أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 315

جلسة 28 من فبراير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور/ كمال انور نائب رئيس المحكمة ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض.

(54)
الطعن رقم 470 لسنة 55 القضائية

(1) دعارة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة تسهيل الدعارة. صورها؟
(2) اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة. لا يلزم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى. تكفى أن تكون الادلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
(3) اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة. يكفى أن يكون ثبوتها مستخلصا بالاستنتاج من الظروف والقرائن.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دعارة. قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام القصد الجنائى من عدمه. من ظروف الدعوى. موضوعى.
(5) دعارة. جريمة "أركانها". قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط للعقاب على التحريض والتسهيل والمعاونة والمساعدة على ارتكاب الفجور أو الدعارة. توافر ركن الاعتياد. أساس ذلك؟
(6) دعارة. قانون "تفسيره". عقوبة "عقوبة تكميلية". مصادرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الغرض من اجراء المصادرة؟
المصادرة عقوبة تكميلية فى الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك. المقصود بالآلات التى استعملت فى الجريمة؟
1 - إن جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجانى بفعل او أفعال يهدف من ورائها الى ان ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد او قيام الجانى بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له او تقديم المساعدة المادية او المعنوية الى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء ايا كانت طريقة او مقدار هذه المساعدة ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفصح ان الطاعن قد سهل دعارة المتهمة الخامسة واستغلاله بغائها للمتهم الاول وكان ما حصله الحكم من الادلة فى هذا الخصوص لا يخرج على الاقتضاء العقلى والمنطقى فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص ينحل الى جدل موضوعى لا محل له ويكون منعاه فى هذا الصدد على غير اساس.
2 - من المقرر انه لا يلزم ان تكون الادلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الادلة بل يكفى أن تكون الادلة فى مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه.
3 - لا يشترط فى الدليل ان يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها بل يكفى ان يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات لما كان ذلك فان ما يثيره الطاعن من انه حال عودته لمنزل ضبط الواقعة كان بمفرده وان المتهمة الخامسة كانت فى سيارة مستقلة للتدليل على توافر اركان جريمة التسهيل قبله يكون على غير أساس.
4 - لما كان تقدير قيام القصد الجنائى أو عدم قيامه من ظروف الدعوى يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب وكان ما اثبته الحكم على ما تقدم ذكره من ان استغلال المتهم الاول لدعارة الساقطات وممارسة المتهمة الخامسة للدعارة كان معلومات للطاعن مما قرره المتهم الاول والمتهمة الخامسة وما قرره الطاعن فى محضر الضبط فان هذا الدفع الذى اورده الحكم يعد سائغا لاستظهار تحقق القصد الجنائى لدى الطاعن فى الجريمة التى دانه بها ويكون منعاه فى هذا الخصوص على غير اساس.
5 - لما كان القانون رقم 10 لسنة 61 قد نص فى مادته الاولى فقرة اولى على ان كل من حرض شخصا ذكرا كان او انثى على ارتكاب الفجور او الدعارة او ساعده على ذلك او سهل له... واورد فى مادته السادسة العقوبة المقررة لهذه الجريمة فقد دل على انه لا يشترط للعقاب على التحريض والتسهيل والمعاونة والمساعدة توافر ركن الاعتياد اذ لو قصد المشرع ضرورة توافر ركن الاعتياد لقيام هذه الجريمة لنص عليه صراحة كما فعل بالنسبة لجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة والفجور فى المادة التاسعة فقرة جـ من القانون سالف الذكر ومن ثم فان منعى الطاعن عن تخلف ركن الاعتياد قبله يكون على غير اساس.
