أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1185

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار الحسينى العوضى، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكرى، ولطفى على، وحافظ محمد بدوى.

(188)
الطعن رقم 251 لسنة 27 القضائية

( أ ) نقض "التقرير بالطعن". "الصفة فى الطعن". "التوكيل فى الطعن" بطلان. "البطلان المتعلق بالنظام العام".
يشترط فى المحامى المقرر بالطعن بالنقض أن يكون موكلا عن الطاعن عند التقرير بالطعن حتى تتحقق صفته فى ذلك. لا يكفى التوكيل اللاحق لتاريخ التقرير أو التوكيل السابق صدوره لمحام آخر غير من قرر بالطعن. مخالفة ذلك مؤداها البطلان الذى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها (م 429 مرافعات). لا يصحح هذا البطلان صدور القانون رقم 106 لسنة 1962 الذى لم يتطلب أن يكون التوكيل سابقا على التقرير بالطعن، متى كان الإجراء قد تم باطلا فى ظل القانون المعمول به وقت حصوله.
(ب) نقض. "الخصوم فى الطعن". "التدخل الإنضامى". تجزئة. شيوع. حكم. "حجية الأحكام".
موضوع دعوى تثبيت الملكية والمطالبة بالريع قابل للتجزئة ولو أنصبت الدعوى على مال شائع. هذه الدعوى ليست من الدعاوى التى يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها. طلب التدخل الانضمامى أمام محكمة النقض من بعض الطاعنين الذين بطل الطعن منهم استنادا إلى المادة 384 من قانون المرافعات - فى الدعوى المذكورة - لا أساس له.
لم يشترط القانون فى دعوى تثبيت الملكية لحصة فى مال شائع وطلب ريعها اختصام جميع الملاك على الشيوع وكل ما يترتب على عدم اختصام من لم يختصم منهم هو أن الحكم الذى يصدر فيها لا يكون حجة عليه.
(ج) حكم. "عيوب التدليل" قصور. "ما يعد كذلك".
إقامة الحكم قضاءه فى دعوى تثبيت الملكية على ما ادعاه المدعى من أن سببها الميراث وأن المدعى عليه لا ينازعه فى ذلك، دون أن يقوم الدليل على الملكية أو يفصح عن أصل تلك الملكية وأيلولتها إلى المدعى بالنسبة للقدر المقضى به. تقرير الحكم ذاته بأن المدعى عليه قد أنكر على المدعى ملكيته أو بأن له شركاء آخرين فى الملكية مما مؤداه أن يقل نصيب المدعى فى أطيان النزاع. قصور.
1 - إذ نصت المادة 429 من قانون المرافعات على أن يحصل الطعن بتقرير يكتب فى قلم كتاب محكمة النقض يوقعه المحامى المقبول أمامها الموكل عن الطاعن، ورتبت على عدم حصول الطعن على الوجه المبين فيها البطلان وأوجبت على المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها، فإن من مقتضى هذا النص أن يكون التوكيل سابقا على التقرير بالطعن أما إن كان لاحقا فإن الطعن يكون باطلا للتقرير به من غير ذى صفة. ولا يصحح ذلك البطلان (بالنسبة للطعن الذى تحكمه المادة 429 مرافعات) صدور القانون رقم 106 لسنة 1962(1) الذى لم يوجب أن يكون التوكيل سابقا على التقرير بالطعن، متى كان الاجراء قد تم باطلا فى ظل القانون المعمول به وقت حصوله.
2 - الموضوع فى دعوى تثبيت الملكية والمطالبة بالريع موضوع قابل للتجزئة ولو انصبت الدعوى على مال شائع كما أن هذه الدعوى ليست من الدعاوى التى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين إذ لم يشترط القانون فى تلك الدعوى اختصام جميع الملاك على الشيوع، وكل ما يترتب على عدم اختصام من لم يختصم منهم هو أن الحكم الذى يصدر فيها لا يكون حجة عليه، ومن ثم يكون طلب التدخل الانضمامى المبدى بجلسة المرافعة أمام محكمة النقض ومن بعض الطاعنين الذى بطل الطعن منهم، استنادا إلى نص المادة 384 من قانون المرافعات(2) على غير أساس.
