أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 245

جلسة 13 من فبراير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان، ومحمد ممدوح سالم، ومحمد رفيق البسطويسى. نواب رئيس المحكمة، وفتحى خليفة.

(40)
الطعن رقم 5621 لسنة 54 القضائية

(1) ضرب "احداث عاهة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير نوع الجريمة". اثبات "بوجه عام" "خبره".
العاهة المستديمة معناها فى مفهوم المادة 240 عقوبات؟ تقدير قيام العاهة موضوعى.
(2) اسباب الاباحة "الدفاع الشرعى". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع شرعى.
حالة الدفاع الشرعى تقدير توافرها موضوعى.
الاعتداء على من لم يثبت انه كان يعتدى او يحاول الاعتداء على المدافع او غيره لا يتوافر به حق الدفاع الشرعى.
1 - إن القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على ايراد أمثلة لها، الا ان قضاء محكمة النقض قد جرى فى ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة فى مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هى فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية بصفة مستديمة. كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذى يكفى وقوعه لتكوينها، بل ترك الامر فى ذلك لتقدير قاضى الموضوع يبت فيه بما يتبينه فى حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب.
2 - من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو أنتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية الى النتيجة التى خلصت اليها، وكان حق الدفاع الشرعى لم يشرع الا لرد الاعتداء عن طريق الحيلوية بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدى أو يحاول فعلا الاعتداء على المدافع أو غيره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً "الاصابة الموصوفة بتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمه يستحيل برؤها هى فقد السلامية الطرفية للأصبع للسبابه لليد اليمنى وأعاقه فى نهاية حركة ثنى المفصل السلامى لهذا الاصبع تقدر بنحو 7% مما يقلل من قدرته وكفاءته على العمل. وطلبت احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضورياً عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة احداث عاهة مستديمة قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول فى الادانة على ما جاء بالتقرير الطبى فى ان الاصابة أدت الى فقد سلامية السبابة اليمنى للمجنى عليه مع أن الثابت بالأوراق أنها لم تؤد الى فقدانها كلية، وأطرح بقول غير سائغ ما أبداه الطاعن من أنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة احداث عاهة مستديمة التى دان الطاعن بها، واورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر العاهة بقوله "وجاء بالتقرير الطبى الابتدائى الصادر من مستشفى أبى قير المركزى بتاريخ 21/ 1/ 1982 أنه بالكشف على المجنى عليه وجد عنده جرح بمقدم أصبع السبابة الايمن أطاح بالسلامية الاولى وتسبب عن ذلك عاهة مستديمة باليد. وجاء بالتقرير الطبى الشرعى فى شأن اصابة المجنى عليه المذكور أن تلك الاصابة من أصبع السبابة لليد اليمنى من الممكن حدوثها من عضة آدمية وفق تصوير المجنى عليه وانه بفحص يده اليمنى شوهد فقد يشمل السلامية الظفرية للأصبع السبابة وتم التئام موضع العضة وشوهدت اعاقة فى نهاية حركة ثنى المفصل السلامى العلوى للأصبع بما يعتبر عاهة مستديمة تقدر درجة العجز الناشئ عنها بنحو 7%". وكان القانون وان لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على ايراد أمثله لها الا أن قضاء محكمة النقض قد جرى فى ضوء هذه الامثلة على أن العاهة فى مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هى فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعيه بصفة