أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 824

جلسة 21 من يونيه سنة 1962

برياسة السيد المستشار محمد متولى عتلم، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفرانى سالم، ومحمود القاضى، ومحمود توفيق اسماعيل، وأحمد شمس الدين على.

(123)
الطعن رقم 414 لسنة 26 القضائية

( أ ) وصية. "الوصية لوارث". قانون "تنازع القوانين من حيث الزمان".
الوصية لا تكون لازمة إلا بوفاة الموصى إذ له حال حياته أن يرجع فيها كلها أو بعضها. شروط الوصية إنما تتحدد بصفة نهائية وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الإرادة منه. خضوع الوصية للقانون السارى وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الوصية. الوصية لوارث من مورث توفى بعد سريان قانون الوصية رقم 71 سنة 1946 تخضع لأحكام القانون المذكور وتصح وتنفذ فى ثلث التركة من غير إجازة الورثة.
(ب) وصية. وارث. "تصرفات المورث". "الطعن فيها". غير. خلف. "خلف عام". إثبات.
حق الوارث فى الطعن فى تصرف المورث بأنه فى حقيقته وصية لا بيع وأنه قد قصد به التحايل على أحكام الإرث. حق خاص به مصدره القانون وليس حقا يتلقاه عن مورثه. هذا الحق لا ينشأ إلا عند وفاة المورث. الحكم الصادر قبل المورث بصحة التصرف بالبيع ليس حجة عليه إذ يعد الوارث فى حكم الغير فيما يختص بتصرفات مورثه المضافة لما بعد الموت الضارة به والماسة بحقه فى الإرث.
(ج) إثبات. "الإثبات بالقرائن القانونية". "حجية الأمر المقضى". نظام عام.
حجية الأمر المقضى فى المسائل المدنية ليست من النظام العام. ليس للمحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها. وجوب التمسك بتلك الحجية أمام محكمة الموضوع.
(د) عقد. تفسير العقد. محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن". "أسباب موضوعية".
لمحكمة الموضوع السلطة فى تفسير العقود بما تراه أوفى إلى ما نواه العاقدان. استخلاص الحكم أن نية المورث انصرفت إلى الايصاء لا الى البيع استخلاصا سائغا لا عيب فيه. المجادلة فى ذلك جدل موضوعى لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض.
(هـ) إعلان. "إعلان أوراق المحضرين" "الاعلان لجهة الادارة". نقض. "إعلان الطعن".
الأصل اعلان الطعن لنفس الخصم أو فى موطنه الأصلى أو المحل المختار المعين فى ورقة اعلان الحكم. لا يصح الاعلان لجهة الادارة الا فى حالة عدم وجود الشخص المراد اعلانه أو من يصح تسليم الصورة اليه أو امتناع من وجد عن الاستلام. عدم اعلان الخصم فى موطنه الأصلى أو المختار المبين فى ورقة اعلان الحكم قبل تسليم الصورة الى الادارة. بطلان الاعلان. لا يغير من ذلك توجيه اعلان الطعن الى محل اقامة المطعون عليه أثناء نظر الاستئناف. اتخاذه فى ورقة اعلان الحكم الاستئنافى فى محل اقامة جديد يعد اخطارا منه للطاعن بتغيير محل الاقامة الأول.
1 - لا تكون الوصية لازمة إلا بوفاة الموصى ومن حقه الرجوع فيها كلها أو بعضها حال حياته، ولا تتحدد شروط الوصية - بصفة نهائية - إلا وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الإرادة منه ومن ثم تخضع الوصية للقانون السارى وقت وفاة الوصى لا وقت صدور الوصية منه وبالتالى يسرى القانون رقم 71 سنة 1946 الخاص بالوصية على كل وصية صدرت من موصى توفى بعد العمل بأحكام هذا القانون ولو كان تاريخ صدورها سابقا عليه. فاذا كانت الوصية لوارث وتوفى الموصى فى تاريخ لاحق للعمل بالقانون رقم 71 سنة 1946 سالف الذكر فانها تصح وتنفذ فى ثلث التركة من غير اجازة الورثة وفقا للمادة 37 من القانون المذكور، والحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم نفاذ هذه الوصية اطلاقا يكون قد خالف القانون(1).
