلحة التنظيم للترخيص لهما بإقامة مبان جديدة بعد هدم العقارين فرفضت المصلحة طلبهما استنادا إلى أن هذين العقارين داخلان فى خط التنظيم فى مشروع التخطيط الصادر فى 29/ 10/ 1951 ونبهت عليهما بعدم الشروع فى اتخاذ أى إجراء حتى لا تتخذ ضدهم الإجراءات القانونية تنفيذا لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1954 - فاضطرا لرفع هذه الدعوى بطلب فسخ العقد ورد الثمن المدفوع ورسوم التسجيل والشهر العقارى والسمسرة وأتعاب المحاماة فى توثيق العقد وأتعاب المهندس الذى قام بإجراء رسوم البناء الجديد ومبلغ 1000 جنيه على سبيل التعويض عما لحق بهما من خسارة وما فاتهما من كسب. وبتاريخ 19/ 10/ 1955 قضت المحكمة حضوريا بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليهما مبلغ 6300 جنيه وفوائده بواقع 4% سنويا بالنسبة لمبلغ 5300 جنيه من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 24/ 1/ 1955 حتى السداد والمصاريف المناسبة لما حكم به و500 قرش أتعابا للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1272 سنة 72 ق أمام محكمة استئناف القاهرة طالبا إلغاءه والقضاء برفض الدعوى... وبتاريخ 18/ 11/ 1956 قضت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف... أخذا بأسبابه. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12/ 3/ 1961 وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها من طلب نقض الحكم المطعون فيه فى خصوص ما قضى به بالنسبة للفوائد ورفضه فيما عدا ذلك - فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة - وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة عرض الطعن على هذه الدائرة بجلسة 31/ 5/ 1962 وفيها صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وأصرت النيابة على رأيها.
ومن حيث إن الطعن بنى على ستة أسباب يتحصل أولها فى أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان جوهرى ذلك أنه أحال فى قضائه على أسباب الحكم الابتدائى بمقولة إن المستأنف (الطاعن) لم يأت بجديد سوى ما سبق أن أثاره أمام محكمة أول درجة وقد تكفلت بالرد عليه بما فيه الكفاية - مع أنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تذكر أسانيد المستأنف فى صحيفة الاستئناف وترد عليها وإلا كان حكمها مشوبا بقصور يعيبه ويبطله.
ومن حيث إن هذا النعى - مردود - بأنه ليس فى القانون ما يمنع المحكمة الاستئنافية عند وضع حكمها من أن تستند فيه إلى الأسباب التى قام عليها الحكم الإبتدائى وتحيل إليها فمتى أشارت إلى اعتمادها هذه الأسباب وأخذها بها أصبح الحكم الابتدائى جزءا متمما للحكم الاستئنافى ولما كان الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه عرض على محكمة الاستئناف دفاعا جديدا لم يتناول الحكم المستأنف بالرد فيما عدا ما أثاره من عدم جواز الجمع بين الفوائد وثمرة المبيع موضوع السبب الأخير فى هذا الطعن فإن الحكم المطعون فيه إذ أحال إلى أسباب الحكم الابتدائى يكون مشتملا على الأسباب فى حكم المادة 349 مرافعات غير ما سلف بيانه عن الفوائد.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر وقوع العين المبيعة فى خط التنظيم عيبا خفيا يوجب فسخ البيع وفقا لحكم المادة 447 من القانون المدنى قد أخطأ فى تطبيق القانون - ذلك أن المطعون عليهما أقرا فى البند السادس من عقد البيع بأنهما عاينا العقارات المبيعة معاينة تامة نافية للجهالة وأنهما قبلاها بالحالة التى هى عليها فسقط بذلك حقهما فى طلب إبطال العقد طبقا لحكم المادة 419 من القانون المدنى إلا إذا أثبتا تدليس البائع وهو الأمر الذى لم يدعياه.
