أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 329

جلسة 4 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الصوفى ومسعد الساعى واحمد سعفان ومحمود البارودى.

(56)
الطعن رقم 487 لسنة 55 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع فى القضاء ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية متى تشككت فى صحة اسناد التهمة اليه وأحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(2) حق المؤلف. "نطاقه" "استغلاله". تقليد مصنفات. جريمة "أركانها". قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المؤلف فى استغلال مصنفه. يتضمن نقل المصنف إلى الجمهور بطريق غير مباشر.
بيع المصنف المقلدة يعتبر مكونا لجريمة التقليد. دون اشتراط مشاركة البائع فى التقليد.
ماهية القصد الجنائى فى جريمة تقليد المصنف؟
(3) حكم. "بيانات حكم البراءة" "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
كون إحدى دعامات حكم بالبراءة معيبة. لا يقدح فى سلامته. متى كان قد اقيم على دعامات أخرى تحمله.
مثال:
1 - من المقرر أنه يكفى فى المحاكمة الجنائية ان يتشكك القاضى فى صحة اسناد التهمة الى المتهم لكى يقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية بالتالى، اذ مرجع الآمر فى ذلك الى ما يطمئن اليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه احاط بالدعوى عن بصر وبصيره.
2 - إن قانون حماية حق المؤلف الصادر بالقانون رقم 354 لسنة 1954 يقرر بمقتضى مادته الاولى الحماية لصالح مؤلفى "المصنفات المبتكرة فى الآداب والفنون والعلوم" وينص فى البند (ثانيا) من المادة السادسة منه على أن حق المؤلف فى استغلال مصنفه يتضمن نقل المصنف الى الجمهور بطريقه غير مباشرة بنسخ صور منه تكون فى متناول الجمهور ويتم هذا بصفة خاصة عن طريق الطباعة أو الرسم او الحفر او التصوير الفوتوغرافى أو الصب فى قوالب او بأية طريقة اخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة أو عن طريق النشر الفوتوغرافى أو السينمائى، كما ينص فى البند (ثانيا) من المادة 47 منه على ان يعتبر مكونا لجريمة التقليد بيع المصنف المقلد. ولئن كانت جريمة التقليد تتناول مجرد بيع المصنف الذى يعتبر نشره اعتداء على حق المؤلف دون اشتراط مشاركه البائع فى التقليد، الا ان القصد الجنائى فى جريمة تقليد المصنف وهى جريمة عمدية يقتضى علم الجانى وقت ارتكاب الجريمة علما يقينيا بتوافر اركانها ويشمل ذلك بطبيعة الحال علم البائع بتقليد المصنف.
3 - لما كان لا يقدح فى سلامة الحكم القاضى بالبراءة - وما يستتبعه ذلك من رفض الدعوى المدنية - أن تكون احدى دعاماته معيبة، فان ما يثيره الطاعن بشأن تساند الحكم المطعون فيه الى خلو الاوراق من اى دليل على ان المصنف مقلد - دون آن تقوم المحكمة بفض الحرزين المضمومين لاجراء مقارنة بين المصنف المضبوط والاصل المقدم منه - يكون غير منتج، لان الدعامة الاخرى التى اوردها الحكم - متمثلة فى انتقاء الركن المعنوى فى حق المطعون ضدها والذى لا تقوم الجريمة بدونه - تكفى وحدها لحمل قضائه، ومن ثم فلا جدوى الطاعن من تعييب الحكم بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بانهما قاما بنقل مصنف المؤلف.... الى الجمهور بطريق غير مباشر "بنسخ صور منه" دون اذن كتابى من المؤلف على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 2، 3، 6، 47، 49، 50 من القانون رقم 354 لسنة 1954 المعدل وادعى.... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم اول اسيوط قضت غيابيا للاول وحضوريا للثانى ببراءتهما مما اسند اليهما ورفض الدعوى المدنية والزام رافعها بالمصروفات. استأنف المدعى بالحق المدنى ومحكمة اسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فقرر الاستاذ.... المحامى نيابة عن المدعى بالحق المدنى الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان المدعى بالحقوق المدنية ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ رفض استئنافه للحكم الابتدائى الصادر برفض دعواه المدنية قبل المطعون ضدها ترتيبا على تبرئتهما من تهمة نقل مصنفه الى الجمهور بطريقه غير مباشرة بنسخ صور من المصنف دون