أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1012

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار الحسينى العوضى، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضى، وأحمد أحمد الشامى، ومحمد عبد اللطيف مرسى، ومحمد ممتاز نصار.

(156)
الطعن رقم 537 لسنة 26 القضائية

( أ ) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة". بطلان.
إقفال باب المرافعة لا يجعل للخصوم اتصالا بها إلا بالقدر الذى تصرح به المحكمة. وجوب دعوة الخصوم باعلانهم قانونا إذا ما قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة، ما لم يثبت حضورهم وقت النطق بالقرار. عدم الإعلان يترتب عليه البطلان ولكن لا يصح الحكم بالانعدام إذ أن الخصومة قد انعقدت من قبل صحيحة ثم طرأ عليها عيب عارض فى إجراء من إجراءاتها.
(ب) استئناف. "إجراءات نظر الاستئناف". "نطاق الاستئناف". بطلان. حكم.
متى استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم فى موضوع الدعوى فإن محكمة الاستئناف إذا ما تبين لديها بطلان الحكم لا تقف عن حد تقريره بل يجب أن تمضى فى الفصل فى الموضوع بحكم جديد تراعى فيه الإجراءات الصحيحة الواجبة الاتباع إذ أن الاستئناف ينقل الدعوى برمتها. لا يعد ذلك منها تصديا ولا فصلا فى طلبات جديدة ولا خروجا عن نطاق الاستئناف.
(ج) محكمة الموضوع. إثبات. "الإثبات بالقرائن". إلتزام. "تجديد الدين". صورية.
استخلاص محكمة الموضوع توافر نية التجديد باستبدال شخص الدائن وتحرير سند صريح بالدين وعدم قيام الدليل على الادعاء بصورية ذلك التجديد، استناد الحكم فى ذلك إلى عدة قرائن يكمل بعضها بعضا وتؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليه. لا يجدى الطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها متى كان الحكم قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله.
(د) إثبات. "الإقرار غير القضائى". "حجيته".
الإقرار الوارد فى صحيفة دعوى لا يعد إقرارا قضائيا فى دعوى أخرى. الإقرار غير القضائى يخضع لتقدير المحكمة.
1 - عدم دعوة الخصوم للحضور إذا ما قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة - ما لم يثبت حضورهم وقت النطق بالقرار - لا يصم الحكم بالانعدام وإنما يعد من حالات البطلان ذلك أن الخصومة - فى هذه الحالة - قد انعقدت صحيحة ثم طرأ عليها عيب عارض فى إجراء من إجراءاتها.
2 - متى كانت محكمة اول درجة قد استنفدت ولايتها بالحكم فى موضوع الدعوى فإن لمحكمة الاستئناف - إذا ما تبين لها بطلان الحكم المستأنف - لا تقف عند حد تقرير هذا البطلان بل يجب عليها أن تمضى فى الفصل فى موضوع الدعوى بحكم جديد تراعى فيه الإجراءات الصحيحة الواجبة الاتباع لأن الاستئناف ينقل الدعوى برمتها إلى المحكمة الاستئنافية ولا يحق لها أن تتخلى عن الفصل فى موضوعها، ولا يعد ذلك منها تصديا ولا فصلا فى طلبات جديدة ولا خروجا عن نطاق الاستئناف.
3 - متى استخلصت محكمة الموضوع من وقائع الدعوى - توافر نية التجديد(1) باستبدال شخص الدائن وتحرير سند صريح بالدين وأن الادعاء بصورية هذا التجديد لم يقم عليه دليل وركن الحكم فى ذلك كله إلى عدة قرائن يكمل بعضها بعضا وتؤدى فى مجموعها إلى النتيجة التى انتهى إليها فإنه لا يجدى الطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها متى كان الحكم قد أقام قضاءه على اسباب سائغة كافية لحمله.