3 - إذا كان الحكم فى دعوى تثبيت الملكية لم يقم الدليل على ملكية المدعين لما قضى لهما به وإنما أقام قضاءه على ما ادعياه من سبب الملكية هو الميراث وعلى أنه لا نزاع من جانب المدعى عليهم لهما فى ذلك دون أن يفصح الحكم عن أصل هذه الملكية وأيلولتها إلى المدعين بالنسبة للقدر المقضى لهما بمكليته وكان الثابت بالحكم نفسه أن المدعى عليهم قد أنكروا على المدعين تلك الملكية وأنهم تمسكوا بأن آخرين شاركوهم فى الملكية مما مؤداه - لو صح هذا الدفاع - أن يقل نصيب المدعين فى الأطيان محل التداعى، فإن الحكم يكون قد شابه قصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليهما أقامتا الدعوى رقم 470 سنة 1937 مدنى كلى الاسكندرية واختصمتا فيها الطاعنين وانتهيتا فى طلباتهما إلى طلب الحكم بثبوت ملكية أولاهما إلى قيراط وستة أسهم وملكية ثانيتهما إلى عشرة أسهم ونصف وذلك شيوعا فى الأطيان الموضحة بصحيفة افتتاح هذه الدعوى وبإلزام المدعى عليهم أيضا متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ 276 ج و540 م قيمة ريع نصيبهما هذا فى المدة من 15 نوفمبر سنة 1922 حتى آخر سنة 1943 مع المصروفات والأتعاب - وقالت المطعون عليهما بيانا لدعواهما إن والدهما المرحوم محمد حميدة سردينة توفى فى 15 نوفمبر سنة 1922 وخلف تركة عبارة عن حصة قدرها أربعة قراريط شيوعا فى ثلاثة غيطان كائنة بجهة المندرة من ضواحى الاسكندرية الأول ومساحته 18 فدانا معروف بغيط الملك ويقع فى حوض الدار وعرامه الكبير والثانى ومساحته 58 فدانا معروف بغيط عبيد ويقع أيضا فى الحوضين المذكورين والثالث ومساحته 20 فدانا معروف بغيط حميده ويقع بحوض المنتزه الخديوى ضمن القطعة 34 وأن المدعى عليهم (الطاعنين) يضعون اليد على أطيان هذه التركة - التى يخص المدعية الأولى فيها 1 قيراط و6 أسهم ويخص المدعية الثانية 10.5 أسهم - من تاريخ وفاة مورثهما (والدهما) ولا يعطونهما شيئا من ريع نصيبهما. لذلك أقامتا الدعوى ضدهم بطلب الملكية والريع الذى قدرتاه بواقع مائتى قرش للفدان فى السنة - وقد ندبت المحكمة الابتدائية خبيرا زراعيا للانتقال إلى الأرض محل النزاع ومعاينتها وتطبيق مستندات طرفى الخصومة على الطبيعة وبيان واضع اليد عليها ومدة وضع يده وسببه ومقدار ما يضع اليد عليه من تاريخ وفاة مورث المدعيتين مع تقدير الريع من تاريخ وفاة مورث المدعيتين حتى تاريخ اتمام التقرير وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة الابتدائية فى 3 مارس سنة 1952 - أولا - بتثبيت ملكية المدعية الأولى (المطعون عليها الأولى) إلى 1 ط و6 س وتثبيت ملكية المدعية الثانية (المطعون عليها الثانية) إلى 10.5 س وذلك شيوعا فى الغيطان الثلاثة الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى وكف منازعة المدعى عليهم (الطاعنين) فيها. ثانيا - بالزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعيتين مبلغ 276 ج و540 م والمصروفات المناسبة وخمسمائة قرش أتعابا للمحاماة - استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الاسكندرية بالاستئناف رقم 288 سنة 8 قضائية وبتاريخ 2 يناير سنة 1957 قضت تلك المحكمة: أولا - بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من ملكية المستأنف عليهما (المطعون عليهما) وكف منازعة المستأنفين لهما فيه. ثانيا - بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة لمبلغ الريع المقضى به وقصره على مبلغ 184 ج و400 م وبتاريخ 27 يونيه سنة 1957 طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أثارت فيها دفعا بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للطاعنين المذكورين فى تقرير الطعن تحت رقم (1) وهم ورثة المرحوم محمود محمد سردينة والطاعنين الخامس والسادسة والسابعة وذلك للتقرير به من غير ذى صفة إذ لم يقدم المحامى المقرر بالطعن توكيلا صادرا منهم يبيح له التقرير بالطعن بالنقض نيابة عنهم وطلبت النيابة رفض الطعن بالنسبة لباقى الطاعنين وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 6 يناير سنة 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبعد إستيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة تكميلية نزلت فيها عن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة لمحمد محمود سردينه من ورثة محمود محمد سردينه وذلك لما تبين لها من أن اسمه مدرج فى التوكيل المقدم من المحامى المقرر بالطعن عند التقرير به ومن جهة أخرى أضافت إلى الطاعنين الذين دفعت بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهم الطاعنة الثامنة وذلك لذات الأسباب التى استندت إليها فى مذكرتها السابقة وتمسكت فيما عدا ذلك برأيها الوارد فى تلك المذكرة وحدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 29 نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على ما ورد فى مذكرتها التكميلية.
