أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 170

جلسة 28 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الصوفى ومسعد الساعى وأحمد سعفان ومحمود البارودى

(24)
الطعن رقم 851 لسنة 54 القضائية

(1) تموين. جريمة "اركانها".
متى تتحقق جريمة التصرف فى مواد التموين لغير المستهلكين؟
(2) حكم "وصفه واصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقرير القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية ان يكون مجموع ما أورده الحكم مؤديا الى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ليس للطاعن ان ينعى على المحكمة قعودها عن القيام باجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع ما يثره أمامها. مثال.
(4) وصف التهمة. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها فى تعديل وصف التهمة". تموين.
التعديل فى مواد القانون دون تعديل فى وصف التهمة أو الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية يدخل فى سلطة محكمة الموضوع دون حاجة الى لفت نظر الدفاع. مثال فى جريمة التصرف فى مواد تموينية لغير المستهلكين.
(5) تموين. جريمة "اركانها". ارتباط. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى القانون". عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة".
انتظام جريمتى التصرف فى مواد التموين لغير المستهلكين وعدم الاعلان عن مقررات الفرد الواحد والسعر المحدد لها فى خطة جنائية واحدة بعدة افعال مكملة لبعضها البعض. انطباق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات. وجوب الحكم بعقوبة الجريمة الأشد وحدها.
قضاء الحكم بعقوبة مستقلة عن كل الجريمتين وجوب نقض الحكم جزئيا وتصحيحه بحذف العقوبة عن الجريمة الأخف. المادة 35 من القانون 57 سنة 1959.
1 - إن جريمة التصرف فى مواد التموين لغير المستهلكين تتحقق كلما ثبت وجود عجز فى المواد التموينية الواردة الى التاجر لصرفها يكشف عن تصرفه فيها بأى نوع من انواع التصرفات لغير المستهلكين المخصصة لهم وبالمقادير المقررة لكل منهم.
2 - من المقرر ان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة باركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية ومن ثم فان قالة القصور التى يرمى بها الطاعن الحكم المطعون فيه تكون منتفية.
3 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية ان أيا من الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب من المحكمة ضم سجل الربط لمقارنة البيانات الثابتة به بتلك الواردة بمحضر الضبط، فليس للطاعن من بعد ان ينعى على المحكمة قعودها عن القيام باجراء لم يثره أمامها.
4 - لما كان الثابت ان المحكمة الاستئنافية لم تجر أى تعديل فى وصف التهمة الأولى أو فى الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، بل كان التعديل الذى اجرى فى صدد مواد القانون فقط بتطبيق النصوص القانونية الصحيحة المنطبقة على الجريمة موضوع التهمة الأولى - وهو مما يدخل فى نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة الى لفت نظر الدفاع - ومن ثم فان تعييب الحكم فى هذا الخصوص بأنه انطوى على اخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولا.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتى التصرف فى مواد التموين لغير المستهلكين وعدم الاعلان عن مقررات الفرد الواحد والسعر المحدد لها اللتين دان الطاعن بهما على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من ان الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الاجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة للجريمة الأولى، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بحذف عقوبة الغرامة وقدرها خمسون جنيها المقضى بها عن الجريمة الثانية عملا بالحق المخول للمحكمة بالفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجنحة..... بأنه: 1 - وهو من البدالين التموينيين تصرف فى المواد التموينية على غير الوجه المقرر. 2 - لم يعلن فى مكان ظاهر عن مقررات الفرد الواحد والسعر المقرر وطلبت عقابه بالمادتين 1، 2 من القرار رقم 504 لسنة 1945 والمادة 15 من القرار 112 لسنة 1976 والمادة رقم واحد من القرار رقم 317 لسنة 1975. ومحكمة جنح أبو تشت قضت حضوريا بتغريم المتهم مائة جنيه عن الأولى والاشهار على واجهة المحل لمدة شهر وتغريمه خمسين جنيها عن التهمة الثانية. فاستأنف المحكوم عليه والنيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة نجع حمادى الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا وباجماع الاراء بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وشهر ملخص الحكم لمدة ستة أشهر عن الأولى وتغريم المتهم خمسين جنيها عن التهمة الثانية.