4 - الإقرار الوارد فى صحيفة دعوى صحة تعاقد لا يعد إقرارا قضائيا - طبقا للمادة 408 من القانون المدنى - فى دعوى أخرى ومن ثم يخضع لتقدير المحكمة فى هذه الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن وقائع الطعن تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن المرحوم........ زوج المطعون عليها الأولى باع إلى أخيه الطاعن قطعة أرض فضاء بالمعادى ولم يدفع الطاعن الثمن وإنما ذكر فى عقد البيع المؤرخ 20 سبتمبر سنة 1948 أن الثمن قد دفع وحرر الطاعن فى ذات التاريخ سندا على نفسه بمبلغ 4000 جنيه لصالح المطعون عليها الأولى تدفع على أقساط سنوية. ولما حل القسط الأول قام الطاعن بأدائه إلى أخيه البائع بإيصال تاريخه 27 يناير سنة 1951 يفيد استلامه شيكا بمبلغ 1000 جنيه وذلك من ثمن الأرض المبيعة من ملكه. وظهر البائع هذا الشيك للبنك الأهلى بالقاهرة للتحصيل وأودع فى حسابه. وقد وقعت المطعون عليها الأولى فى ذيل الإيصال المتقدم وفى ذات التاريخ بما يفيد استلامها مبلغ الألف جنيه قيمة القسط الأول من السند الصادر من الطاعن الأول لاسمها - واستصدرت المطعون عليها الأولى فى 19 يوليه سنة 1955 أمرا بأداء مبلغ 3000 جنيه الباقية - عارض فيه الطاعن فى الدعوى 3215 سنة 1955 كلى القاهرة مستندا إلى أن الزوجة لم تكن صاحبة السند وإنما استصدره زوجها من أخيه الطاعن لاعتبارات خاصة مستعيرا اسم زوجته - ثم ما لبث أن عدل عن تلك الصورية عندما طالب بالقسط الأول وأعطى إيصالا بأن مبلغ ال 1000 جنيه من ثمن الأرض المبيعة من ملكه ولم يظهر الشيك باسم زوجته مما يدل على أنه لم يقصد تمليك زوجته للمبلغ الوارد بالسند وأن الزوجة قد اعترفت بصورية هذا السند عندما وقعت على إيصال السداد بما يفيد استلامها مبلغ ال 1000 جنيه - وتدخل فى هذه الدعوى المطعون عليه الثانى منضما إلى أخيه الطاعن طالبا اعتبار مبلغ ال 3000 جنيه تركة عن أخيه المرحوم....... - وقد أصدرت محكمة القاهرة حكمها فى 22 مارس سنة 1959 بقبول المعارضة شكلا وبقبول تدخل المطعون عليه الثانى وفى الموضوع رفض المعارضة وتأييد أمر الأداء ورفض دعوى المتدخل - واستأنف الطاعن هذا الحكم كما أستأنفه المطعون عليه الثانى لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئنافان برقم 403 و431 سنة 73 ق وقد قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين معا وأصدرت فيهما حكمها بتاريخ 21 يونيه سنة 1956 بقبول الإستئنافين شكلا وببطلان الحكم المستأنف وفى موضوع النزاع بقبول المعارضة فى أمر الأداء شكلا وبقبول تدخل...... ورفض المعارضة وتأييد أمر الأداء ورفض دعوى المتدخل وإلزام الأستاذ....... بمصروفات المعارضة والاستئناف والزام الأستاذ........ بمصروفات دعواه وبمصروفات استئنافه - وقد طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 29 ديسمبر سنة 1956 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها فى 29 يناير سنة 1961 بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الاجراءات اللاحقة لقرار الاحالة تحدد لنظر الطعن جلسة 18 أكتوبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن فى الوجه الأول من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه مشوب ببطلان جوهرى فى الإجراءات. وفى بيان ذلك يقول إن الدعوى الابتدائية حجزت للحكم لجلسة 22 مارس سنة 1956 وفيها قررت المحكمة فتح باب المرافعة لنفس الجلسة لتعذر المداولة بسبب تغيير أحد أعضاء الهيئة واعتبرت النطق بهذا اعلانا للخصوم وقد ورد فى محضر تلك الجلسة أنه قد