أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 13 - صـ 837

جلسة 21 من يونيه سنة 1962

برياسة السيد/ حافظ سابق رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد متولى عتلم، ومحمد زعفرانى سالم، ومحمود القاضى، ومحمود توفيق اسماعيل.

(124)
الطعن رقم 536 لسنة 26 القضائية

( أ ) دعوى. "الالتزام بمصاريف الدعوى". "سببه". وصية. "نفاذها فى مال التركة".
الحكم بملزومية التركة بقيمة السندات المطالب بها فى الدعوى باعتبارها وصية تنفذ من ثلث مالها. تستحق مصروفات الدعوى من مال التركة غير مقيدة بالقيد الخاص بالنفاذ من الثلث. الالتزام بالمصروفات لا يستند إلى الوصية فى ذاتها بل إلى سبب قانونى آخر هو التزام من يخسر الدعوى بمصاريفها طبقا للمادة 357 مرافعات.
تقدير المصاريف يكون على أساس المبلغ المقضى به الحكم بإلزام التركة بمبلغ الوصية الذى ينفذ من ثلث مالها. مقتضى نص المادة 357 مرافعات أن يكون إلزام التركة بالمصاريف قاصرا على ما يناسب مبلغ الوصية الذى ينفذ من الثلث.
(ب) فوائد "فوائد تأخيرية". "تعويض". وصية. "الوفاء بمبلغ الوصية".
استحقاق المبلغ الموصى به على التركة من تاريخ وفاة الموصية وينفذ فى ثلث مالها. إلتزام الوارث المتأخر فى الوفاء به من مال التركة - بالفوائد التأخيرية من تاريخ المطالبة الرسمية. لا يمنع من ذلك أن تكون التركة غير معلومة المقدار على وجه قاطع لأن الفوائد مرتبطة بمقدار ما ينفذ من هذا المبلغ فى ثلث التركة وتلتزم بها التركة ولو جاوزت بإضافتها إلى مبلغ الوصية الثلث.
(ج) وصية. "نفاذها فى مال التركة". فوائد. "فوائد تأخيرية". "فوائد اتفاقية". قانون "تنازع القوانين من حيث الزمان".
متى صحت الوصية وأصبح المبلغ الموصى به حقا على التركة فإن أحكام القانون المدنى (م 124 مدنى قديم و226 مدنى جديد) هى التى تطبق على فوائد التأخير عن المبلغ الموصى به دون الرجوع فى ذلك لأحكام الشريعة الإسلامية. لا محل لاعمال الفوائد المتفق عليها فى السندات موضوع الدعوى بعد أن اعتبرها الحكم وصية لا قرضا.
(د) حكم. "تصحيح الأحكام وتفسيرها. "أثر الحكم بالتفسير".
الحكم الصادر بالتفسير أو التصحيح يعتبر من كل الوجوه متمما للحكم الذى يفسره أو يصححه فيسرى عليه ما يسرى على الحكم الذى صدر أولا فى الدعوى.
(هـ) أحوال شخصية. "الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية". نيابة عامة. "تدخل النيابة فى تلك الدعاوى".
رفع الدعوى بقيمة سندات إذنية باعتبارها قرضا وقيام النزاع فى الدعوى حول حقيقة هذه السندات ووصفها القانونى من حيث كونها تمثل قرضا أم هبة أم وصية. عدم قيام النزاع على صحة التصرف ذاته لا تعتبر الدعوى - على هذه الصورة - متعلقة بالأحوال الشخصية، وبالتالى فلا محل لتطبيق حكم المادة 99 من قانون المرافعات.
1 - متى كانت الدعوى مرفوعة على التركة وانتهت منازعة المدعى عليه - دفاعا عن التركة - بأن السندات موضوع الدعوى لا تمثل قرضا، إلى ملزومية التركة بقيمة تلك السندات باعتبارها وصية تنفذ من ثلث مالها فإن مصروفات الدعوى تكون مستحقة من مال التركة غير مقيدة بالقيد الخاص بالنفاذ فى الثلث، ذلك أن الالتزام بالمصروفات لا يستند إلى الوصية فى ذاتها بل إلى سبب قانونى آخر هو التزام من يخسر الدعوى بمصاريفها قانونا (م 358 مرافعات). وإذ كانت المصاريف تقدر على أساس المبلغ المقضى به وكان الحكم قد ترك أمر تحديده إلى ما يسفر عنه تحديد ثلث التركة فإن التطبيق الصحيح للمادة 357 من قانون المرافعات يقضى بأن يكون التزام التركة بالمصاريف قاصرا على ما يناسب مبلغ الوصية الذى ينفذ من ثلثها المقضى به.
