أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1227

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضى، ومحمد عبد اللطيف مرسى، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

(193)
الطعن رقم 272 لسنة 27 القضائية

( أ ) موظفون "سن التقاعد لموظفى المجالس البلدية". مسئولية. مجالس بلدية.
عدم سريان أحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 على موظفى المجالس البلدية والمحلية لاستقلال ميزانيتها عن ميزانية الدولة. خضوعهم للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزارى المؤرخ 28/ 8/ 1915. نص المادة الثامنة من هذا القرار صريح الدلالة فى جواز إحالة هؤلاء الموظفين إلى المعاش فى سن الستين لا موجب للمسئولية المدنية فى هذه الحالة.
(ب) موظفون "علاقة الموظف بالسلطة العامة". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". "الحق المكتسب".
علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. للسلطة العامة إصدارها فى أى وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظف القائم بالخدمة وقت صدورها. لا مساس فى ذلك بحق مكتسب. ليس للموظف الحق فى عدم إحالته إلى المعاش إلا فى سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن فى ظل قانون يجعل سن الاحالة إلى المعاش هى الخامسة والستين.
1 - تقضى المادة 67 من القانون رقم 5 لسنة 1909 بعدم سريان أحكامه إلا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وعمال اليومية المربوطة ماهياتهم وأجورهم فى ميزانية الحكومة ومن ثم فلا تجرى أحكام هذا القانون على الموظفين والمستخدمين والعمال التابعين للمجالس البلدية والمحلية لاستقلالها بميزانيتها عن ميزانية الدولة وإنما يخضع موظفو هذه المجالس للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزارى الصادر فى 28/ 8/ 1915 بإنشاء صناديق توفير لمستخدمى المجالس البلدية والمحلية وتنظيم مكافآتهم عند تقاعدهم، وقد قضت المادة الثامنة من هذا القرار صراحة على أن تكون إحالة هؤلاء الموظفين إلى المعاش فى سن الستين(1).
2 - علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هى علاقة تنظيمية(2) تحكمها القوانين واللوائح التى السلطة إصدارها فى أى وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظفين القائمين بالخدمة وقت صدورها دون أن يعد ذلك مساسا بحق مكتسب إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقا فى عدم إحالته إلى المعاش إلا فى سن الخامسة والستين، إلا إذا بلغ هذه السن فى ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هى الخامسة والستين.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن المطعون عليه أقام الدعوى 147/ 81 سنة 1954 مدنى كلى طنطا وقال فى صحيفتها إنه التحق بمجلس بلدى طنطا فى أول يوليو سنة 1909 وظل يمارس عمله إلى أن فصل بتاريخ أول أبريل سنة 1948 وهو لا يتجاوز الستين من عمره وكان يتقاضى مرتبا شهريا مقداره 26 ج و250 م من ذلك ماهية أصلية 19ج و7 ج و250 م علاوة غلاء وأنه لم يكن من بين الموظفين المثبتين الذى تجرى على رواتبهم حكم الاستقطاع للمعاش المنصوص عليه فى القانون رقم 37 لسنة 1929 وإنما هو من الموظفين المؤقتين الخارجين عن هيئة العمال الذين ينطبق على حالتهم القانون 5 سنة 1909 التى تنص المادة 14 منه على أن يكون رفت المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال وهم الذين لا حق لهم فى المعاش من بلغوا الخامسة والستين ما لم يرخص لهم وزير المالية بالبقاء فى الخدمة لمدة معينة بناء على طلبهم ومع ذلك فلا يجوز بأى حال إبقاؤهم فى الخدمة بعد السبعين ورتب على ذلك أن المدعى عليهما (الطاعنين) قد جانبا الصواب عندما انهيا عمله قبل بلوغه الخامسة والستين وطالبهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 1575 ج والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. دفع المدعى عليهما (الطاعنان) الدعوى أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى لاختصاص مجلس الدولة بالفصل فيها وقضت المحكمة فى 10/ 2/ 1955 برفض هذا الدفع وباختصاص المحكمة بنظر النزاع وفى 13 مارس سنة 1956 قضت المحكمة حضوريا برفض الدعوى مع إلزام المدعى (المطعون عليه) بالمصاريف وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليهما (الطاعنين) استأنف المطعون عليه هذا القضاء بالاستئناف رقم 192 سنة 6 ق مدنى طنطا وفى 11 يونيه سنة 1957 أصدرت المحكمة