نودى على الخصوم فحضر محام عن المعارض وآخر عن المعارض ضدها وخلا محضر الجلسة من بيان أسماء أعضاء الهيئة التى تمت أمامها هذه الإجراءات مما يجهل بالهيئة التى أصدرت الحكم الابتدائى - ولما كان إقفال باب المرافعة فى الدعوى وتهيئتها للحكم لا يجعل للخصوم اتصالا بها إلا بالقدر الذى تصرح به المحكمة فإذا أعيدت الدعوى إلى المرافعة تحتم دعوة الخصوم باعلانهم قانونا إن لم يثبت حضورهم وقت النطق بالقرار - لما كان ذلك، فإن الحكم الابتدائى وقد نأى عن هذه القواعد المتعلقة بالنظام القضائى يكون قد صدر فى غير خصومة بل يعتبر حكما معدوما لا يتأسس عليه قضاء بالتأييد أو الإلغاء أو التعديل ويمتنع معه على محكمة الاستئناف أن تتصدى لموضوع الخصومة وأن تلغى الحكم المستأنف وتحل محله حكما آخر مخالفة بذلك حكم المادتين 409 و411 مرافعات. وكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تقف عند حد الحكم بالبطلان. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مشوبا ببطلان جوهرى يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن ما يعيبه الطاعن على الحكم الابتدائى لا يصمه بالانعدام بل هو من حالات البطلان لأن الخصومة انعقدت صحيحة ثم طرأ عليها عيب عارض فى إجراء من إجراءاتها ومتى كان ذلك وكانت محكمة الدرجة الأولى قد استنفدت ولايتها بالحكم فى موضوع الدعوى فإن محكمة الاستئناف لا تقف عند حد تقرير هذا البطلان بل يجب عليها أن تمضى فى الفصل فى موضوع الدعوى بحكم جديد تراعى فيه الاجراءات الصحيحة الواجبة الاتباع لأن الاستئناف ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة الاستئناف ولا يجوز لها التخلى عن الفصل فى موضوعها. ولا يكون ذلك تصديا ولا فصلا فى طلبات جديدة ولا خروجا عن نطاق الاستئناف - وهو ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لما كان ذلك، فلا جناح على محكمة الاستئناف بعد أن انتهت إلى بطلان الحكم الابتدائى أن تقضى فى موضوع الدعوى بحكم جديد.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه فى السبب الثانى القصور كما ينعى عليه فى السبب الثالث مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه. وقال فى بيان ذلك إن الحكم إذ أسس قضاءه على انتفاء الصورية وثبوت نية التجديد قد أهدر دلالة الوقائع الثابتة فى الدعوى كما جانب الصواب فى قوله "إن السند صريح فيما أثبته من عبارة كما أنه لم يخف أى غش أو تصرف مخالف للقانون. وهو يحمل عبارة صريحة يبين منها أن المستأنف دفع القسط الأول من السند... فلا يعاب على هذا السند بالصورية المطلقة" مع أنه لا أدل على صورية السند من أن الطاعن كان مدينا لأخيه بالثمن وأن أخاه طالبه بالوفاء واستوفاه لنفسه - ومن التناقض ما ذهب إليه الحكم من أن السند جدى لا صورية فيه - دون أن يوفق بين هذه الواقعة وبين واقعة احتفاظ زوج المطعون عليه بحقه فى المطالبة واستيفاء الدين وإيداعه فى حسابه الخاص - ولو صح ما قرره الحكم من أن السند ينطوى على استبدال للدين لصالح المطعون عليها ولم يكن تحريره باسمها عملا صوريا بحتا لسارع مورثها إلى تحويل الشيك إليها ولما كان ثمة داع للنعى بايصال 27 يناير سنة 1951 على أن قيمته هى جزء من ثمن الأرض المبيعة ولا إلى تذييل هذا الإيصال من المطعون عليها مؤمنة على ما صدر به ولاقتصر الأمر على إقرار بسيط منها باستيفائها الألف جنيه من قيمة السند - وقد التفتت المحكمة عن كل ذلك وهو حاسم فى نفى جدية السند وفى نفى انصراف النية إلى تجديد الدين - ومما هو أمعن فى مسخ الواقع استناد الحكم إلى أن