أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1159

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار الحسينى العوضى، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكرى، ولطفى على، وحافظ محمد بدوى.

(184)
الطعن رقم 201 لسنة 27 القضائية

( أ ) إلتزام. عقد. "استحالة التنفيذ". "عمل الإدارة". "التحفظ على أموال أسرة محمد على". "إثراء بلا سبب". بيع "ثمار المبيع".
وضع الأطيان المبيعة تحت التحفظ على اعتبار أنها من أموال أسرة محمد على ليس إلا حادثا طارئا يترتب عليه تأجيل تنفيذ ما لم يكن قد تم تنفيذه من التزامات الطرفين وذلك بصفة مؤقتة - دون أن يتمخض عن استحالة قانونية دائمة تقضى إلى انقضاء هذه الالتزامات وبزوال هذا الطارئ تستأنف الالتزامات المؤجلة سيرها.
لا أثر لهذا الطارئ على قيام العقد فى فترة التحفظ فيبقى العقد شريعة المتعاقدين بحكم العلاقة بينهما.
ثمار البيع أثر من آثار عقد البيع وهى للمشترى من وقت تمام البيع ومن ثم فلا يعد حصوله عليها إثراء بلا سبب.
(ب) بيع. التزامات البائع. "ثمار المبيع".
تملك المشترى ثمار المبيع من وقت انعقاد البيع طالما أن التزام البائع بالتسليم غير مؤجل سواء كانت الملكية قد انتقلت إلى المشترى أم تراخى انتقالها إلى وقت لاحق.
(ج) نقض "أسباب الطعن". حكم. "إغفال الفصل فى بعض الطلبات".
إغفال الحكم الفصل فى بعض الطلبات لا يصلح سببا للطعن فيه بطريق النقض. إغفال الفصل فى الطلب يترتب عليه بقاؤه معلقا أمام المحكمة التى قدم إليها. علاج ذلك يكون بالرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه.
1 - وضع الأطيان المبيعة تحت التحفظ بمظنة أنها من أموال أسرة محمد على ليس إلا حادثا طارئا يترتب عليه تأجيل تنفيذ ما لم يكن قد تم تنفيذه من التزامات الطرفين - بصفة مؤقتة دون أن يتمخض عن استحالة قانونية دائمة تفضى إلى انقضاء هذه الالتزامات - وبزوال هذا الطارئ تستأنف الالتزامات المؤجلة سيرها ومن ثم فلا يكون لذلك الطارئ من أثر على قيام العقد فى فترة التحفظ ويبقى العقد شريعة تحكم العلاقة بين الطرفين - فإذا كان الطاعنون (البائعون) قد أقاموا دعواهم بعد رفع التحفظ وبعد أن استقرت العلاقة بين الطرفين بإبرام العقد النهائى، مطالبين المشترى بثمار المبيع على أنها من حقهم فإن استنادهم فى الدعوى إلى قاعدة الاثراء بلا سبب يكون غير صحيح فى القانون، ذلك أن الحق فى هذه الثمار أثر من آثار عقد البيع وهى للمشترى من وقت تمام البيع ومن ثم فلا يعد حصوله عليها إثراء بلا سبب.
2 - تنص المادة 458/ 2 من القانون المدنى على أن "للمشترى ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيره"، ومفاد ذلك أن المشترى يتملك ثمر المبيع من وقت انعقاد البيع طالما أن إلتزام البائع بالتسليم غير مؤجل يستوى فى ذلك أن تكون الملكية قد انتقلت إلى المشترى أو تراخى انتقالها إلى وقت لاحق.