2 - إذا كان المبلغ الموصى به يستحق على التركة من تاريخ وفاة الموصى وينفذ فى ثلث مالها، فإن الوارث الذى يتأخر فى الوفاء به للموصى له يكون ملزما بهذه الصفة - من مال التركة - بفوائد التأخير عنه من تاريخ المطالبة الرسمية (م 124 من القانون المدنى القديم) ولا يمنع من ذلك أن تكون التركة التى ينفذ المبلغ المحكوم به من ثلثها غير معلومة المقدار على وجه قاطع لأن الفوائد مرتبطة بمقدار ما ينفذ من هذا المبلغ فى ثلث التركة وتلتزم بها التركة ولو جاوزت بإضافتها إلى مبلغ الوصية هذا الثلث إذ تعد الفوائد فى - هذه الصورة - تعويضا عن عدم الوفاء بالمبلغ الموصى به والذى استحق فعلا للموصى له بوفاة الموصى.
3 - متى صحت الوصية وأصبح المبلغ الموصى به حقا على التركة فإن أحكام كل من المادتين 124 من القانون المدنى القديم و226 من القانون المدنى الجديد هى التى تطبق على فوائد التأخير عن المبلغ الموصى به من يوم المطالبة الرسمية دون الرجوع لأحكام الشريعة الإسلامية فى ذلك، ومن ثم فالحكم المطعون فيه إذ أجرى على المبلغ المقضى به كوصية، الفوائد الاتفاقية يكون قد أخطأ تطبيق القانون إذ لا محل لاعمال الفائدة المتفق عليها بالسندات موضوع الدعوى بعد أن اعتبرها الحكم الاستئنافى وصية لا قرضا.
4 - الحكم الصادر بالتفسير أو التصحيح يعتبر من كل الوجوه - متمما للحكم الذى يفسره أو يصححه فيسرى عليه ما يسرى على الحكم المذكور الذى صدر أولا فى الدعوى.
5 - متى كان موضوع الدعوى مطالبة بقيمة سندات إذنية باعتبارها قرضا وكان النزاع فيها يدور حول حقيقة هذه السندات أو وصفها القانونى من حيث كونها تمثل قرضا أم هبة أم وصية، ولم يقم النزاع فى الدعوى على صحة التصرف ذاته باعتباره هبة أو وصية فإن الدعوى - على هذه الصورة - لا تكون متعلقة بالأحوال الشخصية وبالتالى فلا محل للنعى على الحكم الصادر فيها أو الحكم الصادر بتفسيره وتصحيحه بالبطلان لعدم تدخل النيابة العامة طبقا للمادة 99 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقى الأوراق فى أن المرحوم رمزى مرقس دقيش مورث الطاعنة والمطعون عليها والمتوفى فى 21 فبراير سنة 1944 كان قد حرر ست سندات على الوجه الآتى:
1 - سند تاريخه 13/ 2/ 1937 لصالح أخته المطعون عليها بمبلغ 2400 جنيه يستحق السداد فى 1/ 1/ 1938 - 2 - سند تاريخه 1/ 1/ 1941 لصالح أخته المطعون عليها بمبلغ 2000 جنيه يستحق السداد وقت الطلب - 3 - سند تاريخه 13/ 2/ 1937 لصالح السيدة مايبل ناشد ابنة المطعون عليها بمبلغ 1200 جنيه يستحق السداد فى 1/ 1/ 1938 - 4 - سند تاريخه 1/ 1/ 1941 لصالح السيدة مايبل ناشد ابنة المطعون عليها بمبلغ 1000 جنيه يستحق السداد وقت الطلب - 5 - سند تاريخه 1/ 1/ 1941 لصالح ناشد ساويرس زوج المطعون عليها بمبلغ 1500 جنيه يستحق السداد وقت الطلب - 6 - سند تاريخه 1/ 1/ 1941 لصالح غالب خليل زوج ابنة المطعون عليها بمبلغ 500 جنيه يستحق السداد وقت الطلب وقد حولت السندات الأربعة الأخيرة إلى المطعون عليها التى أقامت الدعوى رقم 414 سنة 1944 كلى أسيوط ضد أخيها الطاعن وآخرين محجوز تحت أيديهم تطلب الحكم بإلزامه من تركة مورثة المرحوم رمزى مرقس بمبلغ 8600 جنيه وهو جملة قيمة السندات المذكورة والفوائد بواقع 8% من تاريخ أول يناير سنة 1938 بالنسبة إلى مبلغ 3600 جنيه وبالنسبة إلى باقى المبلغ من أول أكتوبر سنة 1941 حتى السداد وتثبيت الحجز. وقد دفع الطاعن الدعوى بأن هذه السندات لا تثبت قرضا حقيقيا بل هى تبرع مضاف إلى ما بعد الموت قصد به حرمانه من حقه فى الميراث ورأت المحكمة الابتدائية أن هذه السندات