ومن حيث إن هذا السبب - مردود - بما قرره الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه من "أن إقرار المدعيين فى عقد البيع بمعاينتهما العقار المبيع معاينة تامة نافية للجهالة وشرائهما العقار لا يمنع من التمسك بوجود عيب خفى فى المبيع ولأن نص المادة 419/ 2 من القانون المدنى الذى يقضى بأنه إذا ذكر فى عقد البيع أن المشترى عالم بالمبيع سقط حقه فى طلب إبطال البيع بدعوى عدم علمه به إلا إذا أثبت تدليس البائع لا ينطبق إلا فى حالة حصول غلط فى المبيع لا فى حالة العيب الخفى..." وهذا الذى قرره الحكم صحيح فى القانون - ذلك أن المادة 419 من القانون المدنى خاصة بحالة حصول الخطأ فى المبيع لا بحالة ظهور العيوب الخفية المنصوص عليها فى المادة 447 من القانون المذكور وعلى ذلك فإن طلب الفسخ للعيب الخفى لا يمنع منه أن يكون المشترى قد أقر عند تسلم المبيع بأنه قد عاينه معاينة نافية للجهالة.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور ذلك أنه اعتبر دخول العقار فى خط التنظيم عيبا خفيا فى حين أن العيب الخفى فى حكم المادة 447 من القانون المدنى يجب ألا يكون فى مقدور المشترى تعرفه فإذا كان فى مقدوره تعرفه وأهمل فى ذلك فلا ضمان على البائع طبقا للفقرة الثانية من المادة 447 سالفة الذكر - وقد كان فى مقدور المشتريين لو أنهما بذلا عناية الرجل العادى أن يكشفا دخول العقار المبيع فى خط التنظيم خصوصا وأن المرسوم الخاص بخط التنظيم نشر بالجريدة الرسمية فى 19/ 10/ 1951 فلا يحتج بجهلهما به بعد نشره - وأضاف الطاعن أنه تمسك فى دفاعه بأن عدم عناية المطعون عليهما بتحرى هذا الأمر يدل على أنهما قصدا من شراء العقارين مجرد استغلالهما وليس هدمهما وإعادة بنائهما بدليل استلامهما عقود الإيجار من الطاعن ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع.
ومن حيث إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أورد بأسبابه ما يأتى: "أن وقوع العقار المبيع للمدعيين فى خط التنظيم بالمرسوم الصادر فى 29/ 10/ 1951 وهو ما لم يجادل فيه المدعى عليه يعد عيبا خفيا فى حكم المادة 447 مدنى لأمرين - أولا - لأنه ينقص من قيمة المبيع ونفعه بحسب الغاية التى تستخلصها المحكمة من وقائع الدعوى والعرف الجارى وما يستفاد مما هو مبين بالعقد وطبيعة العقار المبيع والغرض الذى أعد له وهو استعماله والإنتفاع به بكافة طرق الإنتفاع ومنها تأجيره وما يقتضيه ذلك من وجوب صيانة العقار ومنها إجراء تعلية بالعقار لزيادة الانتفاع به ومنها هدم العقار وإعادة بنائه لإستغلاله على وجه أكمل دون أن ينال من ذلك الإستخلاص عدم ورود الغرض من التعاقد فى العقد... وذلك لأنه يمتنع على المدعيين إجراء أى أعمال البناء سواء كانت للتعلية أو للإستغلال بوجه أكمل لوقوع العقار المبيع فى خط التنظيم عملا بالمادة الأولى من القانون 120 لسنة 1954 ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة من تعويض الملاك عن ذلك تعويضا عادلا لأن هذا التعويض لا يشمل قيمة العقار المبيع أو منفعته لأنه مقابل إجراء المنع من البناء - ثانيا - لأن الثابت من وقائع الدعوى أن المدعيين لم يعلما وقت الشراء بوقوع العقار المبيع داخل خط التنظيم إلا بعد تسجيل عقد البيع فى 28/ 7/ 1954 وتقدمهما إلى مصلحة التنظيم بطلب الترخيص لهما بالبناء فأخطرتهما مصلحة التنظيم بوقوع العقار داخل خط التنظيم - كما ترى المحكمة أنه لم يكن فى إستطاعة المدعيين أن يتبينا بأنفسهما من فحص المبيع وقت الشراء بعناية الرجل المعتاد أن العقار المبيع يقع دخل خط التنظيم وذلك لأن هذا العيب لا يمكن ظهوره بمجرد فحص المبيع ذاته ولم يقم من الأوراق دليل على علم المدعيين به - كما أنه لا يكفى مجرد نشر مرسوم خط التنظيم بالجريدة الرسمية للدلالة على علم المدعيين أو على استطاعتهما هذا العلم على أنه يكفى مع ذلك لإعتبار وقوع العقار المبيع داخل خط التنظيم عيبا خفيا أن المدعى عليه قد أكد فى عقد البيع خلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية والوقف والحكر وجميع الإشكالات وكل حق عينى ظاهرا أو مستقرا ثم تبين أن العقار خلو من هذه الصفة لتعلق العقار بحق عينى إدارى لصالح النفع العام بصدور قرار إعتماد خط التنظيم... وحيث إنه فضلا ما تقدم فقد جرى حكم المادة 444 من القانون المدنى بضمان البائع إذا وجد المبيع مثقلا بتكليف وكانت خسارة المشترى من ذلك قد بلغت قدرا لو علمه لما أتم العقد. ولا جدال فى أن عبارة "تكليف" الواردة بهذا النص إنما تشتمل لعمومها كافة حقوق الارتفاق إتفاقية أو قانونية كما أنها تمتد إلى القيود القانونية التى تحد من نطاق حق الملكية. وعلى ذلك فان العقار الذى يقع داخل خط التنظيم يكون مثقلا بتكليف لمصلحة النفع العام وينطبق عليه حكم المادة 444 مدنى فيضمن البائع إذا كانت خسارة المشترى قد بلغت قدرا لو علمه لما أتم البيع وذلك ما لم يطلب المشترى فسخ العقد وفقا للقواعد العامة - وتفريعا على القاعدة المتقدمة ترى المحكمة أن المدعيين قد إشتريا العقار المبيع محملا بتكليف لصالح النفع العام لصدور مرسوم إدخاله فى خط التنظيم فى 29/ 10/ 1951 دون علم المدعيين به وقت التعاقد. ووقوع العقار داخل خط التنظيم قبل البيع يحمل المدعيين خسارة ونقصا فى قيمة المبيع ومنفعته على ما سبق بيانه بحيث لو علما به قبل التعاقد لما أقدما على إتمامه" ويبين من هذه الأسباب التى أوردها الحكم المطعون فيه وأقام عليها قضاءه أن محكمة الموضوع قد رأت بما حصلته من فهم الواقع فى الدعوى وجود عيب خفى بالمبيع هو وقوعه داخل خط التنظيم من قبل حصول البيع وأن المشتريين لم يتبينا وجود هذا العيب عند التعاقد لأنه لا يمكن ظهوره بمجرد فحص المبيع ذاته وأنه لم يكن فى إستطاعتهما أن يتبيناه بأنفسهما وقت الشراء لو بذلا عناية الرجل المعتاد - وأنهما لو علما بهذا العيب عند التعاقد لما أقدما على الشراء وأن وقوع العقار داخل خط التنظيم يحملهما خسارة ونقصا فى قيمته ومنفعته. ولما كان العيب يعتبر خفيا إذا كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد الذى تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصا معينا أو كان من السهل اكتشافه بالفحص المعتاد إذا أثبت المشترى أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أثبت أن البائع قد تعمد إخفاء العيب غشا منه. وكان يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد استخلصت وجود العيب الخفى إستخلاصا سائغا من وقائع الدعوى وملابساتها والعرف الجارى ومن المستندات المقدمة فيها ومنها عقد البيع الذى يحكم العلاقة بين طرفى الخصومة والذى أكد فيه البائع (الطاعن) خلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية والوقف والحكر وكل حق عينى ظاهر أو مستتر. وكان نشر مرسوم اعتماد خط التنظيم بالجريدة الرسمية. لا يدل بذاته على علم المطعون عليهما بهذا العيب لأن العلم المسقط لدعوى الضمان للعيب الخفى هو العلم الحقيقى دون العلم الافتراضى فإن ما انتهت إليه المحكمة لا مخالفة فيه للقانون كما أن الأسباب التى استندت إليها فيها الرد الضمنى على كافة ما أثاره الطاعن فى هذا السبب لما كان ذلك فإن هذا النعى بشقيه يكون على غير أساس متعين الرفض.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر دخول العقار المبيع فى خط التنظيم عيبا خفيا بمقولة إنه ينقص من قيمته ومنفعته أو يمنع إجراء تعليته أو هدمه وإعادة بنائه لإستغلاله على وجه أكمل وأن التعويض الذى نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1954 مقصور على مقابل المنع من إجراء البناء قد أخطأ فى تطبيق القانون - ذلك أن التعويض الذى نصت عليه هذه المادة ليس هو كل التعويض الذى يناله المالك وإنما هو تعويض إضافى استحدثه الشارع علاوة على التعويض الأصلى الوارد فى دكريتو 26 أغسطس سنة 1889 فى شأن أحكام التنظيم المعدل بالقانون رقم 118 لسنة 1948 وخطأ المحكمة فى فهم المراد قانونا من التعويض قد أثر على عقيدة المحكمة فى الموضوع مما يعيب الحكم ويبطله.