اذن منه، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن الفعل المسند الى المطعون ضدهما يعتبر مكونا لجريمة التقليد ولو اقتصر الامر على مجرد البيع دون اشتراط مشاركتهما فى التقليد ذاته، هذا الى أن الحكم المطعون فيه تساند الى أن الاوراق خلت من أى دليل على ان المصنف مقلد دون أن تقوم المحكمة بفض الحرزين المضمومين لاجراء مقارنة بين المصنف المضبوط والاصلى المقدم من الطاعن مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائى المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما موجزه أنه تم ضبط نسخ من مؤلف للطاعن اختفظ بالحق فى طبعه وتوزيعه لحسابه، وذلك فى مكتبتين بمدينة اسيوط يديرهما المطعون ضدهما وقد قرر كل منهما انه اشترى نسخ المؤلف المضبوطة من احدى المكتبات بالقاهرة، ثم خلص الحكم الى تبرئة المطعون ضدهما من التهمة المسندة اليهما ورفض الدعوى المدنية المقامة قبلهما من الطاعن تأسيسا على أنه لم يثبت أنهما قلدا ذلك المؤلف كما لم يثبت علمهما بتقليده، واورد الحكم فى خصوص نفى ركن العلم قوله ان "الثابت للمحكمة وما اطمأن اليه وجدانها ان المتهمين - المطعون ضدهما - استحضرا المضبوطات، وبناء على طلب الطلبه لبيعها، من القاهرة وقاما ببيعها لطلاب جامعة اسيوط وثابت عليها الاحرف الاولى لاسم المؤلف ويطلبها مريدوها ولمن يشاء تباع وليست قاصرة على شخص معين بدليل ما أثبته محرر المحضر من ارساله مرشد سرى لابتياع بعضها، فان هذا ينهض دليلا على انتفاء ركن العلم لدى المتهمين". لما كان ذلك، وكان يكفى فى المحاكمة الجنائية ان يتشكك القاضى فى صحة اسناد التهمة الى المتهم لكى يقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية بالتالى، اذ مرجع الأمر فى ذلك الى ما يطمئن اليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه احاط بالدعوى عن بصر وبصيرة. وكان قانون حماية حق المؤلف الصادر بالقانون رقم 354 لسنة 1954 يقرر بمقتضى مادته الاولى الحماية لصالح مؤلفى "المصنفات المبتكرة فى الآداب والفنون والعلوم" وينص فى البند (ثانيا) من المادة السادسة منه على أن حق المؤلف فى استغلال مصنفه يتضمن نقل المصنف الى الجمهور بطريقة غير مباشرة بنسخ صور منه تكون فى متناول الجمهور ويتم هذا بصفة خاصة عن طريق الطباعة أو الرسم أو الحفر أو التصوير الفوتوغرافى أو الصب فى قوالب أو بأية طريقة أخرى من طرق الفنون التخطيطية أو المجسمة أو عن طريق النشر الفوتوغرافى أو السينمائى، كما ينص فى البند (ثانيا) من المادة 47 منه على ان يعتبر مكونا لجريمة التقليد بيع المصنف المقلد. ولئن كانت جريمة التقليد تتناول مجرد بيع المصنف الذى يعتبر نشره اعتداء على حق المؤلف دون اشتراط مشاركه البائع فى التقليد، الا ان القصد الجنائى فى جريمة تقليد المصنف - وهى جريمة عمدية - يقتضى علم الجانى وقت ارتكاب الجريمة علما يقينيا بتوافر اركانها ويشمل ذلك بطبيعة الحال علم البائع بتقليد المصنف. لما كان ذلك، فانه حسب الحكم المطعون فيه أنه نفى علم المطعون ضدهما بالتقليد للاسباب السائغة التى أوردها - على النحو السالف بيانه - كما ينتفى عنهما القصد الجنائى العام اللازم توافره فى جميع الافعال المكونة لجريمة التقليد، ويكون النعى عليه بقالة الخطأ فى تطبيق القانون غير سديد، لما كان ذلك وكان لا يقدح فى سلامة الحكم القاضى بالبراءة - وما يستتبعه ذلك. من رفض الدعوى المدنية - أن تكون احدى دعاماته معيبة فان ما يثيره الطاعن بشأن تساند الحكم المطعون فيه الى خلو الاوراق من اى دليل على ان المصنف مقلد - دون أن تقوم المحكمة بفض الحرزين المضمومين لاجراء مقارنة بين المصنف المضبوط والاصل المقدم منه - يكون غير منتج، لان الدعامة الاخرى التى اوردها الحكم متمثلة فى انتفاء الركن المعنوى فى حق المطعون ضدها والذى لا تقوم الجريمة بدونه - تكفى وحدها لحمل قضائه، ومن ثم فلا جدوى الطاعن من تعييب الحكم بالقصور. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس مفصحا عن عدم قبوله موضوعا، ومن ثم يتعين التقرير بذلك مع مصادرة الكفالة - عملا بحكم الفقرة الثانية من المادة 36 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - والزام الطاعن بالمصاريف.