أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1140

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضى، ومحمد عبد اللطيف مرسى، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

(180)
الطعن رقم 289 لسنة 27 القضائية

( أ ) عقد "تكييف العقد". عمل. "عناصر عقد العمل الفردى".
العبرة فى تكييف العقد بحقيقة الواقع والنية المشتركة التى اتجهت إليها إرادة المتعاقدين دون الاعتداد بالألفاظ التى صيغ بها العقد أو بالتكييف الذى أسبغه الطرفان عليه. مثال فى عقد العمل: افراغ الطرفين فى العقد كل عناصره بما فى ذلك أداء العمل بمعاونة رب العمل فى إدارة أعماله مما يقتضى بطريق اللزوم تبعية العامل لرب العمل والنص على حق العامل فى الأجازات ومكافأة نهاية الخدمة، كل ذلك ينبئ عن اتجاه نية الطرفين إلى ابرامه عقد عمل فردى.
(ب) عمل "دعوى عمالية". دعوى "وصف السرعة". استئناف "طريقة رفعه". بطلان. نظام عام. اختصاص.
متى كان أساس الدعوى عقد عمل فردى فإنها تنظر على وجه السرعة. يرفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بتكليف بالحضور فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان الحكم، فإذا رفع بعريضة إلى قلم الكتاب فإنه يكون باطلا وتقضى المحكمة من تلقاء نفسها بالبطلان ولو لم يدفع به لتعلقه بالنظام العام. لا يمنع من ذلك صدور الحكم فى الدعوى العمالية من محكمة عادية. توزيع العمل على دوائر المحكمة الابتدائية مسألة تنظيمية، وليس من شأنه أن يخلق نوعا من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى.
1 - العبرة فى تكييف العقود هى بحقيقة الواقع والنية المشتركة التى اتجهت إليها إرادة المتعاقدين دون الاعتداد بالألفاظ التى صيغت فى هذه العقود وبالتكييف الذى أسبغه الطرفان عليها. فإذا كانت نصوص العقد قد أبانت عن أنه قد أبرم بين رب عمل وعامل متفرغ لأداء خدمة هى معاونة رب العمل فى إدارة أعماله المبينة بالعقد مما يقتضى - بطريق اللزوم تبعية العامة لرب العمل وإشراف الأخير عليه وتوجيهه له فى مهمته وذلك لقاء أجر معلوم محدد إلى جانب مكافأة نهاية الخدمة كما أبانت عن حقوقه فى التعويض عن فسخ التعاقد قبل نهاية مدته وفى الأجازات على اختلاف أنواعها فإن كل ذلك ينبئ عن أن المتعاقدين قد اتجهت نيتهما إلى إبرام عقد عمل فردى وقد أفرغا فى العقد كل عناصره.
2 - متى كان أساس الدعوى عقد عمل فردى فإنها تنظر على وجه السرعة(1) ويرفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بطريق إعلان صحيفته بواسطة أحد المحضرين فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان الحكم. وإذا رفع الاستئناف بطريق إيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة فقد وقع باطلا (م 405 مرافعات فقرة أخيرة) ويكون على محكمة الاستئناف أن تقضى ببطلانه - ولو لم يدفع به - لتعلق هذا البطلان بالنظام العام. ولا يمنع من ذلك أن يصدر الحكم فى الدعوى العمالية من محكمة عادية، ذلك أن توزيع العمل على دوائر المحكمة الابتدائية مسألة تنظيمية وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعا من اختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى(2).


