أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1134

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار الحسينى العوضى، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكرى، ولطفى على، وحافظ محمد بدوى.

(179)
الطعن رقم 279 لسنة 27 القضائية

( أ ) تقادم "تقادم مسقط". "النزول عن التمسك به". محكمة الموضوع. نقض "أسباب موضوعية".
استخلاص النزول عن التقادم المسقط بعد ثبوت الحق فيه مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع. لا رقابة لمحكمة النقض متى كان الاستخلاص سائغا. جدل موضوعى. مثال.
(ب) تقادم "تقادم مسقط". "قطع التقادم". "تنبيه نزع الملكية". "إلغاؤه". تنفيذ عقارى.
إلغاء تنبيه نزع الملكية يترتب عليه اعتباره كأن لم يكن وزوال ما كان للتنبيه من أثر فى قطع التقادم.
(ج) تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم". "صحيفة الدعوى". "أثر رفض الدعوى". دعوى.
مؤدى رفض الدعوى إلغاء صحيفتها وما يكون قد ترتب عليها من أثار منها قطع التقادم.
1 - استخلاص النزول عن التقادم المسقط بعد ثبوت الحق فيه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا معقب عليه فى ذلك من محكمة النقض متى كان هذا الاستخلاص سائغا فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن سكوت المطعون عليه عن إبداء الدفع بالتقادم وقت توقيع الحجز تحت يده لا يفيد النزول عن حقه فى التمسك بالتقادم فإن هذا الاستخلاص سائغ لا مخالفة فيه للقانون ولا تكون مجادلة الطاعن فى هذا الخصوص إلا جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - الحكم فى معارضة المدين فى تنبيه نزع الملكية، بإلغاء هذا التنبيه يترتب عليه اعتباره كأن لم يكن وزوال ما كان للتنبيه من أثر فى قطع التقادم.
3 - الحكم برفض الدعوى يؤدى إلى إلغاء صحيفتها وما يكون قد ترتب عليها من الآثار ومنها قطع التقادم(1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أنه بتاريخ 22 فبراير سنة 1956 أمر قاضى التوزيع بمحكمة المنصورة الابتدائية بفتح إجراءات التوزيع حسب ترتيب درجات الدائمين فى مبلغ 11699 جنيها و485 مليما وهو مقدار الصافى من ثمن بيع أعيان تركة المرحومة السيدة ايلين اليان خريستو فى دعوى البيع رقم 151 سنة 1950 جدول خصوصى المنصورة. وقدم جميع الدائنين طلباتهم فى التوزيع فطلبت المطعون عليها "الآنسة اميللى خريستو" اختصاصها بكامل المبلغ بوصفها الوارثة الوحيدة للتركة بشرط الجرد وباعتبارها حالة محل الدائنين الثابت لهم حق التقدم على أعيان التركة المذكورة وهم ورثة المرحومة صوفى قسيس وبنك باركليز ومحمد محمود القاضى ومحل فورتنيه صليبا والسيدة ايزابيل طمباى ومصلحة الأملاك. وطلبت الطاعنة السيدة "عزيزة شكرى" التقدم على سائر الدائنين بمبلغ 3351 جنيها و243 مليما استنادا إلى حكم صدر لها بذلك المبلغ ضد المدينة من المحكمة المختلطة بتاريخ 7 أبريل سنة 1927 وأخذت به حق اختصاص - وفى 11 يوليه سنة 1956 أصدر قاضى التوزيع قائمة التوزيع المؤقتة وجعل للمطعون عليها درجة الأولوية باعتبارها حالة محل السيدة ايزابيل طمباى فى دينها المضمون برهن يتقدم على سائر الديون على أن تليها الطاعنة فى تلك الدرجة ثم يكون الترتيب بعد ذلك للمطعون عليها بمقتضى عقود الحلول التى حلت بها محل الدائنين الآخرين - وعلى أن تكون لها درجة الديون العادية بالنسبة لباقى طلباتها. وقد ناقضت المطعون عليها فى دين الطاعنة مستندة فيما استندت إليه إلى أن ذلك الدين قد سقط بالتقادم - إذ صدر الحكم للطاعنة بالدين المذكور فى سنة 1927 وتقدمت به فى التوزيع الواقع على أموال المدينة فى سنة 1931 برقم 56 سنة 54 ق - ولم تتخذ بعد ذلك أى إجراء من إجراءات التنفيذ إلا الحجز الذى أوقعته تحت يد المطعون عليها بتاريخ 18 أغسطس سنة 1949 بعد أن كان الحكم قد سقط بالتقادم فعلا. وناقضت