أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 66

جلسة 14 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الصوفى ومسعد الساعى وأحمد سعفان وعادل عبد الحميد.

(7)
الطعن رقم 425 لسنة 54 القضائية

(1) تهريب جمركى. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة". قصد جنائى حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة التهريب الجمركى. عمدية. يتطلب القصد الجنائى فيها اتجاه إرادة الجانى إلى إرتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها.
عدم صحة القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة. أو كان استخلاصها سائغا من نصوص القانون. إذ الأصل ثبوت القصد ثبوتا فعليا.
عدم مساءلة الشخص شريكا كان أو فاعلا إلا بقيامه بالفعل أو الامتناع المحرم قانوناً. افتراض المسئولية استثناء. قصره فى الحدود التى نص عليها القانون فحسب.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات "بوجه عام" "أوراق". تهريب جمركى.
تجهيل الحكم. لأدلة الثبوت فى الدعوى. يعيبه.
تساند الحكم فى قضائه بالادانة إلى ان الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة إلى الجمارك لاثبات أن الأجهزة المستوردة بمواصفات معينه. ووضعه علامة ورقية مزورة لتأييد ذلك. دون التدليل على علم الطاعن بالتزوير. وبانه هو الذى وضع العلامة. يعيبه.
(3) نقض "اثر الطعن" "الحكم فى الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن بالنقض للمتهم المحكوم عليه الآخر. وإن كان وجه الطعن يتصل به - إذا لم يكن يجوز له الطعن بالنقض فى الحكم المطعون فيه الذى قضى بنقضه.
1 - لما كانت جريمة التهريب الجمركى جريمة عمدية يتطلب القصد الجنائى فيها اتجاه ارادة الجانى الى ارتكاب الواقعة الاجرامية مع علمه بعناصرها، والأصل ان القصد الجنائى من اركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية المفترضة الا اذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة فى هذا الشأن، اذ من المقرر فى التشريعات الجنائية الحديثة أن الانسان لا يسأل بصفته فاعلا أو شريكا الا عما يكون لنشاطه دخل فى وقوعه من الاعمال التى نص القانون على تجريمها سواء أكان ذلك بالقيام بالفعل أو الامتناع الذى يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة فى العقاب الا استثناء وفى الحدود التى نص عليها القانون، ويجب التحرز فى تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة فى ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل.
2 - من المقرر أنه يجب الا يجهل الحكم ادلة الثبوت فى الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها فى بيان مفصل يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من اعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا وكان الحكم قد تساند فى قضائه كذلك الى أن الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة الى رجال الجمارك تثبت على خلاف الحقيقة أن الأجهزة المستوردة مقاس 16 بوصة كما وضع علامة ورقية مزورة على هذه الاجهزة تثبت انها بهذا المقاس دون ان يدلل على علم الطاعن بهذا التزوير ودون ان يفصح عن سنده فى ان الطاعن هو الذى وضع العلامة الورقية المذكورة على الاجهزة المستوردة، فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
3 - لما كان وجه الطعن وان اتصل بالمتهم المحكوم عليه الآخر الا انه لم يكن يجوز له الطعن بالنقض فى الحكم المطعون فيه الذى قضى بنقضه لانه صدر حضوريا اعتباريا بالنسبة له وقد عارض فيه بالفعل ولم يفصل فى معارضته بعد حسبما جاء بمذكرة ادارة نيابة النقض الجنائى المرفقة، وبالتالى فان أثر الطعن فى الحكم المنقوض لا يمتد اليه ولا يفيد من نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: اولا: هربا البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر من الضرائب الجمركية المستحقة عليها بقصد الاتجار فيها وذلك بطرق غير مشروعه بأن ادخلا الى البلاد التلفزيونات الأجنبية المضبوطة ماركة ناشونال بمستندات مصطنعة ووضعا عليها علامات كاذبه تفيد على غير الحقيقة أنها مقاس 16 بوصة المسموح باستيراده وذلك بهدف التخلص من اداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وبالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة. ثانيا: حازا بقصد الاتجار البضائع الاجنبية المضبوطة سالفة الذكر المهربة من الضرائب الجمركية المستحقة عليها مع علمهما بأنها مهربة. ثالثا: استوردا أجهزة التلفزيونات المضبوطة سالفة الذكر والمحظور استيرادها بغير موافقة الجهة المختصة. رابعا: اشتركا فى اتفاق جنائى الغرض منه ارتكاب جنح التهريب والحيازة والاستيراد بدون ترخيص للبضائع الاجنبية المهربة سالفة الذكر بأن اتحدت ارادتهما على ادخال هذه البضائع الى البلاد وتهريبها بالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة. وطلبت عقابهما بالمواد 5، 13، 15، 121، 122، 124، 124 مكررا من قانون الجمارك رقم 63 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1981 والمادتين 1، 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير والقرارين 1036 لسنة 1978، 297 لسنة 1979 الصادرين من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والمادة 48 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الجرائم المالية بالقاهرة قضت حضوريا: أولا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وبرفض الدفع ببطلان القرار الوزارى 297 لسنة 1979 وبرفض الدفع ببطلان التفتيش وقرار النيابة فى 28/ 6/ 1981. ثانيا: بحبس كل متهم ثلاث سنوات مع الشغل وبغرامة عشرين الف جنيه لكل عما أسند اليهما مع الزامهما متضامنين بأن يؤديها لمصلحة الجمارك تعويضا جمركيا يعادل مثلى قيمة البضاعة الممنوعة وقدره ثمان مائة وسبعة وثمانون الف ومائتين وخمسون جنيها وأمرت بكفالة عشرين الف جنيه لكل لوقف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليهما ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا للأول وحضوريا اعتباريا للثانى بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل من المتهمين سنتين مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه الاول فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجرائم تهريب بضائع أجنبية (اجهزة تليفزيون ابيض واسود) وحيازتها بقصد الاتجار واستيرادها بغير موافقة الجهة المختصة مع لزوم ذلك قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب، ذلك بأنه على الرغم مما قدمه الطاعن من حجج تنفى عنه ركن العلم بان الاجهزة المستوردة هى مقاس 17 بوصه المقيد استيراده - بفرض التسليم بهذا المقاس تمشيا مع منطق الحكم - من ذلك أن مصانع شركة ناشونال المصدرة كانت قد توقفت عن انتاج ذلك المقاس منذ أكثر من خمسة أشهر سابقة على التعاقد الذى أنصب على أجهزة مقاس 16 بوصة وفقا للعقد المودع من مندوب تلك الشركة ملف الدعوى، وان الطاعن لم يحضر عملية شحن الأجهزة من اليابان وأنه قام بدفع جميع الضرائب المستحقة عليها واكثر لان الضريبة المقررة على الجهاز مقاس 16 بوصة المسموح باستيراده والتى سددها الطاعن بالفعل تزيد عن تلك المقررة على الجهاز مقاس 17 بوصة رغم هذا كله فان الحكم استدل على ثبوت ذلك العلم بما لا ينتجه ولم يدلل على توافره بما يكفى لحمل قضائه اذ أنه أنشأ قرينة لم ينص عليها القانون هى افتراض علم الطاعن بحقيقة المقاس - الذى اثار خلافا بين المتخصصين من أهل الفن - لمجرد كون الطاعن من العاملين فى مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها، كما استند الحكم الى أن الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة الى رجال الجمارك على اساس ان الاجهزة 16 بوصة كما وضع علامة ورقية على هذه الأجهزة تثبت انها بهذا المقاس وذلك على خلاف الحقيقة تخلصا من سداد بعض الضرائب والرسوم الجمركية، دون ان يفصح الحكم عن ماهية تلك الفواتير والمستندات المزورة والدليل على تزويرها وعلى وضع علامة مخالفة للحقيقة على الاجهزة والمسئول عن هذا وذاك ودور الطاعن فى ذلك كله وسند الحكم فى استحقاق فرق الضرائب والرسوم الجمركية الذى استخلص قصد الطاعن فى التهرب من سداده، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائى - المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما موجزه أن شخصا انهى الى