2 - حق الوارث فى الطعن فى تصرف المورث بأنه فى حقيقته وصية لا بيع وأنه قد قصد به التحايل على أحكام الارث المقررة شرعا، حق خاص به مصدره القانون وليس حقا يتلقاه عن مورثه وان كان هذا الحق لا ينشأ إلا بعد وفاة المورث ومن ثم فلا يكون الحكم الصادر قبل المورث بصحة التصرف بالبيع حجة عليه اذ يعد الوارث فى حكم الغير فيما يختص بتصرفات مورثه الضارة به والماسة بحقه فى الارث(2).
3 - حجية الأمر المقضى فى المسائل المدنية ليست من النظام العام ولا يجوز للمحكمة الأخذ بها من تلقاء نفسها (م 405 من القانون المدنى) فاذا كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بحجية الأمر المقضى فليس لها أن تعيب على الحكم المطعون فيه عدم أخذه بهذه الحجية(3).
4 - لمحكمة الموضوع السلطة فى تفسير العقود بما تراه أوفى إلى ما نواه العاقدان، فاذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن نية المورث انصرفت إلى الايصاء لا إلى البيع وكان هذا الاستخلاص سائغا لا عيب فيه فان ما يثيره الطاعن فى ذلك لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض(4).
5 - الأصل أن يكون اعلان الطعن لنفس الخصم أو فى موطنه الأصلى أو المختار المبين فى ورقة اعلان الحكم ولا يصح الاعلان لجهة الإدارة إلا فى حالة عدم وجود الشخص المراد اعلانه أو من يصح تسليم صورة الاعلان اليه أو امتناع من وجده عن الاستلام (م 12 من قانون المرافعات) فاذا كان الطاعن لم يعلن المطعون عليه فى محل اقامته الأصلى أو المختار المبين فى ورقة اعلان الحكم قبل تسليم صورة الاعلان إلى جهة الإدارة فان الاعلان يكون قد وقع باطلا. ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد حاول إعلان المطعون عليه فى المحل الذى كان يقيم فيه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف متى كان المطعون عليه قد اتخذ فى ورقة اعلان الحكم الاستئنافى للطاعن - محل إقامة جديد له مما يعد اخطارا منه للطاعن بتغيير محل اقامته الأول إلى محل جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقى أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول أقام فى 25 من مايو سنة 1949 الدعوى رقم 227 سنة 1949 مدنى كلى شبين الكوم ضد الطاعنة والمطعون عليه الثانى وانتهى فيها إلى طلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى 3 أفدنة و8 قراريط و 10 أسهم شيوعا فى 11 فدانا و11 قيراطا و17 سهما المبينة بالعريضة بما اشتملت عليه من منزل وحديقة وتسليمه هذا النصيب وكف منازعة المدعى عليهما له وبطلان كل تصرف فيه من المورث وشطب ومحو كل تسجيل ترتب على هذا التصرف فيما يختص بذلك النصيب - وأسس المطعون عليه الأول دعواه على أنه بتاريخ 3 من مايو سنة 1949 توفى المرحوم برعى زكى فرج عن تركة قدرها 11 فدانا و11 قيراطا و17 سهما وترك ورثة هم زوجة الطاعنة وولده المطعون عليه الثانى وأنه أى المطعون عليه الأول باعتباره إبنا للمرحومة زهية برعى إبنة المورث التى توفيت قبله يستحق فى تركة جده عن طريق الوصية الواجبة نصيبا بقدر نصيب والدته فى تركة والدها كما لو كانت على قيد الحياة وقت وفاته وذلك تطبيقا للمادة 76 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 ويكون نصيبه على هذا الأساس سبعة قراريط من 24 قيراطا تقسم عليها التركة أى ما يوازى 3 أفدنة و8 قراريط و10 أسهم شويعا فى أعيان التركة وأنه لما طالب الطاعنة والمطعون عليه الثانى بتسليمه هذا القدر امتنعا وأنكرا عليه حقه - وأضاف المطعون عليه أن المذكورين انتهزا فرصة مرض المورث الذى أثر على صحته وعلى