وحيث إن ما أثارته النيابة من عدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين من ورثة المرحوم محمود محمد سردينه المذكورين فى تقرير الطعن تحت رقم (1) فيما عدا محمد وبالنسبة للطاعنين الخامس السيد محمد خليفه سردينة والسادسة نفيسة اسماعيل الكردى بصفتيها والسابعة عيشة ابراهيم دسوقى سردينه والثامنة فاطمة ابراهيم دسوقى سردينه - هذا الذى أثارته صحيح ذلك أن المحامى المقرر بالطعن نيابة عن هؤلاء الطاعنين لم يقدم ما يثبت أنه كان عند التقرير بهذا الطعن - موكلا عنهم فيه ولا عبرة بالتوكيلات التى صدرت من بعضهم للمحامى المقرر بالطعن بعد تاريخ التقرير به إذ أن المادة 429 من قانون المرافعات التى تحكم الطعن الحالى كانت تنص على أن يحصل الطعن بتقرير يكتب فى قلم كتاب محكمة النقض يوقعه المحامى المقبول أمامها الموكل عن الطالب... ورتبت هذه المادة البطلان على عدم حصول الطعن على الوجه المبين فيها وأوجبت على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها - ومن مقتضى هذا النص أن يكون التوكيل سابقا على التقرير بالطعن فإذا كان التوكيل المقدم من محامى الطاعن لاحقا على هذا التقرير فإن الطعن يكون باطلا للتقرير به من غير ذى صفة - ومتى كان هذا الإجراء قد تم باطلا فى ظل القانون المعمول به وقت حصوله فإنه لا يصححه أن القانون رقم 106 لسنة 1962 الذى صدر فى 11 يونيه سنة 1962 لم يستوجب أن يكون التوكيل سابقا على التقرير - ولا عبرة أيضا بالتوكيلات الصادرة من بعض هؤلاء الطاعنين إلى الأستاذ محمد عبد السلام المحامى والمقدمة منه بجلسة المرافعة الأخيرة ذلك أنه وإن كانت هذه التوكيلات صادرة إليه قبل التقرير بالطعن إلا أن الذى قرر بالطعن محام آخر غيره والقانون يستوجب أن يكون التوكيل صادرا إلى المحامى المقرر بالطعن حتى تتحقق له صفة التقرير به نيابة عن الطاعن الذى وكله - كما أنه لا وجه لما طلبه المحامى الذى حضر بجلسة المرافعة الأخيرة من قبول الطاعنين المذكورين خصوما منضمين فى الطعن إلى الطاعنين الآخرين المقبول طعنهم إستنادا إلى نص المادة 384 من قانون المرافعات وإلى القول بأن موضوع الدعوى وهو طلب حصة فى ملكية شائعة يعتبر غير قابل للتجزئة فضلا عن ان هذه الدوى تعتبر من الدعاوى التى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين وهم جميع الشركاء المشتاعين لا وجه لهذا الطلب. ذلك ان الموضوع الذى صدر فيه الحكم المطعون فيه قابل للتجزئة كما أن الدعوى التى صدر فيها هذا الحكم ليست من الدعاوى التى يوجب القانون فيها إختصام أشخاص معينين فإن موضوع دعوى الملكية ولو لنصيب فى مال شائع يقبل التجزئة ولم يشترط القانون إختصام جميع الملاك على الشيوع فى هذه الدعوى وكل ما يترتب على عدم اختصام من لا يختصم منهم هو الا يكون الحكم الصادر فى الدعوى حجة عليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المرفوع من سعد وخليفة وهنية أولاد المرحوم محمود محمد سردينه ومن السيد محمد خليفه سردينه ونفيسة اسماعيل الكردى عن نفسها وبصفتها وعيشة ابراهيم دسوقى سردينه وفاطمة ابراهيم دسوقى سردينه غير مقبول للتقرير به من غير ذى صفة.
وحيث إن الطعن المرفوع ممن عدا هؤلاء قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وشابه قصور فى التسبيب ذلك أنه - أولا: فى خصوص الأطيان القبلية الكائنة بحوضى الدار وعرامه والمعروفة بغيطى الملك وعبيد فان الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليهما بالملكية بالنسبة لجميع النصيب الذى حدداه فى طلباتهما وذلك على الرغم من أنهما لم تقدما للمحكمة دليلا يثبت ملكيتهما لهذا النصيب وقد استند الحكم فى قضائه بهذه الملكية الى تقرير الخبير والى ما قرره واحد من الطاعنين أمام الخبير من أنه لا ينازع المدعيتين فى نصيبهما فى الحوضين المذكورين فى حين أن الخبير قد أورد فى تقريره أن المدعيتين لم تقدما مستندات يمكن تطبيقها على الأطيان موضوع النزاع وأنه قدر نصيبهم حسب قولهما فقط كما أن ما صدر من أحد الطاعنين من أقوال أمام الخبير وصفت بأنها اقرار لا تعتبر حجة على غيره من الطاعنين - وأضاف الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن الغيطين سالفى الذكر واللذين طلبت المطعون عليهما نصيبهما فيهما على أساس أنهما مملوكان لهما وللطاعنين بطريق الميراث عن جد الجميع - هذين الغيطين لم يكونا ملكا لهذا المورث وحده بل كان يشاركه فى ملكيتهما وزارة الأوقاف بحق الثلث وعائلتى مقصود وخضير بحق الثلث أيضا وبذلك فان المطعون عليهما لا تستحقان إلا فى ثلث مساحة الغيطين المذكورين ودلل الطاعنون على ذلك أمام محكمة الاستئناف بأنه كانت قد رفعت بشأن هذه الأطيان دعوى قسمة من الشركاء أمام المحكمة المختلطة وقيدت برقم 3889 سنة 1941 وبعد إلغاء المحاكم المختلطة أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة استئناف الاسكندرية وقيدت بجدولها برقم 421 سنة 5 قضائية وانتهت بفرز وتجنيب نصيب كل من الملاك الثلاثة وطلب الطاعنون ضم هذه القضية حتى يمكن تحديد نصيب المطعون عليهما على مقتضى الحكم الصادر فيها وبينوا لمحكمة الاستئناف أن تلك القضية كانت منظورة أخيرا أمام الدائرة السادسة بجلسة 16 يونيه سنة 1952 وقد أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهرى وقضى للمطعون عليهما بالملكية فى الغيطين سالفى الذكر على أساس أنهما مملوكان للمورث الأصلى للطرفين وحده وبرر الحكم فى أسبابه عدم إجابة طلب الطاعنين ضم قضية القسمة بأن هذه القضية قد دشتت مع قضايا سنة 1941 - ويقول الطاعنون إن هذه الحجة غير صحيحة بدليل صور محاضر جلسات تلك القضية التى قدموها بملف الطعن والتى يبين منها أن القضية المذكورة كانت منظورة أمام محكمة استئناف الاسكندرية فى جلستى 23 يناير سنة 1957، 27 مارس سنة 1957 ويضيفون إلى ما تقدم فى تعييب الحكم المطعون فيه بالنسبة لقضائه بالملكية أنه قد استنزل من الريع الذى يستحقه المطعون عليهما ما يقابل ريع الأرض التى ثبت من تقرير الخبير أن والدهما قد باعها أثناء حياته من حصته الميراثية فى غيطى الملك وعبيد سالفى الذكر ومع ذلك فإن الحكم لم يستبعد هذه الأرض المبيعة من حصة المطعون عليهما فى الملكية ولم يبين فى أسبابه علة هذه التفرقة - ويعيب الطاعنون على قضاء الحكم بالريع عن حصة المطعون عليهما فى الغيطين المذكورين أنه على الرغم من إنكارهم أمام محكمتى الموضوع أنهم يضعون اليد على شىء من نصيب المطعون عليهما فى هذين الغيطين ومن قولهم إن هذه الأطيان عبارة عن تلال رملية وأن كان منهم قد وضع اليد على ما أمكنه أن يستصلحه منها بمجهوده الشخصى وهو يقل عن نصيبه الميراثى وأنه ليس للمدعيتين أن تشاركهم فى غلة المساحة الصغيرة التى استصلحوها بجهدهم وأموالهم على الرغم من ذلك ومن أن الخبير قد أشار فى تقريره إلى هذه الحقيقة فإن الحكم المطعون فيه قد غفل عن ذلك كله وجاء خلوا من الرد على دفاع الطاعنين فى هذا الشأن كما أنه قضى فى منطوقه بإلزامهم بمبلغ الريع بالسوية بينهم دون أن يبين فى أسبابه المساحة التى ينتفع بها كل منهم من أطيان المطعون عليهما ودون أن يثبت أن كلا منهم يضع اليد على مساحة مساوية لما يضع الآخر اليد عليها. ثانيا - أنه فى خصوص الأطيان البحرية الكائنة بحوض المنتزه الخديوى والمعروفة بغيط حميده فقد تمسك الطاعنون أمام محكمة الاستئناف بأن والد المطعون عليهما لم يكن يملك شيئا فى هذا الغيط وأن جميع مساحة الغيط المذكور وقدرها عشرون فدانا ملك لهم وحدهم وقد تلقوا ملكيتها عن مورثيهم المرحومين ابراهيم دسوقى سردينه ومحمد خليفه سردينه اللذين وضعا اليد على هذه الأطيان واستصلحاها من قبل سنة 1865 وقد نازعهما فى ملكيتها وقف النجار فى سنة 1902 ورفع عليهما دعوى طرد رقم 200 سنة 1902 مدعيا انهما كانا يستأجران منه هذه الأرض واختصم الوقف فى هذه الدعوى أيضا ورثة حميده سردينه جد المطعون عليهما بدعوى أن مورثهم كان أيضا مستأجرا لبعض هذه الأطيان وقد أقر هؤلاء الورثة فى تلك الدعوى بأنهم لا يضعون اليد على شئ من تلك الأطيان وذكروا إنهم لا ينازعون الوقف فى ملكيته لها أما مورثا الطاعنين فقد نازعا الوقف فى الملكية وادعياها لنفسيهما وحكم فى دعوى الإخلاء استئنافيا بطلبات الوقف ضدهما ولم يحكم على ورثة حميده بشئ لعدم منازعتهم ولجأ مورثا الطاعنين بعد ذلك إلى أجنبى وباعا له هذه الأطيان واستشكل هذا الأجنبى فى تنفيذ الحكم الصادر ضدهما أمام المحاكم المختلطة وحصل على حكم بوقف التنفيذ إلى أن يفصل فى الملكية واستطال النزاع أمام القضاء على ملكية هذه الأطيان بين الوقف المذكور وبين مورثى الطاعنين بعد ان استردا من الأجنبى ما كانا قد باعاه له وذلك بطريق الشراء منه - وانتهى هذا النزاع بالحكم الصادر من محكمة استئناف الاسكندرية فى 12 مايو سنة 1948 فى الاستئناف رقم 15 سنة 2 ق بتأييد الحكم الابتدائى الصادر فى الدعوى رقم 789 سنة 1930 كلى الاسكندرية والقضاء برفض دعوى وقف النجار التى ادعى فيها الملكية وقد بنى هذا الحكم على أساس ثبوت الملكية لمورثى الطاعنين وبذلك استقرت الملكية لهما أما مورث المطعون عليهما فإنه بعد إقراراه فى دعوى الإخلاء بعدم ملكيته لشئ من هذه الأطيان سكت ولم يشترك مع مورثى الطاعنين فى الأنزعة القضائية التى تلت هذه الدعوى - وقد استند الطاعنون فى دفع دعوى المطعون عليهما فى خصوص الأطيان الواقعة فى حوض المنتزه الخديوى إلى هذه الأنزعة وإلى إقرار مورث المطعون عليهما فى دعوى الطرد بعدم ملكيته لشئ فى تلك الأطيان وإلى ما جاء فى تقرير الخبير الذى عينته المحكمة الابتدائية فى النزاع الحالى من ان سبب وضع يد الطاعنين حسب مستنداتهم هو شراؤهم هذه الأطيان بعقود شرحها فى التقرير وترك أمر الفصل فيها