ومن حيث إن هذا النعى - مردود - بأن الحكم المطعون فيه - على ما يبين من أسبابه التى سبقت الإشارة إليها عند الرد على السبب السابق - بعد أن قرر بوجود عيب خفى بالعقار المبيع استخلص أن هذا العيب ينقص من قيمته ونفعه للأسباب السائغة التى أوردها ثم عاد وقرر أنه "لا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1954 من تعويض الملاك عن ذلك تعويضا عادلا لأن هذا التعويض لا يشمل قيمة العقار المبيع أو منفعته لأنه مقابل المنع من إجراء البناء" وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون - ذلك أن الفقرة الأخيرة من المادة الأولى مكررا من القانون رقم 120 لسنة 1954 المضافة إلى الدكريتو الصادر فى 26 أغسطس سنة 1889 نصت على ما يأتى: "ويحظر من وقت صدور القرار باعتماد الرسم إجراء أى أعمال البناء على العقارات المبينة به على أن يعوض ملاكها تعويضا عادلا" - كما جاء فى المذكرة التفسيرية لهذا القانون ما يأتى: "لذلك فقد أعدت الوزارة مشروع قانون.... ضمنته حكما يقضى بمنح ملاك العقارات الخارجة عن خط التنظيم الذين يمنعون من إقامة أى عمل من أعمال البناء على العقارات اللازم نزع ملكيتها تعويضا عادلا" ويبين من ذلك أن (التعويض العادل) الذى أشارت إليه المادة الأولى مكررا من القانون رقم 120 لسنة 1954 هو مقابل منع ملاك العقارات الواقعة فى خط التنظيم من البناء. ولم يتحدث هذا القانون ولا دكريتو 26 أغسطس سنة 1889 ولا القانون رقم 118 لسنة 1948 المعدل له عن أى تعويض آخر يدفع لملاك هذه العقارات.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أجاب المطعون عليهما إلى طلب الفسخ وفقا للمادة 157/ 1 من القانون المدنى فأخطأ فى تطبيق القانون. كما أجابهما إلى طلب التعويض على اساس إخلال الطاعن بالتزاماته بألا يكون المبيع محملا بتكليف أو مشوبا بعيب خفى - وهو إذ أجاب المطعون عليهما إلى طلب التعويض قد أخطأ أيضا فى تطبيق القانون وشابه قصور - ذلك أن الثابت أنه لم يحلق بالمطعون عليهما خسارة ما ولأنهما على أسوأ الفروض مقصران فى الكشف عن المبيع وكان فى مقدورهما تعرف دخوله فى خط التنظيم فإقدامهما على الشراء وتحرير العقد النهائى بعد العقد الابتدائى دون أن يكشفا عن دخول المبيع فى خط التنظيم دليل على قبولهما الشراء بهذه الحالة واطمئنانهما إلى التعويض الذى يستحقانه قبل الحكومة طبقا لقوانين التنظيم مما لا يسوغ معه الحكم على الطاعن بتعويض ما بعد أن أقرا بأنهما عاينا العقار المبيع معاينة تامة نافية لكل جهالة وقبلاه بالحالة التى هو عليها.
ومن حيث إن هذا النعى مردود - أولا - بأن الحكم المطعون فيه إنتهى بحسب ما سبق بيانه عند الرد على السبب الثالث إلى وجود عيب خفى بالمبيع أكد البائع فى عقد البيع خلوه منه فإذا ما قضى الحكم بفسخ البيع على أساس اخلال الطاعن بإلتزامه بألا يكون المبيع محملا بتكليف أو مشوبا بعيب خفى وفقا لما تقضى به المادة 157/ 1 من القانون المدنى فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ومردود - ثانيا - بأن الحكم المطعون فيه قد استخلص إستخلاصا سليما من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها وللأسباب السائغة التى أوردها أن العيب الخفى الذى وجد بالمبيع يحمل المطعون عليهما خسارة لما يسببه من نقص فى قيمة المبيع ومنفعته وأنه يكن فى مقدورهما تبين هذا العيب بعناية الرجل المعتاد فإذا ما رتب الحكم على ذلك استحقاقهما للتعويض الذى قدره نظير ما فاتهما من كسب لفسخ العقد فلا يصح النعى عليه بمخالفة القانون أو بالقصور فى التسبيب.
ومن حيث إن السبب السادس يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفوائد الثمن من يوم رفع الدعوى قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب - ذلك أن المطعون عليهما يستغلان العقار المبيع وينتفعان به فلا يجوز الجمع بين ريع المبيع وفوائد ثمنه - وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع فى صحيفة الاستئناف ولكن المحكمة أغفلت الرد عليه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائى بين أنه أورد بأسبابه فى هذا الصدد ما يأتى: "وحيث إنه عن الفوائد فترى المحكمة الحكم بها بالنسبة لمبلغ الثمن المقضى به وقدره 5300 جنيه من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 24/ 1/ 1955 على أن يكون ذلك بواقع 4% سنويا..." ولما كان يبين من مطالعة الصورة الرسمية لعريضة الاستئناف المقدمة من الطاعن أنه نعى فيها على الحكم الابتدائى بالخطأ لقضائه للمطعون عليهما بفوائد الثمن من يوم رفع الدعوى فى حين أنهما يستغلان العقار وينتفعان به. وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائى لأسبابه دون أن يعنى بمناقشة هذا الدفاع الجوهرى الذى لو صح لتغير به وجه الرأى فى الدعوى فى هذا الشأن إذ لا يجوز للمشترى أن يجمع بين ريع المبيع وفوائد ثمنه. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور مما يستوجب نقضه فى هذا الخصوص.