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق فى ان الطاعن أقام الدعوى رقم 1249 سنة 1947 كلى المنصورة ضد الأستاذ....... وطلب فيها الحكم له بملغ 7379 ج و765 م وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 22/ 11/ 1947 حتى السداد مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. مستندا فى ذلك الى عقد اتفاق مؤرخ فى 31/ 3/ 1947 التحق المدعى (الطاعن) بموجبه بخدمة المدعى عليه لإدارة مصانع الثلج والمياه الغازية الخاصة به وما يتصل بها وان المدعى عليه فصله من العمل فى وقت غير لائق وان مجموع حقوقه المستمدة من الاتفاق المشار اليه تمثل المبلغ المطلوب الحكم به، وأثناء سير الدعوى أقام المطعون ضده دعوى فرعية على الطاعن طلب فيها الحكم باعتبار العقد المؤرخ 31/ 3/ 1947 مفسوخا مع الزام الطاعن بأن يقدم حسابا عن مدة وكالته من 31/ 3/ 1947 حتى 8/ 10/ سنة 1947 والحكم عليه بنتيجة الحساب مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة والنفاذ بلا كفالة. وبتاريخ 26/ 4/ 1948 قضت محكمة أول درجة فى الدعويين الأصلية والفرعية: أولا - بفسخ عقد الاتفاق المؤرخ 31/ 3/ 1947. وثانيا - بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين وتحقيق الأوجه المختلف عليها بينهما وقد باشر الخبير مأموريته وبتاريخ 9/ 2/ 1953 قضت بانقطاع سير الخصومة لاشهار إفلاس المدعى عليه فى الدعوى الأصلية وجدد الطاعن دعواه قبل المطعون عليه بصفته سنديكا ملتمسا فيها الحكم بذات الطلبات السالف بيانها. وبتاريخ 22/ 6/ 1953 قضت المحكمة بالزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن مبلغ 5670 ج والمصاريف المناسبة لذلك ومبلغ 30 ج مقابل أتعاب المحاماه وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات بما فيها الدعوى الفرعية المقامة من المطعون عليه والزمته بمصاريفها. استأنف المطعون عليه هذا القضاء بالاستئناف رقم 307 سنة 5 ق ولدى نظره بتاريخ 6/ 5/ 1954 استأنف الطاعن فرعيا وطلب الحكم له بباقى طلباته التى رفضها حكم محكمة أول درجة - وبتاريخ 7/ 4/ 1955 قضت محكمة استئناف المنصورة بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع: أولا - بتعديل الحكم المستأنف الى الزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعن مبلغ 420 جنيها والمصاريف المناسبة لذلك عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة فى أتعاب المحاماة. وثانيا - برفض الاستئناف الفرعى والزام الطاعن بمصاريفه وبمصاريف ما زاد عن مصاريف مبلغ الأربعمائة وعشرين جنيها المحكوم له بها. وثالثا - برفض ما عدا ذلك من الطلبات وبتاريخ 8/ 8/ 1957 طعن الطاعن فى الحكم بالنقض وطلب للأسباب الواردة فى التقرير به نقض الحكم المطعون فيه وبطلان الاستئناف المرفوع من السنديك واحتياطيا احالة الدعوى الى محكمة استئناف المنصورة للفصل فيها من دائرة أخرى مجددا مع الزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن جميع مراحل التقاضى. وقدمت النيابة مذكرة تضمنت رأيها بطلب رفض الطعن. وبتاريخ 8 أبريل سنة 1961 قررت دائرة فحص الطعون باحالة الطعن الى هذه المحكمة، ولدى نظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 29/ 11/ 1962 صممت النيابة على طلبها.
وحيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه فى السبب الأول من أسباب الطعن أنه انطوى على مخالفة للقانون بقوله إن الدعوى عمالية تستند الى المادة الأولى من القانون رقم 41 لسنة 1944 وهى تنظر على وجه الاستعجال عملا بحكم المادة 43 من ذلك القانون وكان يتعين على المطعون ضده حين رفع استئنافه أن يتبع أحكام الفقرة الثانية من المادة رقم 405 من قانون المرافعات ويعلن صحيفة الاستئناف لخصمه بواسطة أحد المحضرين فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ اعلان الحكم لا أن يقدمه بعريضة الى قلم كتاب المحكمة ومن ثم كان استئنافه باطلا طبقا للفقرة الأخير من المادة 405 سالفة الذكر وكان يتعين على محكمة الاستئناف ان تقضى بهذا البطلان من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به الطاعن لأنه متعلق بالنظام العام.
