أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1220

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضى، وأحمد أحمد الشامى، ومحمد عبد اللطيف مرسى، ومحمد ممتاز نصار.

(192)
الطعن رقم 44 لسنة 27 القضائية

( أ ) إعلان. "إعلان أوراق المحضرين". نقض. "إعلان الطعن".
يعتبر المكان الذى يباشر فيه الشخص تجارته أو حرفته موطنا خاصا له - بجانب موطنه الأصلى - جواز مباشرة أى عمل قانونى يتصل بهذه الحرفة أو التجارة فى هذا الموطن. توجيه الإعلان إلى محام فى مكتبه عن أمر يتصل بمهنته - صحيح فى القانون.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". "محكمة الموضوع".
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بمستند كدليل على ورقة الضمان المدعى بتزويرها. النعى على الحكم بعدم أخذه به كسند مستقل يغنى بذاته عن تلك الورقة. سبب جديد لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - يعتبر المكان الذى يباشر فيه الشخص حرفته موطنا خاصا له - بجانب موطنه الأصلى - وذلك لمباشرة أى شأن قانونى يتصل بهذه الحرفة (م 41 من القانون المدنى). فإذا كان موضوع إعلان الطعن يتعلق بعمل المعلن إليه كمحام - فى خصوص الإقرار المنسوب صدوره إليه بوصفه وكيلا مفوضا بالإقرار محل دعوى التنصل - فإن توجيه الإعلان لمكتبه عن أمر يتصل بمهنته يكون قد وقع صحيحا.
2 - متى كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بمستند كدليل على صحة ورقة الضمان المدعى بتزويرها لا باعتباره سندا مستقلا يغنى بذاته عن تلك الورقة، فإن النعى على الحكم عدم أخذه به كسند مستقل فى الدعوى، يعد سببا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أنه بتاريخ 3/ 2/ 1954 - حصلت الطاعنة على أمر أداء ضد المطعون عليه الأول بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1734 ج و719 م بصفته ضامنا متضامنا مع آخرين بمقتضى ورقة ضمان مؤرخة فى 8/ 11/ 1952، عارض المطعون عليه الأول فى هذا الأمر بالدعوى رقم 461 سنة 1954 تجارى كلى القاهرة. وطعن فى ورقة الضمان المذكورة بالتزوير، فندبت المحكمة الابتدائية خبيرا (مكتب الطب الشرعى) لبيان ما إذا كانت إمضاؤه على تلك الورقة صحيحة أم مزورة، وبعد أن قدم الخبير تقريره الذى انتهى فيه إلى أن خط التوقيع المنسوب للمطعون عليه الأول على إقرار الضمان يختلف عن توقيعاته على أوراق المضاهاة، قضت المحكمة المذكورة بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1954 برد وبطلان ورقة الضمان وبإلغاء أمر الأداء استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1074 سنة 71 ق القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بصحة ورقة الضمان وتأييد أمر الأداء، وتمسكت فى دفاعها بالخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 المنسوب إلى الأستاذ عبد العظيم الجزار المحامى "المطعون عليه الثانى" والذى يقر فيه بصحة الضمان الصادر من موكله المطعون عليه الأول. وبتاريخ 22/ 12/ 1954 قرر المطعون عليه الأول بقلم كتاب محكمة الاستئناف بالتنصل من الإقرار المذكور واختصم المطعون عليه الثانى فى دعوى التنصل وبتاريخ 6/ 3/ 1956 قرر المطعون عليه الثانى بصفته الشخصية بالطعن بالتزوير فى الخطاب المؤرخ 18/ 12/ 1953 ونظرت المحكمة دعوى التنصل والادعاء بالتزوير فى موضوع الاستئناف ودفعت الطاعنة بعدم قبول دعوى التنصل لرفعها بعد مضى ستة أشهر من تاريخ العمل موضوع التنصل طبقا للمادة 813 مرافعات كما دفعت بعدم قبول دعوى التزوير المرفوعة من المطعون عليه الثانى لأنه ليس خصما فى الدعوى. وبتاريخ 10 من أبريل سنة 1956 حكمت المحكمة برفض هذين الدفعين وحددت جلسة 24 من أبريل سنة 1956 لنظر الموضوع - وفى تلك الجلسة دفعت الطاعنة بعدم قبول دعوى التنصل لأنه كان يجب رفعها بالطرق المعتادة أمام المحكمة الابتدائية طبقا للمادة 814 مرافعات. وقد قضت المحكمة فى نفس الجلسة برفض الدفع المذكور، وبتاريخ 31/ 12/ 1956 حكمت فى موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم وفى الحكمين الصادرين فى 10/ 4/ 1956 و24/ 4/ 1956 بطريق النقض بتقرير فى 18 من فبراير سنة 1957 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 26/ 3/ 1961 إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية ونظر أمامها بجلسة أول نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على الدفع ببطلان إعلان الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثانى وطلبت نقض الحكم بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن ما أبدته النيابة من دفع ببطلان إعلان الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثانى مبناه ان المطعون عليه الثانى أعلن بتقرير الطعن فى مكتبه وأن مكتب المحامى لا يعتبر موطنا له طبقا للمادة 40 من القانون المدنى. وأنه بذلك يكون الإعلان وقع باطلا طبقا للمادتين 11 و24 من قانون المرافعات.
وحيث إنه وإن كان الثابت من الأوراق أن تقرير الطعن أعلن للمطعون عليه الثانى فى مكتبه بشارع قصر النيل رقم 17 بالقاهرة، غير أنه لما كان واضحا من مراحل النزاع أن موضوع الإعلان يتعلق بعمله كمحام فى خصوص الإقرار المنسوب صدوره إليه فى 28/ 12/ 1953 بوصفه وكيلا مفوضا بالإقرار عن المطعون عليه الأول، وكانت المادة 41 من القانون المدنى تجيز اعتبار محل الحرفة موطنا خاصا للشخص بجانب موطنه الأصلى وذلك لمباشرة أى شئ قانونى يتصل بالحرفة، فإنه بذلك يكون توجيه إعلان التقرير بالطعن لمكتب المطعون عليه الثانى عن أمر يتصل بمهنته قد وقع صحيحا ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه أقيم على ثمانية أسباب تنعى فيها الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفساد الاستدلال والخطأ فى القانون - ويتحصل السبب الأول منها فى أن محكمة أول درجة قررت بجلسة 22/ 4/ 1954 إعادة المأمورية للخبير وكلفته بالانتقال لمكتب الشهر العقارى للاطلاع على الأوارق الرسمية التى تكون معاصرة للورقة المطعون فيها وتحمل توقيعات المطعون عليه الأول، إلا أن الخبير لم يفعل ذلك ولم يكلف أحدا من الخصوم إرشاده عن الأوراق المذكورة وقدم تقريرا على أساس أوراق المضاهاة التى لديه، وقد دفعت الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بعدم الاعتداد بتقريره لعدم قيامه بالمأمورية المذكورة، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع وأقامت قضاءها بتزوير الورقة على مجرد مقارنة الإمضاء المطعون عليها بالإمضاء الصحيحة ووجود مغايرة بينهما فى الخط والمداد والأداة المستعملة فى الكتابة، ولو كان ذلك صحيحا لما كان هنالك داع لندب خبير فنى لفحص الإمضاء المطعون عليها اكتفاء بالمشاهدة النظرية السطحية - ويتحصل السبب الثالث فى أن المحكمة استخلصت من امتناع الطاعنة عن تقديم ورقة ضمان ثانية مؤرخة 27/ 4/ 1953 ورد ذكرها على لسان الأستاذ عبد العظيم الجزار المحامى "المطعون عليه الثانى" أنها مصطنعة كسابقتها، كما قرر الحكم أن ورقة الضمان الثانية تعتبر ناسخة لورقة الضمان الأولى المؤرخة 8/ 11/ 1952 وبذلك تكون هذه الورقة قد زال كيانها القانونى فضلا عما ثبت من تزويرها، وهذا الذى استخلصه الحكم هو استخلاص غير سائغ لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها - ويتحصل السبب الرابع فى أن ما استخلصه الحكم المطعون فيه من عدم توقيع المطعون عليه الأول على سندات الدين اللاحقة على ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 يؤكد تزوير هذه الورقة هو استخلاص غير سائغ، ذلك أن الطاعنة لم تكن بحاجة إلى توقيع المطعون عليه الأول على سندات الدين بعد أن وقع على إقرار عام بالضمان فى حدود مبلغ ثلاثة آلاف جنيه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استند فى قضائه برد وبطلان ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 إلى ما تبينته المحكمة من وجود خلاف ظاهر بين الامضاء المنسوبة إلى المطعون عليه الأول على هذه الورقة وبين إمضاءاته الصحيحة على أوراق المضاهاة، وعلى ما لاحظته من مغايرة لأن المداد الذى كتب به اسم المطعون عليه الأول وتاريخ الإقرار بلون المداد الذى كتب به أصل الإقرار ومن أن الأداة المستعملة فى كتابة التوقيع والتاريخ تختلف أيضا عن الأداة التى استعملت فى كتابة الإقرار، مما يرجح أن التوقيع والتاريخ لم يكتبا فى نفس الوقت الذى كتب فيه نص ورقة الضمان وما ثبت لها من التحقيقات التى أجرتها نيابتا عابدين والدرب الأحمر من اختلاف أقوال كل من صمويل تسيكه وزينهم محمود حول ظروف تحرير ورقة الضمان ومكان تحريرها، كما يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد استندت فى ثبوت التزوير إلى قرينة أخرى هى أن السندات الصادرة من أحد المدينين بقيمة الدين الوارد فى ورقة الضمان المطعون فيها تلك السندات المحررة فى تواريخ لاحقة لتاريخ الورقة لم يوقع عليها من المطعون عليه الأول فضلا عن أنه لم يرد بها اسمه كضامن وهذه الأدلة مستساغة وتكفى لحمل الحكم فيما انتهى إليه قضاؤه بتزوير ورقة الضمان أما ما استطرد إليه الحكم فيما قرره من أن ورقة 27/ 4/ 1953 تعتبر ناسخة لورقة الضمان الأولى فتزيد لا يعيب الحكم.
وحيث إن السببين الثانى والسادس يتحصلان فى أن الطاعنة تمسكت بالخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 المنسوب صدوره الى الأستاذ عبد العظيم الجزار "المطعون عليه الثانى" والذى يقر فيه بصحة الضمان الصادر من موكله المطعون عليه الأول على الورقة المؤرخة 8/ 11/ 1952 وقد طعن الأستاذ الجزار فى هذا الخطاب بالتزوير، ومع ذلك لم تتعرض المحكمة لموضوع التزوير اكتفاء بما قررته من أنها غير ملزمة بالرد على كل قول أو حجة يثيرها الخصوم فى دفاعهم، وفات الحكم المطعون فيه ان الخطاب الصادر من الأستاذ الجزار لم يكن حجة بل سندا يغنى بذاته عن اقرار الضمان الصادر من المطعون عليه الأول ويكفى لحمل دعوى الطاعنة حتى بغير اقرار الضمان المذكور، وكان على المحكمة ان تتحدث عنه وتناقشه كسند مستقل فى الدعوى وأن ترتب عليه الأثر المستمد منه، وتضيف الطاعنة أن المطعون عليه الأول أقام دعوى التنصل من إقرار محاميه المطعون عليه الثانى فى الخطاب المذكور ومع ذلك ظل المطعون عليه الثانى يحضر عن المطعون عليه الأول كمحام له، وفى ذلك ما يفيد صحة الخطاب الصادر منه واعتباره سندا فى الدعوى.
