أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 82

جلسة 16 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد ممدوح سالم نائب رئيس المحكمة، ومحمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة، ومحمود بهى الدين، وسرى صيام.

(9)
الطعن رقم 399 لسنة 54 القضائية

(1) التسبب بغير عمد فى حصول حادث لاحدى وسائل النقل العامة. خطأ. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الخطأ".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه. موضوعى ما دام سائغاً. مثال لتسبيب سائغ لاستظهار توافر الخطأ وعلاقة السببية فى حق الطاعن. فى جريمة التسبب بغير عمد فى حصول حادث لاحدى وسائل النقل العامة.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "بوجه عام".
ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام. لا يعيبه . شرط ذلك؟
(3) اثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل"
خطأ الحكم فيما لا أثر له فى عقيدته. لا يعيبه.
(4) خطأ. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أيا كان قدر الخطأ. سواء كان سبباً مباشراً أم غير مباشر.
(5) مرور.قانون "تفسيره". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ما توجبه المادة 48 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 لسنة 1973 على قائد المركبة؟
حق المحكمة فى الالتفات عن الدفاع القانونى ظاهر البطلان.
مثال:
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة ببيان الدليل عن المعلومات العامة التى يستند اليها الحكم.
مثال:
(7) دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى. إطمئنانها إلى الأدلة التى عول عليها. يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها لحملها على عدم الأخذ بها.
1 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبة جنائيا ومدنيا، هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندأ الى أدلة مقبولة لها أصلها فى الاوراق.
2 - من المقرر أنه لا يقدح فى الحكم ابتناؤه على أدلة ليس بينها تناسق تام، ما دام ترادفها تظاهرها على الادانة، قاضيا لها فى منطق العقل بعدم التناقض، وما دام أن من حق محكمة الموضوع ان تعول على أقوال شاهد واحد اطمأنت الى اقواله فى خصوص سرعة السيارة قيادة الطاعن بما لا يناسب مع ظروف المكان والمرور، بما لها من حق تقدير أدلة الثبوت فى الدعوى والاخذ بما ترتاح اليه منها.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما نسبه الى الشهود من صعوده بالسيارة الى الطوار، لا أثر له فى منطق الحكم واستدلاله على خطأ الطاعن لما هو مقرر أن الخطأ فى الإسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة.
4 - إن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب اليه، يستوى فى ذلك أن يكون سببا مباشراً أم غير مباشر فى حصوله، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن وبين رابطة السببية بين سلوك المتهم الخاطئ واصابات المجنى عليهم، مما يتحقق به مسئولية الطاعن، ما دام الحكم أثبت قيامها فى حقه، ولو أسهم آخرون فى إحداثها.
5 - لما كانت المادة الثامنة والاربعون من اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 لسنة 1973، الصادر بها قرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1974 وهى توجب على قائد المركبة ألا يجاوز بمركبته السرعة التى يظل فى حدودها مسيطرا على المركبة وان يلتزم فى سرعته ما تقتضيه حالة المرور بالطريق وامكانه الرؤية والظروف الجوية القائمة وحالته الشخصية وحالة المركبة والحمولة والطريق وسائر الظروف المحيطة به وان تكون سرعته بما لا يجاوز القدر الذى يمكنه من وقف المركبة فى حدود الجزء المرئى من الطريق، لم تفرق فى ايجاب ما تقدم بين نوع من السيارات ونوع أخر فتسرى أحكامها على قائدى السيارات عامة كانت أم خاصة، فان دفاع الطاعن بعدم سريان النقض المذكور على سيارة النقل العامة للركاب قيادتة يعد دفاعا قانونيا ظاهر البطلان بعيدا عن محجة الصواب، فلا على الحكم ان هو لم يعرض له - بفرض أن الطاعن أثاره فى دفاعه.
6 - لما كان ما ذكره الحكم من أن تمايل ركاب السيارة لا يحدث إلا عند السرعة التى لا تناسب السير فى المنعطف، لا يعدو أن يكون من المعلومات العامة التى يفترض فى الشخص المعتاد أن يكون ملما به، مما لا تلتزم المحكمة قانوناً ببيان الدليل عليه، فان النعى فى هذا الصدد يكون غير سديد.