الاستئنافية حكمها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واختصاصها وبرفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وبإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنف عليهما (الطاعنين) متضامنين بأن يدفعا للمستأنف (المطعون عليه) مبلغ 800 جنيه والمصاريف الخاصة بهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ 1000 قرش أتعابا للمحاماة مستندة فى ذلك إلى أن محكمة أول درجة أخطأت إذ اعتبرت المستأنف موظفا دائما استنادا إلى قرار مجلس الوزراء الصادر فى 10/ 5/ 1945 ذلك أن هذا القرار ليس به ما يفيد انسحاب أثره على الموظفين الذين اكتسبوا حقوقا قبل صدوره فهو لا يسرى إلا على من عينوا بعد صدوره والمستأنف وقد عين فى سنة 1909 كان قد اكتسب حقا لبقائه حتى سن الخامسة والستين وبذا لا يؤثر عليه هذا القرار - وأن فيصل التفرقة بين الموظف الدائم والمؤقت طبقا لقانون المعاشات هو أن الأول يجرى على راتبه الاستقطاع للمعاش بخلاف المستخدم المؤقت سواء كان يشغل وظيفة مدرجة بالميزانية أو كان مشتركا فى صندوق التوفير والادخار لأن لائحة صندوق التوفير تنص على أن الاستقطاع الزامى لجميع موظفى المجالس فيما عدا صغارهم وحتى هؤلاء أجيز لهم الاشتراك بشروط خاصة فالمحاجة بأن من اشترك فى صندوق الادخار أصبح فى عداد الموظفين الدائمين قولا لا يقوم على أساس من القانون ويخالف ما ورد بقانون المعاشات. وبتاريخ 21 يوليو سنة 1957 طعن الطاعنان فى هذا القضاء بطريق النقض طلبا فيه للأسباب التى تضمنها التقرير به إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون عليه - وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها القضاء بنقض الحكم المطعون فيه. وبتاريخ 18 أبريل سنة 1961 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة. وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 20/ 12/ 1962 وفيها صممت النيابة على طلب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الطعن فى أسبابه الثلاثة يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله - ذلك أنه قد خلط بين موظفى المجالس البلدية وموظفى الحكومة مع اختلاف الأحكام المتعلقة بالمعاش بالنسبة للطائفتين إذ أن القانون رقم 5 لسنة 1909 والقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاصين بالمعاشات لا يسريان إلا على موظفى الحكومة ولا يسريان على موظفى الهيئات الاقليمية أو الهيئات العامة الأخرى طبقا لنص المادة 67 من القانون الأول والمادة 66 من القانون الثانى وأن موظفى المجالس البلدية ليسوا من الموظفين الذين ورد النص باستثنائهم وأن ما يجب أن يطبق فى حقهم هو اللائحة الأساسية للمجالس المحلية الصادرة فى 14/ 7/ 1909 ولائحة صناديق التوفير لموظفى المجالس المحلية المختلطة الصادرة فى 14/ 6/ 1913 واللائحة المماثلة الصادرة فى 18/ 8/ 1915 بالنسبة إلى جميع موظفى المجالس المحلية والقانون رقم 145 لسنة 1944 بتنظيم المجالس البلدية والقروية وقرار مجلس الوزراء بلائحة استخدام موظفى ومستخدمى وعمال المجالس البلدية والقروية الصادرة فى 9/ 6/ 1945 - وأن المطعون ضده مشترك فى صندوق التوفير ومن ثم فإنه يحال إلى المعاش فى سن الستين كموظف الحكومة المثبت وإن الحكم إذ قرر أن موظف المجلس البلدى لا يعتبر موظفا دائما إلا إذا جرى عليه حكم الاستقطاع الوارد فى قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 رغم اختلاف القواعد السارية على كل من الطائفتين وطبق القانون رقم 37 لسنة 1929 يكون قد أخطأ - كما أن الحكم المطعون فيه - إذ رفض تطبيق لائحة استخدام المجالس البلدية الصادرة فى سنة 1945 فى شأن تعريف الموظف الدائم وغير الدائم استنادا إلى أنها لم تنص على سريانها بأثر رجعى ومن ثم فلا تمس حقا مكتسبا للمطعون عليه فى الايحال إلى المعاش إلا فى سن الخامسة والستين ولا يجوز للسلطة العامة المساس به - قد خالف القانون، هذا إلى أن لائحة سنة 1945 حتى على الفرض جدلا بأنها استحدثت جديدا فى هذا الصدد فإنها تسرى على موظفى المجالس البلدية الموجودين فى الخدمة وقت صدورها بأثرها الفورى دون أن يكون ذلك تطبيقا لها بأثر رجعى ما دام أن القواعد التى وردت بها لا يقصد بها تعديل مراكز ذاتية تمت فعلا قبل صدورها - وأن الحكم خالف القانون إذ جعل أساس التفرقة بين الموظف الدائم والموظف المؤقت هو استقطاع المعاش وأن الموظف الدائم هو من يسرى عليه حكم الاستقطاع والمؤقت من لا يسرى على مرتبه الاستقطاع.