3 - متى أغفلت محكمة الاستئناف الحكم فى طلب فوائد الثمن الذى قدم إليها لأول مرة، إغفالا تاما فإن هذا الطلب يبقى معلقا أمامها وعلاج إغفال بعض الطلبات هو - وفقا للمادة 368 من قانون المرافعات - بالرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه ومن ثم فلا يصلح ذلك الإغفال سببا للطعن بالنقض فى الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن الطاعنين وسيدة أخرى هى السيدة نائلة مريم شاكر أقاموا الدعوى رقم 389 سنة 1955 كلى شبين الكوم قبل المطعون عليه بطلب الزامه بأن يدفع لهم مبلغ 388 ج قيمة ما أثرى به على حسابهم - مع المصاريف.... مؤسسين دعواهم على أنهم باعوا له بعقد ابتدائى محرر فى 22/ 9/ 1953 أطيانا مقدارها 46 ف و22 ط و20 س مقابل ثمن قدره 11605 ج و172 م وكانت هذه الأطيان جزء من وقف ونص فى العقد على استلام المشترى للأطيان المبيعة - وحدد لإتمام إجراءات شهر إلغاء الوقف وتسجيل القسمة وتحرير عقد البيع النهائى والتصديق عليه ثلاثة أشهر من تاريخ العقد النهائى - إلا أن العقد النهائى لم يتم إلا بعد سنتين من ذلك التاريخ ولم يدفع المطعون عليه من الثمن سوى 2000 جنيه عند تحرير العقد الابتدائى و2000 جنيه فى أبريل سنة 1954 - وقد نتج تأخير البائعين فى إتمام إجراءات العقد النهائى عن ظرف قهرى هو شمول قرار التحفظ الصادر من السلطات المصرية والمنشور فى 8/ 11/ 1953 للأرض المبيعة باعتبارها من أملاك أسرة محمد على - ولم يرفع هذا التحفظ إلا بقرار اللجنة القضائية فى 13/ 6/ 1954 ونظرا لأن استيلاء المطعون عليه على غلة الأرض المبيعة هو إثراء على حساب البائعين بلا سبب فيتعين عليه ردها - وقدر المدعون مقابل الغلة بمبلغ 460 ج على أساس الأجرة محددة بسبعة أمثال الضريبة يخصم من ذلك فوائد المدفوع من الثمن للبائعين وقدرها 72 ج فيكون الباقى هو المبلغ الذى رفعت به الدعوى - وبتاريخ 14/ 6/ 1956 حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعين بالمصروفات ومبلغ 5 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وقد استأنف الطاعنون - هم والسيدة نائلة مريم شاكر - هذا الحكم بالاستئناف رقم 187 سنة 6 ق طنطا مصممين على طلباتهم المبداة أمام المحكمة الابتدائية - وأضافوا فى مذكرتهم الختامية طلبا احتياطيا هو الحكم لهم بمبلغ 201 ج فوائد الثمن الباقى فى ذمة المشترى بواقع 4% عن فترة التحفظ (من 8/ 11/ 1953 حتى 13/ 6/ 1954) مع المصاريف والاتعاب عن الدرجتين - وبتاريخ 27/ 2/ 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصاريف الاستئنافية و400 قرش مقابل أتعاب محاماة للمطعون عليه - وقد طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها المبين فى مذكرتها المقدمة منها لدائرة فحص الطعون والتى طلبت فيها نقض الحكم تأسيسا على أنه تضمن القضاء برفض الطلب الاحتياطى مع أنه طلب جديد ما كان يجوز قبوله عملا بالمادة 411 مرافعات - وأنه لما كان الدفع بعدم قبول الطلبات الجديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقا بالنظام العام فإنه يحق لها إبداء هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب حاصل ثلاثتها الأولى أن قرار مجلس قيادة الثورة بمصادرة أملاك أسرة محمد على وما ترتب عليه من وضع الأطيان المبيعة تحت التحفظ يعتبر قوة قاهرة عطلت مفعول عقد البيع وأوقفت أثره وخلقت حالة لا يصح أن يستفيد منها أحد الطرفين على حساب الآخر - وانقطعت بذلك العلاقة التعاقدية طوال الفترة ما بين إجراء التحفظ ورفعه مما يجيز تطبيق قاعدة الإثراء على حساب الغير بلا سبب فى تلك الفترة - وقد كان إثراء المطعون عليه