تمثل تبرعا منجزا وهبة نافذة فأصدرت حكمها فى 17 مارس سنة 1951 بإلزام الطاعن والمطعون عليها بأن يدفعا من تركة مورثهما مبلغ 8600 جنيه وفوائده بواقع 8% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 3 يونيه سنة 1944 إلى 15 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 7% من التاريخ الأخير حتى السداد وتثبيت الحجز وجعله نافذا وإلزام الطاعن بالمصرفات - واستأنف الطاعن هذا الحكم برقم 162 سنة 26 ق إستئناف أسيوط طالبا إلغاءه ورفض الدعوى. ورأت محكمة الإستئناف أن المورث قد انصرفت نيته إلى الإيصاء. وأن الوصية للوارث قبل صدور قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 يتوقف نفاذها على إجازة الورثة - أما الوصية لغير الوارث فتنفذ فى حدود ثلث التركة - ولهذا فرقت بين السندات المحررة باسم المطعون عليها وبين السندات المحررة لغيرها وأصدرت حكمها فى 5 يونية سنة 1952 أولا - بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار الهبة منجزة واعتبارها وصية تنفذ فى ثلث تركة المورث بالنسبة إلى السندات الإذنية المحررة لصالح السيدة ماييل ناشد وغالب خليل ساويرس بمبالغ 1200 جنيه و1000 جنيه و500 جنيه و1500 جنيه ثانيا - بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى السندين المحررين لصالح السيدة زهية مرقس بمبلغى 2400 جنيه و2000 جنيه ورفض دعواها عنهما مع إلزامها بالمصروفات المناسبة عن الدرجتين والمقاصة فى أتعاب المحاماة - وقد طعنت السيدة زهية فى هذا الحكم بالنقض فى الطعن رقم 380 سنة 22 ق وكان من أسباب طعنها ان الحكم المذكور لم يبين صراحة ما قضى به بالنسبة للفوائد ومصاريف المطالبة القضائية الخاصة بالسندات التى حكم بنفاذها من ثلث التركة مع ان الحكم الإبتدائى كان قد نص على تلك الفوائد ومصاريف المطالبة القضائية. وقضت محكمة النقض (دائرة الفحص) فى أول فبراير سنة 1956 برفض الطعن - ولذلك أقامت الطاعنة دعوى جديدة لدى محكمة استئناف أسيوط قيدت برقم 172 سنة 31 ق طلبت فيها إلزام المدعى عليهما (الطاعن والمطعون عليها بصفتهما وارثين للمرحوم رمزى مرقس دقيش) بأن يدفعا لها من تركة مورثهما فوائد السندات المحكوم بنفاذها والبالغ قيمتها 4200 جنيه بواقع 8% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 3 يونية سنة 1944 إلى 15 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 7% من التاريخ المذكور حتى السداد وإلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) بالمصاريف المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومقدارها 188 جنيها وبمصاريف هذا الطلب ومقابل أتعاب المحاماة - وأصدرت محكمة الإستئناف حكمها فى 7/ 11/ 1956 بقبول الطلب شكلا وفى موضوعه بإلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) بأن يدفع للمدعية (المطعون عليها) من تركة مورثه فوائد مبلغ 4200 جنيه بواقع 8% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 3/ 6/ 1944 حتى 15/ 10/ 1949 وبواقع 7% من هذا التاريخ حتى السداد وتفسير الحكم الإستئنافى رقم 162 سنة 26 ق أسيوط فيما يتعلق بالمصروفات على الوجه الموضح بالأسباب وألزمت المدعى عليه الأول (الطاعن) بمصروفات هذا الطلب وقد طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 29 ديسمبر سنة 1956 - وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم جزئيا فى خصوص سعر الفائدة والقضاء بها بواقع 5% حتى 15 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 4% بعد ذلك حتى السداد مع رفض باقى الأسباب - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها فى 28 مارس سنة 1961 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية - وبعد استيفاء الإجراءات التالية للاحالة حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 24 مايو سنة 1962 وفيها صممت النيابة على طلباتها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن فى أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون من عدة أوجه أولا - أخطأ الحكم فى القانون بتصديه لتفسير حكم لا محل لتفسيره فقرر أن الحكم الاستئنافى رقم 162 لسنة 26 ق قد شابه غموض فى شأن من يلزم بالمصاريف بالنسبة إلى مبلغ 4200 جنيه الذى قضى به للمطعون عليها - بالرغم من إنعدام الغموض الذى يدعو إلى التفسير - ومن أن حكم النقض السابق قد نفى ذلك الغموض فى معرض الرد على أوجه الطعن كما أن الحكم الإستئنافى السابق لم يلزم الطاعن بأداء مبلغ 4200 جنيه بل شرط لأدائه أن يخرج من ثلث التركة وقد يكون الثلث المذكور أقل من المبلغ. فهو لذلك إلتزام مجهل ورهين بتقدير التركة - فإذا قال الحكم المطعون فيه إن مؤدى الحكم الإستئنافى هو إلزام المستأنف بالمصاريف المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين فإن هذا يعتبر إضافة مبتدأة وليس تفسيرا فى معنى المادة 366 مرافعات - هذا من ناحية المصاريف أما من ناحية الفوائد فالثابت من الأوراق أن المطعون عليها طلبت من المحكمة الإبتدائية إلزام الطاعن بفوائد السندات بوصفها فوائد اتفاقية لقروض وأن سببها هو الإتفاق على بقاء القرض فى يد المقترض للانتفاع به. ولم تعدل المطعون عليها طلباتها فى الإستئناف إلى المطالبة بفوائد التأخير مما كان يتعين معه الا يخوض الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 فى أمر الفوائد بعد أن انتهى إلى صورية السندات وإنطوائها على وصية لأن الوصايا لا تقل فائدة - لما كان ذلك وكانت الوصية غير معلومة المقدار بسبب الجهل بمقدار التركة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف أحكام المادتين 368 و411 مرافعات ثانيا - أن الحكم المطعون فيه إذ أجرى الفوائد على المبلغ الوارد بالسندات المحولة إلى المطعون عليها قد أهدر حجية القضاء السابق صدوره باعتبار تلك السندات وصية ذلك أن الوصية تخضع لأحكام الشريعة الاسلامية وليس فى أحكامها ولا فى أحكام القانون المدنى ما يبيح سريان الفوائد اتفاقية كانت أو قانونية على الوصايا فضلا عن أن الطاعن لم يكن مقصرا فى الوفاء - بل ان المطعون عليها هى التى تسببت بفعلها فى تجهيل ما طالبت به أساسا ومقدارا مما يتعين معه أن تتحمل وحدها نتائج إطالة الخصومة واللدد فيها ومن الطبيعى أن تظل طلباتها غير معلومة المقدار حتى يتحدد تكييفها القانونى وعناصر التركة التى ترد عليها المطالبة. أما ما تطلبه قبل ذلك فإنه يكون غير معلوم المقدار ولا تسرى عليه فوائد تأخير طبقا للمادة 226 مدنى - وقد سقط طلب الفوائد الاتفاقية بسقوط سندها أما فوائد التأخير فلم تطلبها المطعون عليها يضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بالفوائد تطبيقا للمادة 227 مدنى مع أن حكم هذه المادة قاصر على الفوائد الاتفاقية والوصية بعيدة عن مجال الاتفاق. ولم يقصد الموصى بذكر الفائدة فى السندات إلا إلباس الوصية ثوب القرض. وكان يجدر بالحكم - فيما لو ثبت أن المطعون عليها طالبت بفوائد تأخير وهو ما لم يثبت أن يقتصر على الفوائد القانونية بواقع 4% طبقا للمادة 226 مدنى. ومتى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفا للمواد 405 و226 و227 و915 من القانون المدنى.
وحيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه بطلانا جوهريا من وجهين أولهما - مخالفة المادة 99 مرافعات إذ كان يتعين والدعوى من دعاوى الأحوال الشخصية أن تتدخل النيابة وتبدى الرأى فيها - وثانيهما - أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور. ذلك أنه مسخ الثابت فى الأوراق وأغفل دفاع الطاعن. وجهل الأساس القانونى لقضائه. وقال فى بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه ذكر فى أسبابه أن الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 أغفل الحكم بالفوائد مع أنها كانت مطلوبة وقضى بها الحكم الابتدائى فى حين أن الفوائد التى طلبت أمام محكمة الدرجة الأولى هى فوائد قرض واعتبرت تلك المحكمة السندات هبة منجزة أفرغت فى صورة قرض وقضت بالفوائد التى حددها سند القرض. وقد ألغى الحكم الاستئنافى هذا القضاء واعتبر السندات وصية فأسقط معنى القرض وما تفرع عنه من استحقاق الفوائد الاتفاقية أو فوائد التأخير وهو قضاء جديد لا يستقيم معه الاعتداد بأى عنصر من عناصر الصورية التى قضى عليها وقد سها الحكم المطعون فيه عن هذه الحقيقة مما أدى إلى مسخ الواقعة الجوهرية الثابتة فى الأوراق وبذلك أقام قضاءه على وهم يعيبه ويلحق به البطلان - كما أن الحكم لم يفطن إلى تقييد الوصية بخروجها من الثلث لا يستقيم معه أى قضاء بالالزام ما دامت قيمة التركة غير ماثلة أمام المحكمة ولو أن الحكم المطعون فيه قد أدرك هذه الحقيقة لما قضى بالالزام بفوائد مبلغ 4200 جنيه ولا بمصروفات تتناسب مع هذا المبلغ لأن المطعون عليها لم تتقدم بأى دليل يستفاد منه أن ثلث التركة يتسع لهذا القدر. وقد خلا الحكم المطعون فيه من أى بيان عن ذلك ولم يرد على ما أبداه الطاعن فى مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف والتى أوضح فيها أن حكم 5 يونية سنة 1952 لم يكن قضاء بالإلزام بل هو قضاء من حيث المبدأ لا يصلح بذاته أداة للتنفيذ وأن السندات التى اعتبرت وصية غير معلومة المقدار لأن التركة مجهلة مما يحول دون سريان الفوائد أو تعيين القدر المناسب من المصاريف - وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه خالف المادة 226 من القانون المدنى إذ أجرى الفوائد على دين غير معلوم المقدار وقت الطلب كما أنه لم يبين وجهة نظره فى احتساب سعر الفائدة بواقع 8% أو 7% وتطبيق المادة 227 مدنى التى تعالج الفوائد الاتفاقية - ولا وجهة نظره فى إلزام الطاعن بالمصروفات المناسبة لمبلغ 4200 جنيه مع تجهيل عناصر التركة ومع أن الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 قيد نفاذ الوصية بحدود الثلث.
وحيث إن الحكم الابتدائى قضى بإلزام الطاعن والمطعون عليها بأن يدفعا من تركة مورثهما رمزى مرقس مبلغ 8600 جنيه والفوائد والمصروفات ولكن محكمة الاستئناف ألغت هذا الحكم بالنسبة إلى السندين المحررين باسم المطعون عليها ورفضت دعواها فى خصوصهما وألزمتها بالمصاريف المناسبة عن هذا الشق من الدعوى عن الدرجتين - كما ألغته بالنسبة إلى المبلغ 4200 جنيه موضوع السندات الباقية واعتبرت تلك السندات وصية تنفذ من ثلث التركة ولا يبين من هذا الحكم - من الملزم بمصاريف هذا الشق الأخير من الدعوى - تلك المصاريف التى كانت محكمة الدرجة