قواه العقلية واستصدرا منه عقودا تفيد تصرفه إليهما فى بعض أملاكه. وقد دفعت الطاعنة هذه الدعوى بأن المورث سبق أن باع لها فدانين ومنزلا مساحته خمسة قراريط بموجب عقد بيع تاريخه 9/ 8/ 1940 أقر فيه البائع بقبض الثمن منها واحتفظ لنفسه بحق الانتفاع بالمبيع طوال حياته وقد حصلت الطاعنة فى 9 من مارس سنة 1946 على حكم من محكمة قويسنا فى الدعوى رقم 1086 سنة 1946 بصحة توقيع البائع على هذا العقد وسجل هذا الحكم - كما باع لها المورث 3 ف و10 ط بموجب عقد بيع تاريخه 10 يوليو سنة 1947 أقر فيه البائع بقبضه الثمن منها واحتفظ لنفسه بحق الانتفاع بالمبيع طوال حياته وقد تضمن هذا العقد أيضا بيع المورث لابنه المطعون عليه الثانى 5 ف و10 ط و14 س واستصدرت الطاعنة بموجب هذا العقد حكما من محكمة قويسنا فى 10 يناير سنة 1948 فى الدعوى رقم 45 سنة 1948 بصحة ونفاذ العقد بالنسبة للقدر المبيع لها والذى ظهر من عملية المساحة أن حقيقته 3 ف و9 ط و4 س وقامت بتسجيل هذا الحكم - وبتاريخ أول نوفمبر سنة 1949 أقام المطعون عليه الثانى الدعوى رقم 432 سنة 1949 مدنى كلى شبين الكوم ضد الطاعنة بطلب إبطال العقدين سالفى الذكر وما ترتب عليهما من تسجيلات وقرر أنه غير متمسك بالقدر المبيع له بمقتضى العقد الثانى المؤرخ 10 يوليه سنة 1947 - وقد طعن هو والمطعون عليه الأول فى التصرفين الصادرين من المورث إلى الطاعنة بموجب هذا العقد وعقد 9 أغسطس سنة 1940 - أولا - بأن هذين العقدين لا تتوافر فيهما صفات عقد البيع لعدم دفع ثمن ولاحتفاظ البائع بحق الانتفاع وأن المورث قصد بهما الإيصاء ولم يقصد البيع - ثانيا - أن هذين العقدين صدرا من المورث وهو فى حالة عته - ثالثا - أنهما صدرا منه فى مرض الموت - وبتاريخ 14 مايو سنة 1953 قضت محكمة شبين الكوم الابتدائية فى الدعويين بعد أن ضمتهما إلى بعضهما - أولا - باعتبار العقدين الصادرين من المورث إلى الطاعنة فى 9/ 8/ 1940، 10/ 7/ 1947 وصية للطاعنة تنفذ فى أربعة قراريط من أربعة وعشرين قيراطا مشاعا فى تركة المورث البالغة مساحتها 11 ف و1 ط و14 س أرضا زراعية ومنزلا وشطب ومحو التسجيلات الموقعة على ما زاد على 6.5 قراريط من 24 قيراط مشاعا فى تركة المورث - ثانيا - بتثبيت ملكية المطعون عليه الأول إلى 5 و5/ 6 من 24 قيراطا مشاعا فى التركة وتسليم هذا النصيب إليه وبإلزام الطاعنة بالمصاريف المناسبة فى الدعويين ومبلغ 300 قرش أتعابا للمحاماة فى كل منهما ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات - استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 133 سنة 3 ق طالبة إلغاءه ورفض الدعويين ولدى نظر الاستئناف رفع المطعون عليه الأول استئنافا فرعيا طلب فيه الحكم بتعديل الحكم المستأنف وتثبيت ملكيته إلى 3 ف و8 ط و10 س مشاعا فى الأطيان الموضحة بصحيفة دعواه الابتدائية - وبتاريخ أول مارس سنة 1956 حكمت محكمة الاستئناف أولا بتأييد الحكم المستأنف فى الدعويين باعتبار العقدين الصادرين من المورث وصية للمستأنفة أمينة متولى (الطاعنة) وبطلان العقد الأول المؤرخ 9/ 8/ 1940 لعدم إجازة الورثة مع شطب ومحو التسجيلات المتوقعة عليه وعلى المنزل الوارد عليه العقد واعتبار العقد جميعه تركة توزع على الورثة حسب النصيب الشرعى على مقتضى ما ورد بالأسباب - وبصحة ونفاذ العقد المؤرخ 10/ 7/ 1947 الصادر للمستأنفة باعتباره وصية تصح فى ثلث التركة - ثانيا - بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنف فرعيا وتثبيت ملكيته إلى 7 ط من 24 مشاعا فى أطيان المورث ومساحتها 7 فدادين و15 قيراطا و14 سهما