وليدا للقوة القاهرة لا للتعاقد - غير أن الحكم المطعون فيه أوجد صلة بين عقد البيع والإثراء الذى أثرى به المطعون عليه وأقام قضاءه على قيام العقد رغم تعطل مفعوله - ومن ثم يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه يبين من وقائع هذه الدعوى أن وضع الأطيان المبيعة تحت التحفظ على اعتبار أنها من أموال أسرة محمد على لم يكن سوى طارئ ترتب عليه تأجيل تنفيذ ما لم يكن قد تم تنفيذه من التزامات الطرفين ولم يتمخض عن استحالة قانونية دائمة تفضى إلى انقضاء هذه الإلتزامات بل مجرد استحالة مؤقتة - وبزوال هذا الطارئ تستأنف الإلتزامات المؤجلة سيرها ولا يكون لذلك الطارئ من أثر على قيام العقد فى فترة التحفظ ومن ثم فإن العقد هو الذى يحكم العلاقة بين الطرفين - ولما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم بعد رفع التحفظ وبعد أن استقرت العلاقة بين الطرفين بإبرام العقد النهائى مطابين بثمار المبيع على أنها من حقهم فإن إستنادهم فى دعواهم إلى قاعدة الاثراء بلا سبب يكون غير صحيح ذلك أن الحق فى هذه الثمار هو من أثار عقد البيع وهى للمشترى من وقت تمام البيع فلا يعتبر حصوله عليها اثراء بلا سبب - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون فى هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنين نعوا فى السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون ذلك أنه نسب لهم التقصير فى القيام بالإجراءات المفروضة عليهم بعقد البيع الابتدائى فى سبيل إتمام العقد النهائى بمقولة إن وضع الأطيان المبيعة تحت التحفظ لم يكن ليمنعهم من القيام بتلك الإجراءات - مع أن مجرد صدور قرار التحفظ مانع من اتخاذ أى إجراء أو تصرف فى تلك الأطيان.
وحيث إنه لما كان الحكم محمولا على ما قرره من وجود علاقة تعاقدية بين طرفى الدعوى مانعة من تطبيق قاعدة الاثراء بلا سبب فإن هذا النعى يكون واردا على ما تزيد فيه الحكم ولا أثر له على صحة قضائه - ومن ثم يكون هذا النعى غير منتج.
وحيث إن حاصل النعى فى الشق الأول من السبب الخامس أن الحكم أخطأ فى تطبيق المادة 458 مدنى ذلك أنه استند إليها فى تقرير أحقية المشترى لثمرات المبيع حين أنه لا يتملكها إلا إذا انتقلت له الملكية ولم تكن الملكية قد انتقلت للمطعون عليه بالعقد الابتدائى.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 458 مدنى قد نصت على أن "للمشترى ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضا هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغيره"، ومفاد ذلك أن المشترى يتملك ثمر البيع من وقت انعقاد البيع طالما أن التزام البائع بالتسليم غير مؤجل يستوى فى ذلك أن تكون الملكية قد انتقلت إلى المشترى أو تراخى انتقالها إلى وقت لاحق وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أن للمشترى (المطعون عليه) ثمر المبيع لعدم وجود إتفاق أو عرف مخالف فإنه لا يكون قد أخطأ فى القانون).
وحيث إن حاصل النعى فى السبب السابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون ذلك أنه استند فى قضائه إلى المادة 457 مدنى التى تبيح للمشترى حبس الثمن إذا خيف على المبيع أن ينزع من يده - فى حين أن مجال تطبيق هذه المادة هو حالة ظهور أسباب موجودة قبل التعاقد يحتمل معها نزع المبيع من يد المشترى الأمر الذى يخالف حالة الدعوى حيث طرأت بعد التعاقد قوة قاهرة عطلت مفعوله وترتب عليها خطر أداء الثمن بمقتضى القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن ما ورد بالحكم فى هذا الخصوص إن هو الا تزيد لم يكن يقتضيه الفصل فى الدعوى ويستقيم الحكم بدونه.