6 - من المقرر ان المصادرة اجراء الغرض منه تمليك الدولة اشياء مضبوطه ذات صلة بجريمة قهرا عن صاحبها وبغير مقابل وهى عقوبة اختيارية تكميلية فى الجنايات والجنح الا اذا نص القانون على غير ذلك فلا يجوز الحكم الا على شخص ثبتت ادانته وقضى عليه بعقوبة أصلية لما كان ذلك وكان المقصود بالالات التى استعملت فى الجريمة كل اداة استخدمها الجانى ليستزيد من امكانياته لتنفيذها أو لتخطى عقبة تعترض تنفيذها واذ كان الثابت ان السيارة المضبوطة قد استخدمها الطاعن لتنفيذ اوامر المتهم الاول ولجلب النسوة الساقطات على ما سلف القول ومن ثم فان السيارة المضبوطة تكون قد استعملت فى الجريمة التى دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها ويكون منعى الطاعن عن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون على غير اساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - واخريات - بأنهم أولا: الطاعن الاول واخرى 1 - سهلا دعارة المتهمان...... واخريات على النحو المبين بالاوراق. 2 - استغلا بغاء الطاعنه الثالثة واخريات. 3 - عاونا متهمات اخريات على ارتكاب الفحشاء. ثانيا: الطاعن الاول: ادار مسكنه المبين بالاوراق للدعارة. ثالثا: الطاعن الثانى عاون الطاعن الاول واخرى بتسهيل واستغلال بغاء نسوة أخريات وذلك على النحو المبين - بالاوراق بأن استعمل السيارة المبينة بالاوراق فى نقل النسوة الساقطات الى راغبى المتعة. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ أ، 6/ أ، - 2، 8، 9/ جـ، 15 من القانون رقم 10 سنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة، 30/ 1، 49/ 3، 50 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح آداب القاهرة قضت حضوريا للمتهمين الطاعنين عملا بمواد الاتهام. اولا: بحبس الطاعن الاول ثلاث سنوات مع الشغل وبوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة مساوية لمدة الحبس وتغريمه ثلاثمائة جنيه. ثانيا: بغلق الشقة المبينة بالاوراق الخاصة بالطاعن الاول ومصادرة الاثاث والامتعة الموجودة بها. ثالثا: بحبس الطاعن الثانى ثلاث سنوات مع الشغل وبوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة مساوية لمدة الحبس وبتغريمه ثلاثمائة جنيه ومصادرة السيارة المبينة بالاوراق الخاصة بالطاعن الثانى رابعا: بحبس الطاعنة الثالثة سنة مع الشغل وبوضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس وتغريمها ثلاثمائة جنيه ومصادرة السيارة الخاصة بها المبينة بالاوراق. والنفاذ لجميع المتهمين. استأنف المحكوم عليهم - الطاعنون - ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وحبس الطاعن الثانى سنة واحدة مع الشغل ومثلها للمراقبة وتغريمه ثلاثمائة جنيه وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن كل من المحكوم عليهم (الطاعنين) فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعنين الاول والثالثة ولئن قررا بالطعن بالنقض فى الميعاد الا انهما لم يودعا اسبابا لطعنهما ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المتقدم منها شكلا عملا بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث ان الطعن المقدم من الطاعن الثانى استوفى الشكل المقرر فى القانون وحيث ان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة المعاونة وتسهيل ارتكاب جريمة الدعارة قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون ذلك ان الحكم المطعون فيه استدل على قيام الجريمة فى حق الطاعن بما لا يسوغ اذ الثابت ان الطاعن عاد الى الشقة التى جرى فيها الضبط بمفرده دون المتهمة الخامسة مما ينتفى قيامه بتسهيل دعارتها كما لم يستظهر الحكم توافر القصد الجنائى لدى الطاعن ولم يدلل على توافر ركن الاعتياد وقضى بمصادرة سيارته على غير موجب من احكام القانون رقم 10 لسنة 61 فى شأن مكافحة الدعارة والمادة 30 من قانون العقوبات مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائى المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه بعد ان بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة تسهيل الدعارة التى دان الطاعن بها واورد على ثبوتها فى حقه ادلة تؤدى الى ما رتبه عليها مستمدة من تحريات الشرطة واقوال ضابط الواقعة والشاهد وأقوال المتهمين الأول والخامسة وأقوال الطاعن فى محضر ضبط الواقعة خلص الى ثبوت الجريمة فى حقه فى قوله "وحيث انه عن المتهم الثالث ولما كان المنسوب اليه هو المعاونة فى تسهيل واستغلال بغاء النسوة واذ كان ما ثبت فى حقه من محضر التحريات انه يقوم بتوصيل النسوة الساقطات بسيارته واذ ثبت من محضر الضبط ان ذلك المتهم