وكذا المنزل والحديقة وتسليمه إليه على مقتضى ما ورد بالأسباب كذلك - مع إلزام المستأنفة بالمصاريف المناسبة والمقاصة فى أتعاب المحاماة - وقد طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه 28 من أغسطس سنة 1956 طالبة بصفة أصلية إعتبار العقدين الصادرين إليها عقدى بيع نافذين وبصفة إحتياطية اعتبار هذين العقدين وصية ينفذان معا فى ثلث تركة المتوفى وقسمة الباقى بين الورثة حسب الفريضة الشرعية بحيث تختص الطاعنة فى أملاك المورث جميعها بعشرة قراريط منها ثمانية بالوصية وقيراطان بالارث ويختص المطعون عليه الأول بأربعة قراريط وثلثى قيراط المطعون عليه الثانى بتسعة قراريط وثلث قيراط - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة أول فبراير سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التى طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 10 مايو سنة 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها الذى أبدته فى المذكرة التى قدمتها بعد الإحالة وطلبت فيها بطلان تقرير الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول ونقض الحكم بالنسبة للمطعون عليه الثانى.
وحيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان إعلان تقرير الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول لعدم إعلانه بالطعن فى محله الأصلى أو محله المختار المبينين فى ورقة إعلان الحكم.
وحيث إنه يبين من صورة الحكم المطعون فيه المودعة من الطاعنة وقت التقرير بالطعن والمعلنة إليها من المطعون عليه الأول فى 30 من يوليه سنة 1956 أن المطعون عليه المذكور ذكر فى ورقة إعلان هذا الحكم أنه يقيم بشارع سليمان باشا رقم 8 بالقاهرة ومحله المختار مكتب الأستاذ محمود كامل المحامى بشارع قصر النيل رقم 47 القاهرة كما يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أن الطاعنة طلبت إعلان المطعون عليه الأول بالطعن فى محل إقامته بشارع الاخشيد رقم 42 بالروضة بالقاهرة - وهو المحل الذى كان يقيم فيه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف والمبين بالحكم المطعون فيه - ولما توجه المحضر فى يوم 12 من فبراير سنة 1961 لإعلان المطعون عليه فى هذا المحل لم يجده فيه وامتنع والده عن إستلام الصورة مقررا بأن ابنه المذكور لا يقيم معه فى المحل المذكور وإنما يقيم بجهة أخرى وقد اكتفى المحضر بهذه الإجابة وقام بتسليم الصورة فى اليوم التالى للضابط المنوب بقسم مصر القديمة - ولما كان الأصل يحسب المادة 380 من قانون المرافعات أن يكون إعلان الطعن لنفس الخصم أو فى موطنه الأصلى أو المختار المبين فى ورقة إعلان الحكم وكان الإعلان للإدارة لا يصح إلا إذا كان المحضر قد توجه إلى موطن الشخص المطلوب إعلانه ولم يجده فيه كما لم يجد فيه أحدا ممن يجوز تسليم الصورة إليهم طبقا للمادة 12 مرافعات أو امتنع من وجده عن تسلم الورقة - وكان الثابت أن الطاعنة لم تحاول إعلان المطعون عليه الأول فى محل إقامته الأصلى أو المختار المبينين فى ورقة إعلان الحكم قبل تسليم صورة الإعلان إلى مأمور القسم فإن إعلان هذا المطعون عليه بالطعن يكون باطلا ولا يشفع للطاعنة أنها حاولت إعلانه فى المحل الذى كان يقيم فيه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الإستئناف ذلك أن اتخاذ المطعون عليه المذكور فى ورقة إعلان الحكم المطعون فيه المسلمة للطاعنة محل إقامة جديد له يعتبر إخطارا منه للطاعنة بتغييره محل اقامته الأول إلى المحل الجديد مما لا يصح معه بعد ذلك إعلانه فى المحل الأول - ومن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلا بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن الطعن قد إستوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليه الثانى.