المطعون عليها فى ديون أحد الدائنين الآخرين أيضا كما ناقض بعض الدائنين فى ديون الطاعنة كذلك. وقد قيدت جميع المناقضات برقم 621 سنة 1956 كلى المنصورة، وفى 14 نوفمبر سنة 1956 قضت محكمة المنصورة الابتدائية فى المناقضة المرفوعة من المطعون عليها ضد الطاعنة برفضها. وقالت بأسباب حكمها عن الدفع بسقوط دين الطاعنة بالتقادم أن الحجز التنفيذى الذى أوقعته الطاعنة المذكورة تحت يد المطعون عليها بتاريخ 18 أغسطس سنة 1949 يعتبر قاطعا لمدة التقادم ما دام أن المطعون عليها لم تتمسك وقت توقيع الحجز بسقوط الدين المحجوز به بالتقادم. واستأنفت المطعون عليها ذلك الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 336 سنة 8 قضائية. وفى 8 أبريل سنة 1957 قضت هذه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول دين الطاعنة وباستبعاد الدين المذكور من قائمة التوزيع لانقضائه بالتقادم. فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 4 من أبريل سنة 1961 إحالته إلى هذه الدائرة. وحدد لنظره جلسة 29 نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة فى سببى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره فى التسبيب، ذلك أنه بنى قضاءه باستبعاد دين الطاعنة من قائمة التوزيع على أساس إنقضاء حقها بالتقادم قولا منه بأن الطاعنة تقدمت بدينها فى التوزيع ضد المدينة السيدة إيلين اليان خريستو المقيد برقم 56 سنة 54 ق بمحكمة المنصورة المختلطة واستوفت منه مبلغ 811 جنيها و505 مليمات فى 10 أغسطس سنة 1931 ومنذ ذلك التاريخ لم تتخذ أى إجراء من إجراءات التنفيذ حتى أوقعت ضد تركة مدينتها حجزا تنفيذيا تحت يد المطعون عليها بتاريخ 10 أغسطس سنة 1949 أى بعد سقوط دين الطاعنة بالتقادم بمضى مدة تزيد على خمس عشرة سنة من وقت إجراءات التوزيع... وأن سكوت المطعون عيها لدى توقيع الحجز تحت يدها عن التمسك بتقادم دين الطاعنة لا يعد نزولا منها عن حقها فى الدفع بسقوط ذلك الدين بالتقادم. فضلا عن أن ذلك الحجز قد وقع باطلا لأن المحجوز لديها "المطعون عليها" بوصفها وارثة للمدينة بشرط الجرد لا تعتبر مدينة للتركة ومسئولة عن ديون المورثة. وبذلك فلا يترتب على ذلك الحجز أثره فى قطع التقادم. وتقول الطاعنة إن الحكم قد أخطأ فيما بنى عليه قضاءه لأن سكوت المطعون عليها عن الدفع بتقادم الدين عند الحجز به تحت يدها لا يفسر إلا بالتنازل عن التمسك بالتقادم. ولأن ذلك الحجز قد وقع صحيحا تحت يد المطعون عليها بإعتبارها وارثة للتركة بسقوط الجرد وفقا للقواعد المقررة بشريعتها وأنه بفرض عدم صحة الحجز فليس للحكم المطعون فيه أن يقرر بطلانه بغير طلب من صاحب المصلحة هذا إلى أنه ليس من شأن عدم صحة الحجز إزالة أثره فى قطع التقادم. وأضافت الطاعنة إلى ذلك أنه غير صحيح أيضا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنها منذ دخولها فى التوزيع رقم 56 سنة 54 ق فى سنة 1931 لم تتخذ أى إجراء قاطع للتقادم قبل إكتمال مدته ذلك أنها أعلنت المدينة فى 13 أغسطس سنة 1937 بتنبيه نزع ملكية كما أنها فى سنة 1942 رفعت على المطعون عليها دعوى بطلب إثبات حقها فى التقدم بدينها على أطيان المدينة بمقتضى ما لها من حق اختصاص عليها. وقدمت إلى محكمة الموضوع إثباتا لذلك الحكم الصادر من محكمة المنصورة المختلطة فى 19 من يناير سنة 1938 فى معارضة المدينة فى تنبيه نزع الملكية رقم 1847 سنة 1962 ق - والحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة فى 17 مارس سنة 1942 فى دعواها ضد المطعون عليها رقم 325 سنة 65 ق وعقبت الطاعنة على ذلك بأن الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إلى الحكمين المذكورين كما أغفل الإشارة إلى دفاعها بانقطاع التقادم بناء عليهما ولذلك فقد طلبت فى جلسة المرافعة أمام هذه المحكمة الأمر بضم الملف للتثبت من صحة دفاعها.