وحيث ان هذا النعى صحيح - ذلك ان الثابت من مطالعة العقد أساس المطالبة المؤرخ 31 مارس سنة 1947 والموقع عليه من الطرفين ان المتعاقدين أثبتا فيه ما يأتى: "حيث إن الطرف الثانى - المطعون عليه - يشغل الآن وظيفة ببنك التسليف الزراعى المصرى ونظرا لما يربط الطرفين من صلة سابقة فقد اتفق الطرفان على أن يستقيل الطرف الثانى من عمله بالبنك ليقوم بمعاونة الطرف الأول فى إدارة مصانع الثلج ومصنع المياه الغازية وجميع ما يتصل ويتفرع منها والمملوكة للطرف الأول وذلك باعتباره وكيلا عاما عنه وطبقا للشروط الآتية: أولا - مهمة الطرف الثانى هى الوكالة العامة عن الطرف الأول فى إدارة أعماله المبينة فى هذا العقد والاشراف على الموظفين والعمال ومراقبتهم. ثانيا - مدة هذا العقد عشر سنوات تبدأ من أول أبريل سنة 1947 وتنتهى فى آخر مارس سنة 1957 على أن يتجدد لمدة خمس سنوات أخرى وبنفس الشروط إذا لم يخطر أحد الطرفين الآخر برغبته فى عدم تجديده قبل انتهاء المدة بستة شهور. ثالثا - المرتب خمسة وثلاثون جنيها شهريا ويمنح علاوة لا تقل عن جنيهين كل سنتين بصفة علاوة دورية وتبدأ العلاوة الأولى فى أول يناير سنة 1949. رابعا - اتفق الطرفان على أن يكون للطرف الثانى فضلا عن مرتبه المنوه عنه حصة قدرها 1% من إيراد جميع المؤسسات المشار إليها سابقا تصرف عند نهاية كل شهر بعد حصر إجمالى الدخل الشهرى للمؤسسات. خامسا - إذا أراد الطرف الأول أن يفسخ هذا العقد قبل نهاية المدة فيدفع للطرف الثانى كامل مرتبه عن باقى المدة بما فى ذلك نصيبه فى الإيرادات عن المدة الباقية ويحتسب هذا النصيب على أساس ما خصه فى الشهر السابق لفسخ العقد بواقع 1% وذلك بخلاف استحقاق الطرف الثانى للمكافأة المشار إليها فى البند السادس. سادسا - فى حالة استغناء الطرف الأول عن الطرف الثانى عند نهاية العقد فيلزم الطرف الأول يدفع مرتب سنة كاملة للطرف الثانى حسب المرتب الأخير بصفة مكافأة عن مدة خدمته مضافا إليه 1% من إيراد آخر سنة. سابعا - للطرف الثانى الحق فى إجازة سنوية قدرها شهر عن كل سنة بخلاف الأجازات المرضية والعارضة على أن يمنح مرتبه ونصيبه كاملا فى مدة الإجازات المذكورة...." ويبين من نصوص هذا التعاقد أن الطرفين المتعاقدين قد أفرغا فيه جميع عناصر عقد العمل الفردى فقد أبرم هذا العقد بين رب عمل وعامل متفرغ لأداء خدمة هى معاونة رب العمل فى إدارة أعماله المبينة فى ذلك العقد - والمعاونة فى الإدارة من جانب العامل تقتضى من قبيل اللزوم تبعية العامل لرب العمل وإشراف هذا الأخير عليه وتوجيهه له فى مهمته - وذلك فى مقابل أجر معلوم محدد إلى جانب مكافأة العامل عند نهاية خدمته وتبيان حقوقه فى التعويض عند فسخ التعاقد قبل إتمام المدة وحقوقة فى الإجازات بكافة أنواعها، وكل ذلك ينبئ بأن المتعاقدين قد اتجهت نيتهما إلى إبرام عقد عمل فردى ولا يؤثر فى هذا النظر ما ورد فى صدر العقد من وصف المطعون عليه بأنه وكيل عام فى الإدارة... إذ المعول عليه فى تكييف العقود هو بحقيقة الواقع والنية المشتركة التى اتجهت إليها إرادة المتعاقدين دون اعتداد بالألفاظ التى صيغت بها هذه العقود ودون اعتداد بالتكييف الذى يسبغه الطرفان عليها، وهذا النظر قد اتجهت إليه محكمة الدرجة الأولى إذ قررت أن الاتفاق المذكور أصلح للعامل من قانون عقد العمل وهو الأولى بالرعاية والاعتبار وإذ انتهت إلى أن الفصل من جانب رب العمل كان فى وقت غير لائق، كما أن محكمة الدرجة الثانية قد جنحت إلى إقرار هذا النظر عندما قررت فى أسباب حكمها المطعون فيه "ان الذى يؤخذ من المادة 403 من القانون المدنى القديم هو أن التعويض لا يحكم به عن المدة المحددة للإيجار فى العقد وإنما يحكم به عن جميع المدة التى لا يتمكن فيها الخادم أو الأجير من الاستخدام فى مكان آخر" - لما كان ذلك، وكانت الدعوى المقامة من المطعون عليه هى دعوى عمالية استندت إلى عقد عمل فردى ومما تنظر على وجة السرعة إعمالا لحكم المادة رقم 43 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الذى يحكم العقد موضوع النزاع فكان يتعين رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بطريق إعلان صحيفته بواسطة أحد المحضرين فى ميعاد عشرة أيام من تاريخ إعلان الحكم وهو أمر لم يحصل بالنسبة للاستئناف المذكور بل تم بطريق الإيداع فى قلم الكتاب مما يستوجب بطلانه طبقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة رقم 405 من قانون المرافعات ولا يمنع من ذلك أن يكون الطاعن قد أغفل الدفع بهذا البطلان أمام محكمة الاستئناف ذلك أن أحكام المادة رقم 405 من قانون المرافعات متعلقة بالنظام العام وتوجب على محكمة الاستئناف القضاء بالبطلان ولو لم يدفع به، كما لا يؤثر فى هذا النظر أيضا ما أشارت إليه النيابة من أن الدعوى رفعت أمام محكمة عادية ذلك أن توزيع العمل على الدوائر فى المحكمة الابتدائية هو مسألة تنظيمية لم يخلق نوعا من الاختصاص تنفرد به دائرة دون غيرها من دوائر المحكمة الابتدائية بنظر الدعاوى العمالية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ويتعين لما تقدم القضاء ببطلان الاستئناف.


(1) م 43 ق رقم 41 لسنة 1944 ويقابلها فى قانون العمل الموحد المادة رقم 75
(2) راجع بالنسبة لإجراءات الطعن بالنقض: حكم محكمة النقض فى 23 يونيه سنة 1955 مجموعة المكتب الفنى س 6 صـ 1307 "لا يراعى فى اتباع إجراءات الطعن بالنقض نوع المسألة التى فصل فيها الحكم وإنما يراعى فى ذلك نوع الحكم ذاته والجهة التى أصدرته".