للمحكمة وأخيرا فقد تمسك الطاعنون بأنهم على أى حال قد كسبوا ملكية جميع هذه الأطيان بوضع يدهم عليها بصفة ملاك مدة تزيد على خمس عشرة سنة وجاء الحكم المطعون فيه فمسخ أوراق الدعوى رقم 789 سنة 1930 كلى الاسكندرية واستئنافها رقم 15 سنة 2 ق وأقام قضاءه على ما قرره - مخالفا للقانون وللثابت بهذه الأوراق - من أن الطاعنين ومورثيهم كانوا يتولون الدفاع عن الملكية فى هذه الدعوى باسم عائلة سردينه جميعها بما فيها حميده جد المطعون عليهما وأنهم طلبوا فى هذه الدعوى الملكية لهذه العائلة وليس لأشخاصهم بالذات وان الحكم فى هذه الدعوى بنى على ان عائلة سردينه دون تحديد لفرد أو أفراد بالذات منها هم واضعوا اليد على ذلك الغيط هم واسلافهم كما مسخ الحكم تقرير الخبير فيما استند إليه منه وأهدر دلالة الإقرار الصادر من ورثة حميده سردينه فى دعوى الإخلاء وفسره بما يخرج عن مدلوله وعلاوة على ذلك كله فقد أخطأ الحكم فى القانون فى رده على دفاع الطاعنين باكتسابهم الملكية بالتقادم الطويل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالملكية والربع عن نصيب المطعون عليهما فى غيطى الملك وعبيد الواقعين فى حوض الدار وعرامه الكبير على ما أورده فى أسبابه من أنه "تبين من تقرير الخبير المعين من محكمة أول درجة أن المدعى عليهم (الطاعنين) يضعون اليد على أعيان التركة جميعها من تاريخ وفاة مورث المدعيتين فى 15 نوفمبر سنة 1922 وهو ما تأيد باعتراف أحدهم وهو حسن ابراهيم دسوقى سردينه فيما قرره أمام الخبير المذكور من أن المدعى عليهم لا يعارضون المدعيات فى الزراعة بقدر ما يرثن فى الغيطان جميعا ما عدا غيط حميده فهو ملك له ولآخرين من المدعى عليهم بطريق الشراء ومؤدى هذا الإقرار واضح الدلالة على حالة وضع اليد والاستغلال بالنسبة ل 58 فدانا السابق البيان". ثم قال الحكم "ومن حيث إنه لا نزاع من جانب المستأنفين (الطاعنين) فى صفة المستأنف عليهما (المطعون عليهما) ولا نصيبهما كورثة فى الملك المشاع فيكون الحكم المستأنف فى محله من جهة قضائه لهما بالملكية ولا حاجة بعدئذ لبحث ما يقوله المستأنفون من وجود ملاك آخرين يشاركونهم الملك فى حوض الدار وعرامه إذ لو ثبت هذا لكان من شأن أولئك الملاك الآخرين التمسك بكامل حقوقهم قبل المستأنف عليهما ومع ذلك فقد تبين أن جميع قضايا سنة 1941 قد دشتت. ومن حيث إن تقرير الخبير لم يستبعد ما يقابل أرضا سبق بيعها من مورث المستأنف عليهما إلى محمد يعقوب كشك وغيره وأشير إليها فى تقرير الخبير بأنه لم يستنزل مقابل ريع تلك الأرض المبيعة من حساب الريع العام الذى أجراه وقد تقدمت المستأنف عليهما فى آخر مذكراتهما الابتدائية ببيان ما يجب خصمه مقابل تلك المبيعات وأن جملة المستحق لهما لذلك هو مبلغ 184 ج و400 م ومع هذا فقد صدر الحكم المستأنف بالريع على أنه مبلغ 276 ج و540 م الواردة بتقرير الخبير ويتعين لما تقدم تعديل الحكم المستأنف بالنسبة لهذا المبلغ" - أما الحكم الابتدائى الذى أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه فيما لا يتعارض مع أسبابه هو فإنه اقتصر فى أسبابه على الأخذ بما جاء بتقرير الخبير - ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى صدر أسبابه أن الطاعنين "أسسوا استئنافهم فيما يختص بما حكم به للمطعون عليهما من ملكية بحضور الدار وعرامه الكبير على أن أرض هذا الحوض وقدرها 58 فدانا ليست كلها ملكا لهم وللمستأنف عليهما (المطعون عليهما) فقط بل ان هناك طرفين آخرين غير عائلة سردينه (عائلة المستأنفين والمستأنف عليهما) وهما وزارة الأوقاف وعائلتا خضير ومقصود يملكونهما جميعا مثالثة وأشار المستأنفون إلى القضية رقم 3889 لسنة 41 ق مختلط التى قالوا إنها قضية قسمة تلك الأرض بين كل فريق من ملاكها المذكورين ثم فى مذكرتهم إلى القضية رقم 421 لسنة 5 مدنى الاسكندرية التى طلبوا ضمها وأن خبير محكمة أول درجة لم يطلع على هذه القضايا لتتضح منها هذه الحقييقة ويأخذ المستأنفون على الخبير كذلك أنه لم يعن بمعاينة الأرض وإحصاء مستغليها وبيان ما يستفيده كل من ملاكها من زراعتها ليؤسس على ذلك بيان حق كل من هؤلاء فى ريعها بالنسبة لباقى شركائه. وطلب المستأنفون بالنسبة لجميع الدعوى إثبات وضع يدهم على ما يزرعون لحسابهم بنية تملكه من أكثر من خمس عشرة سنة ويخلص المستأنفون إلى المستأنف عليهما ليس لهما حق فى ملكية ولا ريع ويطلبون إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعواهما" لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه - قد قصر كلامه على وضع يد المدعى عليهم واستغلالهم للأطيان محل النزاع ولم يقم الدليل على ملكية المدعيتين لما قضى بملكيتهما له فى هذه الأطيان وإذا كان الحكم قد أخذ بما قالته المدعيتان من أن سبب الملكية هو الميراث فإنه لم يفصح عن أصل هذه الملكية وكيف تسلسلت حتى آل إلى المدعيتين النصيب