مستديمة. كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذى يكفى وقوعه لتكوينها، بل ترك الامر فى ذلك لتقرير قاضى الموضوع يبت فيه بما يتبينه فى حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب، ومن ثم فانه لا جدوى مما يجادل فيه الطاعن من أن الاصابة لم تؤد الى فقد كلى لسلامية السبابة لليد اليمنى للمجنى عليه ما دام أن الحكم قد خلص استنادا الى الرأى الفنى الذى قال به الطبيب الشرعى الى أن الاصابة تخلف عنها عاهة مستديمة تقدر نسبة العجز الناشئ عنها بحولى 7% لما كان ذلك، وكان الحكم، قد عرض لدفاع الطاعن القائم على حالة الدفاع الشرعى واطراحه بقوله "وحيث ان المحكمة لا تعول على ما قال به الدفاع الحاضر مع المتهم من أنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه وتعليل ذلك أنه جاء فى شأن التقرر الطبى الموقع على المتهم أنه يوجد به خدش بأعلى الحاجب الأيسر لأعلى العين ولا توجد به أى اصابات أخرى ظاهرة فاذا كان المتهم قد ذكر فى التحقيقات أنه فوجئ بالمجنى عليه واثنين آخرين ضربوه بالعصى على ذراعه وعلى جانبه الايمن وعلى ذراعه الايسر وأن أصابة المجنى عليه حدثت نتيجة ضغط من هذا الأخير على رقبته بيديه فعض اصبعه دفاعا عن نفسه فانه يبين فى وضوح وجلاء من واقع أوراق الدعوى ذاتها أن المتهم كاذب فى هذا الادعاء فقد ثبت من التقرير الطبى الموقع عليه أنه لا توجد به أى اصابات ظاهره سوى خدش بالحاجب الأيسر اعلى العين فضلا عن أنه لم يؤيد المتهم فيما قال به ولم تتأيد أقوال المتهم فى هذا الصدد بأى دليل فى الاوراق وقد استشهد المتهم فى التحقيقات بكل من....... قائلا ان الواقعة حدث أمامهما واذ سئل فى التحقيقات قرر أنه رأى تماسكا بين المتهم والمجنى عليه ولا يعرف ما الذى حدث نتيجة هذا التماسك ولم يقرر فى أقواله بأنه رأى المجنى عليه ممسكا برقبة المتهم ضاغطا عليها كما قال هذا الأخير ثم لم يستطع المتهم الارشاد عن.... واستغنى هو نفسه عن سماع أقواله والذى بين من ذلك وحتى تعرض ان اصابة المتهم التى أوضحها التقرير الطبى كانت نتيجة تماسكه مع المجنى عليه فى واقعة شجار بينهما فان هذه الواقعة أسفرت وبيقين عن قيام المتهم بعض الاصبع السبابة لليد اليمنى للمجنى عليه فحدث بها اصابة ترتب عليها عاهة مستديمة سالفة البيان وفى الجانب الآخر لا يمكن القول فى مثل هذه الحالة بقيام حالة دفاع شرعى عن النفس تجيز للمتهم احداث تلك الاصابة بالمجنى عليه وفق المفهوم القانونى الصحيح فى حالة الدفاع الشرعى عن النفس ولا يمكن تصديق ما قال به الدفاع والحاضر عن المتهم من أن المجنى عليه نفسه هو الذى وضع اصبعه فى فم المتهم قاصدا خنقه فقضمها المتهم ولا يمكن تصديق هذه الواقعة التى قالها الدفاع مرسلا دون قيام ثمه دليل عليها فضلا عن ذلك فمما يؤكد كذب المتهم فى هذا الصدد وعدم صحة ما قال به الدفاع الحاضر معه أن المتهم نفسه قال فى آخر تحقيقات النيابة العامة وبعد أن قال فى بدايتها أنه عض أصبع السبابه لليد اليمنى للمجنى عليه وأحدث اصابته قال قولا آخر فى نهاية التحقيقات مؤداه أن المجنى عليه كانت به الاصابة سالفة البيان قبل الحادث الواقع بينهما وهذا أمر ظاهر الكذب ايضا لا سند له فى أوراق الدعوى". "لما كان ذلك، وكان من المقرر ان تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية الى النتيجة التى خلصت اليها، وكان حق الدفاع الشرعى لم يشرع الا لرد الاعتداء عن طريق الحيلوية بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدى أو يحاول فعلا الاعتداء على المدافع أو غيره واذ كان مؤدى ما أورده الحكم على السياق المتقدم - أن الطاعن لم يكن فى حالة دفاع شرعى عن النفس بل كان معتديا وحين عض اصبع المجنى عليه كان قاصدا الحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه، فان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.