7 - لما كان باقى ما يثيره الطاعن فى أسباب طعنه لا يعدو أن يكون دفاعا موضوعيا، لا على المحكمة ان هى لم تتعقبه فى كل جزئية منه اذ ان اطمئنانها الى الادلة التى عولت عليها يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون ان تكون ملزمة ببيان علة اطراحها، فانه لا يقبل من الطاعن اثارته أمام محكمة النقض.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن. بأنه: (أولا) تسبب بغير عمد فى حصول حادث لاحدى وسائل النقل العامة البرية (اتوبيس) كان من شأنه تعريض حياة الاشخاص الذين كانوا به للخطر بأن قاد سيارة الاتوبيس بحالة خطر ولم يهدئ من سرعته عند اجتياره للمنحنيات فاصطدم بالعقار المبين بالمحضر ونتج عن ذلك وفاة كل من..... و...... و..... و...... و..... وعلى النحو المبين بالتقارير الطبية. (ثانيا) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. (ثالثا) لم يهدئ من سرعته عند اجتيازه المنحنيات. وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1، 2، 244/ 1، 2، 169/ 1، 2 من قانون العقوبات، 1 و3 و4 و63 و77 من القانون رقم 66 لسنة 1973 والمواد 2 و48 و51/ 1 و52 من اللائحة التنفيذية، وادعى ورثة المرحوم...... مدنيا قبل المتهم وهيئة النقل العام وشركة الشرق للتأمين متضامنين بان يدفعوا مبلغ خمسين ألفا من الجنيهات على سبيل التعويض، كما ادعى ورثة.... مدنيا قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بان يدفعا مبلغ ثلاثين الف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح العطارين الجزئية قضت حضوريا فى.... عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة مائتى جنيه لايقاف التنفيذ مع وقف سريان رخصة قيادته لمدة سنة فى اليوم التالى لتاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة وفى الدعاوى المدنية باحالتهما الى المحكمة المدنية المختصة. استأنف المحكوم عليه، ومحكمة الاسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية). قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم سنه مع الشغل.
فطعن الاستاذ/......... المحامى نيابة عن المحكوم عليه عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة

من حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه اذ دانه بجرائم التسبب بغير عمد فى حصول حادث لاحدى وسائل النقل العامة البرية نشأ عنه موت واصابة بعض الموجودين بها، وقيادتها بحالة تعرض الاشخاص والاموال للخطر، وعدم التهدئه من سرعتها فى المنحنيات قد شابه الخطأ فى الاسناد والقصور فى التسبيب، ذلك بأنه، استند فى قضائه - ضمن ما استند اليه - على قاله ان الشهود قرروا انه انحرف بالسيارة قيادته وصعد بها الى الطوار، على الرغم من انهم من يذكروا ذلك، كما لم يشهد احد منهم بأنه كان مسرعا غير الشاهد الذى جرح شهادته وكذبه فيما قرر بوجود مطب بالطريق بدلاله خلو المعاينه من شىء عن ذلك، وقرر ان الشاهد المذكور هو الذى سقط عليه اثناء قيادته للسيارة فأدى ذلك الى وقوع الحادث الذى لم يقع بمنحنى الشارع، بل فى الشارع نفسه وانه يرجع الى خطأ الغير متمثلا فى سقوط بعض الركاب عليه أثناء التمهيد للنزول بالمحطة وان سقوط الشاهد آنف الذكر عليه أدى الى حشر قدمه بين دواستى الفرامل والبنزين مما أفقده السيطرة على القيادة وادى الى الحادث، كما ان المادة 48 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور التى تحدد سرعة السيارة لا تسرى على سيارات نقل الركاب، هذا الى ان مقولة الحكم ان تمايل الركاب لا يحدث الا عنه السرعة التى لا تناسب السير فى المنعطف، امر لا دليل عليه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها واورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان تقدير الخطأ المسئوجب لمسئولية مرتكبة جنائيا ومدنيا، هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا الى أدلة مقبولة لها أصلها فى الاوراق وكان الحكم قد استظهر توافر الخطأ وعلاقة السببية فى حق الطاعن بقوله "ان الثابت من أقوال شهود الواقعة المؤيدة بمحضر المعاينه أن المتهم انحرف بسارته وصعد على الطوار، مما أدى الى اصطدامها بالعقار المنوه عنه واصابة ومقتل المجنى عليهم. على النحو الوارد بالتقارير الطبية، وقد قرر الشاهد...... الذى تطمئن اليه المحكمة أنه كان جالس على المعقد الثالث من الناحية اليمنى وأن المهتم حاول مفاداة حفرة بعد ان انحرف بسيارته سرعته 45 ك تقريبا، وهى سرعة لا تناسب مقتضى الحال، اذ أن السيارة كانت فى منعطف الامر الذى تستخلص منه المحكمة حسبما. أستبان لها من ظروف الحادث خطأ المتهم، ولا يقدح فى هذا اثارة الدفاع عن المتهم ازدحام السيارة وتمايل الركاب على النحو سابق المساق، اذ بفرض صحة ذلك القول، فانه كان على المتهم ان يراعى حمولة سيارته ومدى امكانه السيطرة عليها كما تقضى بذلك المادة 48 المنوه عنها آنفا، كما ان تمايل الركاب فى المركبة لا يحدث الا اذا كانت سرعتها لا تتناسب مع الظروف المحيطة بالمنعطف الذى انعطفت اليه، ومن ثم يغدو ركن الخطأ ثابتا يقينا فى حق المتهم، مما ادى الى وقوع الحادث، مما نجم عنه اصابة وقتل المجنى عليهم... "فان الحكم يكون قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول الى ان الطاعن كان يقود السيارة بسرعة فى ظروف كان يتحتم عليه فيها الاقلال من سرعته عند دخوله من شارع الى أخر، مما ترتب عليه اصطدام السيارة قيادته بعقار، وترتب على ذلك اصابات المجنى عليهم بالاصابات المبينه بالتقارير الطبية والتى أودت بحياه البعض واصابة البعض الآخر، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دين بها الطاعن، فان ما يثيره فى هذا الخصوص لا يكون له مخل. ولا يقدح فى ذلك ان الشهود لم يقرروا أن الطاعن صعد على الطوار وان أحدا منهم - عدا الشاهد..... لم يذكر ان السيارة قيادة الطاعن كانت مسرعه، ما دام الحكم قد استمد من اقوال الشهود أولئك - بما له معينة من المؤدات المضمونة تحقيقا لوجه الطعن ان الطاعن انحرف بالسيارة يمنيه واصطدم بحائط العقار، لما هو مقرر أنه لا يقدح فى الحكم ابتناؤه على أدلة ليس بينها تناسق تام، ما دام ترادفها تظاهرها على الادانة، قاضيا لها فى منطق العقل بعدم التناقض، وما دام أن من حق محكمة الموضوع ان تعول على أقوال شاهد واحد اطمأنت الى اقواله فى خصوص سرعة السيارة قيادة الطاعن بما لا يناسب مع ظروف المكان والمرور، بما لها من حق تقدير أدلة الثبوت فى الدعوى والاخذ بما ترتاح اليه منها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما نسبه الى الشهود من صعوده بالسيارة الى الطوار، لا أثر له فى منطق الحكم واستدلاله على خطأ الطاعن لما هو مقرر ان الخطأ فى الاسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكان تعدد الاخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من اسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب اليه، يستوى فى ذلك ان يكون سببا مباشرا ام غير مباشر فى حصوله، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن على السياق المتقدم - وبيَّن رابطة السببية بين سلوك المتهم الخاطئ واصابات المجنى عليهم، مما يتحقق به مسئولية الطاعن، ما دام الحكم قد اثبت قيامها فى حقه، ولو أسهم آخرون فى احداثها. لما كان ذلك، وكانت المادة الثامنة والاربعون من اللائحة التنفيذية لقانون المرور رقم 66 لسنة 1973، الصادر بها قرار وزير الداخلية رقم 291 لسنة 1974 وهى توجب على قائد المركبة الا يجاوز بمركبته السرعة التى يظل فى حدودها مسيطرا على المركبة وان يلتزم فى سرعته ما تقتضيه حالة المرور بالطريق وامكانه الرؤية والظروف الجوية القائمة وحالته الشخصية وحالة المركبة والحمولة والطريق وسائر الظروف المحيطة به ان تكون سرعته بما لا يجاوز القدر الذى يمكنه من وقف المركبة فى حدود الجزء المرئى من الطريق، لم تفرق فى ايجاب ما تقدم بين نوع من السيارات ونوع أخر فتسرى أحكامها على قائدى السيارات عامة كانت أم خاصة، فان دفاع الطاعن بعدم سريان النقض المذكور على سيارة النقل العامة للركاب قيادتة يعد دفاعا قانونيا ظاهر البطلان بعيدا عن محجة الصواب، فلا على الحكم ان هو لم يعرض له - بفرض ان الطاعن أثاره فى دفاعه. لما كان ذلك، وكان ما ذكره الحكم من ان تمايل ركاب السيارة لا يحدث الا عند السرعة التى لا تناسب السير فى المنعطف، لا يعدو أن يكون من المعلومات العامة التى يفترض فى الشخص المعتاد أن يكون ملما به، مما لا تلتزم المحكمة قانونا ببيان الدليل عليه، فان النعى فى هذا الصدد يكون غير سديد - لما كان، ذلك وكان باقى ما يثيره الطاعن فى أسباب طعنه لا يعدو أن يكون دفاعا موضوعيا، لا على المحكمة أن هى لم تتعقبه فى كل جزئية منه اذ ان اطمئنانها الى الادلة التى عولت عليها يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحمله على عدم الاخذ بها، دون ان تكون ملزمة ببيان علة اطراحها، فانه لا يقبل من الطاعن اثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.