وحيث إن هذا النعى بجميع أوجهه مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بسقوط دين الطاعنة بالتقادم على أنها لم توقع الحجز تحت يد المطعون عليها فى 10 أغسطس سنة 1949 إلا بعد أن اكتملت مدة التقادم بمضى مدة تزيد على خمس عشرة سنة من تاريخ آخر إجراء سابق قاطع للتقادم فى 10 أغسطس سنة 1931، باستيفاء الطاعنة بعض دينها من التوزيع 56 سنة 54 ق أمام محكمة المنصورة المختلطة. ورد الحكم على ما تمسكت به الطاعنة من أن سكوت المطعون عليها عن إبداء الدفع بالتقادم عند توقيع الحجز تحت يدها فى 10 أغسطس سنة 1949 يعتبر نزولا منها عن التمسك بالتقادم. بأن هذا السكوت لا يفيد النزول عن حقها فى التمسك بالتقادم لأن التنازل عن هذا الحق لا يفترض بل يجب أن يقوم عليه الدليل – ولما كان استخلاص النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا معقب على رأيه فى ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغا وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أن سكوت المطعون عليها عن إبداء الدفع بالتقادم وقت توقيع الحجز تحت يدها لا يفيد النزول عن حقها فى التمسك هو استخلاص سائغ ولا مخالفة فيه للقانون فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولما كان الحكم قد إنتهى إلى أن الحجز بفرض وقوعه صحيحا لم يقطع التقادم فإن ما عرض له الحكم بعد ذلك فى أسبابه من بطلان الحجز - يعتبر زائدا عن حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه فأيا كان وجه الصواب فيه فإنه لا أثر له على سلامة الحكم - وأما ما تعيبه الطاعنة على الحكم من انه أغفل الإشارة إلى دفاعها بانقطاع التقادم استنادا إلى الحكمين المقدمين منها فإنه مردود بأنها لم تقدم لهذه المحكمة ما يدل على أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع. على أنه بفرض تمسكها به فإنه لم يكن ليغير وجه الرأى فى الدعوى ذلك أن يبين من الاطلاع على الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1847 سنة 62 ق المنصورة المختلطة أنه قضى فى معارضة المدينة فى تنبيه نزع الملكية بإلغاء هذا التنبيه ومقتضى ذلك اعتباره كأن لم يكن وزوال ما كان له من أثر فى قطع التقادم كما يبين من الاطلاع على الحكم الصادر فى الدعوى رقم 325 سنة 65 ق استئناف مختلط أنه قضى برفض دعوى الطاعنة ضد الطعون عليها التى طلبت فيها التقدم بدينها على ديون المطعون عليها عند إجراء التنفيذ على أموال المدينة ومن المقرر أن الحكم برفض الدعوى يؤدى إلى إلغاء صحيفتها وما يكون قد ترتب عليها من الآثار ومنها قطع التقادم ومتى تقرر ذلك فإن طلب الطاعنة الأمر بضم الملف للتدليل على أنها تمسكت بدفاعها سالف الذكر أمام محكمة الموضوع يكون حتى بفرض أحقيتها فى هذا الطلب غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 26/ 4/ 1962 مجموعة المكتب الفنى س 13 ع 2 صـ 506