مدير عام مصلحة الجمارك أن مؤسسة بغداد المملوكة للطاعن والمتهم المحكوم عليه الآخر قد استوردت كمية كبيرة من أجهزة التلفزيون ماركة ناشيونال ابيض واسود وقد تم الافراج عن كمية منها بناء على الكتالوج والمستندات المقدمة من الجهة المستوردة والتى تفيد ان الاجهزة مقاس 16 بوصه وبعد سداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة بيد ان المبلغ حصل على الكتالوج الحقيقى من الشركة المنتجة والذى يفيد أن الأجهزة المفرج عنها مقاس 17 بوصة المقيد استيراده، وإذ أبانت التحريات صحة ما تضمنه البلاغ فقد تم ضبط بعض الاجهزة المفرج عنها بعد استئذان النيابة العامة وشكلت لجنة من كلية المهندسة بجامعة القاهرة لفحص الاجهزة المضبوط فقدمت تقريرها الذى انتهت فيه الى انها مقاس 17 بوصة كما عرضت على مدير ادارة الجودة للصناعات الكهربائية والالكترونية بوزارة الصناعة ومدير مركز الخدمة بشركة النصر للاجهزة الكهربائية والالكترونية "فيلبس" ورئيس القسم الالكترونى بقسم الشاشات بشركة النصر للتليفزيون فأفادوا بأنها مقاس 17 بوصة، وقد انكر الطاعن ما اسند اليه وأضاف انه استورد الاجهزة على انها مقاس 16 بوصة وافرج عن كمية منها عقب معاينتها وسداده الرسوم الجمركية المستحقة عليها وان الشركة المنتجة ارسلت اليه الكتالوج - الذى قدمه الى مصلحة الجمارك - بطريق البريد، وقدم تقريرين استشاريين أحدهما من رئيس مجلس ادارة هيئة المواصلات السابق والآخر من رئيس جهاز التليفزيون السابق وكتابا من مركز الخدمة بجامعة الاسكندرية وكلها تفيد أن الأجهزة المضبوطة مقاس 16 بوصة، واذ سئل مندوب الشركة المنتجة بالقاهرة قرر أن الطاعن تعاقد مع الشركة على شراء الاجهزة مقاس 16 بوصة وان الاجهزة المضبوطة هى من هذا المقاس لان الشركة توقفت عن انتاج الجهاز مقاس 17 بوصة وقدم صورة ضوئية من طلب شراء الاجهزة الموقع من الطاعن فى 14 من سبتمبر سنة 1980 والذى انصب على اجهزة مقاس 16 بوصه، وقد جاءت أقوال المستشار الاقتصادى للشركة المنتجة بالقاهرة مطابقة لاقوال مندوبها واضاف ان الشركة توقفت عن انتاج الجهاز مقاس 17 بوصة منذ يونيه سنة 1980 وبعد أن افصح الحكم عن اطمئنانه الى أن الاجهزة المستوردة هو مقاس 17 بوصة أخذا بما جاء بتقرير كلية الهندسة بجامعة القاهرة وأقوال الخبراء المنتدبين السالف ذكرهم الذين ابدوا الرأى بذلك، خلص الى تسبيب قضائه بالادانة بقوله: "وحيث انه عن الاسناد وكان الثابت ان المتهمين - الطاعن والمتهم المحكوم عليه الآخر - وهما من العاملين فى مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها ويعلمان وفقا لما قرراه بالتحقيقات بان التليفزيون 17 بوصه محظور استيراده ومع ذلك اقدما على ادخاله الى البلاد وتقديم فواتير ومستندات الى رجال الجمارك على اساس أنه 16 على خلاف الحقيقة ووضعا علامة ورقية على الأجهزة تثبت انها على خلاف الحقيقة مقاس 16 بوصة ومن ثم تكون قد توافرت قبلهما الجريمة المؤثمة بالمواد 15، 121، 122، 124 مكرر من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 ولا ينال من ذلك ان الرسالة التالية لم تدخل حدود الدائرة الجمركية أو لم يفرج عنها جمركيا فالثابت ان مستنداتها قد قدمت لجمارك بور سعيد ووردت الى المنطقة الحرة على هذا الاساس مما تتوافر معه الجريمة المؤثمة بالمواد سالفة الذكر بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية ويتعين تبعا لذلك القضاء بمعاقبتهما بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 122 من القانون 66 لسنة 1963 والمادة 124 مكرر من ذلك القانون المضافة بالقانون 75 لسنة 1980، وحيث انه بالنسبة للتهمة الثالثة وهى استيراد اجهزة التليفزيون المضبوطة والمحظور استيرادها بغير موافقة الجهة المختصة فانه ولما كان ذلك كذلك وقد جرى نص المادة الاولى من القانون 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير على ان يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العامة والخاص وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفى حدود الموازنة النقدية السلعية وقد اناط هذا القانون بحسب مواده لوزير التجارة اصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون وعلى