أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 13 - صـ 1233

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد المستشار الحسينى العوضى، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكرى، ولطفى على، وحافظ محمد بدوى.

(194)
الطعن رقم 337 لسنة 27 القضائية

حيازة. "دعاوى الحيازة". "دعوى منع التعرض". "الحكم فيها".
استخلاص الحكم أن الحائزين لأطيان النزاع بطريق الاستئجار إنما كانوا يحوزونها لحساب الطاعن وغيره من الملاك المشتاعين ومنهم المطعون عليه، وذلك حتى بعد ظهور قانون الإصلاح الزراعى الذى ترتب عليه قيام العلاقة بين المستأجر من الباطن والمالك مباشرة بعد انسحاب المستأجر الأصلى. رفض الحكم دعوى منع التعرض المدعى بحصوله من المطعون عليه على هذا الأساس واستناده فى ذلك إلى أحكام قانون الإصلاح الزراعى، لا يعد ذلك بحثا للملكية أو تقريرا لثبوت الحق أو نفيه.
متى كان الحكم برفض دعوى منع التعرض قد أقام قضاءه - على ما ثبت لديه من وقائع الدعوى ومستنداتها من أن حيازة الأطيان محل النزاع لم تكن مقصورة على الطاعن وإنما كانت الحيازة على الشيوع واستمرت كذلك حتى بعد صدور قانون الاصلاح الزراعى الذى ترتب عليه قيام العلاقة بين المستأجر من الباطن والمالك مباشرة بعد انسحاب المستأجر الأصلى نزولا على حكم المادة 37 منه - وحصول التعرض المدعى به من المطعون عليه، فإنه لا يكون قد خالف القانون إذ لم يفصل الحكم فى الدعوى على أساس بحث الملكية وإنما على أساس بحث الحيازة الذى انتهى منه إلى تقرير أن الحائزين لأطيان النزاع بطريق الاستئجار إنما كانوا يحوزونها لحساب الطاعن وغيره من الملاك - ومنهم المطعون عليه - ولا يعد استناد الحكم فى ذلك إلى أحكام قانون الاصلاح الزراعى تقريرا لثبوت الحق أو نفيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1123 سنة 1954 أبنوب الجزئية قبل المطعون عليه بطلب الحكم أصليا بمنع تعرضه له فى 10 ف و2 ط و12 س مبينة بصحيفة الدعوى - والتسليم - واحتياطيا بإلزامه برد حيازة تلك الأطيان مع تسليمها للطاعن - وشرح المدعى دعواه فى أنه يضع يده على القدر المذكور وتعرض له فيه المطعون عليه - وبجلسة 10/ 1/ 1955 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى حيازته للأطيان مدة سنة سابقة على التعرض وإقامة الدعوى فى خلال السنة التالية له ولينفى المدعى عليه ذلك - وسمعت المحكمة الشهود - ثم بجلسة 27/ 6/ 1955 حكمت بمنع تعرض المطعون عليه للطاعن فى الأطيان المذكورة وتسليمها إليه - فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم بالدعوى رقم 321 سنة 1955 س أسيوط الابتدائية - وبتاريخ 19/ 3/ 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه ورفض دعوى الطاعن مع إلزامه المصاريف و300 قرش أتعابا للمحاماة - وقد طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن نعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه من عدة وجوه - الأول: أنه سلم بوضع يد الطاعن على أرض النزاع بطريق التأجير إلى شهوده وذلك لمدة سنة على الأقل سابقة على التعرض - ومع ذلك بنى الحكم قضاءه على أن المستأجر من الطاعن لتلك الأطيان أخطأ فى كونه