الأولى قد ألزمت الطاعن بها من تركة المورث. كما أن الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 380 سنة 22 ق الذى رفعته السيدة زهية قال فى أسبابه ردا على ما ذكرته من أنها تخشى أن يكون مفاد الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 هو إلزامها بالمصروفات حتى بالنسبة للطلبات التى قضى فيها لمصلحتها - "إن منطوق الحكم لا يفيد هذا الذى ذهبت إليه الطاعنة إذ الواضح من هذا المنطوق أن الحكم إنما قضى بإلزام الطاعنة بالمصروفات المناسبة للطلبات التى حكم برفض دعواها بالنسبة لها وليس فى هذا المنطوق إلزام للطاعنة بشئ مما عدا ذلك من المصروفات" ومؤدى ذلك أن قضاء محكمة النقض اقتصر على نفى التزام السيدة زهية بمصاريف ما كسبته فى الدعوى. دون أن يعين من الذى يلزم بتلك المصاريف التى بقى أمر الملزم بها غامضا. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 مشوبا بالغموض فى هذا الخصوص وفسره لا يكون قد خالف القانون ولا يعتبر ذلك منه قضاء مبتدئا - أما ما يثيره الطاعن من أن إلزامه بالمصاريف القضائية الخاصة بالمبلغ المحكوم قد يؤدى إلى إلزام التركة بمبالغ تزيد على الثلث الذى لا يجوز أن تنفذ الوصية إلا فى حدوده. فمردود بأن الطاعن عندما نازع فى أن السندات المطالب بقيمتها لا تمثل - قرضا - إنما كان يدافع عن التركة. ولما كانت تلك المنازعة قد انتهت إلى ملزومية التركة بقيمة بعض تلك السندات باعتبارها وصية تنفذ من ثلث مالها - فإن تلك المصاريف تكون مستحقة للمطعون عليها من مال التركة غير مقيدة بالقيد الخاص بالنفاذ من الثلث - ذلك أن المصروفات لا تستند إلى الوصية فى ذاتها بل إلى سبب قانونى آخر هو التزام من يخسر الدعوى بمصاريفها طبقا للمادة 357 من قانون المرافعات. ولما كان الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 والذى كان موضوع التفسير بالحكم المطعون فيه لم يقض بإلزام الطاعن من تركة مورثه بمبلغ 4200 جنيه على وجه التحديد. وإنما قضى باعتبار السندات المحررة بهذا المبلغ والمحولة للمطعون عليها وصية تنفذ فى ثلث التركة وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى فى تفسير ذلك الحكم إلى إلزام الطاعن بصفته وارثا للمرحوم رمزى مرقس بالمصاريف المناسبة لمبلغ 4200 جنيه عن درجتى التقاضى وقال فى هذا الخصوص "إن مؤدى الحكم الاستئنافى هو القضاء بإلزام - المعلن إليه الأول - (الطاعن) بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين وهذه النتيجة طبيعية مترتبة على القضاء للطالبة بهذا المبلغ" فإنه بتحديد المصاريف على هذا النحو يكون قد خالف القانون ذلك أن المصاريف تقدر على أساس المبلغ المقضى به وهو ما ترك الحكم أمر تحديده إلى ما يسفر عنه تحديد ثلث التركة وقد قصد الحكم المطعون فيه إلى إعمال القاعدة الواردة بالمادة 357 مرافعات فى شأن المصاريف التى غمض الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 عن بيانها، ولما كان التطبيق الصحيح لهذه المادة يقتضى أن يكون إلزام التركة بالمصاريف قاصرا على ما يناسب مبلغ الوصية الذى ينفذ من ثلثها. فإنه يتعين لذلك نقض الحكم جزئيا فى هذا الخصوص وإلزام الطاعن بالمصاريف القضائية المناسبة لما تنفذ فيه الوصية فى حدود ثلث التركة.