وحيث إن النعى بهذين السببين مردود بأنه لا يبين من الأوراق المقدمة من الطاعنة بملف الطعن أنها تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن الخطاب المنسوب صدوره الى الأستاذ عبد العظيم الجزار يعتبر سندا مستقلا يغنى بذاته عن ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 بل الثابت أنها تمسكت به كدليل على صحة ورقة الضمان، ومن ثم يكون ما ورد فى هذا الخصوص بتقرير الطعن سببا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه اعتبر ان عدم تقديم الطاعنة لأصل الخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 أمام محكمة أول درجة يفيد تنازلها عن التمسك به فى حين أنها قدمت صورته الفوتوغرافية فى ملف الدعوى الإبتدائية ثم قدمت أصل الخطاب أمام محكمة الاستئناف وفى هذا ما يؤكد تمسكها به كسند فى الدعوى.
وحيث إن هذا النعى مردود (أولا) بأن الحكم المطعون فيه لم يعتبر عدم تقديم الطاعنة للخطاب المذكور أمام محكمة أول درجة دليلا على تنازلها عن التمسك به أمام محكمة الاستئناف وأن ما ورد فى تقريرات الحكم من أنه "طالما أن الشركة المستأنفة "الطاعنة" لم تتقدم بأصل هذا الخطاب الى محكمة أول درجة بل كان المقدم هو صورة فوتوغرافية أنكرها المحامى بل طالب الشركة بتقديم الأصل حتى يتخذ طريق الطعن فيه فلم تفعل، فليست المحكمة الإبتدائية إذن ملزمة بأن تتعرض لدليل لم تتقدم به أو تتمسك به الشركة المستأنفة "الطاعنة" بل هى بعدم تقدميها الأصل وسكوتها عن الرد على مطعن المحامى على هذا الدليل تعتبر فى حكم المتنازلة عن التمسك بهذا الخطاب" هذا الذى قرره الحكم لم يكن إلا ردا على دفاع الطاعنة فى خصوص تعييبها الحكم الإبتدائى بعدم تعويله على الصورة الفوتوغرافية للخطاب المذكور كدليل فى الدعوى، ومردود (ثانيا) بما جاء فى الرد على السببين الثانى والسادس.
وحيث إن السببين السابع والثامن يتحصلان فى ان الطاعنة دفعت بسقوط حق المطعون عليه الأول فى دعوى التنصل من إقرار محاميه فى الخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 لإقامتها بعد مضى أكثر من ستة شهور على العمل المتنصل منه طبقا للمواد 812 - 817 مرافعات كما دفعت بعدم قبول دعوى التنصل لأنه كان يجب رفعها بالطرق المعتادة طبقا للمادة 814 مرافعات، إلا أن المحكمة قضت برفض هذين الدفعين فى حكميها الصادرين بتاريخ 10/ 4/ 1956، 24/ 4/ 1956 تأسيسا على أن هذه الدعوى ليست دعوى بالمعنى الصحيح وإنما هى وجه من أوجه الدفاع مما يجوز ابداؤه فى أى مرحلة كانت عليها الدعوى وهذا الذى قرره الحكم غير صحيح فى القانون.
وحيث إنه يتضح من مطالعة الحكم الموضوعى الصادر بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1956 أن محكمة الإستئناف تبينت أن الخطاب المؤرخ 28/ 12/ 1953 إنما قدم فى مقام الاستدلال على صحة ورقة الضمان المؤرخة 8/ 11/ 1952 كما يبين من الحكم المذكور ان المحكمة لم تأخذ بهذا الدليل. ولما كانت الطاعنة لم تعيب الحكم فى هذا الخصوص، وإنما نعت عليه أنه التفت عن اعتبار هذا الخطاب سندا مستقلا فى الدعوى، مما يعتبر سببا جديدا على ما سبق بيانه فإن النعى بهذين السببين يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.