قد غادر شقة الضبط يوم الضبط وعاد وخلفه المتهمة الخامسة كل يقود سيارته وبعد الضبط قررت تلك المتهمة ان ذلك المتهم حضر اليها واصطحبها بناء على طلب المتهم الاول وابغلها بوجود احد راغبى المتعة كما انه اذ ثبت من اقوال المتهم الثالث بمحضر الضبط انه بعد حضور راغبى المتعه كلفه المتهم الاول باحضار المتهمة الخامسة كما انه بالاضافة الى ذلك قرر الشاهد الأول.... ان المتهم الاول هو الذى ارسل المتهم الثالث لجلب المتهمة الخامسة وغيرها ويحق معاقبته....." لما كان ذلك وكانت جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجانى بفعل أو أفعال يهدف من ورائها الى ان ييسر لشخص بقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجانى بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له او تقديم المساعدة المادية او المعنوية الى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء ايا كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفصح ان الطاعن قد سهل دعارة المتهمة الخامسة واستغلاله بغائها للمتهم الاول وكان ما حصله الحكم من الادلة فى هذا الخصوص لا يخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص ينحل الى جدل موضوعى لا محل له ويكون منعاه فى هذا الصدد على غير اساس لما كان ذلك وكان من المقرر انه لا يلزم ان تكون الادلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الادلة بل يكفى أن تكون الادلة فى مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه - كما هو واقع الحال فى الدعوى المطروحة - كما لا يشترط فى الدليل ان يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها بل يكفى ان يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات لما كان ذلك فان ما يثيره الطاعن من انه حال عودته لمنزل ضبط الواقعة كان بمفرده وان المتهمة الخامسة كانت فى سيارة مستقلة للتدليل على توافر اركان جريمة التسهيل قبله يكون على غير اساس. لما كان ذلك وكان تقدير قيام القصد الجنائى او عدم قيامه من ظروف الدعوى يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب وكان ما اثبته الحكم على ما تقدم ذكره من ان استغلال المتهم الأول لدعارة الساقطات وممارسة المتهمة الخامسة للدعارة كان معلومات للطاعن مما قرره المتهم الأول والمتهمة الخامسة وما قرره الطاعن فى محضر الضبط فان هذا الدفع أورده الحكم يعد سائغا لاستظهار تحقق القصد الجنائى لدى الطاعن فى الجريمة التى دانه بها ويكون منعاه فى هذا الخصوص على غير اساس. لما كان ذلك وكان القانون رقم 10 لسنة 61 قد نص فى مادته الاولى فقرة اولى على ان كل من حرض شخصا ذكرا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور او الدعارة او ساعده على ذلك او سهل له... واورد فى مادته السادسة العقوبة المقررة لهذه الجريمة فقد دل انه لا يشترط للعقاب على التحريض والتسهيل والمعاونة والمساعدة توافر ركن الاعتياد اذ لو قصد المشرع ضرورة توافر ركن الاعتياد لقيام هذه الجريمة لنص عليه صراحة كما فعل بالنسبة لجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة والفجور فى المادة التاسعة فقرة جـ من القانون سالف الذكر ومن ثم فان منعى الطاعن عن تخلف ركن الاعتياد قبله يكون على غير اساس. لما كان ذلك ولئن كانت المادة الثالثة فقرة اولى من القانون 10 لسنة 61 قد خلت من النص صراحة على مصادرة السيارات المستعملة الا ان الفقرة الاولى من المادة 30 من قانون العقوبات قد نصت على انه يجوز للقاضى اذا حكم بعقوبة جناية او جنحة ان يحكم بمصادرة الاشياء المضبوطة التى تحصلت من الجريمة وكذلك.... الآلات المضبوطة التى استعملت او التى من شأنها ان تستعمل فيها وكان من المقرر ان المصادرة اجراء الغرض منه تمليك الدولة اشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة قهرا عن صاحبها وبغير مقابل وهى عقوبة اختيارية تكميلية فى الجنايات والجنح الا اذا نص القانون على غير ذلك فلا يجوز الحكم بها الا على شخص ثبتت ادانته وقضى عليه بعقوبة أصلية لما كان ذلك وكان المقصود بالآلات التى استعملت فى الجريمة كل اداة استخدمها الجانى ليستزيد من امكانياته لتنفيذها او لتخطى عقبة تعترض تنفيذها واذ كان الثابت ان السيارة المضبوطة قد استخدمها الطاعن لتنفيذ اوامر المتهم الاول ولجلب النسوة الساقطات على ما سلف القول ومن ثم فان السيارة المضبوطة تكون قد استعملت فى الجريمة التى دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها ويكون منعى الطاعن عن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون على غير اساس. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.