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه فى ثلاثة أسباب يتصل أولهما فى أن الحكم أخطأ فى القانون بقضائه ببطلان عقد 9/ 8/ 1940 الذى اعتبره وصية وبعدم نفاذه كوصية فى ثلث التركة وذلك استنادا إلى أسباب لا يفهم منها إذا كان الحكم قد أسس قضاءه هذا على أن العقد صدر قبل العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 أو على أن الموصى قد توفى قبل العمل بهذا القانون وتقول الطاعنة إنه إذا كان الحكم يقصد الأمر الأول فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن القانون الذى يحكم الوصية هو قانون الموصى وقت وفاته وهو فى حالة الدعوى القانون رقم 71 لسنة 1946 لأن المورث الموصى توفى مصرا على الوصية فى أوائل شهر مايو سنة 1949 أى بعد العمل بالقانون المذكور فيخضع العقد باعتباره وصية من ناحية صحة موضوعه أو بطلانه لأحكام هذا القانون وذلك عملا بنص المادة 17 من القانون المدنى الذى يقضى بأن يسرى على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت قانون المورث أو الموصى أو من صدر منه التصرف وقت موته - وإذا كان الحكم المطعون فيه يعنى الأمر الثانى فإنه يكون قد أخطأ فى تحصيل واقعة صحيحة واستبدل بها واقعة غير صحيحة ذلك أن وفاة الموصى كما هو ثابت فى الأوراق حصلت بعد العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 وليس أقطع فى الدلالة على ذلك من أن محكمة الاستئناف قضت فى حكمها المطعون فيه بصحة عقد صادر من المورث فى سنة 1947 أى بعد صدور القانون المذكور وتضيف الطاعنة أن استشهاد الحكم فى تأييد وجهة نظره بحكم النقض الذى أشار إليه هو استشهاد فى غير محله ذلك أن حكم النقض المذكور صدر فى شأن وصية صدرت لوارث من موصى توفى قبل صدور قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 ومن ثم فهو لا ينطبق على حالة الدعوى الحالية وترتب الطاعنة على ما تقدم أن عقد 9/ 8/ 1940 يكون باعتباره وصية حسب تكييف الحكم له عقدا صحيحا وينفذ مع العقد الآخر المحرر فى سنة 1947 فى ثلث تركة المورث وكان لذلك يتعين على محكمة الاستئناف بعد أن حددت التركة بأنها 11 فدانا و1 قيراط و14 سهما بما يتبعها من منزل وحديقة أن تقرر للطاعنة ثمانية قراريط بالوصية وقيراطين بالميراث بحق الثمن فى الباقى بعد الوصية وللمطعون عليه الأول 4 و2/ 3 قراريط بالوصية الواجبة وللمطعون عليه الثانى 9 و1/ 3 قراريط بالميراث وتقول الطاعنة انه لو استجابت محكمة النقض لدفاعها هذا الإحتياطى فإن الدعوى تكون صالحة للحكم فى موضوعها على هذا النحو.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن اعتبر التصرف الحاصل بالعقدين الصادرين من المورث إلى الطاعنة فى 9/ 8/ 1940، 10/ 7/ 1947 وصية وليس بيعا أسس قضاءه بعدم نفاذ الوصية المنعقدة بالعقد الأول على قوله "وحيث إنه لم يبق بعد ذلك إلا ما ينعاه المستأنف فرعيا (المطعون عليه الأول) من أن العقد المؤرخ 9/ 8/ 1940 عقد فى تاريخ سابق لصدور قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 فهو قد أبرم فى ظل تشريع يبطل الوصية لوارث ما لم تقرها الورثة - هذا النعى صحيح لأنه متى كان التصرف الذى اعتبرته المحكمة وصية قد صدر من المتصرف الذى توفى قبل العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 فإن أحكام هذا القانون لا تسرى عليه (يراجع قضاء المحكمة العليا