إقرار المطعون عليها بقبض قيمة الشيك يتضمن سداد دين السند وإلى أن صدور توكيل من زوجها يخولها إيداع المبالغ فى البنوك وسحبها يؤيد هذا النظر مع أن الثابت من الأوراق أنها لم تقبض قيمة الشيك وأنه أودع فى حساب زوجها لا حسابها ومع أن حكم القانون فى المادة 105 مدنى أن تضاف تصرفات النائب إلى الأصيل ولذلك تكون وكالة السيدة عايدة حجة عليها لا لها - وقد استدل الحكم كذلك على قيام نية التجديد بما ذكره الطاعن فى دعوى صحة التعاقد من أنه دفع الثمن واعتبر الحكم ذلك منه إقرارا بجدية السند وصحة الاستبدال وهو استخلاص غير سائغ. لأن واقعة أداء الثمن هى مجرد استصحاب لظاهر العقد وهى غير جوهرية فى دعوى صحة التعاقد ولم يكن مدعى بها فيها فى تلك الدعوى وإسباغ وصف الإقرار على هذا البيان لا يطابق القانون لعدم توفر شرائط الإقرار كما بينتها المادة 408 مدنى - كذلك نعى الطاعن على الحكم أنه أخطأ فى القانون - ذلك أن المادة 245 مدنى تنص على أنه إذا ستر المتعاقدان عقدا حقيقيا بعقد ظاهر. فالعقد النافذ بين المتعاقدين هو العقد الحقيقى - وقد نفى الحكم الصورية عن السند بقوله "إنه لم يخف أى غش أو مخالفة للقانون" وليس من شرائط الصورية أن تكون ساترة لغرض يداخله الغش أو يخالف القانون - وفضلا عن ذلك فقد اعتد الحكم بعبارة السند وما ذيل به إيصال التخالص. مع أن الوقائع المسلمة بين الطرفين لا تتفق مع مذهبه فى جدية السند - وفات الحكم أن الطاعن وهو طرف فى البيع وفى سند المطعون عليها له صفة أخرى هى أنه وارث لأخيه البائع. ومن حقه إقامة الدليل على صورية أى تصرف يصدر من مورثه إلى وارث آخر (المطعون عليها) بكافة طرق الإثبات. وكذلك أخطأ الحكم فى القانون لأن التجديد لا يفترض بل يجب أن يتفق عليه صراحة أو يستخلص بوضوح من الظروف. وعلى ذلك فلا يستفاد التجديد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك وهو ما تقضى به المادتان 352 و354 من القانون المدنى - وقد أقر الحكم التجديد رغم قيام الدين الأصلى وافترض وجوده من مجرد تحرير سند بالثمن دون اتفاق صريح أو دلالة واضحة من ظروف الدعوى.
وحيث إن هذا النعى برمته مردود بأن الحكم المطعون فيه قد دلل على نية التجديد وعلى انتفاء صورية سند الدين بقوله "إنه صريح فيما أثبته من عبارة" وأنه حرر لصالح المطعون عليها فى 20 سبتمبر سنة 1948 وهو بذاته تاريخ عقد البيع الصادر للطاعن متضمنا سداد الثمن مما يدل على أن نية الأطراف الثلاثة الطاعن والمطعون عليها وزوجها - قد انصرفت وقت تحرير السند الى أن يستبدل الدين الموضح بالسند بثمن الأرض المبيعة فى نفس اليوم. وبذلك ينقضى الدين القديم وهو ثمن الأرض - ويحل محله السند المحرر للمطعون عليها - وكان من أثر ذلك أن الطاعن لم يعترض عليه أحد فيما ذكره فى دعوى صحة التعاقد من أن الثمن قد دفع فأصبح مالكا للأرض المبيعة دون أى تحفظ. وأن الإدعاء بتحرير الشيك بالقسط الأول من الدين باسم زوج المطعون عليها وإيداع قيمته فى حسابه مردود بالايصال المؤرخ 27 يناير سنة 1951 الذى تقرر فيه المطعون عليها انها استلمت قيمة ذلك الشيك وأعطت عنه ايصالا فى ذيل الايصال المتقدم. وفى ذلك اقرار من المدين بان تحرير الشيك باسم أخيه يتضمن دفع قيمته للدائنة واقرار من الدائنة بان تحرير الشيك باسم زوجها يتضمن الوفاء لها ويؤيد ذلك التوكيل الصادر للمطعون عليها من زوجها بايداع المبالغ فى البنوك وسحبها... وغير ذلك. فلا ضير على المطعون عليها أن تعتبر ذلك الشيك وفاء لها بالمبلغ الوارد به بمجرد استلام زوجها له سيما وأن الطاعن يعتبر تحرير هذا الشيك وفاء