الذى قضى لهما بملكيته أما قول الحكم بأنه لا نزاع من جانب المدعى عليهم (الطاعنين) فى نصيب المدعيتين (المطعون عليهما) كورثة فى الملك المشاع فإنه يخالف ما أثبته الحكم نفسه فى تدويناته من أن المدعى عليهم أنكروا على المدعيتين كل حق فى ملكية أو ريع كما يتعارض مع ما أثبته الحكم أيضا من أن هؤلاء المدعى عليهم تمسكوا بأن أرض الغيطين محل النزاع - غيط الملك وغيط عبيد - ليست ملكا لهم وللطاعنين فقط بل ان هناك آخرين يشاركونهم فى الملكية بحق الثلثين ومؤدى هذا الدفاع - لو صح - أن يقل نصيب المدعيتين فى الملكية عما حددتاه فى طلباتهما على أساس أن هذين الغيطين كانا مملوكين للمورث الأصلى للطرفين وحده وآلت ملكيتهما لهما وللمدعى عليهم فقط - لما كان ذلك، وكان تقرير الخبير الذى استند إليه الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه لم يقرر الملكية للمدعيتين على وجه ما بل إنه - على ما يبين من الصورة الرسمية لنتيجة هذا التقرير المقدمة من الطاعنين بملف الطعن - قد أشار فى هذه النتيجة إلى أن المدعيتين لم تقدما مستندات ليمكن تطبيقها على الأطيان موضوع النزاع اللهم إلا مكلفة بإسم ابراهيم سردينه وشركاه وذكر الخبير فى موضع بعد ذلك "ولم تقدم المدعيتان ما يمكن به الجزم بصحة قيمة نصيبهم" وأكد هذا بقوله فى نهاية النتيجة "لم تقدم لنا مستندات للمساعدة فى إتمام القضية" وأضاف أنه قدر نصيب المدعيتين فى الريع على أساس قولهما بأن لمورثهما 3/ 24 من التركة ولم يدل الخبير برأى خاص فى شأن ملكية المدعيتين - لما كان ما تقدم، وكان استدلال الحكم بما قرره واحد من الطاعنين أمام الخبير من أنهم لا يعارضون المدعيتين فى الزراعة بقدر ما يرثان فى الحوضين محل النزاع هذا الاستدلال غير منتج فى إثبات ملكية هاتين المدعيتين للنصيب الذى قضى لهما الحكم بملكيتهما له ذلك انه فضلا عن أن أقوال هذا الطاعن لا تفيد التسليم منه بملكية المطعون عليهما لنصيب معين فإن هذه الأقوال لا تعتبر حجة على غيره من الطاعنين - وكان ما تعلل به الحكم فى رفض طلبت الطاعنين الخاص بضم قضية القسمة رقم 421 سنة 5 قضائية من أن هذه القضية قد دشتت ضمن قضايا سنة 1941 - هذا الذى تعلل به الحكم غير صحيح لما ثبت من الصور الرسمية لمحاضر هذه القضية التى قدمها الطاعنون بملف الطعن - من أن هذه القضية كانت منظورة أمام محكمة استئناف الاسكندرية بجلستى 23 يناير و27 مارس سنة 1957 وان النزاع فيها يدور بين وزارة الأوقاف وبعض الطاعنين والمرحوم ميشيل مقصود وورثة بيير خضير لما كان ذلك، وكان الحكم الطعون فيه لم يبين أيضا علة عدم استبعاده من نصيب المدعيتين فى الملكية الأرض التى ثبت له أن مورثهما قد باعها فى حوضى الدار وعرامه والتى استبعد الحكم نفسه ما يقابل ريعها من الريع الذى طلبته المدعيتان فإن هذا الحكم يكون مشوبا بالقصور بما يستوجب نقضه فيما قضى به للمطعون عليهما من ملكية فى هذين الحوضين ولما كان الريع المقضى به يتأثر بهذه الملكية وجودا وعدما لأن القضاء به فى هذه الدعوى قد أسس عليها فانه يتعين نقض الحكم أيضا فى خصوص قضائه بالريع بالنسبة لأطيان الحوضين المذكورين.
وحيث إنه عن غيط حميده الكائن بحوض المنتزه الخديوى فان الحكم المطعون فيه فيما قضى به للمطعون عليهما من ملكية وريع فى هذا الغيط قد استند إلى القول "وحيث إنه بالنسبة لغيط حميده والذى استثنى من الاقرار المار ذكره (اقرار حسن ابراهيم دسوقى أمام الخبير) فان المستأنفين (الطاعنين) يذكرون بصدده ان جد المستأنف عليهما (المطعون عليهما) كان قد استأجر هو وأخوه ابراهيم دسوقى سردينه وابن عمهما محمد خليفة سردينه (والدى المستأنفين الحاليين) أرض ذلك الغيط من وقف النجار ولما طلب الوقف الايجار قرر ورثة حميده ومنهم محمد مورث المدعى عليهما الحاليتين أنهم لا يضعون اليد على هذا الغيط ولا يعرفون مسألة الايجار وذلك فى الدعوى رقم 200 سنة 1902 مدنى الاسكندرية كما يقرر المستأنفون أنه تلا ذلك وضع يد مورثيهم على تلك العين "غيط حميده" وتوارثوه إلى الوقت الحاضر". وحيث إن المحكمة ترى بالنسبة لوضع اليد على تركة المورث الأصلى دسوقى سردينه إلى وقت وفاة محمد حميده سردينه مورث المستأنف عليهما الحاليتين أن حالة وضع اليد كانت بحيث لا تسمح بالقول بأن المهايأة الزراعية قد أدت بوضوح إلى إنهاء حالة الشيوع أما الاستشهاد فى ذلك بتنحى ورثة حميده (جد المستأنف عليهما) فى الاستمرار فى النزاع الخاص بالايجار مع وقف النجار فليس فيه ما يتعارض واعتبار الشيوع قائما فى وقت الاقرار نفسه وذلك أن تلك الدعوى رقم 200 سنة 1902 رفعت أصلا بالمطالبة بايجار وأنكر أولئك الورثة أنهم يعرفون شيئا عن ذلك الايجار أو أنهم واضعون اليد على الأرض موضوع عقود الايجار وليس فى هذا بذاته ما يؤدى لزوما إلى فض قيام الشيوع فعلا سواء بالنسبة للأرض المشار إليها أو لما عداها من التركة المشتركة.