فى الطعن رقم 189 سنة 20 ق) ومن ثم يجب أن تجرى العقارات الواردة بهذا العقد بما فيها من الأطيان والمنزل مجرى التركة تقتسمها الورثة فيما بينهم وفقا لأحكام الميراث" - ولما كان قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 يسرى على كل وصية صدرت من موص توفى بعد العمل بأحكام هذا القانون ولو كان تاريخ صدورها سابقا عليه لأن الوصية لا تكون لازمة إلا بوفاة الموصى ومن حقه الرجوع عنها كلها وبعضها حال حياته فشروطها تتحدد بصفة نهائية وقت وفاته لا وقت صدور الإرادة منه ومن ثم فيحكمها القانون السارى وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الإرادة منه ولما كان الثابت فى هذه الدعوى أن المورث الموصى توفى بعد العمل بقانون الوصية سالف الذكر على ما يبين مما ورد فى الإعلام الشرعى الصادر من محكمة قويسنا فى 20 من أغسطس سنة 1949 بثبوت وفاة المورث وبيان ورثته من أنه قد تحققت وفاته فى شهر مايو سنة 1949 وهذا الإعلام قد ورد ذكره فى الحكم الابتدائى المقدمة صورته بملف الطعن ولم ينازع فيه الخصوم كما أن محكمة الاستئناف قضت فى حكمها المطعون فيه بصحة العقد الصادر من المورث بتاريخ 10 من يوليه سنة 1947 وهو تاريخ لاحق لتاريخ العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار التصرف الحاصل بعقد 9/ 8/ 1940 وصية فإن هذه الوصية وقد صدرت لوارث تصح وتنفذ فى ثلث التركة من غير إجازة الورثة وذلك بالتطبيق لنص المادة 37 من قانون الوصية سالف الذكر - وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم نفاذ هذه الوصية إطلاقا فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه فى هذا الخصوص أما استشهاده بقضاء هذه المحكمة فى الطعن رقم 189 سنة 20 ق فإنه استشهاد فى غير موطنه لأن هذا القضاء صدر فى شأن وصية صدرت من موصى توفى قبل العمل بالقانون رقم 71 لسنة 1946.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه خطأه فى القانون لإهداره حجية أحكام نهائية وفى بيان ذلك تقول إنه سبق الحكم لها فى الدعوى رقم 1086 سنة 1946 مدنى قويسنا بإثبات صحة توقيع المورث على العقد الأول الصادر منه إليها فى سنة 1940 وأصبح هذا الحكم نهائيا كما حكم لها فى الدعوى رقم 45 سنة 1948 مدنى قويسنا بصحة ونفاذ عقد البيع الثانى الصادر إليها من المورث فى سنة 1947 وغدا هذا الحكم بدوره نهائيا وتم تسجيل هذين الحكمين ونقلت ملكية المبيع إليها نفاذا لهما ولما كان كل من هذين الحكمين النهائيين حجة على المورث فإنه يكون بدوره حجة على ورثته وكان لذلك يتعين على محكمة الموضوع أن ترفض ما وجهه المطعون عليهما من طعون فى شأن صحة هذين العقدين ونفاذهما كعقدى بيع وأن تقضى بعدم جواز سماع الدعوى فى هذا الشق من طلبات المطعون عليهما وذلك إعمالا للفقرة الأولى من المادة 405 من القانون المدنى.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائى خلوا مما يفيد أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بحجية الحكمين السابق صدورهما لصالحها فى الدعويين رقم 1086 سنة 1946 و45 سنة 1948 مدنى قويسنا كما لم تقدم الطاعنة ما يدل على تمسكها بذلك فإنه ليس لها أن تأخذ على الحكم المطعون فيه عدم أخذه بهذه الحجة ذلك أن حجية الأمر المقضى فى المسائل المدنية ليست من النظام العام ولا يجوز للمحكمة الأخذ بها من تلقاء نفسها (م 405 من القانون المدنى) - على أنه إذا كانت الطاعنة ترمى بما ضمنته هذا السبب الطعن فى الحكم المطعون فيه لمجيئه مخالفا للحكمين السابق صدورهما لصالحها والحائزين حسب قولها - قوة الشئ المحكوم