وحيث إنه فى خصوص ما ينعاه الطاعن على الحكم من القضاء بالفوائد فقد طلبت المطعون عليها فى الدعوى رقم 414 سنة 1944 كلى أسيوط الحكم لها بالفوائد عن مبلغ 4200 جنيه الوارد بالسندات المحولة إليها وعن المبلغين الآخرين الواردين بالسندين المحررين لمصلحتها من المورث واعتبرت محكمة الدرجة الأولى تلك المبالغ جميعها قرضا وحكمت بها للمطعون عليها وبفوائدها الاتفاقية - ولما استأنف الطاعن هذا الحكم طلبت المطعون عليها من محكمة الاستئناف تأييده مما مؤداه أنها طلبت القضاء لها بالفوائد. وكان على تلك المحكمة أن تواجه هذا الطلب وتقول فيه كلمتها قبولا أو رفضا. ولكنها أغفلت الفصل فيه مما يبيح للمطعون عليه عملا بالمادة 368 مرافعات أن تكلف الطاعن الحضور أمام نفس المحكمة لتنظر فى الطلب المذكور وتحكم فيه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الحكم الاستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 قد أغفل الفصل فى طلب الفوائد وفصل هو فيها فإنه لا يكون قد خالف القانون - ولما كان المبلغ الموصى به يستحق على التركة من تاريخ وفاة الموصى وينفذ فى ثلث مالها فإن الطاعن بصفته وارثا - إذ تأخر عن الوفاء للمطعون عليها يكون ملزما بفوائد التأخير عنه عن مال التركة ومن تاريخ المطالبة الرسمية عملا بالمادة 124 من القانون المدنى القديم التى تحكم واقعة الدعوى. ولا يغير من هذا أن تكون التركة التى ينفذ المبلغ المحكوم به من ثلثها غير معلومة المقدار على وجه قاطع. لأن الفوائد مرتبطة بمقدار ما ينفذ من هذا المبلغ فى ثلث التركة. وتلتزم بها التركة ولو جاوزت بإضافتها إلى مبلغ الوصية ثلث التركة إذ الفوائد فى هذه الصورة هى تعويض عن عدم الوفاء بالمبلغ الموصى به والذى استحق فعلا للمطعون عليها لوفاة الموصى ولا محل لما ذكره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه إذ أجرى الفوائد على مبلغ 4200 جنيه قد أهدر حجية القضاء الصادر باعتبار هذا المبلغ وصية تأسيسا على أن أحكام الشريعة الاسلامية هى التى تطبق فى هذه الحالة - وهى لا تبيح سريان الفوائد على الوصايا - هذا القول لا محل له لأنه متى صحت الوصية، وأصبح المبلغ المدعى به حقا على التركة، فإن أحكام المادتين 124 من القانون المدنى القديم، 226 من القانون المدنى الجديد هى التى تطبق على فوائد التأخير عن المبلغ الموصى به من يوم المطالبة الرسمية. ولكن الحكم المطعون فيه وقد أجرى على المبلغ المقضى به كوصية الفوائد الاتفاقية فإنه يكون قد أخطأ القانون إذ لا محل لإعمال الفائدة المدونة بالسندات بعد أن اعتبر الحكم الاستئنافى تلك السندات وصية لا قرضا ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص واحتساب سعر الفائدة بواقع 5% حتى 14 أكتوبر سنة 1949 عملا بالمادة 124 مدنى قديم وبواقع 4% من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى السداد عملا بالمادة 226 من القانون المدنى الجديد أما النعى فى السبب الثانى ببطلان الحكم لعدم تدخل النيابة فى الدعوى وهى من دعاوى الأحوال الشخصية طبقا لما تقتضيه المادة 99 مرافعات فمردود بأن الحكم الصادر بالتفسير أو التصحيح يعتبر من كل الوجوه متمما للحكم الذى يفسره أو يصححه فيسرى عليه ما يسرى على الحكم الأول ولم تكن النيابة العامة طرفا منضما فى الدعوى الأصلية التى انتهت بحكم محكمة الاستئناف فى 5 يونيه سنة 1952 وقد طعن على هذا الحكم بطريق النقض من المطعون عليها وكان من أسباب نعيها بطلان الحكم لعدم تدخل النيابة فى الدعوى فرفضته محكمة النقض وقالت "إن الطاعنة رفعت دعواها مطالبة بقيمة سندات إذنية صادرة من المرحوم رمزى مرقس مورث الطرفين على اعتبار أن هذه السندات سببها القرض والدعوى على صورتها هذه لا يمكن وصفها بأنها من القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية التى يتعين على قلم الكتاب بمجرد رفعها أن يخطر النيابة العامة لكى تتدخل فيها عملا بالمادة 99 مرافعات كما أن النزاع بين الطرفين أثناء نظرها إنما قام على حقيقة هذا التصرف ووصفه قانونا. وهل هو قرض أم هبة أم وصية ولم يقم النزاع على صحة التصرف باعتباره هبة أو وصية حتى يسوغ القول بأن النزاع كان متعلقا بالأحوال الشخصية" - أما ما ينعاه الطاعن بالقصور فمردود بأن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بالفوائد والمصاريف المناسبة على أن الحكم الإستئنافى الصادر فى 5 يونيه سنة 1952 قد أغفلها فى حين أن المطعون عليها طلبت القضاء بها أمام المحكمة الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف. أما باقى ما ينعاه الطاعن بالقصور فهو لا يعدو أن يكون ترديدا لما جاء بالسبب الأول.
وحيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها ولما سبق بيانه.