فقرر الاستاذ/ ... المحامى نيابة عن المحكوم عليه الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذا دانه بجريمتى التصرف فى مواد التموين لغير المستهلكين وعدم الاعلان عن مقررات الفرد الواحد والسعر المحدد لها قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على اخلال بحق الدفاع فضلا عن خطئه فى تطبيق القانون، وذلك بأنه لم يبين أركان الجريمة موضوع التهمة الأولى وأدلة ثبوتها فى حق الطاعن وعول على اجابة الأخير فى محضر الضبط بأن هذه هى المرة الأخيرة مع انها لا تحمل اعترافا بالواقعة، وكان على المحكمة ان تتحقق من صحة البيانات الواردة بالمحضر عن طريق مقارنتها بسجل الربط، ثم انها لم تنبه الطاعن الى انطباق المادتين 14/ 1، 26/ 2 من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 112 لسنة 1966 بشأن بطاقات التموين والمادة 56 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين - المعدل بالمرسوم بقانون رقم 250 لسنة 1952 - التى اعملتها فى حقه بدلا من مواد الاتهام الخاصة بالجريمة موضوع التهمة الأولى، وأخيرا فان الحكم أضاف عقوبة الحبس طبقا لهذه المواد بمقولة ان الحكم المستأنف اخطأ باغفالها فى حين انه يجوز الاكتفاء بالغرامة عملا بالمادة 3 مكرر (ب) من المرسوم بقانون سالف الذكر الخاص بشئون التموين المضافة بالقانون رقم 109 لسنة 1980، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما موجزه ان محرر محضر الضبط المؤرخ 13 من مايو سنة 1978 توجه الى محل الطاعن لتحقيق شكوى ضد الأخير بتصرف فى المواد التموينية لغير المستهلكين بأزيد من السعر المحدد وقد اسفر جرد محتويات المحل ومحاسبة الطاعن - بعد الانتقال الى الشركة الموردة وادارة التموين - عن وجود عجز فصله الحكم فى كميات السكر والشاى الواردة الى الطاعن لصرفها للمستهلكين عن شهر مايو سنة 1978 كما لاحظ محرر محضر الضبط ان الطاعن وهو من البدالين التموينيين لم يعلن فى مكان ظاهر بمحله عن مقررات الفرد الواحد والسعر المحدد لها وبسؤال الطاعن قرر ان هذه هى المرة الأخيرة، ثم انتهى الحكم الى ان التهمتين ثابتتان قبل الطاعن مما جاء بمحضر الضبط. لما كان ذلك وكانت جريمة التصرف فى مواد التموين لغير المستهلكين تتحقق كلما ثبت وجود عجز فى المواد التموينية الواردة الى التاجر لصرفها يكشف عن تصرفه فيها بأى نوع من أنواع التصرفات لغير المستهلكين المخصصة لهم وبالمقادير المقررة لكل منهم ولما كان الحكم قد أورد على ثبوت هذا العجز ادلة سائغة مستقاة من الجرد والمحاسبة الفعلية، وكان من المقرر ان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة باركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية ومن ثم فان قالة القصور التى يرمى بها الطاعن الحكم المطعون فيه تكون منتفية.
لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب من المحكمة ضم سجل الربط لمقارنة البيانات الثابتة به بتلك الواردة بمحضر الضبط، فليس للطاعن من بعد ان ينعى على المحكمة قعودها عن القيام باجراء لم يثره امامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن بهذا الوجه غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت ان المحكمة الاستئنافية لم تجر أى تعديل فى وصف التهمة الأولى أو فى الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، بل كان التعديل الذى اجرى فى صدد مواد القانون فقط بتطبيق النصوص القانونية الصحيحة المنطبقة على الجريمة موضوع التهمة الأولى - وهو مما يدخل فى نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة الى لفت نظر الدفاع - ومن ثم فان تعييب الحكم فى هذا الخصوص بأنه انطوى على اخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولا لما كان ذلك، وكان البند (3) من المادة 3 مكرر (ب) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المضافة بالقانون رقم 109 لسنة 1980 والذى يعاقب من عهد اليه بتوزيع المواد التموينية فى مناطق معينة أو على اشخاص معينين وخالف ذلك بالتصرف فيها خارج هذه المنطقة أو الى غير هؤلاء الاشخاص هو الذى حل محل المادة الثالثة من أمر نائب الحاكم العسكرى العام رقم 5 لسنة 1973 ولا علاقة له ببطاقات التموين التى يحكمها قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 112 لسنة 1966 بشأن بطاقات التموين المنطبق على الجريمة الأولى والذى استمر العمل بأحكامه بعد ذلك فيما لا يتعارض مع أحكام قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 22 لسنة 1980 بشأن البطاقات التموين المعدل بقراره رقم 106 لسنة 1980، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتى التصرف فى مواد التموين لغير المستهلكين وعدم الاعلان عن مقررات الفرد الواحد والسعر المحدد لها اللتين دان الطاعن بهما على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من ان الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الاجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة للجريمة الأولى، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بحذف عقوبة الغرامة وقدرها خمسون جنيها المقضى بها عن الجريمة الثانية عملا بالحق المخول للمحكمة بالفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ورفض الطعن فيما عدا ذلك.