فيه - وذلك بالتطبيق لنص المادة 426 من قانون المرافعات فإن الطعن على هذا النحو يكون غير جائز ذلك أن هذين الحكمين وإن كانا قد صدرا ضد مورث المطعون عليهما إلا أنه لما كان هذان المطعون عليهما قد طعنا فى النزاع الحالى فى التصرفين الحاصلين بالعقدين موضوع الحكمين السابقين بأن حقيقية هذين التصرفين وصية وليس بيعا وأنه قصد بهما التحايل على أحكام الإرث المقررة شرعا فإنهما وهما يطعنان بذلك إنما يستعملان حقا خاصا بهما مصدره القانون لا حقا تلقياه عن المورث فلا يكون الحكم الصادر فى مواجهة المورث بصحة التصرف كبيع حجة عليهما ذلك أن الوارث يعتبر فى حكم الغير فيما يختص بالتصرفات الصادرة من مورثه إلى وارث آخر إضرارا بحقه فى الميراث - ولا محل للتحدى بأن المطعون عليه الثانى حضر فى الدعوى رقم 45 سنة 1948 وطعن فى عقد 10/ 7/ 1947 وصدر الحكم فى هذه الدعوى بصحة ونفاذ هذا العقد فى مواجهته ذلك أنه وإن كان الحكم المذكور قد أثبت فى بياناته أن المطعون عليه المذكور حضر وطعن على العقد إلا أن هذا الحكم جاء خلوا مما يدل على أن المحكمة قبلت تدخله أو أنها فصلت فى دعواه فلم يعرض الحكم فى أسبابه ولا فى منطوقه لمنازعة هذا المطعون عليه أو حتى يبين نوعها أو أساسها وقد اعتبرت المحكمة الخصومة فى تلك الدعوى قائمة بين الطاعنة وبرعى زكى فرج (المورث) وصدر الحكم ضد الأخير وحده ووصف بأنه غيابى لعدم حضوره لما كان ذلك، فإن هذا الحكم حتى إذا كان قد أصبح نهائيا لا يحوز قوة الأمر المقضى بالنسبة للمطعون عليه الثانى ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضى - هذا بالإضافة إلى أن حق الوارث فى الطعن فى تصرفات مورثه الماسة بحقه فى الإرث لا ينشأ إلا بعد وفاة المورث.
وحيث انه متى تقرر أن الحكمين السابقين غير حائزين قوة الأمر المقضى بالنسبة للمطعون عليهما فان الطعن بالنقض إستنادا إلى المادة 426 مرافعات وبمقولة إن الحكم المطعون فيه جاء مخالفا لهذين الحكمين - هذا الطعن يكون غير جائز.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون بخطئه فى تكييف العقدين وإعتبارهما وصية وفى بيان ذلك تقول إن هذين العقدين دالان بذاتهما على نية المتصرف فى نقل ملكية الرقبة إلى الطاعنة فور ابرام العقد وإذا كان المتصرف قد احتفظ لنفسه بحق الإنتفاع فان هذا الإحتفاظ مؤقت ينقضى بوفاته ويعود بعده حق المنفعة إلى الطاعنة مالكة الرقبة ولا يمكن أن يؤدى احتفاظ المتصرف بحق الانتفاع إلى اضافة التصرف إلى ما بعد الموت وبخاصة بعد أن كان التصرف موضوع العقد الأول سببا فى رفع دعوى بطلب الحجر على المتصرف (المورث) وأقر هذا عند تحقيق هذا الطلب بأنه أراد بهذا التصرف أن يعوض به زوجته (الطاعنة) فورا عن خدماتها له ولا ينال من ذلك ما أثبتته محكمة الموضوع فى حكمها المطعون عليه من أن الطاعنة لم تدفع ثمنا فإنه إذا كان هذا الإستخلاص يدخل فى ولايتها بدون معقب عليها فإنه لا يؤدى إلى اعتبار العقد وصية بل إنه لو صح كان دالا على هبة أفرغت فى صورة عقد بيع وهو أمر أجازه الشارع فى المادة 48 من القانون المدنى القديم الذى يحكم العقد باعتباره عقد بيع.