وحيث إنه فيما يختص بالمدة التالية لذلك الاقرار إلى تاريخ وفاة مورث المستأنف عليهما أى من سنة 1902 إلى سنة 1922 فإن المستأنفين يذكرون تأييدا لما يدعونه من استمرار وضع يدهم كملاك على غيط حميده موضوع النزاع أن النزاع بينهم وبين وقف النجار قد استطال منذ دعوى سنة 1902 أمام القضاء المختلط إلى سنة 1971 حيث حكم فيه استئنافيا ضد الوقف الأهلى وبعد ذلك منذ سنة 1930 إلى أن حكم فيه نهائيا فى الدعوى رقم 15 لسنة 2 ق مدنى الاسكندرية (المستأنف بها الحكم رقم 789 لسنة 1930 كلى الاسكندرية) فى 12 مايو سنة 1948 بتأييد ذلك الحكم المستأنف الذى كان قد قضى برفض دعوى بعض نظار وقف النجار التى ادعو فيها ملكية الوقف المذكور لغيط حميده موضوع النظر فى الدعوى الحالية ويقول المستأنفون إنهم ومورثيهم الذين باشروا هذه النزاعات العديدة دون أن يشاركهم فيها جد المستأنف عليهما الحالتين ولا أحد من ورثته ومن حيث إنه بالرجوع إلى ملف القضية رقم 15 لسنة 2 ق المضموم للدعوى الحالية تبين أن منشأ النزاع حسبما أوضح المتسأنفون الحاليون (الطاعنون) وخصوصا فى مذكرتيهما رقمى 54 و59 بالملف الاستئنافى للقضية كان مقيدا برقم 389 لسنة 1952 ق مصر هو أن أحد نظار الوقف السالف الذكر استغل سذاجة ثلاثة من عائلة سردينه وهم حميده وابراهيم ومحمد خليفه واستمضاهم على أوراق تفيد استئجارهم من ذلك الوقف أرضا هى قطعة حميده بحوض المنتزه الخديوى رقم 2 ثم حصل بالدعوى رقم 200 السالفة الإشارة إليها على حكم بفسخ الإيجار وإخلاء الأرض فعملت عائلة سردينه على عرقلة تنفيذ هذا الحكم بمختلف الوسائل ومنها تعرض أجنبى هو إبراهيم عمر بن سلومه عند التنفيذ حتى أوقف ثم بيعت الأرض من بعضهم بعد ذلك إلى عمر هذا ثم من عمر إليهم ثانية واستندوا إلى هذه العقود والتصرفات فى دفع دعاوى وقف النجار ضدهم سواء فى القضاء المختلط أو الأهلى وكان من أسس دفاعهم ضد الوقف تمسكهم بوضع يد عائلتهم (دون تخصيص شخص أو أشخاص منهم) لمدة مائة سنة سابقة على تلك الخصومات وان حجة الوقف التى يستند إليها خصومهم مزورة وليست دقيقة فى بيان حدود الأرض موضوع النزاع (غيط حميده) وقد انتهى الحكم رقم 789 واستئنافه رقم 15 سنة 2 ق السالف الذكر إلى أنه لا دليل على أن تلك الحجة تشمل فى الواقع غيط حميده المذكور موضوع النزاع حينذاك مع الوقف والنزاع الحالى وإلى أن عائلة سردينه دون تحديد لفرد أو أفراد بالذات منها هو واضعوا اليد على ذلك الغيط هم واسلافهم مما انبنى عليه رفض دعوى الوقف ولو إن مختصمى الوقف من عائلة سردينه كانوا هم رافعى تلك الدعوى يطلبون بها الملكية لأشخاصهم بالذات وظل المستأنف عليهما ومورثهما على تجاهلهم لتلك الإجراءات لكان لذلك شأن آخر يختلف تقديره عما تقدم. وحيث إنه يخلص مما ذكر ان الاستشهاد بتلك النزاعات التالية للقضية رقم 200 لسنة 1902 إن صح أن يؤسس عليه بين أفراد عائلة سردينه حق الرجوع على بعضهم البعض على أساس النيابة القانونية وبنفقات التقاضى التى لزمت للمحافظة على الملك المشترك إن كان لذلك وجه وبدعوى منفصلة فإن تلك النزاعات لا تصلح دليلا على استمرار وضع يد المدافعين ضد الوقف من عائلة سردينه بصفتهم مالكين هم وحدهم ومما يؤيد هذه النتيجة الأخيرة ما قرره محمد على أبو كليلة الناحية لخبير محكمة أول درجة فى الدعوى الحالية من أن حميده محمد سردينه (مورث المستأنف عليهما الحاليتين) كان يضع يده قبل وفاته (الحاصلة فى سنة 1922) على جزء شرقى مستطيل من بحرى إلى قبلى بالغيط موضوع النزاع الحالى ومن قبل ذلك أيضا شهادة من نفس العمدة على محضر حصر تركة مورث المستأنف عليهما الحاليتين الحاصل فى 6 ديسمبر سنة 1922 بأن ضمن ممتلكاته 1 ط و12 س مشاعا فى 20 فدانا بغيط حميده ويضاف إلى هذا ما شهد به الحاج حسن على أبو كليله أمام مستشار المختلط الذى انتقل للمعاينة فى يوم 15 مايو سنة 1916 من أن ورثة سردينه – ضمنهم حميده – مورث المستأنف عليهما الحاليتين – هم الزارعون لأرض النزاع زراعات ممنوعة. وحيث إنه بناء على ما ذكر جميعه يكون قول المستأنفين بأن وضع اليد على الأرض موضوع النزاع قد تحول من مهايأة مؤقتة بطبيعتها إلى قسمة نهائية فى الفترة السابقة على رفع الدعوى الحالية قولا لا دليل عليه".