للقسط الأول من سند الدين الذى أعطت عنه المطعون عليها مخالصة بالمبلغ بذيل الايصال باعتبار أنها هى لا زوجها صاحبة الحق فى الدين والتى تملك وحدها التخالص عن أى جزء منه سواء سلم المبلغ ليدها مباشرة أو بشيك لاسم زوجها وأودع فى حساب لها كل السيطرة عليه" - ويبين من هذا الذى قرره الحكم أن المحكمة قد استخلصت فى حدود سلطتها الموضوعية أن الوفاء وإن كان قد تم بتسليم الشيك الى زوج المطعون عليها إلا أن حقيقته والغاية منه أنه لحساب الزوجة - وليس ثمة تعارض بين ما قرره الحكم من أن الزوج هو الذى استلم الشيك وأودع فى حسابه بالبنك وبين قضائه بانتفاء صورية سند الدين - أما ما استقاه الحكم مما ذكره الطاعن فى دعوى صحة التعاقد بأنه أدى الثمن فهو مجرد قرينة أضافتها المحكمة الى القرائن الأخرى التى أوردتها فى معرض التدليل على جدية السند وحصول استبدال فى الدين - ولا محل للتحدى بحكم المادة 408 مدنى التى عرفت الاقرار القضائى لأن ما قرره الطاعن فى صحيفة دعوى صحة التعاقد لم يصدر فى الدعوى الحالية ومن ثم يكون اقرارا غير قضائى فيخضع لتقدير المحكمة - أما التحدى بمخالفة حكم المادة 105 مدنى فمردود بأن الحكم المطعون فيه أراد أن يدحض شبهة أثارها الطاعن - وهى تحرير الشيك لاسم زوج المطعون عليها فقال إنه لا ضير من هذا طالما أن بيد المطعون عليها توكيلا تستطيع معه أن تحصل على قيمة الشيك الذى تسلمه زوجها وأودعه فى حسابه بالبنك - وقد استنبط الحكم فى صدور التوكيل إلى الزوجة أنها سلطة على مال زوجها فى البنك - أما ما يثيره الطاعن فى خصوص المادة 245 مدنى ونفى الحكم للصورية.... الخ ما جاء فى هذا النعى فمردود بأن عبارة الحكم فى أن السند لم يخف أى غش أو مخالفة للقانون هى تزيد - يستقيم الحكم بدونه - وقد تحدث الحكم عن صورية استبدال الدين فنفاها بالأدلة السائغة التى ساقها. وليس فى الأوراق ما يدل على أن الطاعن تحدى بالصورية بين المطعون عليها وزوجها بما يستر تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت يتأثر به حقه كوارث. أو أنه طلب إثبات هذه الصورية بغير الأدلة التى ساقها. بل كان دفاعه منحصرا فى أن التجديد لم يحصل وأن أخاه هو الدائن الحقيقى وأن السند حرر لصالح المطعون عليها تهربا مما قد تستقر عنه نتيجة الحساب بين زوج المطعون عليها وبين أخيه المطعون عليه الثانى - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من افتراضه التجديد ومخالفة حكم المادتين 352 و354 مدنى فمردود بأنه يبين من الحكم أن نية التجديد قد ثبتت لدى المحكمة من استبدال شخص الدائن وتحرير سند صريح بالدين لصالح المطعون عليها فى نفس التاريخ الذى أبرم فيه عقد البيع - ومن أن ما ادعاه الطاعن من صورية هذا التجديد وأن الدائن لم يتغير - هو ادعاء لم يقم عليه دليل - وقد أوردت المحكمة فى سبيل نفى هذا الادعاء قرائن كثيرة تؤدى إلى ما استخلصته من حصول الاستبدال وتوفر نية التجديد بوضوح - لما كان ذلك، فلا يجدى الطاعن أن يدحض فى نعيه كل قرينة على حدة. لأن الحكم إذا كان مقاما على جملة قرائن يكمل بعضها بعضا وتؤدى فى مجموعها إلى النتيجة التى انتهى إليها فإنه لا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها - لما كان ذلك، وكان الحكم مؤسسا على أسباب سائغة كافية لحمله ولا مخالفة فيها للقانون. فلا إلزام على محكمة الموضوع فى أن تتبع الخصوم فى كل مناحى دفاعهم أو ترد استقلالا على كل ما يثيره الطاعن من أوجه دفاع - ومن ثم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع المادتين 352 و354 من القانون المدنى.