استأجر أكثر من نصيب الطاعن ولذلك تكون الإجارة غير نافذة فى حق المالك الحقيقى - كما قال الحكم إنه لا يجوز أن يقال إن المستأجرين يحوزون نيابة عن المالك على الشيوع الذى تعدى فى التأجير لهم حدود نصيبه إذ أنهم فى هذه الحالة يحوزون الأعيان نيابة عمن تلقوا الإيجار منهم وهم فى هذه الدعوى الملاك على الشيوع جميعا - ومنهم الطعون عليه - كما بحث الحكم أصل الحق من ناحية تفسير قانون الإصلاح الزراعى فى مدى ما ترتب عليه من إنشاء علاقة مباشرة بين المالك والمستأجرين من الباطن - وبذلك أقام الحكم قضاءه على ثبوت حق الملك أو نفيه وعلى بحث الأساس القانونى لوضع اليد ومشروعيته وهذا كله محظور على القاضى بمقتضى المادة 48 مرافعات التى تلزمه تأسيس حكمه فى الحيازة على ثبوت وضع اليد أو نفيه فقط. الوجه الثانى: أن الحكم قال إن حيازة المستأجر بعد تحريره عقد إيجار لأحد الشركاء على الشيوع عن كامل العين التى كان قد سبق للمستأجر أن تلقى منفعتها عن جميع ملاكها لا يمكن القول بأن حيازته قد تغيرت وأصبح حائزا لحساب المؤجر الجديد إذ حيازة المستأجر فى هذه الحالة تكون غامضة وينقصها الظهور - وهذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون ذلك أن الغموض الذى يجب أن يقف عنده بحث القاضى هو الغموض فى وضع يد رافع الدعوى لا فى وضع يد المستأجر منه - وحتى لو نقل الحكم غموض الحيازة فى وضع اليد من المستأجر إلى المؤجر لما سلمت نتيجته. ذلك أن المادة 951/ 2 مدنى صريحة فى أنه عند الشك يفترض أن مباشر الحيازة إنما يحوز لنفسه ومعنى ذلك أن القانون أقام قرينة قانونية لمصلحة الحائز - الطاعن - مضمونها أنه يحوز لحساب نفسه فإذا ادعى عكس ذلك وجب إقامة الدليل عليه - الوجه الثالث: قال الحكم إن المستأجرين أخطأوا إذ استأجروا من الطاعن كامل أرض النزاع بعد أن كان صمويل جندى إبراهيم يستأجرها وغيرها من جميع الملاك ثم أجرها لهم وتخلى عنها بعد أن حرمت الإجارة من الباطن بمقتضى قانون الإصلاح الزراعى فكان من حق المطعون عليه أن يطالبهم بتحرير عقد إيجار بنصيبه فى الأعيان المؤجرة لهم - وهذا الذى نفى به الحكم وصف التعرض هو بذاته التعرض الذى قنن الشارع لدفعه دعاوى اليد ومنها دعوى منع التعرض - ذلك أن الثابت من أسباب حكم محكمة أول درجة أن المطعون عليه استعان بإكراه البوليس على أن يستوقع المستأجرين من الطاعن على عقود إيجار للمطعون عليه - وهو إجراء متخذ ضد واضع اليد - الطاعن - على أساس ادعاء حق يتعارض مع حقه - الأمر الذى يستوجب حماية القانون لحيازته.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما استخلصه من وقائع الدعوى ومستنداتها من أن من يدعى صمويل جندى ابراهيم كان يستأجر من الطاعن والمطعون عليه أطيان النزاع وأطيانا أخرى وجميعها مملوك على الشيوع لطرفى الدعوى وشركاء آخرين - وذلك عن سنتى 1951، 1952 الزراعيتين – وكان هذا المستأجر بدوره يؤجر تلك الأطيان من باطنه لمستأجرين آخرين واستأجرها أيضا بعقد عن سنة 1953 الزراعية إلا أنه لم ينفذ هذا العقد وترك الأطيان بسبب صدور قانون الإصلاح الزراعى الذى أقام بمقتضى المادة 37 منه علاقة مباشرة بين المالك والمستأجر من الباطن - وقد كانت أطيان النزاع