 
 
وحيث إنه يبين من الصورتين الرسميتين المقدمتين من الطاعنين بملف الطعن للحكم الصادر فى الدعوى رقم 789 سنة 1930 كلى الاسكندرية والحكم الصادر فى الاستئناف المرفوع عنه المقيد برقم 15 سنة 2 ق الاسكندرية إن تلك الدعوى رفعت من نظار وقف النجار ضد محمود محمد خليفة سردينه ومحمد محمد خليفه سردينه والسيد محمد خليفة سردينه وأحمد ابراهيم دسوقى سردينه وحسن ابراهيم دسوقى سردينه وورثة منصور ابراهيم دسوقى سردينه وهم بذاتهم الطاعنون فى الطعن الحالى. وطلب النظار الحكم بثبوت ملكية الوقف المشمول بنظارتهم لغيط حميده البالغ مساحته عشرون فدانا والواقع بحوض المنتزه وقد قضى ابتدائيا فى أول يناير سنة 1935 - برفض هذه الدعوى - كما قضى فى 12 مايو سنة 1948 فى الاستئناف المرفوع من نظار الوقف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وقد أثبت الحكم الاستئنافى فى أسبابه ان دفاع المدعى عليهم فى الدعوى المذكورة تحصل فى انهم هم واسلافهم الواضعو اليد على الأرض موضوع النزاع من قديم الزمان وانها مكلفة بأسمائهم وإن حجة الوقف لا تنطبق على هذه الأرض - وأسس الحكم الابتدائى فى قضاءه على أن حجة الوقف غير صريحة فى دخول العشرين فدانا محل النزاع فى الأعيان الموقوفة وأن ما ادعاه الوقف من اكتسابه ملكيتها بالتقادم الطويل مردود بأن الوقف لا يجوز له التملك بوضع اليد وأقام الحكم الاستئنافى قضاءه على ما قاله من "أنه تبين أن المستأنف ضدهم الستة الأولين - وهم الطاعنون فى الطعن الحالى - واسلافهم - قبلهم هم الذين كانوا يضعون اليد على العين محل النزاع ولا يزالون واضعين اليد عليها للأن "وأن حجة الوقف يحوطها الإبهام والغموض ولا تدل على ملكية الوقف لهذه العين - وليس فى أسباب الحكم الابتدائى أو الاستئنافى ما يشير إلى أن المدعى عليهم فى الدعوى المذكورة استندوا فى دفعها إلى وضع يد عائلة سردينه عموما أو أنهم ادعوا الملكية لهذه العائلة ولما كان الثابت مما سلف بيانه أن مورث المطعون عليهما لم يكن طرفا فى الدعوى 789 سنة 1930 سالفة الذكر وأن الطاعنين ادعوا فى هذه الدعوى الملكية لأنفسهم وليس لعائلة سردينة عموما وأن الحكم صدر ابتدائيا واستئنافيا فى تلك الدعوى على أساس أن هؤلاء الطاعنين بالذات وأسلافهم من قبلهم هم الذين كانوا يضعون اليد على غيظ حميده محل النزاع ولا يزالون واضعى اليد عليه - وكان المطعون عليهما لا يفيدان من هذا الحكم لأنهما لا هما ولا مورثهما كانوا طرفا فى الدعوى التى صدر فيها ولم يكن الطاعنون يمثلونهم فيها أو يتولون الدفاع عن الملكية باسم عائلة سردينه أو بطريق النيابة عنها بل باسمائهم ولحسابهم الخاص فان الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما فهمه من أوراق الدعوى رقم 789 سنة 1930 كلى الاسكندرية مخالفا لهذا النظر يكون قد خالف الثابت فى هذه الأوراق المقدمة من الطاعنين كمستند لهم فى النزاع الحالى كما خالف القانون فيما قرره من قيام نيابة قانونية بين الطاعنين وبين من لم يكن مختصما فى الدعوى المذكورة من عائلة سردينه وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه جعل عماد قضائه فى خصوص ما قضى به للمطعون عليهما من ملكية وريع فى غيط حميده. هذا الفهم الخاطئ وكان قد صرح فى أسبابه بما يفيد أن رأيه فى هذا الخصوص كان يتغير لو صح الفهم الذى انتهت هذه المحكمة إلى أنه الفهم الصحيح فان الحكم المطعون فيه يكون متعين النقض وذلك دون حاجة لبحث مدى كفاية الأدلة الاخرى التى ساقها الحكم لتأييد فهمه الخاطئ ذلك أنه بما صرح به آنفا يكون قد اعتبر هذه الأدلة ثانوية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه برمته.


(1) المعدل للمادة 7 ق 57 لسنة 1959.
(2) راجع المادة 14 ق 57 سنة 1959 التى تنص على أن "لكل من كان خصما فى القضية التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ولم يعلنه رافع الطعن بطعنه أن يتدخل فى قضية الطعن ليطلب الحكم برفض الطعن ويكون تدخله بإيداع مذكرة بدفاعه قلم الكتاب قبل انقضاء الميعاد المحدد فى الفقرة الأولى من المادة 12 مشفوعة بالمستندات التى تؤيده".