هذا الاساس صدر قرار وكيل أول الوزارة رقم 297 لسنة 1979 استنادا الى التفويض الصادر له بموجب القرار الوزارى 1036 مكرر لسنة 1978 باضافة جهاز التليفزيون 17 بوصة ابيض واسود الى القائمة رقم 2 بالقرار الوزارى 1036 لسنة 1978 والتى توجب ان يتقدم المستورد بطلبه الى لجنة ترشيد الاستيراد وذلك رغبة فى حماية الانتاج المحلى من هذه السلعة من المنافسة الاجنبية ومن ثم فان استيراد هذه السلعة قد منع منعا مطلقا، أما وقد اقدم المتهمان على استيرادها حالة كونها ممنوعة ومن ثم تتوافر بشأنها العقوبة المقررة بنص المادة 15 من القانون 118 لسنة 1975 وتقضى المحكمة بادانتهما بمقتضى تلك المادة. وحيث انه بالترتيب على ما تقدم وكان المتهمان قد أتيا فعلا واحدا هو استيراد اجهزة التليفزيون 17 المحظور استيرادها بمستندات مزورة تثبت على خلاف الحقيقة انها مقاس 16 المسموح باستيرادها وتهربا من سداد بعض الضرائب والرسوم الجمركية حالة كونها اكثر قدرا فى مقاس 17 عن 16 ومن ثم فان هذا الفعل نتج عنه وصفان فى القانون مما يطبق عليه الفقرة الاولى من المادة 32 عقوبات.. وحيث انه وبتطبيق ما سلف بيانه وكان المتهمان قد ارتكبا نشاطا اجراميا واحدا نشأت عنه اوصاف قانونية متعددة وكانت الجريمة المقررة فى القانون 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 أشد من تلك المقررة فى القانون 118 لسنة 1975 ومن ثم فان المحكمة تقضى بتوقيع العقوبة المقررة بالقانون الاول دون هذا الاخير. لما كان ذلك، وكانت جريمة التهريب الجمركى جريمة عمدية يتطلب القصد الجنائى فيها اتجاه ارادة الجانى الى ارتكاب الواقعة الاجرامية مع علمه بعناصرها، والأصل أن القصد الجنائى من ارتكاب الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية الا اذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة فى هذا الشأن، اذ من المقرر فى التشريعات الجنائية الحديثة أن الانسان لا يسأل بصفته فاعلا أو شريكا الا عما يكون لنشاطه دخل فى وقوعه من الاعمال التى نص القانون على تجريمها سواء أكان ذلك بالقيام بالفعل أو الامتناع الذى يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة فى العقاب الا استثناء وفى الحدود التى نص عليها القانون، ويجب التحرز فى تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة فى ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائى رغم أنه لم يورد الظروف التى استخلص منها ثبوت القصد الجنائى لدى الطاعن أو يدلل على ذلك تدليلا سائغا، وانما اطلق القول بان الطاعن من العاملين فى مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها مع ما فى ذلك من انشاء قرينة لا اصل لها فى القانون مبناها افتراض على الطاعن بحقيقة مقاس الاجهزة المستوردة - التى استدعى الوقوف عليها الاستعانة بالعديد من أهل الفن على النحو السالف بيانه - لمجرد كون الطاعن من العاملين فى مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب الا يجهل الحكم أدلة الثبوت فى الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها فى بيان مفصل يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من اعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا وكان الحكم قد تساند فى قضائه كذلك الى ان الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة الى رجال الجمارك تثبت على خلاف الحقيقة أن الأجهزة المستوردة مقاس 16 بوصة كما وضع علامة ورقية مزورة على هذه الاجهزة تثبت انها بهذا المقاس دون ان يدلل على علم الطاعن بهذا التزوير ودون ان يفصح عن سنده فى ان الطاعن هو الذى وضع العلامة الورقية المذكورة على الأجهزة المستوردة، فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه والاحالة بغير حاجة الى بحث أوجه الطعن الاخرى. وأنه وأن كان وجه الطعن يتصل بالمتهم المحكوم عليه الآخر الا انه لم يكن يجوز له الطعن بالنقض فى الحكم المطعون فيه الذى قضى بنقضه لأنه صدر حضوريا اعتباريا بالنسبة له وقد عارض فيه بالفعل ولم يفصل فى معارضته بعد حسبما جاء بمذكره ادارة نيابة النقض الجنائى المؤرخة.... المرفقة، وبالتالى فان أثر الطعن فى الحكم المنقوض لا يمتد اليه ولا يفيد من نقضه.