وحيث إن حاصل النعى فى السبب السادس أن الحكم أخطأ تطبيق القانون ذلك أنه قال بأنه كان على الطاعنين إذا أرادوا المطالبة بفوائد الثمن أن ينذروا المطعون عليه بأداء الثمن وفوائده فى خلال فترة التحفظ عملا بالمادة 458 مدنى - فى حين ان محل هذا الإنذار أن يكون المشترى متخلفا عن أداء باقى الثمن عند استحقاقه - أما فى حالة الدعوى فقد كان الحظر قائما على المشترى بأداء الثمن وعلى البائع باقتضائه مما لا يتصور معه امكان المطالبة به.
وينعى الطاعنون فى الشق الثانى من السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أنه أغفل القضاء للطاعنين بفوائد الثمن التى طلبوها تأسيسا على المادة 458 مدنى التى تنص على أحقية البائع فى فوائد الثمن إذا سلم المبيع للمشترى وكان قابلا أن ينتج ثمرات.
وحيث إن النعى فى هذا الشق مردود ذلك أنه لما كانت الدعوى قد رفعت أمام المحكمة الابتدائية بطلب وحيد هو المطالبة بمقابل غلة الأطيان المبيعة طوال فترة وضعها تحت التحفظ ولم يطلب المدعون فوائد الثمن كما أن هذا الطلب ليس مما يندرج فى عموم الطلب الذى رفعت به الدعوى - وقد حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى فانصب قضاؤها هذا على الطلب الذى طلب اليها الفصل فيه وهى إذا كانت قد عرضت فى أسبابها إلى المادة 458 فقرة أولى من القانون المدنى وتحدثت عن أحقية المشترى فى فوائد الثمن فان تحدثها فى ذلك لم يكن يقتضيه الفصل فى الطلب المعروض عليها ولا يعتبرها هذا منها فصلا فى طلب فوائد الثمن الذى لم يكن معروضا عليها - ولما كان الطاعنون عندما استأنفوا هذا الحكم أضافوا إلى طلبهم الأصلى طلبا جديدا - تقدموا به فى مذكرتهم الختامية على سبيل الاحتياط هو طلب الحكم لهم بفوائد الثمن - وكان الحكم الاستئنافى المطعون فيه قد انتهى فى منطوقه إلى تأييد الحكم الإبتدائى فإن هذا التأييد لا يمكن أن ينصرف إلا إلى ما قضى فيه هذا الحكم فى منطوقه مما كان معروضا عليه - وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال فى أسبابه إلى أسباب الحكم الإبتدائى فإن هذه الإحالة لا يمكن أن تتوجه إلا إلى الأسباب التى أقامت عليها محكمة أول درجة قضاءها فيما فصلت فيه وبالتالى لا تنسحب إلى ما ورد فى أسباب الحكم الإبتدائى خاصا باحقية المشترى فى فوائد الثمن تلك الأسباب التى لا اتصال لها بمنطوقه - لما كان ذلك، فإن محكمة الاستئناف باقتصارها على تأييد الحكم الإبتدائى تكون قد أغفلت الفصل فى الطلب الذى قدم إليها لأول مرة وهو طلب فوائد الثمن إغفالا تاما ويكون هذا الطلب ما زال باقيا معلقا أمامها - وعلاج إغفال بعض الطلبات هو على ما بينته المادة 368 مرافعات الرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه - ولا يقبل الطعن بالنقض فى الحكم على أساس إغفال محكمة الاستئناف الفصل فى بعض طلبات الخصوم - كما يكون النعى الوارد فى السبب السادس غير ذى موضوع - ولما كان ما أثارته النيابة فى مذكرتها مؤسسا على أن محكمة الاستئناف قد فصلت فى الطلب الاحتياطى وهو ما انتهت هذه المحكمة إلى نفيه فإن هذه الإثارة لا تصادف محلا.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.