مؤجرة فى سنة 1951/ 1952 الزراعية إلى صمويل جندى مما يدحض شهادة شهود الطاعن بأنهم كانوا يستأجرون منه هذه الأطيان منذ خمس سنوات سابقة على التعرض ويكون الصحيح أنهم استأجروا الأطيان التى كانوا يضعون اليد عليها فى بدء سنة 1954 الزراعية من صمويل جندى فى سنة 1951/ 1952 وظلت فى وضع يدهم حتى سنة 1954 التى وقع فيها النزاع - ورتب الحكم على ذلك قيام العلاقة بين المستأجرين وبين الملاك على الشيوع بعد صدور قانون الإصلاح الزراعى على نفس الأسس التى كانت تربط هؤلاء الملاك بصمويل - تلك العلاقة التى قامت على استئجاره منهم هذه الأطيان بصفتهم ملاكا لها على الشيوع - ومن ثم يتعين على المستأجرين من الباطن احترام هذه العلاقة ويعتبرون أنهم يحوزون الأعيان نيابة عن المؤجرين الذين هم جميع الملاك على الشيوع - وأنه لا يمكن القول بأن حيازة المستأجر فى حالة تحريره عقد إيجار لأحدهم عن كامل العين التى تحت يده بعد أن كان قد تلقى منفعتها عن جميع ملاكها قبل ذلك قد تغيرت وأصبح حائزا للعين لحساب المؤجر الجديد لأن حيازة المستأجر فى هذه الحالة تكون حيازة غامضة إلا إذا قام بأعمال ظاهرة للكافة تفيد قصر حيازته للعين جميعها لحساب هذا المالك وهو ما لم يثبت فى الدعوى - وانتهى الحكم من ذلك إلى أن حيازة الطاعن لكامل الأطيان المتنازع عليها مفتقرة إلى الدليل المثبت لها ومفاد ما تقدم أن الحكم نفى استئثار الطاعن وحده بحيازة الأطيان مثار النزاع منذ سنة 1951 الزراعية إلى حين التعرض المدعى بحصوله فى سنة 1954 وذلك ارتكانا على ما ثبت لديه من وقائع الدعوى ومستنداتها من أن الحيازة لم تكن مقصورة على الطاعن حتى سنة 1952 الزراعية وإنما كانت حيازة على الشيوع واستمرت كذلك بعد صدور قانون الإصلاح الزراعى الذى ترتب عليه قيام العلاقة بين المستأجر من الباطن والمالك تطبيقا للمادة 37 منه وقد ظلت الحيازة بهذا الوصف حتى حدوث التعرض المدعى به كما أهدر الحكم شهادة الشهود الذين تمسك الطاعن بأقوالهم للتدليل على حيازته وحده للعين محل النزاع - وهذا الذى أسس عليه الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه لم يفصل فى الدعوى على أساس بحث الملكية وإنما على أساس بحث الحيازة وقد انتهى من هذا البحث إلى تقرير أن الحائزين لأطيان النزاع بطريق الاستئجار إنما كانوا يحوزونها لحساب الطاعن وغيره من الملاك إلى حين التعرض المدعى به - وإذ انتهى الحكم إلى ذلك ونفى قيام الدليل على عكسه فإنه لم يكن بحاجة بعد إلى التحدث عن الغموض الذى يشوب حيازة المستأجر ويعتبر بحثه فى ذلك زائدا على حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه - ومن ثم فإن النعى عليه فى هذا الخصوص والتمسك بمدلول المادة 951/ 2 مدنى - على فرض خطأ الحكم فيما قرره من قيام هذا الغموض يكون غير منتج - أما ما يعيبه الطاعن على الحكم من استناده إلى أحكام قانون الإصلاح الزراعى فإنه مردود بأن الحكم لم يستند إلى تلك الأحكام لتقرير ثبوت الحق أو نفيه وإنما لتقرير استمرار علاقة الإجارة بين المستأجرين من الباطن والملاك المؤجرين بعد انسحاب المستأجر الأصلى نزولا على حكم المادة 37 من ذلك القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.