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه باعتبار التصرفين الحاصلين بالعقدين محل النزاع وصية وليس بيعا على ما قاله من أنه "يبين من الإطلاع على العقدين المطعون فيهما أن كلا منهما قد تضمن شرطا يقضى باحتفاظ البائع لنفسه بحق الإنتفاع بالعقارات المبيعة طول حياته وقد أكد هذا ما ذكره البائع نفسه فى المحضر المؤرخ 3/ 4/ 1948 المرفق بالشكوى 2447 سنة 1947 حيث قرر أن تصرفاته سالفة الذكر مضافة إلى ما بعد الموت وأيدت المستأنفة نفسها هذه الأقوال فأقرت بأن العقارات المبيعة لها ولابن زوجها لا يجوز لأى منهما التصرف فيها إلا بعد وفاته - فإذا أضيف إلى هذا ما ثبت بمحضر تحقيق القضية رقم 3 ب لسنة 1941 مجلس حسبى مديرية المنوفية من أن البائع نفسه عندما سئل فى طلب الحجر الذى كان مقدما ضده عما إذا كانت زوجته سبق أن رفعت ضده دعوى بصحة التعاقد عن الفدانين والمنزل موضوع العقد الأول أجاب صراحة بقوله "لا أبدا محصلش انى أنا أخذت ثمن" فيكون مقتضى هذا أن المستأنفة نفسها (الطاعنة) فى العقد الأول والمستأنفة وابن زوجها (المطعون عليه الثانى) فى العقد الثانى لم يدفعا ثمنا للأطيان المبيعة لهما - وقد جاء الحكم المستأنف بحق قوله إن الثابت من مطالعة صورة القرار رقم 3 ب سنة 1946 أن المورث تصرف لزوجته فى الأطيان والمنزل نظير خدمتها له ولعدم وجود نسل له منها. ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة فى تفسير العقود بما تراه أوفى إلى ما نواه العاقدان وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن نية المورث انصرفت إلى الإيصاء وليس إلى البيع وكان هذا الاستخلاص سائغا ولا عيب فيه فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه بالنسبة للمطعون عليه الثانى ولما سلف بيانه يتعين تأييد الحكم الابتدائى فيما انتهى إليه من اعتبار التصرفين الحاصلين بالعقدين المؤرخين 9/ 8/ 1940 و10/ 7/ 1947 وصية وتعديله فى خصوص القدر الذى تنفذ فيه هذه الوصية واعتبارها نافذة فى ثلث التركة وذلك فى حق المطعون عليه الثانى وحده بسبب صيرورة الحكم المطعون فيه نهائيا وحائزا لقوة الأمر المقضى فى حق الطاعنة بالنسبة لما قضى به للمطعون عليه الأول مما يترتب عليه أن ينقص من القدر الذى ينفذ فيه العقد أن ما أخذه المطعون عليه المذكور بموجب هذا الحكم زيادة على حقه الميراثى فيما لو نفذت الوصية فى ثلث التركة بالنسبة إليه أيضا.


(1) راجع نقض 23/ 2/ 1956 مجموعة المكتب الفنى س 7 رقم 34 "الوصية بطبيعتها تصرف مضاف الى ما بعد الموت فلا يكون لها وجود قانونى الا بعد حصول الوفاة وموت الموصى مصرا عليها وتكون محكومة بالقانون السارى وقت الوفاة لا وقت تحرير الوصية" وراجع نقض 22 مايو سنة 1952 مجموعة المكتب الفنى س 3 رقم 172 "وصية صدرت من مورث توفى قبل العمل بقانون الوصية رقم 71 سنة 1946. عدم سريان أحكامه على هذه الوصية".
(2) راجع نقض 23 مارس سنة 1961 مجموعة المكتب الفنى س 12 رقم 35 "أنصراف أثر التصرف البات غير المضاف الى ما بعد الموت الى الخلف العام (الوارث) عدم اعتباره من الغير بالنسبة له". وراجع نقض 21/ 12/ 1950 فى الطعن رقم 87 س 19 ق "عدم اعتبار الوارث من الغير الا بالنسبة للتصرف الصادر من مورثه والطعن على التصرف بأنه وصية أو بصدوره فى مرض الموت.
(3) راجع نقض 30 يونية سنة 1960 مجموعة المكتب الفنى س 11 رقم 75 "عدم جواز أخذ هيئة التحكيم بقرينة حجية الأمر المقضى من تلقاء نفسها بالنسبة لقرار صادر منها فى نزاع سابق".
(4) راجع نقض 26/ 4/ 1956 مجموعة المكتب الفنى س 7 رقم 76 "ما دام قد ثبت لمحكمة الموضوع أن التصرف الحاصل من المورث لم يكن بيعا منجزا وإنما قصد به الوصية فلا يغنى عن ذلك أن يكون العقد قد صدر من المورث وهو فى تمام أهليته وفى غير مرض الموت". وراجع نقض 2/ 2/ 1956 - مجموعة المكتب الفنى س 7 رقم 19 "استخلاص الحكم من الأوراق المقدمة أن التصرف الصادر من المورث إلى أولاده وصية مما يستقل به قاضى الموضوع". وراجع نقض 25/ 1/ 1962 مجموعة المكتب الفنى س 13 رقم 19 ع 1.