وحيث إنه لما كانت المادة 67 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الذى أعمل الحكم المطعون فيه نصوصه فى شأن المطعون عليه تنص على أنه "لا تسرى أحكام هذا القانون إلا على الموظفين والمستخدمين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والعمال باليومية المربوطة ماهياتهم وأجورهم فى ميزانية الحكومة العمومية باستثناء موظفى المصالح الست المشار إليها فى تلك المادة" أما غيرهم من الموظفين والمستخدمين أو العمال التابعين إلى مصالح غير مدرجة فى الميزانية العامة - ومنهم موظفى المجالس البلدية - فلا تجرى عليهم أحكام قانون المعاشات المذكور لاستقلالها بميزانياتها عن ميزانية الدولة منذ إنشائها - وإنما يخضع هؤلاء الموظفون للنصوص القانونية واللائحية المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزارى الصادر فى 28 أغسطس سنة 1915 - بإنشاء صناديق توفير لمستخدمى المجالس البلدية والمحلية وتنظيم مكافأتهم عند تقاعدهم فجعلت المادة الثانية منه الاشتراك فى هذا الصندوق إلزاميا لجميع المستخدمين الذين يدخلون فى خدمة المجلس مع استثناء العمال المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والخدمة السايرة فى الحدود المبينة بالمادة المذكورة. وذلك كله قصد حلول هذا الصندوق محل المعاشات بالنسبة لموظفى الحكومة. ثم نصت المادة الثامنة من هذا القرار - على أن تكون إحالتهم إلى المعاش فى سن الستين وهو نص صريح لا لبس فيه ولا غموض، كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر فى سنة 1945 بلائحة استخدام موظفى المجالس البلدية والقروية المستند إلى القانون 245 سنة 1944 قد عرف الموظف الدائم بأنه الذى يشغل وظيفة دائمة مدرجة فى ميزانية المجلس ذات مرتب شهرى ويجوز له الانتفاع بصندوق التوفير - والقرار المذكور مع القرار الوزارى الصادر فى 28 أغسطس سنة 1915 يطبقان بأثر فورى على الموظفين الذين كانوا فى الخدمة وقت صدوره لأن علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التى تملك تلك السلطة إصدارها فى أى وقت تحقيقا للمصلحة العامة وهى واجبة التطبيق على الموظفين القائمين بالخدمة وقت صدورها ولا يعتبر فى ذلك مساسا بحق مكتسب إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقا فى الإيحال إلى المعاش إلا فى سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن فى ظل قانون يجعل سن الاحالة إلى المعاش هى الخامسة والستين - لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الابتدائى وملف خدمة المطعون عليه أنه التحق بالخدمة فى سنة 1909 وفى سنة 1948 تقرر بانتهاء خدمته لبلوغه سن الستين وكان عند الاستغناء عنه رئيسا لشبكة المياه بمجلس بلدى طنطا وفى الدرجة السادسة الفنية ووظيفته مدرجة فى ميزانية المجلس وأنه مشترك فى صندوق الادخار وكان مقتضى ذلك أن تكون إحالته إلى المعاش عملا بالمادة الثامنة من القرار الوزارى آنف الذكر عند بلوغه سن الستين فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بمسائلة الطاعنين وإلزامهما بالتعويض عن السنوات الباقية حتى بلوغه الخامسة والستين باعتباره من الموظفين الحكوميين المؤقتين الذين لا يجرى عليهم حكم الاستقطاع ويسرى عليهم قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 - قد خالف القانون ويتعين رفضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه يتعين القضاء بتأييد الحكم المستأنف.


(1) نفس المبدأ نقض 22/ 11/ 1962 فى الطعن رقم 180 لسنة 27 ق.
راجع نقض 13/ 4/1961 و30/ 11/ 1962 مجموعة المكتب الفنى س 13 رقم 49 و123 صـ 365 و743 على التوالى.
(2) راجع نقض 4/ 4/ 1962 مجموعة المكتب الفنى س 13 ص 403 "علاقة الموظف بالمؤسسة العامة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. لا يعيب الحكم استناده إلى أحكام قانون عقد العمل الفردى طالما أن النتيجة التى انتهى إليها تتفق مع أحكام القانون الواجب التطبيق".